أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ثائر الناشف - الشمولية العربية وخيارات أجيالها الإصلاحية














المزيد.....

الشمولية العربية وخيارات أجيالها الإصلاحية


ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)


الحوار المتمدن-العدد: 1832 - 2007 / 2 / 20 - 13:21
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تتميز منطقة الشرق الأوسط بوجود كم هائل من الايديولوجيات، انبثقت عنها نظريات سياسية وفلسفية، بعضها كلي مطلق في أحكامه وتصوراته للأمور بشكل قطعي لا يقبل التأويل، وبعضها الآخر ما ورائي يحاول الرجوع إلى الخلف بطريقة تكتيكية حفظاً للإرث الهائل من العقائد الموروثة منذ عهود موغلة في القدم، جذورها متفرعة بين ديني تقليدي وعلماني مستحدث، تمكنت في حكم المرحلة السابقة ولا تزال حاكمة سائدة بفعل الإرث المصان لهذه العقائد.
وبالتوقف قليلاً عند الظاهرة الايديولوجية باعتبارها المولد الأساسي لنظريات الحكم، يتبين لنا أن هذه الظاهرة تمثل الموقف الرسمي والجوهر الحقيقي، الذي يتوقف عليه بناء المجتمعات وتشييد صروحها، لامتلاكها مفاتيح الإصلاح التي يحتاجها المجتمع باستمرار، إضافة الى دورها المهم في تنظيم وهيكلة منظومته السياسية، ورصدها وتسييرها لحركة نموه الاقتصادي صعوداً وهبوطاً، باختصار هي القلب النابض لحياة المجتمع وما يواجهه من أزمات خانقة.
من أهم افرازات الايديولوجيا، أنها قسّمت العالم إلى مجموعة نظم، أبرزها النظامان الرأسمالي والاشتراكي. والملاحظ أن الايديولوجيا تغلغلت في قلب النظامين المذكورين وغاصت في أعماقهما، وربطتهما بقاعدة عريضة من النظريات السياسية التي ألمحنا إليها، وذلك عن طريق الأفكار التي بلورها مفكرو النظامين.
بتسليط الضوء على النظام الاشتراكي كونه النظام الأكثر محاكاةً في بعض الدول العربية، بغض النظر عن الانتكاسات والتجارب المريرة والمعقدة لا بل والمأسوية التي مر بها، فإن واقع الحال يشير إلى انغراس الايديولوجيا في كيان الدولة المطبقة لهذا النظام، وهو ما أدى إلى بلورة المفاهيم الأولى لولادة الأنظمة الشمولية، من خلال التحكم المطلق بالقرارات الصادرة عن مؤسساتها، ومركزة اقتصادها في أيدي مجموعة أفراد هيأت وساعدت على ولادتها، وتجدر الإشارة هنا أن هذه الأيدي حملت المفاهيم الأيديولوجية بين راحتي كفيها من دون عقولها، والنتيجة كانت شمولية مشوهة التكوين ومختلة البنيان.
تزداد حاجة الأنظمة الشمولية للايديولوجيا، كلما ازدادت تخبطاً في سيرها، وغالباً تلجأ الأنظمة الشمولية إلى تجديد حيويتها السياسية والاقتصادية بالركون إلى العملية الإصلاحية، زورق النجاة الأخير من الغرق، وتجهل أن نظامها تم تأسيسه على أرضية متصلبة، تمت صوغ طابعه الاقتصادي، وفق معايير ايديولوجية تسيطر عليها فئة حزبية وحيدة، تضع ما تراه مناسباً من برامج وتنسف ما لا يتوافق مع تفكيرها، وبالتالي ما يتناسب معها ينتقل تدريجاً إلى واقعية سياسية تتماثل مع رؤيتها السابقة المبنية على النفعية المتحصلة من الأمر الواقع، وفي ذلك تجذير لوشائج العلاقة القائمة بين الشمولية والايديولوجيا اللازمتين عن بعضهما البعض، وفي الوقت نفسه تضفي الايديولوجيا على قرينتها الشمولية هالة من القداسة لا تقبل النقد أو الجدل، تكللها على رؤوس زعمائها البعيدين عن أي رقابة، بحيث لا يجوز الضر بهم واستعمال النقد بحقهم، فالنقد ممكن لذوات الآخرين فقط.
مع تفاقم مشاكل الظاهرة الايديولوجية في النظم الاشتراكية العربية، يزداد تعثرها الشمولي لعدم قدرتها على إيجاد حلول للتدهور الاقتصادي والسياسي السائد في مجتمعاتها، ما ينتج عنه من حكومات شمولية مرحلية، تستهلك بدلاً من أن تنتج، وتتجه دوماً نحو التمركز حول القيادة.
ففي مرحلة التكوين الأولي للشمولية، يتم إدخال الدولة والمجتمع في سراديب ايديولوجية مغلقة، تفقد الدولة خصوصيتها القانونية والدستورية، ويحكم باسمها إضفاءً للشرعية التي تمنحها أمام المجتمع الدولي، وتلغى الحياة السياسية والتعددية الحزبية في المجتمع، فلا يوجد سوى حزب واحد وشخص واحد مستلهم من ايديولوجية واحدة، محاطاً بأجهزة أمنية واستخباراتية همها الوحيد ضرب تصدع يستهدف بنيان نظامها الشمولي.
إن حالة التأبيد المطلقة التي تتبعها الأنظمة الشمولية، قد لا ترضي أجيالها الجديدة، فأجيالها متعددة الأطوار، لكل جيل عقلية تتميز عن عقلية سلفه، علماً أنها تلتقي سويةً على ايديولوجيا واحدة، غير أن طبيعة التعاطي معها تختلف وفقاً لظروف المرحلة الراهنة ومتطلباتها.
وإذا فكرت الشمولية العربية بإصلاح نفسها، فإنها أمام مجموعة خيارات:
خيارها الأول أن يكون الإصلاح مصحوباً بعقلية قديمة، وهنا يكون أشبه بالمساحيق التجميلية التي تضعها بين الحين والآخر إخفاءً لتجاعيد وجهها.
خيارها الثاني غالباً ما يؤخذ به، لارتكازه على جيل جديد بعقلية جديدة لكنه مؤدلج، على طريقة الغلاسنوست (الإصلاح) السوفياتي بأجياله المتعددة، أي أن نظرته للأزمة إسعافية لا علاجية، فتراه يحاول التمايز عن العقلية السالفة، لكنه لا يستطيع نتيجة ترعرعه في كنف الجيل الايديولوجي الأول، فالإصلاحات التي يقدمها إسعافية أولية مسكنة لا تزيل الترهل بصورة نهائية.
ختاماً، لا بد من الإشارة إلى أن العبرة تبقى في النتائج، على رغم تحصن الشمولية العربية في خنادق، لا تبلغها السحب الدخانية، ولأنها بغنى عن إدراك أزماتها، فقد يجرفها السيل من دون أن تحتسب لذلك أمراً.

