أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد سمير عبد السلام - القصيدة التفاعلية ، أو الامتداد الكوني للقصيدة - قراءة في لون أيها الدم لأدونيس















المزيد.....


القصيدة التفاعلية ، أو الامتداد الكوني للقصيدة - قراءة في لون أيها الدم لأدونيس


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 1831 - 2007 / 2 / 19 - 03:24
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تمثل قصيدة " لون أيها الدم " لأدونيس قدرة سردية على إعادة إنتاج الانفصال بين الهوية المتعالية ، و الصيرورة الأرضية ذات التكوين التمثيلي الشعري خارج أي مفهوم ثقافي سابق حول خطاب شعري مستقل ، لكن الشاعرية هنا نتاج تفرزه طاقة الأنا المختلطة بتحولات الوجود الأرضي ، و تناقضاته التصويرية باتجاه مأساة فنية تنبع من داخله ، و لو كانت في اتجاه مضاد لتكوينه الأول . هل صار التناقض التكويني بديلا عن انفصال الأرض عن الهويات المتعالية الخارجة من حالة انفصال بعيدة عن طاقة الشعر المولدة من حالة القصيدة ؟ تلك الحالة التي تثبت الانفصال الذي لا يسعى أبدا للتوافق الكوني ، و لكن لتعارضات ذات مسارات مختلفة كالانشطار الملازم لأي مفهوم كلي فيما بعد الحداثة ، ثم تبقي حالة تفاعل تالية كأثر تخلفه السابقة في المؤول لتصير اللوحة تكوينا تفاعليا صاخبا بالأرض خارج اسمها الأول ، و أي حدود تسبق التفاعل الذي ولدته كتابة أدونيس .
يرى فريدريك نيتشه في مولد التراجيديا أن إيحاءات الرعب المتصاعد من الألم ، و التحول باتجاه عمق المأساة قد ازدوج بالحلم الأبولوني بالبقاء ، و الحنين للبهجة المناهضة لقوة المعاناة و الجنون و الموت ( راجع – NIETZCHE- The Birth Of Tragedy tran. By Francis Golffing 2002) .
هل من سبيل للتوافق إذن في صيرورة يختلط فيها التعالي بلون الدم المتكاثر في النص و الأرض معا ؟
إن الصوت عند أدونيس يتعالى ليحاكي حركة الدم المقطوعة عن أصالة البهجة . هل هي بهجة متحولة كالكتابة نفسها ؟ أهي فرح بالتناثر و امتداد الانشطار في بنية الصوت المتعالي ؟
يقول :
" ما القبر الذي سيأخذك السفر إليه أيها المترحل ؟ .. أعط هذه البغلة لسفينة تمخر في الحنجرة ، أو لرأس ليس إلا حلبة للرقص .. بشر يعيشون ، و يفكرون كأنهم لا يعرفون أن يغسلوا وجوههم إلا بالدم " .
صورة القبر تستبق الألم ، و المعاناة في بروزها كغاية للمخاطب . فالقبر جسد للتحول المأساوي الذي يقع في قلب الحالة السردية للقصيدة ؛ إذ إن الرحيل بكارة إنتاج سياق آخر ، غير معلوم لكنه يختلط بذكرى بهجة ذات نزعة إنسانية عميقة لا تصطدم أبدا بالتحول ، و لكنها تفترض وقوعه المناهض لتكوين الصوت منذ بداية التساؤل .
للصوت – إذا – علاقة معقدة بالدم الماثل في عبثية المشهد منذ سطوره الأولى ؛ فثمة فاعل يبدو كمركز يجسد الهوية المتعالية ، أو الماضي ، أو المعجم ؛ هذا الفاعل ذو الحضور المهيمن – في محاكاته للمجموع – يختلط بغياب محتمل في الأداء السردي ؛ فغسل الوجه بالدم يؤول الحضور بمزيد من التدمير الانتشاري المجرد ، الذي أدخل الأنا في سياقه قبل أن يتطابق مع هوية ما ، و ذلك من خلال علامة القبر الاستباقية لوجود الفاعل .
هل للعدم طاقة تستبدل الصوت حين يسعي جاهدا لرسم حدوده ؟
تطرح القصيدة تساؤلات للوعي حول مصيره الحضاري / الأرضي تتعارض مع إغواء محاكاة الفاعلية ، دون نهاية للتساؤل ، أو شاعرية المأساة في صورتها الوجودية .
يقول :
