أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ثامر عباس - حرية التعبير بين حدود القول وقيود الفعل














المزيد.....

حرية التعبير بين حدود القول وقيود الفعل


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 15:47
المحور: حقوق الانسان
    


كثيرة هي عبارات وكلمات القاموس السياسي الرائجة التي سحرتنا معانيها وألهمتنا دلالاتها ، للحد الذي أضحت فيه بمثابة ثيمة ، بلّه تعويذة من تعاويذ خطاباتنا السياسية وانتماءاتنا الإيديولوجية المعبرة عن طبيعة التوجهات التي تتبناها هذه الجماعة أو تلك ، وماهية الممارسات التي ينتهجها هذا الطرف أو ذاك . ولعل كلمات من مثل (حرية التعبير) و(حقوق الإنسان) و(العدالة الاجتماعية) و(المساواة أمام القانون) و(مبدأ المواطنة) ، فضلا"عن مفاهيم مثل (الديمقراطية) و(الليبرالية) و(الاشتراكية) ، الخ . من أكثر تلك الكلمات والعبارات شيوعا"في الخطابات وتداولا"في الشعارات ، سواء أكان على صعيد (المجتمع السياسي) بمختلف مؤسساته ، أو على صعيد (المجتمع المدني) بمختلف قطاعاته .
وبقدر ما يتم تواتر استخدام الكلمات والعبارات التي من هذا النمط بين عامة الناس وخاصتهم ، بقدر ما تستقبلها عقولهم ويتمثلها كما لو أنها حقيقة من حقائق الوجود الطبيعي والاجتماعي ، بحيث يصبح من الصعب حملهم على الشك في صحة مضمونها ، أو حضهم على نقد مقارباتها ، طالما أنها أضحت شائعة بينهم ومقبولة لديهم . وفي خضم مثل هذه الحالة الملتبسة ، لا يعود مهما"بالنسبة لأولئك الذين لا يتخطى مؤشر وعيهم إطار مشاكلهم اليومية ومصالحهم الآنية ، طبيعة الجهة التي تسوق وتروج لمثل تلك العبارات الجذابة ؛ سواء أكانت حكومة دكتاتورية أم ديمقراطية ، حزب ديني أم علماني ، إيديولوجية يمينية أم يسارية ، جماعة أصولية أم مدنية .
وبصرف النظر عن الطبيعة السياسية للجماعات والحكومات والإيديولوجيات ، فإنه ينبغي النظر الى (حرية التعبير) بالمعنى النسبي والمجازي وليس بالمعنى المطلق . أي بمعنى أن هذه (الحرية) - بالنسبة لبلدان العالم المتقدمة – هي حرية (مشروطة) بجملة من الضوابط السياسية والقواعد الاجتماعية ، التي ليس في وراد تلك البلدان السماح بتجاوزها أو تخطيها مهما كانت الأسباب أو الدوافع التي تحاجج بها الجماعات المتضررة من السياسات الاقتصادية والإجراءات الاجتماعية . فرغم ان (حرية التعبير) هنا مكفولة للمواطنين بموجب دستور الدولة القائمة ، ولكن ضمن (الحدود) التي تشرعها الحكومات المهيمنة بما لا يلحق الضرر بوجودها ومصالحها . ولذلك فقد شهدنا - في الآونة الأخيرة - كم (ضيقت) ، لا بل قمعت ، هذه الحكومات الليبرالية من هامش (الحرية) المزعومة ، حين تعلق الأمر بحق التظاهر للجماعات المعنية بحقوق الإنسان ضد ممارسات الدولة الصهيونية حيال الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية .
