|
النضال النقابي: واقع و تحديات
ع. الحق الزروالي
الحوار المتمدن-العدد: 1834 - 2007 / 2 / 22 - 10:47
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
توضيح لا بد منه بداية نعتبر أن الخوض في نقاش مواضيع من هذا النوع والحجم بات ضرورة تاريخية و عملية ميدانية تستوجب من كل المناضلين الثوريين الذين حسموا بشكل تاريخي قاطع مهمة الارتباط الاستراتيجي بالطبقة العاملة و طلائعها النقابيين الثوريين، ارتباط الانسجام والاندماج و التأطير المتبادل خدمة لمسلسل الثورة الشاق، مسلسل التغيير الجذري المفتوح على الآفاق الاشتراكية الرحبة. مواضيع ليست بالكلاسيكية كما يتبادر للذهن لأول مرة، مواضيع تطلب الوضع تحيينها من جديد للغموض الذي أحاط بها، غموض بعضه ممنهج و بعضه ناتج عن قلة الخبرة الميدانية و النظرية المرتبطة بتاريخ نضالات الشعوب و نضالات الحركة العمالية. و كيفما كان الحال ما يهمنا هو الحصيلة، حصيلة انتشار و شيوع الأفكار البرجوازية التيئيسية و الإحباطية في صفوف الشباب المناضل و في صفوف طلائع العمال المناضلين الذين يجدون الصعوبات و المشقات لمناهضة هذا الوضع، لزرع الثقافة الاشتراكية الثورية و لبعث الأمل و الروح في البديل العمالي، بديل التغيير و قيادة التغيير في مصلحة و بمساندة الكادحين و أبناء الكادحين، التغيير الاشتراكي بدون منازع. فلا يستغرب المناضلون الآن حين إثارة مواضيع النقابة و العمل النقابي، النضال الاقتصادي و النضال السياسي، الحزب و الطبقة، الديمقراطية و الدكتاتورية، الصراع الطبقي.. الخ، و علاقة كل هذه المواضيع ببعضها و منهجية معالجة الإشكالات المرتبطة بها.. الخ. مواضيع قد تصل أحيانا للتشكيك في مرجعيتنا الماركسية اللينينية و هل من ضرورة لاعتمادها و للأخذ بها؟ و نقول و قبل الخوض في هذا النقاش المتعلق بقانون الإضراب، لا بد من إعطاء بعض الإشارات التعريفية و الاصطلاحية ذات الارتباط بالموضوع، لكي لا يقع لنا ما وقع لبعض المراجعين المجتهدين من "ماركسيي" زمن الإحباط، من معبئي الماركسية و قضايا الطبقة العاملة داخل علب الحقوق الإنسانية الأنيقة، نقاش سنعود له في سياق تشهيرنا و فضحنا لسياسة الطبقات الحاكمة من جهة و للسياسة الإصلاحية الانتهازية في صفوف الطبقة العاملة من جهة أخرى. نقول إنه و في ظل وجود و استمرار لهذا الوجود لنظام رجعي مطلق العنان يدوس و يسحق كل احتجاجات الكادحين و يخرب كل مجهوداتهم في الاتحاد و التنظيم تحت طائلة القانون الوحيد، قانون صراع الطبقات، المبني على المصالح الملموسة الواضحة و من لا يفهم أو يتغابى بطريقة أو بأخرى، فطبيعي أن يتكلم و يحلل بطريقة "نستغرب" و "نتأسف" و "كان على الدولة".. الخ. فلا يمكن التحليل من داخل القانون الذي دبجه الرأسمال و تسهر على تطبيقه دولة الرأسمال و إلا سقطنا في الحلول التبريرية و الانهزامية المشار إليها أعلاه. فالنقاش و التحليل يجب إحالته للمنطلقات الطبقية كما علمتنا الماركسية، من يستفيد من هذا القانون؟ أي من زاوية طبقية، منهجية بسيطة على ما يظهر، لكنها تخيف الديماغوجيين المحتالين على الطبقة العاملة و مناضليها الطلائعيين فقديما قال ماركس عن حق و من خلال جريدته "الرينانية الجديدة": "لنفترض أن هذه الجمعية الحكيمة توصلت، بعد إمعان في البحث، إلى إقرار جداول الأعمال و خير الدساتير. فما قيمة خير جداول الأعمال و خير الدساتير إذا كانت الحكومات الألمانية في هذه الأثناء قد وضعت الحراب في جدول الأعمال؟". إنه النقد الذي يرتكز بوضوح على نظرة ثاقبة لحقيقة المشرعين و هيأت التشريع و القوانين الصادرة عنها و حقيقة القوانين الطبقية الفعلية في الميدان، قوانين الحراب و الحراب المضادة، قانون الصراع الطبقي في آخر المطاف. و لا نريد أن يفهم أو يستنتج من إشارتنا هذه أننا سنغفل أو نتجاهل و نحتقر الخوض في نقاش القوانين الرجعية و في اجتهادات الرجعية في هذا الباب و أن نستحضر فقط مهمات الطبقة العاملة و حلفائها، الإستراتيجية، بل إننا نعتبر مساهمتنا في هذا الباب مساهمة نضالية طبقية تستهدف تطوير هذا النضال و توسيعه و بزيادة الوعي و التنظيم في صفوف طلائعه. و غني عن القول بل من السخافة تصور مناضلين ماركسيين حازمين و حاسمين يؤجلون النقاش أو يستصغرونه، حول قضايا ذات الارتباط بالطبقة العاملة و مسلسل تحررها، صغيرة كانت أم كبيرة. إن مصدر عبودية الطبقة العاملة و كافة المضطهدين، أصل الشر في قلب المجتمع الرأسمالي هو الرأسمالية نفسها و ليس الحرمان من الحقوق، ذلك ما ردداه ماركس، إنجلس و من بعدهما لينين، لكن نبهونا و من خلال التجارب الميدانية لأهمية متابعة ثقافة الحقوق، إبراز خلفياتها الطبقية، فضح المستفيدين منها بلا مرد، نقدها بدون تجريد. "انزعوا القناع عن وجود هؤلاء الكذابين، افتحوا عيون هؤلاء العميان. اسألوا: - مساواة أي جنس مع أي جنس؟ - أي أمة مع أية أمة؟ - الحرية من أي نير؟ و من نير أية طبقة؟ - الحرية لأي طبقة؟" هذه بعض من توجيهات لينين في مناهضة للإصلاحية التي اعتبرها عن حق أداة لإضعاف العمال و لنشر الفساد البرجوازي في صفوف الطبقة العاملة مبينا سهولة انخداع العمال أمام ضعف وعيهم بمهامهم السياسية و التنظيمية التاريخية. لا بأس كذلك إذا أشرنا لأهمية تناول الموضوع بعلاقة مع الظرفية و موازين القوى التي انتهجه، لما له من أهمية منهجية قد تساعد في توضيح منطلقاتنا و أهدافنا و خلفياتنا كذلك التي حكمت و تحكمت في إثارة القانون موضوع النقاش. و قد يقال إننا لا نضيف شيئا، إذا تكلمنا عن ميزات الوضع الدولي الراهن، إذا تكلمنا عن اتساع الهجمة الإمبريالية و بروز خيار الاحتلال العسكري مجددا في قلب سياسة الاستعمار الجديد و قد لا نضيف شيئا إذا تكلمنا عن الهيمنة المطلقة للرأسمال المالي و هجومه الكاسح ضد الشعوب الكادحة و ضد الطبقة العاملة، هجوم يستهدف من خلاله تأبيد سيطرته موفرا بذلك أعلى مستويات الربح من خلال استحواذه على مصادر الثروات بالاحتلال العسكري المباشر و بالاتفاقيات المجحفة و بالقروض و تبعاتها و بتكثيف الاستغلال و بالرفع من وتائره.. الخ، لكنه تحديد لا بد منه. كما نضيف أنه من نافل القول التذكير بخطورة هاته السياسة التي لم تعد تٌبيت في الليل، بل تمارس في واضحة النهار، سياسة المآسي و الكوارث التي يخلقها و يكرسها الرأسمال الإمبريالي في حق الشعوب، كوارث قد تصل لحد اندثار النوع البشري، فالسباق المسعور نحو ربح أكثر بغض النظر عن الوسائل (الحروب الهمجية المدمرة) و بغض النظر عن المنتوجات الجديدة (أغذية صناعية مسمومة، منتوجات فلاحية مضرة، أدوية مغشوشة، مخدرات.. الخ) يؤكد حقائق خطيرة بخصوص مستقبل البشرية. و ما يميز الوضع في بلدنا هو الاستمرار، و بنفس الحدة العالمية، للحرب الطبقية التي يشنها النظام القائم ضد الطبقة العاملة و عموم الكادحين، حرب يشنها نظام الوكلاء السماسرة و كبار الملاكين، نظام الرأسمالية