سيد القمنى
الحوار المتمدن-العدد: 1831 - 2007 / 2 / 19 - 12:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
1 من 2
عندما خرج العرب من جزيرتهم يحتلون دول الحضارات المحيطة بهم في القرن السابع الميلادي تحت راية الاسلام ، أو بالأحرى باستخدام الإسلام إنتهازيا ( ويجب هنا ألا نخلط بين العرب وبين الإسلام ) , كان قد تم وضع تعريف عربى للون جديد من الحرب تم بمزج العرب بالإسلام , فالحرب المعتادة عبر التاريخ في مجموعها تندرج في نوعين : فهي إما حرب دفاعية أو حرب هجومية, أما الجديد المزيج العربى الإسلامي ، فهو مفهوم يخلط كلا اللونين تحت اصطلاح الجهاد الذي يعني حربا دائمة في المطلق, لا تتوقف ما دام في الأرض شخصاً واحداً لم يعلن إسلامه بعد . أو لم يدفع الجزية للعرب إعلانا عن الخضوع وإثباتا لسيادتهم لأنهم المسلمين . لأن المبدأ الإسلامي الجهادي الذى وضعة لة العرب يقوم علي عرض ثلاث خيارات علي غير المسلمين وهي : الإسلام أو الجزية أو الحرب . ومن ثم أصبح جهاد الفتوح يعد فقهيا من الفروض الإسلامية الأساسية مثله مثل الصلاة والصيام ويسمي فرض كفاية , أي يكفي أن يقوم به القادرون علي القتال من المسلمين ليسقط التكليف عن بقية المسلمين, ولكن بشرط إعانة المسلمين غير المقاتلين للمسلمين المقاتلين بالمال والدعم والسلاح وكل ما هو ممكن, وإذا توقف هذا الجهاد فقد أثم كل المسلمين واستحققوا عقوبة ربانية بالذل والمسكنة والهوان , لذلك رأي المسلمون المعاصرون أن تخلفهم الحالي ، وضعفهم وهوانهم ، كان نتيجة تخليهم المؤقت عن فريضة الجهاد .
ولأن خروج أي جيش بحروبه خارج حدود أرضه الوطنية هو عدوان علي بلاد الآخرين , ولأن الاسلام دين يفترض فيه أن يكون ضد العدوان علي الآمنين كأي دين أخر ، فقد برر العرب عدوانهم الغازي لاحتلال البلاد المحيطة بالجزيرة باستثمار دين المسلمين , بدمج الحرب الدفاعية بالحرب الهجومية تحت مسمي اصطلاحى واحد هو (الجهاد) الوارد في القرآن , وأنه أمر إلهي وليس بشريا لا يملك المسلم معه إلا الطاعة والامتثال للقرار الالهي , فتصبح جريمة عدوان العرب الفاتحين علي الآمنين ليست بجريمة لأن من أمر بها هو الله (الذى حرم العدوان على الآمنين ) , والله لا يأمر إلا بالخير, حتي لو ظهرت عدوانا ، لأنها في النهاية تمكين لدين الله في الأرض ، ويكون المدافع عن عرضة ووطنة وممتلكاتة ( وفق هذاالمبدأ العربى الملتبس بالأسلام ) هو المجرم ، لأنة يقف فى طريق نشر دعوة السماء . لذلك كان العدوان علي غير المسلمين وحتي اليوم من وجهة النظر العربية التى أصبحت شرعا إسلاميا ، هو شرع مشروع ، وهو الخير نفسه ، بل أنه أفضل عبادة يتقرب بها المسلم إلى ربه, لأنها تصل إلي حد قتل المسلم نفسه في حروب ذلك الزمان بالسلاح الأبيض ، الذي كان لابد فيه من افتراض موت المحارب , وفي حال موته فإن موته يسمي استشهادا في سبيل الله ، يدخل بموجبه جنات الله السماوية عريسا تزفه الملائكة للحور العين ، هكذا قنن الفقة الذى صيغ على قدر مصالح العرب وحدهم .
ومع تحولات الزمن وتطور أدوات الحرب التي يمكن بها القتال دون موت المقاتل أو تقليل نسبة الموت , فان المسلم اليوم يحنط التاريخ من بابين : الأول هو تقديس الفعل الإرهابى الحالى ، والثانى من باب اعتقاد سحرى قديم وهو أن الشبية ينتج الشبية ، فيذهب ليس بغرض القتال بل بغرض الموت شهيداً ، أى الاستشهاد بقتل نفسه قربانا للرب حتي يحوز الرضي الالهي ومكانا أفضل في جناته . وحتى ينتج الشبية شبيهة فينصر الرب المسلمين اليوم وهم فى ضعف وهوان كما سبق ونصر المسلمين الأوائل وهم أذلة على إمبراطوريات زمانهم عندما جاهدوا طلبا للشهادة ..........او هكذا قنن العرب .
