أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سلام إبراهيم - الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعباً بالكلمات 4














المزيد.....

الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعباً بالكلمات 4


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1835 - 2007 / 2 / 23 - 12:00
المحور: سيرة ذاتية
    


لم نفعل ذلك.. ليس سلام إبراهيم وعلي الشباني فحسب بل العديد والعديد من الكتاب العراقيين الذين سيظهرون لاحقاً في سياق الموضوع.
لِمَ لمْ نكتب مثل القصيدة التي أستشهد بها الصايغ كي ينقلوه إلى العسل الإعلامي؟..
والجواب هو أولا لأننا فعلاً لم نكن بعثيين، وثانياً الضمير والموقف الأخلاقي وإطلالة الذات في وحدتها على كينونتها الدفينة، جعلتنا نكتب عما يجري مصورين عذاب العراقي في التفاصيل، كتبنا عن الجنود والقمع والإرهاب نصوصاً لو وقعت بيد واشِ لكنا في إحدى القبور الجماعية الآن. لنسمع شيئاً من علي الشباني الذي كتب هذه القصيدة وهو في خندق بجبهة الحرب سماها ـ الحرب ـ لنستمع إلى هذا الصراخ:
دفعوني... جرف للنار
خطواتي متاهات
وظلام الروح... من يلتم على العتبة منارات
دفعوني التتر...
نزليت بالذلة عشر قامات.
يا ماي الوجه الضايع
وراك بحور.. مسكونة
وراك الموت يرفع راية مجنونة
إلى أخر القصيدة..
ألم يحمل دمه على كفيه من يقول مثل هذه القصيدة وهو مساق ليقاتل على الجبهات؟!. القصيدة مؤرخة في 12/1984.
أليس في هذا الموضع للقول قوة الفعل؟!.
ستصلني مخطوطة أشعاره إلى الدانمارك عام 1998 وسأجد المزيد من قصائد الهجاء للدكتاتور والقمع والحرب وبلغة شعرية صريحة تشبه الصراخ، سأحمله معي إلى الشام وأتدارس شأن طباعته ونشره مع الصديقين الشاعر والكاتب "جمعة الحلفي" والمصمم المعروف "طالب الداوود" سنقرأ القصائد بدقة لنقرر عدم إدراج قصيدة ملحمية طويلة عن الحرب والقمع لصراحتها خوفاً على حياة "علي الشباني". وصدر الديوان عام 2001 في دمشق دون تلك القصيدة المسماة "ليل التتر" مؤرخة في 11/1984. سأحاول نشرها كاملة في الأيام المقبلة مع تحليل القصيدة، هذه ستكون شاهداً مهماً على تلك المرحلة، وستلقي الضوء الساطع على هذا النمط الشجاع من شرف الموقف ومسؤولية الكلمة التي قد تقتل صاحبها، ولكن في الوقت نفسه ستبين زيف ووضاعة مبررات كتابة نصوص تمجد القمع والحرب إذا علمنا أن "علي الشباني" متزوج ولديه أربعة أطفال.
سوف أعود إلى سياق الموضوع.. أما أنا فقد أصابني الشلل بمعناه النفسي، فقد كنتُ متزوجا، ولتوي رزقت بطفل كان لا يتجاوز عمره الأربعة أشهر عندما ساقوني جندي احتياط للمرة الثانية في 4/1982. وأُلقيت في أتون الجبهة، التي سرعان ما اشتعلت في الهجوم الإيراني الشهير على شرق البصرة في 7/1982. وبعد ليلة ليس لها مثيل قضيتها في ملجأ شقي والقذائف الإيرانية تتساقط بجنون في كل لحظة حول ذاك الشق الذي نصحنا عريف مدفع 130 ملم الخبير الاختباء فيه طوال الليل كوننا جنود مستجدين وصلنا الوحدة قبل يوم واحد فقط من الهجوم الإيراني الكبير. تلك الليلة الدهر أحسست فيها بالهوان، فضعفت ذاك الضعف الإنساني حينما يحس الفرد كونه ضعيفاً وعاجزاً إزاء قوة الشر المتجسدة بهذا الكم الهائل من آلات القتل الضاجة في عتمة تلك الليلة إلى الحد الذي جعلني فيه أتشبث بجندي زميل أسمه "حميد" وهو يشرع في الانتقال إلى ملجأ شقي مجاور قائلا:
ـ وين راح حميد، أبقَ!
فردَّ على عجل لاهثاً:
ـ ليش على الأقل إذا وقعت قذيفة على الملجأ واحد من عدنه يموت.. ليش اثنينه!.
وقفز إلى الشق المجاور. عشت أثقل زمن وأمرّه في عمري في الفترة ما بين وحدتي في الشق الضيق وانبلاج حيث خف القصف مع فضة السماء.
لم أصدق ذاك الصباح الذي وجدته خلاصاً من هول ليل الهجوم والقصف، والعريف يقدم لي ورقة الإجازة الشفافة قائلا:
ـ قرار القيادة الإجازة والجنازة بنفس الوقت!.
وفعلا ركبنا ذات العربة مع جثث الجنود المساكين ممن قضوا في ليلة القصف الرهيبة. كانت الورقة الشفافة ساحل خلاص عبر بي إلى "الديوانية" والحيرة، فما أن وصلت البيت حتى قلتُ لزوجتي:
ـ لن أعود أبدا إلى الجبهة!.
ـ لكن!.
قاطعتها:
ـ بلا لكن.. الموت هو المشروع.. فلا أريد الموت في حربٍ لست مقتنعاً بها!.
ـ لكن كيف ستكون حياتنا والطفل.
قلت لها:
ـ لا أدري.. المهم هو عدم عودتي وحتى لو اعتقلت وقتلوني فذلك أشرف لي من الموت بقذيفة عمياء تسقط عليّ صدفة!.
وبت في ذاك الوضع.. مختفياً في بيتي، لا أخرج إلا في المساء كي ألتقي بـ "علي الشباني" حائرين بمصيرنا الذي مهما تلفتنا وتفاءلنا لم نجد سوى الزنزانة وحبل المشقة أو ساحة الإعدام، فقد كنا وقتها لم نتخيل بعد طريقة تفجير البشر التي رأيناها بعد سقوط الطاغية بفلم فيديو مسجل عرض على شاشات التلفاز. كانت مخيلتنا وقتها أضيق مما وصل إليه خيال الجلاد المبدع ذاك... إلى أن كنتُ في ليلة أسهر في بيت "علي الشباني" نخوض في الشعر والحياة وهواجسنا عندما قرع الباب ودخل علينا الصديق ـ محمد حسين ـ كان طالباً في الجامعة التكنولوجية ببغداد، وكان قد استشارني في صيف ذلك العام عن قدرته على الالتحاق بالحركة المسلحة في كردستان عن طريق زملائه الطلبة الأكراد في الجامعة ممن ينتمون لجماعة "جلال الطالباني"، فأشرت إليه بالالتحاق كي يمهد لنا طريقاً قد نحتاجه في ظروف الحرب. وكنت مدفوعاً بفكرة الخلاص من هول فكرة الموت في جبهة الحرب شهيدا بمنطق النظام وقتها. عاد متسللاً من الجبل وكأنه هبط من السماء وهو يقول بعد أن أخبرته بوضعي المضطرب:
ـ غداً سأوصلك إلى الجبل إذا أردت!.