" و رأى على رصيف ما تبقى من قصر المجاز ، قوارب صيد تبدو كأنها بقايا مذنبات ارتطمت من هنيهة بالصخر ، و الموج ، حولها أشباح صيادين يسألونها : ما الأبدية ؟ .. و ما هذا الطفل الزمن ؟ " .
التساؤل حول الزمن يعيد إنتاج المعرفة بالأنا في شكل تأويلي مغاير يرتكز على استعادة الماضي في مستقبل ديناميكي شبحي يتجاوز التكوين من خلال محاولة تعريفه ، يتجاوزه في مادته الخاصة ، صورته الحاملة للتعارض ، و التناقض . إنه الذوبان في صخرية السؤال ، مع اختفاء الفاعل ، لا محوه . يعيد السؤال تكوين نفسه في الهواء ، بينما يكمن في شاعرية الصخور ، و الحديد ، و المذنبات ، و الآلة التي تحوله إلى طاقة للفراغ كعلامة تشبه المعرفة ، و تؤجل السؤال كأنه لم يحدث . إن التكوين الذي تدور حوله الأسئلة هو حالة مثل القصيدة ، و الشارع ، و اتساع التداخل ، و التفاعل خارج حدود السؤال أو التكوين نفسه . يقول :
" اعترض هذا الشاعر ، عارضه أيها الشارع . اعمل شيئا يكذب يديه ، و عينيه ، شيئا يبطل كلماته . تمرد و انقضه ينتظرك حتى في قرون المخيلة ، يترصدك حتى في دفتر الغيم ، و احتفاء بما يحرضك عليه سيحضن من أجلك التوهم ... أشباح تسن أظافرها ، و تغرسها في بلاط الشوارع . من أين لك هذا الإكليل المدمى يا رأس التاريخ ؟ " .
يمتد الشاعر في الشارع ، و العكس بشكل تفاعلي جديد تنهدم فيه الحدود الثقافية لهوية الشاعر . أهو إغواء التعقيد الشعري الكامن في تحولات البساطة ؟ في تأويلاتها التي تنفصل عنها ؛ لتستعيد الشاعر ، ممثل البهجة التدميرية لتاريخه الخاص ، باتجاه الآخر / المحتمل ، أو التكوين التفاعلي المتجدد ، و الجديد كأحد محاولات الخروج عن النظرية بتوسيع الحدود بعيدا عن الهويات الانفصالية .
من هنا تزدوج حركة التمرد من قبل اليومي / المعارض ، بالتفاعل الذي تنتجه القصيدة في علامة الأشباح ، فهي مجاز الشارع ، و بديله الشعري من تكوينه ، أو هي تحولات الكتابة المناهضة لمعنى الاتصال في قراءة التاريخ .
و قد تزدوج هذه الكتابة بالمعنى الكوني المصاحب لذكرى المعاناة ، فينتج التفاعل لعبا يختلط بدم يجسد خوفا عظيما ، يقول :
" الأفق يتجرع السم شاهدا على الخوف . في الهواء ، و الماء ، و العشب يولد الخوف ، خوف الساكنين من بيوتهم التي رفعوها ، خوف المسافرين من طريق ، خوف الجسد من رأسه ، و من يديه ... رأس الزمن ينكسر ، و يكاد أن يتفتت على مائدة الأبدية ، خوفا ترتجف اللغة بين يدي المعجم . لون أيها الدم هذه اللوحة التي نسميها الأرض " .
حالة الخروج ذات الممارسة اللعبية للتدمير ، للوحة التي تحاكي الأرض ، و تؤجل مفهوم الأرض في حالة القصيدة التفاعلية في امتدادها الكوني غير المحدد . هل هو اتساع التشبيه كما هو عند بودريار – بوصفه استباقا لمعنى الأرض ؟
لقد أتت الأرض كغياب كبير في الخوف المناهض للبروز في العالم ، الخوف لوحة للأرض ، و الأرض لوحة للخوف ، و القصيدة معا .
لقد ازدوجت الكتابة بالتلوين أو اللعب التدميري فصار الدم منتجا للتفاعل ، و التعارض في آن . و قد يزدوج الدم بالسياق الجديد المحتمل كقصيدة ، يقول :
" و إلى ما تبقى من الأشياء التي لا أسماء لها ، أرفع هذا النصب ، محفوفا بآلات السفر ، و آلائه ، يمسرحه غسق اللغة ، و تزكيه جوقة موسيقى تجيء من حناجر غامضة ، في تاريخ يكتبه صدأ المعنى ، لون ، لون أيها الدم هذه اللوحة التي نسميها الأرض " .
لقد أتت علامات الماضي باهتة هنا ، فهي على حافة تحول يمتزج فيه الألم بسياق آخر يوشك أن يستبدلها ، أو أن يعيد تشكيل مادتها في النصب ، الارتفاع الشبحي مرة أخرى .