التبعية، خادمة الإمبريالية بامتياز. و بحكم الارتباط البنيوي بين النظام الرأسمالي الإمبريالي و بين النظام القائم بالمغرب، شكلت بلادنا و على غرار مثيلاتها في المنطقة و في أغلب بلدان أنظمة التبعية مجالا و هدفا لهذا الهجوم الرأسمالي لنهب الثروات من جهة و لتصريف أزماته الدورية من جهة أخرى. هذا الارتباط الذي تطلب و يتطلب في غالب الأحيان قروضا و رشاوي سخية قد ترهن لسنين مصير الكادحين في وضع البؤس و الجوع و الحرمان، و لن نذكر بصفقات سياسة "التقويم الهيكلي" و "الإقلاع الاقتصادي" و الخوصصة".. و ما أنتجه من تقهقر لشروط عيش غالبية الكادحين، البئيسة أصلا، و من تراجع عن مجموعة من المكتسبات، الضعيفة أصلا، (مجانية الخدمات الاجتماعية، التشغيل المباشر لحاملي الشهادات..). و لن نذكر بتأثيرات خوصصة بعض المؤسسات الخدماتية و الصناعية التي كانت في ملك الدولة أو تحت تصرفها و ما تنتجه من تسريح للعمال و المستخدمين. فكانت هذه البداية المؤلمة لانتصار مؤقت، بداية الاحتكار و التحكم المباشر في إطار وضع تاريخي سياسي و اقتصادي تميز بالتراجع الواضح للحركة الثورية بجناحيها الماركسي و البلانكي و ثانيا هذا التراجع على الحركة الجماهيرية بمنظماتها و اتحاداتها و نقاباتها. تأثيرا و صل لحد الخيانة و تفتيت النقابات و الفرار من الساحة بل و الانخراط في اللعبة البرلمانية و التنظير لها، تأثير ما زلنا نجادل فيه الآن مع آخر فوج من المتراجعين، فوج المناضلين من داخل القوانين الطبقية و من داخل ثقافة و قيم حقوق الإنسان البرجوازية.
بعض من إنتاجات ماركس للنقابة و النضال النقابي
فمن خلال إحدى الوثائق التاريخية لماركس عن النقابات و التي تقدم بها للمؤتمر الأول للأممية بجنيف في سبتمر 1866، يمكن الوقوف عن صدق الارتباط الطبقي لمثقف ثوري أخلص بتفان للطبقة العاملة في نضالها الملموس و في طموحاتها الكبرى لتأسيس مجتمع الخلاص، المجتمع الخالي من الطبقات، المجتمع الاشتراكي العادل. تكلم عن النقابات كتنظيم مرتبط بمسار النضال العمالي في تطوراته الذاتية و الموضوعية ضد الرأسمالية و الاستغلال، و قد كان محقا في منهجيته حين تكلم عن ماضي النقابات، حاضرها و مستقبلها ليبين للمناضلين الأمميين على أن طابع المؤسسة و مهامها مرتبط بالمرحلة و بمستوى وعي الطبقة العاملة في كل المجالات الاقتصادية السياسية و التنظيمية. عن ماضيها، تكلم عن الشروط التي ظهرت فيها النقابة بشكل عفوي نتاجا لوعيها بأن قوتها في عددها و أن عددها لا بد أن يكبر و تتسع قوتها بالاتحاد ضد قوة الرأسمال الممركزة و المنظمة أحسن تنظيم. تأسست النقابة في خضم النضال اليومي من أجل تحسين شروط العمل و أساسا المرتبطة بالأجرة و ساعات العمل لتتحول بعدها إلى حرب مفتوحة بين الطبقة العاملة و الرأسمال. و قد لعبت دورها في الخلف و من داخلها لمراكز و أنوية تنظيمية عمالية لتظهر كقوة منظمة معنية بشكل أساسي بالقضاء على الاستغلال و نظام العمل المأجور. و انتقد من خلال حاضرها، أي النقابات إبان تلك الفترة، ابتعاد النقابة عن الحركة أو الحركات الأكثر شمولية و النضال السياسي، انتقدها حين تقزم نضالاتها في المسائل المرتبطة بالنضالات المحلية المباشرة ضد الرأسمال، مشيرا لضعف و عيها بإمكانياتها الحقيقية في مناهضة نظام العبودية المأجورة بشكل عام، دون أن ينفي أو يعدم الإمكانيات المحدودة في بعض التجارب و التي يشير إليها من زاوية المطالبة