|
أمريكا بين بل كلنتون وزياد الرحباني
محمود منير
الحوار المتمدن-العدد: 1830 - 2007 / 2 / 18 - 09:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ظنّ العرب وسكان الشرق الأوسط أن الاستعمار الأمريكي للمنطقة يعني اضعافاً للقوى الإقليمية الكبرى فيها وتهديداً لمصالحها وهو ما أحسه حتى حلفاؤها القريبون، وظلّت العناوين الرئيسة لما بعد الاحتلال، تتلخص بالسيطرة الأمريكية على النفط وإضعاف الأنظمة المعادية للسياسة الأمريكية -أو اسقاطها- أو قبولها بشروط اللعبة الجديدة. كثيرون أغفلوا إحدى القراءات المغايرة للمعادلة الجديدة وهي أن أمريكا غدت إحدى القوى الإقليمية في الشرق الأوسط لا قوة عظمى بعد دخول قواتها وممارسة سياستها على أرض الواقع لا بالتأثير والضغط من بعد. المقال التالي يحاول برهنة هذه المقولة من خلال إثارة جملة من التساؤلات ومحاولة الإجابة عليها كنوع من التدليل، وهو ما يحتمل بالطبع وجهات نظر مخالفة، وهذه الأسئلة هي: لماذا غابت المطالبات الأمريكية بإصلاح معظم الانظمة العربية وخفتت بالنسبة لباقي الأنظمة؟ لماذا تختلف التهم والادعاءات وبالتالي السياسات الموجهة لدمشق وطهران من وقت لآخر؟ هل تمتلك واشنطن المساحة الكافية لإدارة بؤر الصراع في المنطقة: العراق وفلسطين ولبنان؟ ما مستقبل التسويات الجزئية في المنطقة وهل يمكن لأمريكا أن تعقد مؤتمراً اقليمياً موسعاً في لحظة تفرض فيها أغلب شروطها؟ عشية غزو العراق وفي السنتين الأوليتين لإحتلاله، عاشت دول الشرق الأوسط مخاوف كبرى من إمكانية التقسيم أو ضرورة تغيير صيغة الحكم فيها ما يترتب عليه إضعاف لتلك الأنظمة، كما بقيت تركيا حائرة أمام التصميم الأمريكي لدعم الأكراد، وباتت الإدارة السورية أقرب تلك الأنظمة للسقوط أو التكيف مع السياسة الأمريكية. أما السعودية فاضطر أمراؤها للدفاع عن نواياهم الصادقة لنصف قرن من تحالفهم مع واشنطن غير قادرين على القول ولو إشارة أن "الأرهاب" صنيعة هذا التحالف. في حين اضطرت مصر أن تغرق في داخلها وتقلب الحال والأحوال نجاة من الضغط المتواصل، بينما بقي الأتراك متفرجين بحذر لئلا يخطىء الصديق الأمريكي فتضطر وقتها للصدام معه ولو على جثث كرد وعرب وترك كثيرين. وحدها ايران دخلت اللعبة وما زالت حتى اللحظة تتقن الكر والفر حتى اضطرت أمريكا وأبواقها إلى تسويق الإشاعة القائلة بوجود خلاف حاد بين طرفي الحكم فيها: نجاد ولاريجاني في ملفات سياسية عديدة! وظلّ اللعب الساخن والأشد احتراقاً تمارسه القوى الصغرى سواء في العراق أو لبنان أو فلسطين، بل ما زالت مفاتيح اللعب تنتقل بين هذه الملاعب غير بعيد عن الأطراف الأكثر ثقلاً على اختلاف أوزانها النوعية. اليوم تمارس السياسة السورية مناوراتها بل ابتزازها أحياناً وإن صمتت هذه الأيام فالصمت من شيم اللاعبين الأصلاء، والسعودية باتت تبحث عن مساحة للتحرك والمناورة وإن ما زالت أضيق من ثقب ابرة، ومصر تعتقل الإخوان المسلمين كمكسب حقيقي لن يلاحقها عليه أحد، وتركيا تتطلع أن يتراجع الدعم الأمريكي للأكراد بشكل طبيعي دون تدخلات مكلفة، وتبقى ايران قاب قوسين أو أدنى من لحظة الحسم دون أن تصل إليها وهو ما يزيد الإثارة في دراما بوليسية تنهي عامها الرابع. تهدد الولايات المتحدة ايران تارة وسوريا تارة أخرى، وتنقل الكرة من الملعب العراقي إلى اللبناني فالفلسطيني ولا نتائج كبرى، حيث التعادل أو الهزيمة بطعم النصر أو النصر بطعم الهزيمة، تلوينات اخترعها اللاعبون لإطالة اللعب أملا بتغيير مفاجئ يقلب الأمور نحو شرق أوسط جديد أو انفاذاً لإحدى استكشات العبقري زياد الرحباني حين توقع قبل عشرين عاماً زوال جميع القوى العظمى وأن نرى حلفاً تركياً عراقياً عملاقاً يهاجم المستضعفين من يهود وفلسطينيين! أين ذهبت الضغوط الأمريكية على الأنظمة العربية لتقوم بالإصلاح ودمقرطة ذاتها؟ كيف يمكن لأمريكا أن تحسم الصراع لصالح شرق أوسطها الجديد؟ وأنّى لها الحسم ومساحات تحركها في بؤر الصراع مرهونة لألف عامل وعامل سياسي واقتصادي وتاريخي وثقافي ....؟ وأخيراً هل من إمكانية لعقد مؤتمر سلام إقليمي يضمن الحد الأدنى من مصالح الجميع أم أنّ أمريكا ما تزال تراهن على مصالحها في المنطقة كما كانت عليه قبل 2003؟ لنصل إلى نهاية معقولة للمقال، أتذكر هنا مقولة الرئيس الأمريكي السابق بل كلنتون في خطابه الأخير في حالة الإتحاد حين قال ان إدارته ضمنت خلال ولايتين متتاليتين لبلادها بقاءها دولة عظمى حتى 2010 فيما بعد هذا التاريخ مرهون للإدارة الجديدة، بين مقولة بل كلنتون ورؤية زياد الرحباني تفاصيل عجيبة غريبة تجلب التندر والحسرة في آن.
#محمود_منير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عملية ايلات... رؤية فلسطينية مختلفة
-
ماذا بعد -الإرتياح- السوري؟
-
أنا الفلسطيني الأخير
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|