سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1831 - 2007 / 2 / 19 - 12:41
المحور:
الادارة و الاقتصاد
منذ وضع صندوق النقد الدولى "روشتته" الشهيرة المستندة إلى أدبيات "إجماع واشنطن" ، وحاول تطبيقها على كل دول العالم ، فى مشارق الأرض ومغاربها دون تميز، كما لو كانت "وصفة سحرية" بزعم تحقيق "الرخاء الاقتصادى" ، نجد ان " الفلاسفة" الاقتصاديين الحكوميين فى مصر يتبنون هذه الروشتة بحماس ويعملون بكل السبل على تطبيقها بحذافيرها، ويتهمون كل من تسول له نفسه نقد هذه السياسات الاقتصادية بأنه "انغلاقى" و "شمولى" و العياذ بالله!
لكن من حسن احظ أن الغرب لم يسلم ذقنه ، وعقله ، لهذه الفلسفة الاقتصادية المشار إليها، او يعتبرها إنجيلا مقدساً.
فبين آن وآخر يخرج من الغرب ذاته أصوات مختلفة توجه انتقادات مهمة لهذه الأفكار المعتمدة .
ومن احدث هذه الأصوات.. صوت "هورست افهيلد"، الذى قدم نقداً عميقا ورصينا لهذه الأفكار الاقتصادية السائدة، عبر صفحات كتابه البديع "اقتصاد يغدق فقراً "، الذى ترجم د. عدنان عباس على ونشره سلسلة " عالم المعرفة" فى عددها الصادر فى الشهر الماضى.
وهو كتاب مهم يستحق القراءة المتأنية والمنافسة المستفيضة.
ويكفينا ان نشير فى هذه العجالة ان نشير إلى أحد الانتقادات التى يضمنها الكتاب وهى محاولة فرض سياسات واحدة على مختلف البلدان. وبدلا من ذلك يؤكد هورست افهيلد انه لا يجوز فرض الانفتاح أو الحماية التجارية على دول العالم من خلال قرارات وقواعد وترتيبات تنبع من توجهات أيديولوجية معدة سلفاً ومستنتجة من تحليل نظرى ينطلق من شروط لا وجود لها فى دول العالم المختلفة. فمن حق كل بلد ان يتخذ لنفسه القرار المناسب لطبيعة ومستوى تطور اقتصاده الوطنى. وفى هذا السياق يسأل المؤلف عن السبب الذى يمنع الدول النامية من ان تنتهج لنفسها ذات الاستراتيجية التى طبقتها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا فى القرن التاسع ، حين انتهجت الدولتان السياسة اللازمة لحماية قطاعهما الصناعى الناشئ فى مواجهة المنافسة البريطانية غير المتكافئة. فالبلدان ما كان لهما أن يطورا القطاع الصناعى لو لم يفرضا حماية فعالة تقى الصناعة الوليدة من هذه المنافسة غير المتكافئة .
بل ان المؤلف يذهب ابعد من ذلك ويؤكد أن وضع معظم دول العالم الثالث " ضوابط" على حرية الانفتاح الاقتصادي يمكن ان ينطوى على فرصة مناسبة جدا لانتهاج سياسة اقتصادية ترمى إلى خفض معدلات الفقر فى هذه البلدان وتساعد على التخلص مكن هيمنة الشركات العابرة للقارات على اقتصاداتها وسياساتها الوطنية .
وليس هذا سوى غيض من فيض الأفكار السابحة ضد التيار .. والدافعة للتأمل .
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