و التحفيز على تعميمها. لينتقل لمستقبلها و هنا يتضح بجلاء البون الشاسع بين المنهجية الماركسية و بين منهجية من يدعو ذلك، منهجية توضح بدقة الأهداف التي من المفروض أن تؤطر وعي كل النقابيين الثوريين، فهو لا يمنع و لا ينفي الأهمية للنضالات اليومية العمالية، ضد الرأسمال، بل العكس فهو يؤكد على أهميتها حين يعتبرها أساسا و قاعدة قد تفتح الباب لتشكيل أنوية تنظيمية للطبقة العاملة من أجل أهدافها الكبرى في التحرر الجذري، كما يطالبها بأن تلعب أدوارها في مساعدة مجموع الحركة الاجتماعية و السياسية التواقة للتحرر. يجب على النقابات أن تلعب دورها في تنظيم العمال الغير منظمين و خاصة البؤساء المرتبطين بقطاعات مختلفة، كالصناعة الزراعية، يجب عليها أن تبتعد عن المصالح الذاتية الخاصة، يجب عليها أن تكون بمثابة الممثلة للطبقة العاملة في مهامها من أجل تحرر ملايين البروليتاريين من نير النظام الرأسمالي. و عن جدلية الاقتصادي و السياسي كما تطرحه البرجوازية و التحريفية في هذا المجال، يوضح ماركس بشكل بسيط و مبسط و في نفس الوقت دقيق كل الدقة، على أن الهدف النهائي لحركة الطبقة العاملة هو الاستيلاء على السلطة السياسية لصالحها كطبقة، هدف مشروط بتمكنها من تنظيم نفسها مشيرا إلى أن هذا التنظيم سيكبر و يتسع و يتطور على أرضية نضالاتها الاقتصادية نفسها. و لكي تتحول هذه النضالات لنضال سياسي يجب أن تواجه الطبقة العاملة بوصفها طبقة، الطبقات السائدة بدعم و ضغط من خارج هذه النضالات الاقتصادية، أما النضالات المعملية أو المرتبطة بقطاع صناعي محدد لا يمكنها أن تتحول لنضالات سياسية إلا إذا انتزعت انتزاعا، قانونا مثل قانون "الشغل لمدة ثماني ساعات في اليوم"، أما الإضرابات المحدودة في المعمل و القطاعات فتبقى ذات مردودية من حيث تربية الطبقة العاملة على التنظيم و على الوعي الطبقي و على المهام التاريخية للتحرر و تحرير المجتمع. و من باب البديهيات، نجدد القول بأن القوانين الحالية، و ضمنها قانون الشغل و الإضراب، المجحفة و التي تجعل من قانون العرض و الطلب سيفا مسلطا على رقاب الطبقة العاملة في نضالاتها الاقتصادية داخل النقابات، هي جزء من الاقتصاد السياسي الرأسمالي الذي واجهه ماركس باقتصاد سياسي عمالي يتأسس بتجاوز العزلة النضالية لتوسيعها ما وراء و ما فوق المحلي، القطاعي و الوطني لإعطائها بعدا أمميا. و في الخضوع و التبرير الانهزامي لهذا القانون المشؤوم ليست سوى المجاعة الناتجة عن تخفيض الأجور و الزيادة في وقت العمل و تسريح الجزء الأكبر من العمال و التحايل بإغلاق المعمل و فتح آخر بنفس الاختصاص بنفس الباطرون و باسم شركة جديدة، لكن بعدد أقل من العمال الأصليين أو بتغييرهم كليا، أي بعمال جدد و ربما فيهم نساء و أطفال لمزيد من الأرباح تسهيلا للمنافسة... فقديما كان يحتاج الرأسمال لاستيراد يد عاملة أجنبية لتكسير الإضرابات و النضالات العمالية التحررية، أما الآن فقد ابتدع طريقة جديدة تتمثل في نقل المؤسسة الصناعية من مدينة لمدينة أو من بلد لبلد، خاصة إذا كانت في البلد المضيف حركة عمالية ضعيفة و إمكانية التشغيل ضعيفة كذلك. مما يزيد من ضرورة التضامن و الاتحاد في نقابات محلية قوية و في اتحادات عمالية عالمية قوية كذلك، و بالتالي يجب استرجاع الدور الأممي القوي لنضالات الطبقة العاملة، فراهنية شعار "يا عمال العالم اتحدوا" تتقوى بالملموس في الفكر و الممارسة الميدانية.
