أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد كاظم أبو دوح - القهر بين التكيف والمقاومة














المزيد.....

القهر بين التكيف والمقاومة


خالد كاظم أبو دوح
أستاذ جامعي

(Khaled Kazem Aboudouh)


الحوار المتمدن-العدد: 1834 - 2007 / 2 / 22 - 07:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"إنني لا أبغض العالم الذي أعيش فيه، ولكنني
أشعر بأنني دوماً متضامن مع كل الذين يعذبون
فيه كل يوم" ألبير كامي
مدخل:
إن المهمة الحقيقية لعلم الاجتماع داخل أي تكوين اجتماعي، تتلخص في تزويد الفاعل الاجتماعي (الفرد) بالقدرة على تحرير ذاته من كل القيود، وذلك من أجل الهدف الأعلى وهو تحرير المجتمع بأسره، وأخطر القيود التي يواجهها الفاعل الاجتماعي هي مأزقية وجوده، وكيفية تحرير فعله من كل صنوف القهر والرضوخ.
أحاول هنا أن ألقي الضوء على مواقف الفاعلين من القهر الذي يتصدى لهم من قبل فاعلين آخرين، يحوزوا قدر أكبر من السلطة، وسوف تعتمد هذه الإطلالة السريعة، على المقارنة بين نمطين من الفاعلين، الأول هو النمط الذي يواجه القهر بالتمرد، والثاني هو الذي يواجه القهر بالتكيف معه، أو الرضوخ له.
ماهية الإنسان المتكيف مع القهر:
لما كان تكيف الإنسان مع القهر هو ضد الإنسانية كقيمة عليا، فإن الإنسان الذي يحيا حياته وفقاً لهذه الآلية، هو الإنسان الذي فقدت إنسانيته قيمتها، قدسيتها، والاحترام الجديرة به، هو الإنسان الذي تحول إلى شئ، سلعة إلى أداة، أو وسيلة، إلى قيمة مبخسة. يتخذ هذا التبخيس، أو الهدر لقيمة الإنسان وكرامته، صوراً تتلخص في اثنتين أساسيتين: عالم الضرورة، والقهر التسلطي. عالم الضرورة هو تعبير عن الاستلاب الطبيعي، الذي يتعرض له الإنسان في المجتمع، عندما تواجهه الطبيعة. أما القهر التسلطي، فهو عالم سيادة القلة ذات الحظوة، التي تفرض هيمنتها على الغالبية بالاعتماد على العديد من الآليات، لتخلق نموذجاً عاماً من علاقات التسلط والرضوخ، تمارس فيه أنواعاً متعددة من العنف المادي والمعنوي والرمزي.
صور التعامل مع القهر وتداعياتها على الفرد:
هناك من الفاعلين من يواجه القهر بالتمرد مهما كلفه هذا التمرد من أزمات، وهناك من يواجه القهر والتسلط بالخضوع، والرضوخ، والتماهي مع كل صور القهر التي تواجهه، وبمقدار هذا الرضوخ يتم تحديد درجة قبول الفرد ممن يمارس عليه فعل القهر، وإحاطته بالرعاية والحماية، ومقدار ما يناله من الغنيمة، وبمقدار درجة تمرد الفرد، يتم تحديد مقدار نبذه، واستبعاده، وإقصاءه عن الفرص والحقوق، وحرمانه من الحماية.
نحن هنا أمام نمطين من القبول:
الأول: القبول المشروط بالرضوخ، والذي معه يدخل الفاعل سجناً خارجياً، سرعان ما يتحول إلى سجن ذاتي يرتضيه الفرد طوعاً حفاظاً على أمنه، أو مورد رزقه، من خلال القبول المشروط يتحول الإنسان إلى أسير لدى من يمنحه القبول.
يذهب القبول المشروط حداً يفرض على الفرد تمجيد صاحب السلطة وتمجيد أفعاله، ولا يتحدث له إلا بالمديح، ولا يجوز له أن يرى الأشياء على حقيقتها الواقعة، بل عليه أن يتمثل رؤية مانح القبول له، وبهذا تتحول حياة الفرد إلى خضوع وانقياد، وتكتظ بالمراوغة، والكذب، والتجميل، وقد تتخذ طابع الاستلاب الذاتي من خلال تمثل هذه الطاعة والقبول المشروط.
يمثل القبول المشروط المدخل المباشر إلى الاضطراب الذاتي وسوء التوافق السلوكي سواء بسواء: القلق، الإحباط، الإكتئاب، الاستسلام والتراخي، والانهزامية، والعدوانية والغيظ، السلوكيات التدميرية للذات وللآخرين، التصلب والتطرف، وبالتالي هدر الذات وإمكانياتها، ومعها هدر الآخرين والعالم الخارجي.
الثاني: القبول غير المشروط، والذي يشير إلى الاعتراف بإنسانية الإنسان ككائن قائم بذاته، وكمشروع وجود، ولا يعني ذلك مطلقاً القبول بالسلوكيات الخاطئة التي يمكن أن تصدر عن الفرد، أو مواقفه المؤذية له أو للآخرين. ومع هذا النمط يحقق الفرد هوية وكيان مستقل وقائم بذاته. وتفتح أمامه آفاق التوازن النفسي والوفاق مع الذات ومع العالم والآخرين، كما تنمو لديه الثقة بالنفس والنظرة الإيجابية إلى الذات، والدافعية للعمل والإنجاز، وصولاً إلى الإبداع.
وأخيراً يجب التأكيد على أن التمرد غالباً يخلق التميز، وعلى كل فرد أن يختار سياسة حياته، أنا أقبلك ما دمت أنت كما أريد أنا، وأنا أرفضك طالما أنت كما تريد أنت.
قراءات مقترحة:
1- مصطفى حجازي، الإنسان المهدور، المركز الثقافي العربي، المغرب، 2006.
2- مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1986.
3- ماري فرانس، تنكيد المعنويات، ترجمة فاديا لاذقاني، دار العالم الثالث، القاهرة،2001.



#خالد_كاظم_أبو_دوح (هاشتاغ)       Khaled_Kazem_Aboudouh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في أطروحة للماجستير حول سكان محافظات مصر العليا
- قراءة سوسيولوجية في المثل الشعبي ... يا بخت من كان النقيب خا ...
- مفهوم العولمة .... رؤية نقدية
- الشخصية العربية وإعادة انتاج الاستبداد
- عرض كتاب-رأس المال الاجتماعي لدي الشرائح المهنية من الطبقة ا ...
- انحراف السلطة وتنكيد المعنويات في الحياة اليومية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد كاظم أبو دوح - القهر بين التكيف والمقاومة