كاتب سوري



#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية : وأوراقها المحروقة سياسياً
- العراق , سورية: دبلوماسية الفوائد
- الرؤى الماركسية – اللينينية حول الثورة الاشتراكية
- دمشق , بغداد ... توأما الظلم والقهر
- الصدر/ نصر الله : ولعبة إطفاء الحرائق
- العلاقة المتضادة بين الشعب والأمن
- عندما يصبح الرأي خيانة وطنية
- العراق: يودع صدامه
- خدام وبيضة اغتيال الحريري
- ادعموا ديمقراطيتنا كما دعمتم مقاومتهم
- سورية / فرنسا : أوهام استعمارية جديدة
- المحكمة الدولية وأزمة تشكيلها
- في سورية .. لا بد من الرشوة
- لماذا يكذبون علينا ؟
- الغرب وحواره المشروط
- ديمقراطية أغبياء قصيرة النظر عظيمة الخطر
- سأترقرق إلى أبد الآبدين
- بالمختصر.. حياتنا كلها مقلوبة
- لبنان بين التابع الوطني والطائفي
- الدولة الإسلامية وحسابات المنطقة


المزيد.....




- تبرعات معفاة من الضرائب.. أميركا وإسرائيل تغدق على اليمين ال ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 564
- ماذا حصل في الدورة الأخيرة من انتخابات فرنسا؟
- تطورات الحراك الشعبي بفكيك للائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنس ...
- فرنسا: الخلافات داخل أحزاب اليسار تعقد مهمة اختيار رئيس الوز ...
- حماس: تلقينا دعوة للقاء وطني شامل يضم الفصائل الفلسطينية بال ...
- -وحده عبد الناصر كان يعلم-.. هل كان إسقاط الملكية في العراق ...
- -وحده عبد الناصر كان يعلم-.. هل كان إسقاط الملكية في العراق ...
- مسيرة احتجاج ضد سياسات الحزب الجمهوري بولاية ويسكونسن الأمير ...
- الجبهة المغربية ضد قانوني الاضراب والتقاعد: ضع استثنائي يطبع ...


المزيد.....

- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي
- تحديث. كراسات شيوعية (الهيمنة الإمبريالية وإحتكار صناعة الأس ... / عبدالرؤوف بطيخ
- لماذا يجب أن تكون شيوعيا / روب سيويل
- كراسات شيوعية (الانفجار الاجتماعي مايو-يونيو 1968) دائرة ليو ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مقدّمات نظريّة بصدد الصراع الطبقيّ في ظلّ الإشتراكيّة الفصل ... / شادي الشماوي
- ليون تروتسكى فى المسألة اليهودية والوطن القومى / سعيد العليمى
- كيف درس لينين هيغل / حميد علي زاده
- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ثائر الناشف - الشمولية العربية وخيارات أجيالها الإصلاحية