قانون الإضراب: مناهضة من زاوية أخرى ففي إطار السياسة الإمبريالية و قانون الارتباط البنيوي بينهما و بين النظام القائم على بلادنا و رقابنا، هاته الهيمنة و هذا الانتشاء و السعر المحموم لربح أكثر و لسيطرة أوسع و أأمن.. هي المسؤولية المباشرة عن تقاطر قوانين عديدة على بلادنا و على أغلب دول العالم، مرة باسم "العولمة" و مرة أخرى باسم"العهد الجديد" دفاعا عن النظام القائم و ذودا عن شعارات "الديمقراطية و الحداثة" "المجتمع المتضامن"..، قوانين تهم الصحافة، الأحزاب، الإرهاب، الإضراب.. الخ. و بغض النظر عن دستور الدولة البوليسية و فصله 14 الذي ينص على أن "حق الإضراب مضمون و سيبين قانون تنظيمي الشروط و الإجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق". و بغض النظر عن مدى تحقق تلك الشروط و عن حجم التنازلات التي قدمت خدمة لتلك الشروط و عن الجهات الرابحة أو الخاسرة في تلك التنازلات، تعرف المادة 3 من قانونهم، الإضراب "توقف جماعي و مدبر للشغل من أجل تحقيق مطالب نقابية و مهنية". نجد أحد الزعماء النقابيين بالاتحاد المغربي للشغل، أمين عبد الحميد، ماركسي قديم قبل أن يراجع ماركسيته اليوم، يدافع عن "الحق" من داخل الدساتير التي ناهضها قديما، و انتقدها مؤكدا على أن حق الإضراب حق من حقوق الإنسان و حق دستوري و حق أساسي للشغيلة و لمنظماتها النقابية على مستوى المقاولة و المنظمة و الجامعة المهنية و المركزية". تفكير بائس و موقف استسلامي واضح، بعيد عن التحليل الطبقي و عن أي ارتباط بحقوق الطبقة العاملة و ليس الإنسان ـ صحيح أن أغلبية كادحة لكن ليس كلمة أي إنسان، و صحيح أن الأغلبية كادحة لكن ليست معنية كلها بالإضراب و النقابات ـ ففي ظل وضع تنتشر فيه البطالة بشكل واسع و فظيع، و في ظل نظام التقسيم الدولي للعمل الذي يؤهل المغرب لبعض الصناعات التكميلية، الفلاحة، السياحة، الإنتاج المعدني دون تحويل، الصيد البحري المحدود.. الخ. أي في غياب سياسة تصنيعية بالمعنى الثقيل للكلمة، الصناعة التي تحتاج لعمال متخصصين يصعب تغييرهم بسرعة و يصعب توقيفهم أو طردهم بسبب الإضراب، يعني أنه فإلى جانب اتحادهم في نقابة تدافع عنهم و تمدهم بالقوة في الدفاع و التفاوض و الهجوم من أجل مكتسبات جديدة، نجد قوتهم الإضافية في احتياج الصناعيين، أرباب العمل لخبرتهم المهنية، ليصعب إذاك تكسير الإضرابات، سواء من حيث افتعال الأخطاء الجسيمة أو من حيث تشغيل عمال جدد أو الاجتهاد في تدابير أخرى لهذا الغرض... في ظل هذه الأوضاع نجد أن المواقع المهمة التي من المفروض أن تؤهل النقابات بأن تلعب أدوارها في الصراع إما محمية من طرف جهاز الدولة و بالتالي ممنوعة من العمل النقابي، و إما تسخر لها نقابات رجعية متواطئة بشكل سافر مع الدولة و الباطرونا صراحة، نجد هذا الوضع بجلاء في المواقع المنجمية و مركبات الفوسفاط بأسفي، لاسمير، السكك الحديدية، الموانئ، مكتب الكهرباء.. الخ. و يمكن في هذا الصدد الرجوع للخبرة النقابية العمالية العالمية و تاريخ النقابة و دور عمال التعدين في قيادتها و دور الشيوعيين في تأطير و قيادة الحركة النقابية عبر الارتباط الاستراتيجي بهذه الفئة لوعيها بوضعها المتميز و المتحكم في صناعات عديدة، لتتضح الصورة أكثر. فمحاجاة النقابيين الحقوقيين "تذكرنا بالمثال الطريف الذي طالما قدمه الرفيق لينين في دحضه لهذا النوع من الاستبلاد، حين كان يشبه الوضع، بحالة من اعترض سبيله أحد قطاع الطرق و عوض المواجهة، استرسل في تعريفه لقوانين الملاكمة الفرنسية التي لا تسمح بالضرب تحت الخصر و