#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهة ولا لعبا بالكلمات 5
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهة ولا لعبا بالكلمات-1
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعبا بالكلمات6
- في أروقة الذاكرة رواية هيفاء زنكنة القسم الثاني
- رواية في أروقة الذاكرة لهيفاء زنكنه رواية تؤرخ لتجربة الق ...
- المنفى يضرب أعمق العلاقات الإنسانية-خريف المدن- مجموعة حسين ...
- حافة القيامة- رواية -زهير الجزائري بحث فني في طبيعة الديكتات ...
- وطن آخر مجموعة -بثينة الناصري القصصية تزييف عذاب المنفى وتم ...
- في أروقة الذاكرة رواية هيفاء زنكنة القسم الأول
- عن مقتل صديقي الزنجي عادل تركي
- ليل البلاد رواية جنان جاسم حلاوي نص يرسم جحيم العراق بالكلم ...
- عن العالم السفلى لنعيم شريف العراقي يحمل جرح الحروب في الوج ...
- خسوف برهان الكتبي للطفية الدليمي كيف تنعكس ظروف القمع على ا ...
- سرير الرمل
- قسوة
- التآكل
- جورية الجيران
- نخلة في غرفة
- في ذكرى الرائي عزيز السماوي
- موت شاعر 1 بمناسبة وفاة الشاعر الصعلوك كزار حنتوش


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سلام إبراهيم - الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعباً بالكلمات 4