|
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....12
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1833 - 2007 / 2 / 21 - 13:10
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
إهداء إلى
كل من آمن بوحدة المغرب، والمغاربة، وعمل فكرا، وممارسة، على ترسيخ هذه الوحدة.
كل المغاربة الذين يتمسكون بوحدتهم، في شموليتها.
كل المغاربة من أصل عربي / أمازيغي، الذين امتزجوا في دم واحد، صار يحمل اسم الدم المغربي,
كل المسلمين المغاربة الذين يحترمون الدين الإسلامي، ويرفضون استغلاله في الأمور الإيديولوجية، والسياسية.
كل الذين يتكلمون اللهجات الأمازيغية، ولم يعتبروها، في يوم من الأيام، وسيلة لتقسيم المجتمع المغربي إلى طوائف.
كل الشهداء المغاربة، الذين استشهدوا من أجل المحافظة على وحدة المغرب، ووحدة المغاربة، أنى كان جنسهم، أو لونهم، أو لغتهم، أو دينهم.
من أجل مغرب واحد، بهوياته المتعددة.
من أجل إنسان مغربي قوي، في مواجهة تحديات العولمة.
محمد الحنفي ****************
تمظهرات الأصولية:.....1
وبوقوفنا على تمظهرات الأمازيغية، ننتقل إلى الوقوف على التمظهرات المتعددة للأصولية، التي صارت تشغل القاصي، والداني، والكبير، والصغير، والعالم، والجاهل. وهو ما يجعل منها قضية مرحلة بأكملها، قضية تصرف الناس عن التفكير في أمور العصر، مما يحولها إلى أداة لعرقلة إمكانية التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، الذي يصبر في مجموعه رهينا بالتصور الأصولي للمجالات المختلفة.
والأصولية، كالأمازيغية، تتمظهر في عدة مظاهر، نجملها في:
1) الأصولية كتراث يحظى بالاهتمام باسترجاعه، والوقوف عليه، والعمل على استيعابه، ودراسته كما هو، بمكوناته المختلفة، وبمذاهبه الكثيرة، والمتعددة عبر العصور المختلفة، الأمر الذي يترتب عنه اعتبار ذلك التراث لصياغة الحياة، أو إعادة صياغتها، حسب ما يقتضيه ذلك التراث، الأمر الذي جعل منه سلطانا قائما في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وبحرص التراثيين الذين يؤدلجون التراث، ويسيسونه، ويخضعون له كل مكونات الواقع، حتى يتأتى جعله مطابقا للأصل كما يتصوره التراثيون، وكما كان، وبالشروط الموضوعية التي يتصورونها. وحسب وجهة نظرنا، فالتراث ما خلفه الأقدمون بعد ذهابهم، وبعد أن تفاعلوا مع الشروط الموضوعية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي أحاطت بهم، والتي ساهموا في إنضاجها، أو فرضت عليهم بحكم الواقع.
وتراث كهذا، كان يجب أن يبقى عند الحدود التاريخية، التي تقتضي منا دراسته، من أجل أخد ما هو مناسب لنا، ومن أجل أن يصير ذلك المناسب، وسيلة للانطلاق نحو الإبداع، والتعدد. إلا أن عجزنا الفكري، والنظري، والإيديولوجي، والسياسي، والعلمي، وبسبب لجوء طبقات معنية إلى أدلجة التراث، واستغلاله سياسيا، فإن التراث تحول إلى لباس نقيس عليه وجودنا، وعملنا، وتفكيرنا، ومسلكياتنا، وشروط وجودنا، ومستقبلنا، حتى نستعيد بذلك ماضينا، الذي يسحبنا من حاضرنا، إلى الزمن الغابر.
وممارسة كهذه، التي فرضت علينا في واقعنا، تجاه التراث، لا بد أن تتحول مع مرور الأيام، والسنوات، والعقود، إلى عائق كبير، يحول دون قيامنا بما يجب، تجاه واقعنا، وتجاه مستقبلنا، وتجاه أجيالنا، التي صارت ضحية تراكم التراث، والتراثيين، الذين أفقدوا مجتمعنا المغربي القدرة على امتلاك بوصلة التفكير في المستقبل، في تجلياته المختلفة، التي تقتضي منا المنافسة في السرعة، من أجل أن نصير كما عليه الدول المتقدمة، والمتطورة، على علات أنظمتها الرأسمالية.