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صخور السماء .. أنشودة الجسد
- الأنا و تمثيل الآخر / الثقافي
- نشوة التجزؤ .. قراءة في حالات الروح
- كتابة أورهان باموك .. و خروج الهامشي من هامشيته
- أولية التحول في الفوتوغرافيا و الشعر ... قراءة في شجن ل .. ع ...
- جماليات الغياب .. قراءة في رشحات الحمراء ل .. جمال الغيطاني
- نجيب محفوظ ... وهج بدء متكرر
- تناثر المرآة و اللعب بالقصيدة .. قراءة في ديوان فوق كف امرأة ...
- طفرة الخروج ... التجاوز و التجديد في قصيدة النثر المعاصرة
- نهاية النموذج .. قراءة في كسبان حتة ل .. فؤاد قنديل
- الاستباق و التحول - التفاعل المعاصر بين التراث الثقافي و الع ...
- أرشيف الكتابة .. قراءة في ديوان النشيدة ل .. علاء عبد الهادي
- مقاومة الهامش في ديوان المدخل إلى علم الإهانة ل ..مهدي بندق
- العقل يتجاوز إطاره
- ارتباك الواقع في مجموعة هشاشة عقول ل نبيل عبد الحميد
- جماليات الاندماج الكوني.. قراءة في الغزلان تطير ل محمد المخز ...
- هارولد بنتر .. و الاستعادة المقدسة لتموز
- فرح التفكيك .. قراءة في ديوان لك صفة الينابيع ل .. علاء عبد ...
- التسامح الحضاري في سيرة نجيب محفوظ و أحلامه
- الأدب يفجر أسئلة العمل و العمل الافتراضي


المزيد.....




- بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟ ...
- هرب باستخدام معقم يدين وورق.. رواية صادمة لرجل -حبسته- زوجة ...
- بعد فورة صراخ.. اقتياد رجل عرّف عن نفسه بأنه من المحاربين ال ...
- الكرملين: بوتين أرسل عبر ويتكوف معلومات وإشارات إضافية إلى ت ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
- سوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الك ...
- -فاينانشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي يناقش مجددا تجريد هنغاري ...
- -نبي الكوارث- يلفت انتباه العالم بعد تحقق توقعاته المرعبة خل ...
- مصر.. مسن يهتك عرض طفلة بعد إفطار رمضان ويحدث جدلا في البلاد ...
- بيان مشترك للصين وروسيا وإيران يؤكد على الدبلوماسية والحوار ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد سمير عبد السلام - القصيدة التفاعلية ، أو الامتداد الكوني للقصيدة - قراءة في لون أيها الدم لأدونيس