أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - جدعون ليفي - هذا الفيلم الإسرائيلي يجعلني أشعر بالحنين إلى زمن الاحتلال قبل حرب غزة














المزيد.....

هذا الفيلم الإسرائيلي يجعلني أشعر بالحنين إلى زمن الاحتلال قبل حرب غزة


جدعون ليفي

الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 12:33
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


ذات يوم، كما في فيلم «البحر»، كان الإسرائيليون يُظهرون – ولو للحظات عابرة – شيئًا من الإنسانية تجاه الفلسطينيين. أمّا اليوم، فقد تلاشى ذلك تمامًا.
صبي صغير يحمل حقيبة على ظهره يتجوّل في شوارع تل أبيب؛ يوقف المارة ويسألهم بخجل، وهو يقرأ من ورقة كُتبت عليها بالعربية أحرف عبرية: «عفواً، أين البحر؟» تبدو نظراته شاردة، خائفة. إنه غريب، وحيد في المدينة الكبيرة.
قبل أيام قليلة فقط، أُنزِل من الحافلة التي كانت تقلّ زملاءه في رحلة مدرسية إلى البحر – المرة الأولى في حياتهم التي سيرونه فيها. الجنود عند الحاجز زعموا أن تصريح خالد لدخول إسرائيل غير صالح. فيقرر الصبي أن ينطلق نحو البحر وحده.
هذه خلاصة قصة فيلم «البحر» للمخرج شاي كارميلي-بولّاك، وهو فيلم جميل يُعرض حالياً في دور السينما في إسرائيل والولايات المتحدة، وقد اختير لتمثيل إسرائيل في جوائز الأوسكار 2026 عن فئة أفضل فيلم دولي.
بعد يوم واحد من فوزه بخمس جوائز «أوفير» (المعادلة الإسرائيلية للأوسكار)، هاجم وزير الثقافة ميكي زوهر الفيلم مدّعياً أنه «يُظهِر جنود جيش الدفاع الإسرائيلي الأبطال بصورة مسيئة وكاذبة». الوزير لم يشاهد الفيلم أصلاً. لقد مضى زمن طويل منذ أن خدم فيلمٌ إسرائيلي الدعاية الإسرائيلية بهذا القدر من الفاعلية. فـ«البحر» يُظهر الاحتلال كما كان قبل السابع من أكتوبر – احتلالاً لم يعد موجوداً – ويُظهر إسرائيل أكثر إنسانية، وهي الأخرى لم تعد موجودة.
حتى «الجنود الأبطال» في الفيلم – أولئك الذين يظهرون وهم يتعاملون بخشونة مع الأطفال – يُبدون أقل قسوة بكثير من جنود اليوم. انظروا ما الذي حدث لهم، ولنا، منذ ذلك الحين. لا حاجة إلى الخوض في ظلمات عالم زوهر؛ فبالنسبة إليه، أي فيلم يُظهر طفلاً فلسطينياً وجندياً إسرائيلياً هو فيلم كراهية.
فيلم «البحر» صُنع بحب. إنه عمل إنساني، وأداؤه مؤثر. تل أبيب الجميلة في الفيلم تُبدي تعاطفاً مع الصبي ومع والده الذي ينطلق للبحث عنه رغم أنه لا يحمل تصريحاً لدخول إسرائيل. مثل هذا الأمر لم يعد ممكناً اليوم. يذكّرنا «البحر» إلى أي مدى انحدرنا منذ السابع من أكتوبر، حتى أصبح فيلم عن الاحتلال يثير الحنين إلى احتلالٍ آخر.
لو سار خالد اليوم في شوارع المدينة، لسارع «المواطنون القلقون» إلى استدعاء الشرطة بدلاً من إرشاده إلى الشاطئ. فطفل فلسطيني في تل أبيب لا بد أن يكون «إرهابياً». لم تعد هناك حافلات تقلّ أطفال المدارس الفلسطينيين من الضفة إلى البحر. صار البحر حلماً بعيداً، كما يحلم به السجناء الذين يقولون إن البحر كثيراً ما يظهر في أحلامهم.
الطفل الذي يعيش على بُعد نصف ساعة بالسيارة من البحر لم يعد له أي أمل في بلوغه. وحتى شرطة إسرائيل، التي أوقفت والده بلا تصريح في الفيلم، لم تكن لتعامله اليوم بالطريقة نفسها؛ بل كانت ستنهال عليه بالضرب والإهانة – بمشاركة المارة أيضاً. لم يعد هناك عمّال فلسطينيون في تل أبيب، وبالتأكيد ليس منهم من له صديقة يهودية كما في شخصية ربحي، الأب اللافت والمؤثر في الفيلم.
وبحسب منطق وزير الثقافة وأمثاله، فإن أي فيلم يُظهِر الفلسطينيين كبشر هو فيلم يسيء إلى الجنود الإسرائيليين. وزوهر على طريقته محقّ: فإذا كان الفلسطينيون بشراً، فكيف يمكن تبرير معاملتهم بهذه الوحشية؟
أتذكر عندما كنت طفلاً، كيف كانت مقطوعة مارتن دِني «البحر المسحور» (1959) بسحرها وأصوات النوارس تُبكيني أحياناً. أمّا أطفال الضفة الغربية فلا بحر لهم، رغم أن البحر لا يبعد سوى مسافة قصيرة عنهم. كان لهم بحر ذات يوم، صحيح أنّ الوصول إليه كان يحتاج إلى تصريح من سلطات الاحتلال، وصحيح أنّ بعض الأطفال كانوا يُنزَلون من الحافلات، لكنّ بعضهم كان يحقق حلمه الصغير أخيراً.
كان هناك أيضاً عشرات الآلاف من العمّال الفلسطينيين في تل أبيب يعيشون في ظروف قاسية، لكنهم كانوا موجودين. أما اليوم، فلم يعد لذلك وجود. بات فيلم صُوّر في عام 2023 يبدو عملاً حنينياً. أصبح احتلال قبل عامين فقط موضوعاً للحنين. أعرف غزيين كانت «أفضل سنواتهم» تلك التي قضوها نائمين في مخازن الأسواق المفتوحة داخل إسرائيل – في ظروف لا إنسانية. كل ما حدث لهم منذ ذلك الحين كان أشد قسوةً ووحشية.
فيلم «البحر» عمل حنينيّ؛ يوضح لنا كم يتسارع تدهور الاحتلال الإسرائيلي.
وربما، في يوم ما، سنشتاق حتى إلى إبادة عام 2025 نفسها.