وإذا ما حاولنا مقاربة (حرية التعبير) من وجهة نظر بلدان العالم المتخلف ، فإن الطابع (المجازي) في استخدام هذه العبارة سيكون هو سيد الأحكام ، وبلا منازع . فبرغم ان حكومات هذه البلدان المتصدعة والمتشظية تنام وتصحو على إيقاع تلك العبارة المستهلكة ، إلاّ أنها لا تخرج عن كونها (ستار) يخفي فساد هذه الحكومات وانحطاطها . ومع أن دساتيرها وتشريعاتها المفبركة تبيح للأفراد والجماعات (حرية التعبير) عما يرونه إجحافا"بحقوقهم السياسية ، وإضرارا"بمصالحهم الاقتصادية ، وتجاهلا" لخصائصهم الثقافية ، إلاّ أنها لا تكتفي بوضع (الحدود) الضرورية – كما في حالة الحكومات الليبرالية - التي تدرأ من خلالها ما يتعارض مع سياساتها ومصالحها الفئوية ، وإنما ، علاوة على ذلك ، تسن جملة من (القيود) الرادعة ذات الطابع الأمني والبوليسي ، التي من شأنها ليس فقط الحدّ من تلك (الحرية) والتضييق عليها فحسب ، بل وجعلها (مصيدة) للإيقاع بكل من يعارض تلك السياسات ويناهض تلك المصالح . ولعل ما أفضت إليه (حرية التعبير) - في عراق ما بعد السقوط - من مآس وفواجع لا نزال نحصد ثمارها المرة مرارة العلقم ، كفيل بحملنا على التعاطي مع هذه الحرية من باب كونها ممارسة تتراوح ما بين (الوهم) في الحالة الأولى ، و(الاكذوبة) في الحالة الثانية .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النعرة (العراقية) لبعض المغتربين : هل هي تعبير عن (حنين) وطن ...
- الاندراس المبكر للعمارة العراقية : ظاهرة طبيعية أم ممارسة مف ...
- الايقونات والرمزيات السيميائية : متى تكون نافعة ومتى تكون ضا ...
- الوطنية (الظرفية) في المجتمعات المأزومة
- الحراك السياسي والانزياح الثقافي : قراءة في سيرورات المدى (ا ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم السادس والأخير) ال ...
- الخصائص المعيارية للخصية العراقية (القسم الخامس) الخاصية الم ...
- انكفاء الوعي النقدي : من النسق (الثقافي) الى النسق (الايديول ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الرابع) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثالث) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثاني) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية : مدخل تمهيدي
- احتضار الثقافة في العراق : عزوف القارئ بعد كسوف المقروء !
- كيف نتصالح مع الماضي ونخوض تجربة النسيان ؟!
- لماذا تتعصب (الأقليات) في المجتمعات الانقسامية ؟!
- ما معنى القول ان (التاريخ يعيد نفسه) ؟!
- أوزار التراث في خطاب الحداثيين العرب : بين التجاهل والتحامل
- الثروة النفطية في أتون الصراعات السياسية بين المركز والإقليم
- (المدينة) كهدف لانتقام المعارضة من السلطة
- الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية


المزيد.....




- سرقة مجوهرات اللوفر: اعتقالات جديدة وخطة لتعزيز أمن المتحف
- اعتقالات جديدة في سرقة اللوفر - أين اختفت الكنوز الإمبراطوري ...
- اعتقالات وضبط أسلحة وذخائر في حملة أمنية ضد خلايا لتنظيم الد ...
- اعتقالات وضبط أسلحة وذخائر في حملة أمنية ضد خلايا لتنظيم الد ...
- الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء تصاعد عمليات الخطف الجماعي ...
- اعتقال -يوتيوبر- من أبرز مؤيدي السيسي في مصر.. ونشطاء يعلقون ...
- العفو الدولية تتهم من جديد قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم ح ...
- المئات يتظاهرون في سوريا احتجاجاً على اعتداءات طالت علويين
- تركيا تعلن اعتقال 3 عملاء للمخابرات الإماراتية تجسسوا على من ...
- المغرب يوقع -برنامج تعاون- مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية ال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ثامر عباس - حرية التعبير بين حدود القول وقيود الفعل