في القفا.. الخ. فليست لدي الإمكانية للسرد و التسجيل بل لا يمكنني تصور هول خروقات الدولة بأجهزتها و مؤسساتها و نظامها في شموليته، بقوانينه و دستوره، عدا الاتفاقيات و العهود الدولية و الاتفاقات المبرمة مع النقابات و ما يترتب عنها من مكتسبات مؤقتة قد تقدم بيد لتؤخذ بأخرى. و ليس من شيمنا زرع اليأس و الإحباط، لكننا لن نزرع الوهم كذلك، خاصة في صفوف الطبقة الطليعة و قائدة التغيير، لن نزرع الضبابية، في تفكير الماركسيين و في القضايا ذات الارتباط بفكرهم و تطلعاتهم ضدا على الخلط و التشويش و خاصة فيما يخص منظمات الطبقة العاملة. فحين يقول الزعيم: "ضمان الإضراب لأجراء القطاع الخاص و القطاع العمومي على السواء و أنه لا يمكن الخدمة إلا بالنسبة لفئات محدودة و في أوضاع مرتبطة بممارسة سلطة الدولة (القوات المسلحة مثلا)"، نرد بأن هذا تمييع واضح للنضال و للعمل النقابي المرتبط بإستراتيجية التغيير و بقضايا الطبقة العاملة و نضالها الاقتصادي الطبقي و آليات التغيير و ممارسة هذا النضال. إضافة لغياب أو تغييب للنقابة الطبقية ـ و لا يمكنها أن تكون سوى كذلك ـ كمفهوم و تعويضه باتحادات المهنيين و المستخدمين ذوي الانتماءات الطبقية المختلفة و المتصارعة، لحد الكلام عن القوات النظامية المسلحة مثلا! ثم السقوط في التبريرية و الانهزامية "حتى لا يفهم الإضراب في حد ذاته كعرقلة لحرية العمل". فعوض النضال و الاجتهاد في اتجاه أن تتحول النقابة لسلطة طبقية فعلية، تصدر قراراتها بكل حرية و ديمقراطية وسط العمال و أن تقنعهم بأن سلاحهم الوحيد هو الإضراب و أن التصدي لمكسري الإضرابات سواء كانوا عمالا أو معطلين أو مسخرين مشبوهين، فهو دفاع عن الحق في الوجود، الحق في اقتسام و تدبير الثروات، الحق في الحرية من الاستغلال و الاستبداد الحق في مجتمع بدون صراعات و لا طبقات.. الخ. عوض هذا نجده و بنفس اللغة و الخطاب الذي يتخلى عن المبادئ يتقدم بالنصائح للباطرونا و جهاز دولتها و مشرعيها بإمكانية اتخاذ التدابير المتعلقة بمهلة الإشعار بالإضراب و بالخدمات الدنيا أثناء الإضراب على مستوى القطاعات المهنية".
فماذا تعني مهلة الإشعار بالإضراب طبقيا و تكتيكيا إن مهلة الإشعار بالإضراب تساوي التحايل على الإضراب نفسه و ضربه كحق و تهشيشه كسلاح، فقليلة هي الصناعات التي تعتمد على الطلب في اشتغالاتها، فقد تلجأ أغلبها و خاصة تلك التي تعتمد على بضائع استهلاكية مرتبطة بالموضة و فصول السنة..، إلى الإنتاج من أجل الإنتاج ثم البحث عن الزبائن أو التخزين، بمعنى أوضح، أن المجال الذي تشتغل فيه أغلب الصناعات المغربية يشكل به الإضراب بعد الإشعار ربحا للباطرونا أكثر من العمال، فما بالك إذا مططت و مددت المهلة بالمفاوضات البيروقراطية مع السلطة، تفتيشية الشغل و الباطرون.. الخ. إنها مهلة مؤدى عنها بالنسبة للباطرون و يمكن البحث ميدانيا إلى جانب النقابيين الصادقين و المخلصين لقضايا الطبقة العاملة عن ظواهر التحايل الذي يتم بين الانتهازيين و البيروقراطيين النقابيين و الباطرونا في فبركة الإضرابات أو لإقناع العمال بما يسمى "بالبطالة التقنية" و راء ستار غياب الطلبيات. هذا دون التستر و التخفي و التباكي على الطبقة العاملة، لحد أن التنظير الأساسي في هذا المجال ارتبط و ما زال بالقطاعات المهنية الخدماتية و البرجوازية في آخر المطاف و التي يلعب فيها الخطاب النقابي البيروقراطي دور المداهن المهادن للنظام و جهاز السلطة أكثر من أن يقنع الفئات الشعبية الكادحة بمشروعية حقها في الإضراب، فحين تتكلم النقابات عن "الخدمات