#جدعون_ليفي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصور الصحفي الفلسطيني الذي طالما وثق العنف الإسرائيلي, وكا ...
- الفقراء والمهمشون في إسرائيل يستحقون -مامداني- خاصاً بهم
- لا تجعلوا من كبيرة محامي الجيش الإسرائيلي المقصية من منصبها ...
- الهجوم الوحشي للمستوطنين وُثق بالفيديو. لكن لما بعد أسبوعين، ...
- كلنا بن غفير
- صبي فلسطيني في التاسعة من عمره وقف على بُعد مسافة, جندي إسرا ...
- حكومة إسرائيل تفخر بالسادية والإساءة والتعذيب
- سماع صياح ديك بدلاً من سقوط القنابل في غزة هو السبب الرئيسي ...
- علينا أن نرحّب بالتدخّل الدولي في الصراع الإسرائيلي-الفلسطين ...
- بين الإفراط في الحداد واللامبالاة تجاه كارثة غزة: عبادة المو ...
- لا تبكوا على الحليب المسكوب، بل على الدم المسفوك: أجيال ستمر ...
- نتنياهو، إذا كان قتل 20,000 طفل في غزة امرا «خيرا» — فما هو ...
- اعتراف بلا إنقاذ: الهدية الجوفاء التي يقدمها العالم للفلسطين ...
- سكان مخيم جنين للاجئين ظنوا أن قوات الجيش الإسرائيلي قد غادر ...
- أيّ حياة تنتظر ستة أطفال وُلدوا في غزّة هذا الأسبوع؟
- لا مكان لإسرائيل في مسابقة اليوروفيجن وهي ترتكب الفظائع في غ ...
- كوخ استيطاني جديد ظهر في الخليل. ما تلاه أكد أسوأ مخاوف الجي ...
- الليبراليون الإسرائيليون مذهولون من احتمال أن يعاملهم رئيس ا ...
- الجيش الإسرائيلي لا يمكنه أن يغطي بقبعاته السوداء جرائمه في ...
- معظم حركة الاحتجاج في إسرائيل لا تهتم إلا بحياة رهائن غزّة – ...


المزيد.....




- What Germans Think About AI
- تشيلي بعد اليسار: تداعيات فوز اليمين الراديكالي على السياسة ...
- الدورة السابعة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية تحت شع ...
- لا.. لاتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني
-  حركة 14 دجنبر 1990
- The Position of the Serbian People in a Multipolar World: Br ...
- The Three Narratives: Gaza as the Last Moral Frontier agains ...
- الشيوعي التشيلي يدعو الى أوسع وحدة للقوى اليسارية والتقدمية ...
- سفير إسرائيل يطالب ألمانيا بالحزم ضد -عداء السامية اليساري- ...
- اتحدوا من اجل التغيير: رسالة المعتقل السياسي الاستاذ محمد جل ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - جدعون ليفي - هذا الفيلم الإسرائيلي يجعلني أشعر بالحنين إلى زمن الاحتلال قبل حرب غزة