فهل نمتلك القدرة على قراءة تراثنا قراءة علمية، تمكننا من الاستفادة منه لصالح حاضرنا، الذي هو المنطلق لبناء مستقبلنا؟
وهل نستطيع تشريح الظواهر السلبية فيه، حتى نستطيع الوقوف على سلبيتها، كمبرر لطرحها جانبا؟
وهل يمكننا استخلاص ما هو ايجابي، واعتماده في بناء الحاضر، استعدادا للمستقبل؟
وهل يمكننا معرفه من هي للطبقة الاجتماعية التي تؤدلج التراث، وتحوله بأدلجته تلك، إلى سلطان يضع سيوفه على الرقاب، من أجل إخضاع البشر أجمعين؟
وما هي الأسباب الذاتية، والموضوعية، الداعية إلى أدلجة التراث، وتحويله إلى سلطان؟
ولماذا يسعى مؤدلجو التراث إلى إعطائه الصفة الإطلاقية؟
لماذا يقيمون التطابق بين التراث، ذي الصفة الإطلاقية، وبين الدين الإسلامي؟
وهل يمكن أن نعتبر الدين الإسلامي، كعقيدة، من ذلك التراث؟
ألا يمكن التمييز بين الدين الإسلامي، كعقيدة، وبين التراث كمخلفات بشرية؟
لماذا يتم التعامل مع التراث كإنتاج تاريخي؟
لماذا تعتبر الأصولية نفسها، وعلى يد الأصوليين، جزءا من التراث؟
وهل يمكن وضع مفهوم الأصالة، والمعاصرة، في سياقها الصحيح؟
هل يمكن الجمع بين التقليد، والتراث، في نفس الوقت؟
ونحن عندما نطرح هذه الأسئلة حول الأصولية كتراث، إنما نسعى إلى فتح نقاش واسع، حول مفهوم الأصولية، ومفهوم التراث، من أجل الوصول إلى فهم صحيح للأصوليين، وللتراث، يساعدنا على وضعهما معا، في سياقهما التاريخي الصحيح، الذي ينأى بهما عن الاستغلال الإيديولوجي، والسياسي لكل منهما، حتى نستطيع الاستفادة من أمور أخرى، خدمة لعملية التحول في اتجاه المستقبل.
2 ) أما الأصولية كمذهب سياسي، فتقتضي منا الوقوف على الاستغلال السياسي، كامتداد للاستغلال الإيديولوجي للتراث، في تجلياته المختلفة، وخاصة منه التجلي الديني. ذلك الاستغلال الذي لا يهدف إلى إحياء التراث، من أجل دراسته، واستخلاص ما يجب استخلاصه، لخدمة اللحظة الراهنة، من أجل تطوير مجالات الحياة فيها، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا من أجل استحضار قيمه في المسلكيات الفردية، والجماعية، ولا من أجل إحيائه، وترك دراسته للأجيال اللاحقة؛ بل من أجل توظيفه في الأمور الإيديولوجية، والسياسية، وتحويله إلى مقدس يعبد إلى جانب من أنتجوه، الذين يصيرون بسبب ذلك شركاء لله في العبادة.
ولذلك، نجد أن الأصولية تتمظهر كذلك في هذه التيارات المؤدلجة للتراث، الذي أنتجه الأقدمون، واعتماد تلك الأدلجة أساسا لاتخاذ مواقف سياسية من مختلف القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، بهدف الإيحاء بمخالفتها، لما ورد في أصل النص الديني، وفي مختلف النصوص التراثية، تأسيسا للقول بعدم صلاحيتها للمسلمين، الذين عليهم أن يتجيشوا وراء مؤدلجي التراث الديني، لمقاومة أي ممارسة تهدف إلى تجاوز ذلك التراث، وعلى هذا الأساس: نجد أنفسنا مضطرين لطرح جملة من الأسئلة في هذا السياق:
هل يمكن للمسلمين إحياء مجمل تراثهم، على أساس صحيح؟
هل يمكن اعتماد التراث لصياغة الفهم الصحيح لتاريخ المسلمين، بعيدا عن التوظيف السياسي، والإيديولوجي؟
هل في إمكان المسلمين، ومن منطلق ما يجب أن يكونوا عليه، خلال القرن الواحد والعشرين، أن يستخلصوا من التراث، ما يخدم اللحظة الراهنة؟
هل يعمل المسئولون على تجريم استغلال التراث الديني بالخصوص، في الأمور الإيديولوجية، والسياسية؟
هل يتحرر المسلمون من السيطرة الإيديولوجية، والسياسية القائمة على استغلال الدين الإسلامي؟
وهل تتحول الأصولية، إلى مجرد حلم باستعادة الماضي، من خلال إعادة تشكيل الحاضر؟
وفي نفس السياق، يمكن أن نستنتج أن الأصولية كتراث، يمكن أن تكون منطلقا لأدلجة التراث، ويمكن أن تكون منطلقا لاعتبار التراث أساسا أو من الأسس التي تقوم عليها المعارف العصرية القائمة، وفي مختلف المجالات، ويمكن أن تكون منطلقا كذلك لاعتبار الأصولية تختار من التراث ما يتناسب مع مذهبها السياسي. ولذلك فهي لا تدعو إلى إحياء مجمل التراث، بقدر ما تسعى إلى إحياء ما يناسب توجهاتها المتعددة، والمختلفة، مما يحول الأصولية إلى مجرد جزء من التراث، يدب على الأرض: فكرا، وممارسة، مما يجعل الأصوليين جزءا من ذلك التراث، لا كما كان؛ بل كما يتصورونه، حتى يمتلكوا حق الوصاية عليه.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....11
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....10
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....9
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....8
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....7
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....6
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....5
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....4
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....3
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....2
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....1
-
الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل بين المحافظة على التقدمية،
...
-
الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل بين المحافظة على التقدمية،
...
-
الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل بين المحافظة على التقدمية،
...
-
الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل بين المحافظة على التقدمية،
...
-
الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل بين المحافظة على التقدمية،
...
-
الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل بين المحافظة على التقدمية،
...
-
الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل بين المحافظة على التقدمية،
...
-
الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل بين المحافظة على التقدمية،
...
-
الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل بين المحافظة على التقدمية،
...
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|