الدنيا أثناء الإضراب" فهي بهذا إذن، تخاف المساندة و الاحتجاج الايجابي من أضرار الإضراب و تستبق الأحداث، فيفقد الإضراب مضمونه الطبقي و السياسي ليدخله المضربون محبطون من البداية و غير مقتنعون بجدواه بل معتبرينه مغامرة مضرة بالجميع، أكثر منه سلاح في خدمة الجميع، و نعني بالجميع الفئات الشعبية الكادحة المنظمة و الغير منظمة في اتحادات أو نقابات أخرى. و دون حياء، يسترسل الانهزاميون في الكلام عن "حرية لغير المضربين"، كلام لن يصدر ببساطة عن شخص سبق و أن باع قوة عمله أو كان له سابق اشتراك في إضراب لأنه و ببساطة سيكون له العلم بمن لا يشارك في الإضرابات العمالية و سيكون له العلم كذلك بحكمة "المهلة: التي تكلمنا عنها سابقا. فخلال "المهلة" تكون "المفاوضات"، و "المفاوضات" طبعا ليست سوى الترغيب و الترهيب و التهديد بقطع الأرزاق، "مفاوضات" قادرة على كسر العزائم عبر الاستدعاءات لمكتب الإدارة أو لمخافر البوليس.. الخ. إضافة لتسخير ذوي الامتيازات، لزرع اليأس، و قد يكون بعضهم من المكتب النقابي، و بعض المغلوبين على أمرهم، عمال لهم صلة القرابة مع الباطرون أو ممن لهم اشتغالات إضافية مع الباطرون في المنزل، البستنة، الحراسة.. الخ. فإذا كانت المادة الخامسة مثلا تقول "بحرية العمل مضمونة للأجراء الذين لا يشاركون في الإضراب" فأمين يضيف "و العاملين بالمقاولة قبل اتخاذ قرار الإضراب". و هو ما ينم عن جهل تام بواقع سوق الشغل و بالصيرورة التي يتخذها العمل النقابي بالمصانع و الورشات و بمسار العامل الجديد الذي يريد التقرب من النقابة ـ إذا كانت موجودة طبعا ـ صيرورة و مسار لن تجيب عنه التعديلات. فحين يمنع العمل النقابي من طرف الباطرونا و جهاز دولتها و حين تمنع النقابات من الاتصال بعمالها لتأسيس النقابات، ألا يكون من المشروع البحث عن آليات جديدة للعمل النقابي دفاعا عن الحق النقابي كإضرابات التباطؤ و احتلال المعامل للاعتصام بها.. عوض الكلام عن "التجمعات العامة و النقابة ذات الأغلبية" و هلم جرا من الأوهام التعجيزية التي لا تذكرنا سوى بقوانين الترخيص للوقفات الاحتجاجية و المسيرات بشروطها التعجيزية و "بتقديراتها المزاجية".. الخ. أما الخطير في مضمون هذا الخطاب أو اللازمة التي سايرت انتقاده المحتشم لهذا القانون هو "وضع الدولة الحيادي" في النضال النقابي و هو موقف فيه الدجل أكثر من صدق نضالي، دجل لن يؤثر شيئا في الحقائق الموضوعية و الملموسة بالنسبة للطبقة العاملة. أن تبحث عن "حياد" جهاز الدولة في الصراع الاقتصادي بين العمال و الباطرونا، فقد تجده في مكاتب المفاوضات و داخل قبة البرلمان و في المجالس الحكومية، لكن لن تجده أمام المصانع بعمالها المحتجين المعتصمين، عمال يطالبون في أغلب الأحيان و في جل المعارك عن الحق في الشغل بدون توقيفات، عن تسديد الأجرة في وقتها، عن استرداد أموالهم المقتطعة و التي لم تعرف طريقها لصناديق التقاعد و الضمان الاجتماعي.. الخ. و في هذا الإطار أي دفاعا عن الحق و من منظور طبقي، حق غير مشروط.. لم يشر الأمين لا من قريب و لا من بعيد لأي موقف خاص بنقابة ا.م.ش. أو كوجهة نظر نقابية و سياسية خاصة به، إلى حق الطبقة العاملة في خوض إضرابات بدون نقابة، أي العمل النقابي السري، و الجاري به العمل في بلادنا و في جميع بلدان الأنظمة الدكتاتورية أو في البلدان المحتلة عسكريا من طرف الإمبريالية، أو في فترات الحروب و حالات الاستثناء و ما يصاحبها من صرخات "الإجماع المقدس للدفاع عن الوطن" و عن "القضية الوطنية" أو ما شابه ذلك. و يمكن التوضيح أكثر لحقيقة المواقف و المعبرة بصدق عن المواقع الجديدة لأمين، في تناوله للمادة 30 و التي تنص على تخويل الوزير الأول صلاحية وقف الإضراب أو منعه عن حدوث أزمة وطنية حادة لتتفتق عبقرية أمين بتعديله للمادة و تحويل هذه الصلاحية للقضاء!. تصوروا معي، عمال يطالبون بأجرتهم التي لم يتوصلوا بها لشهور، فلجئوا للإضراب بعد ضغط الجوع، إضافة لاقتراب إحدى المناسبات كالأعياد أو الدخول المدرسي.. الخ و تقديرا من الحكومة للوضع بان هناك أزمة داخلية أو خارجية قررت منع الإضراب.. تصوروا معي وقع الوصفة القادمة من مناضل نقابي، معتقل سياسي سابق و ماركسي قديم، على العمال المضربين بأن ترفع المسائل للقضاء و تفتح الجلسات و تأجل إلى ما لا نهاية ـ و هذا هو حال القضاء الذي لا يمكن له أن يستقل في ظل مجتمع طبقي ـ آنذاك يحق للعمال بعد قرار القضاء أن يقرروا في الاستمرار في الإضراب أم لا!. ألا يتصور الأمين أن الأزمة الوطنية الحادة" في خطاب الحاكمين ليست سوى الإضرابات و الانتفاضات و الاحتجاجات، بالدرجة الأولى، و هل ليس من الخساسة و العمالة الطبقية أن يتوجه النقابي في هذه الظرفية لينصحهم برفع قضيتهم للقضاء؟!.
خلاصة و هدف أولي
و قد نكتفي بهذا القدر الآن ليس لإغلاق موضوع النضال النقابي و مشاكله التي لن تنتهي إلا بانتهاء المرحلة الرأسمالية و زوال نمط إنتاجها، نشير فقط بان إشكاليات النضال الطبقي بشكل عام تتغير و تتوسع و تتعمق أو تختفي مؤقتا بعلاقة مع موازين القوى الطبقية و بعلاقة بمستوى الوعي وسط الطبقة العاملة و طلائعها الثوريين النقابيين و الماركسيين بدرجة أدق. و بالتالي يجب فتح النقاش الواسع و الموسع بين مجموع النقابيين الديمقراطيين حول مجموع إشكالات هذا النضال، إشكالات لن يعرف حرقتها سوى الطلائع المرتبطة ايجابيا بالطبقة العاملة و نضالاتها، إشكالات لن تفيد الوصفات تجاهها في شيء، إشكالات فيها الشق النظري و التنظيمي، التكتيكي و التقني الفني.. الخ إشكالات تتطلب الجرأة أولا في طرحها ثم المبادرة في إنجاز الخلاصات التي ترتبط بنقاشاتها، خلاصات قد تبدو في البداية بسيطة لأننا لا ننجزها، أما إذا بادرنا بتفعيلها و متابعتها و محاسبة بعضنا بعض عن التكلفات المتعلقة بها فقد تتضح أهميتها و قوتها المفيدة بجلاء في الميدان. و قد تكون من بين المهام و التكلفات و بدون شك، لكن ليس من الزاوية التي انتقدناها سابقا، و خارج ذاك الغموض النظري و من داخل المهام الشاملة لنضال الطبقة العاملة بقيادة طلائعها الماركسيين اللينينيين و بتحالف و دعم و مساندة من مجموع ضحايا نمط الإنتاج الرأسمالي من الكادحين و المهمشين و فقراء و معدمي الفلاحين.
#ع._الحق_الزروالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الحريات و التعدد الحزبي- و نظرة -النهج الديمقراطي- لقانون
...
المزيد.....
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
-
نقابة الصحفيين الفلسطينيين تطلق حملة صحفيات بزمن الحرب
-
الحكومة الجزائرية : حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في الجزائر
...
-
تأكيد المواقف الديمقراطية من الممارسة المهنية وعزم على النهو
...
-
وزارة المالية العراقية : موعــد صرف رواتب المتقاعدين في العر
...
-
“اعرف الآن” وزارة المالية تكشف حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين
...
-
مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا
...
-
تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
-
تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|