ومع مفهوم الجهاد الإسلامي هذا لن تجد في علوم الفقه الإسلامي فقها للدفاع عن الوطن لأن الوطنية في الفقة الاسلامى كفر, لأن وطن المسلم هو الإسلام ذاته , ومساحته الجغرافية هي العالم كله , لذلك يقول الشيخ ( يوسف القرضاوى ) ملخصا موقف الإسلام الفقهى من الوطنية : " ليس بمجتمع مسلم ذلك الذى تتقدم فية العصبية الوطنية على الأخوة الأسلامية حتى يقول المسلم وطنى قبل ىدينى " ثم يجعل الوطنية كفراً وعبادة اوثان ،وأن " دار الإسلام ليس لها رقعة محددة " ويترتب على ذلك ان تكون " مشاعر الولاء للإسلام واهلة هى التى تقود المجتمع وكذلك مشاعر البغض لأعداء الأسلام / من كتابة : ملامح المجتمع المسلم الذى ننشدة / مكتبة وهبة / القاهرة /2001 / ص : 86، 24 80 ،57 " أوقولة فى كتاب أخر : إن الوطنية هى من صناعة الدول الأستعمارية بغرض تفكيك وحدة المسلمين او بنص كلامة : " فى واقع مصر والوطن العربى والإسلامى .. شجع المستعمرون النعرة الوطنية هادفين إلى أن يحل الوطن محل الدين ، وأن يكون الولاء للوطن لا للة ، وأن يقسم الناس بالوطن لا باللة ، وأن يموتوا فى سبيل الوطن لا فى سبيل اللة / كتابة الأخوان المسلمون / مكتبة وهبة / 1999 ص 18 ،19 " ومن ثم تجد بدلا من مفهوم الوطنية أبوابا طوالا لفقه الجهاد ، الذي كان عبر التاريخ هو الاعتداء العربى الدائم علي غير المسلمين واحتلال بلادهم وتحويلها إلي بلاد مسلمة كلما كان ذلك ممكنا. وقد أسمي القرآن وأحاديث النبي محمد ( ص )هذا الفعل باسمه الصريح دون مواربة أو تحرج (غزوا) ، ولكنة كان زمن النبى يحدث دااخل جزيرة العرب لتوحيد شتات قبائلها فى دولة واحدة ، لكنة مع العرب تحول إلى الخارج حيث استخدموا ذات المفاهيم ولكن لاحتلال دول المحيط ، ولا زال حتي غزوتى نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر 2001 المباركتين !!!!. وهو فعل راق مقدس لا يشين صاحبه بل يشرفه ويرفعه درجات عليا من السمو . مثلما كانت أفعال القتل الجماعي في سيناء بأمر موسي النبي , أو مجازر يشوع, أو حروب داود ، وكلها بذوق اليوم جرائم قتل جماعي ، لكنها زمانهم كانت أفعالا مقدسة لأنهم كانوا انبياء يتلقون أوامرهم من السماء , وسجل العهد القديم من الكتاب المقدس ذلك بوضوح شفاف ودون تزويق ، ودون أن يشعر المحرر بأي حرج فيما دونه . الفرق هنا أن ما جاء بالعهد القديم وغيرة من كتب الأديان الأخرى ، قد أصبح قديما وانتهي بنهاية زمنه وأصبح مجرد فولكلور للمؤمن به , بينما هو في الفقة الإسلامى حي قائم فاعل مستمر حتي اليوم .
كذلك كانت مهنة الحرب في تلك الأزمنة الخوالي مهنة نبيلة شريفة عند مختلف الأمم , لأنها كانت تعود علي المحارب بالجاه والمال والمكانة الاجتماعية , و كانت كذلك في الإسلام , لكن الإسلام أعطاها زخما جديدا فأصبحت إضافة لشرفها ونبلها حرفة مقدسة, وأباح الإسلام للمحارب المسلم الاستيلاء علي كل ممتلكات غريمه بعد أن أباح له دمه, سواء كانت تلك الممتلكات مال أو عقار, أو حتي نساء وأطفال أو رجال أسري, يتم بيعهم في أسواق النخاسة , فكانت مهنة الجهاد مصدر ربح عظيم للمسلم المجاهد فحاز المكانة الاجتماعية الرفيعة ، وصار ينظر إليه حتي اليوم بحسبانه بطلا مقدسا أسطوريا يتماهي في شخصه كل المسلمين . ونموذجا لذلك سفاح عربى تاريخي لا مثيل له هو خالد بن الوليد الفاتح الدموي لبلاد العراق ؛ الذى كان يتسلى ويتلذذ بلذة القتل للقتل ، ومع ذلك هو في نظر المسلمين نموذجا مقدسا وصفه الخليفة أبو بكر بأنه " سيف الله المسلول" ، ووصفه مرة اخرى بقوله : " عجزت الولائد أن يلدن مثل خالد" ، و من ثم شكل خالد نموذجا يحلم المسلمون اليوم برجل مثله يقودهم لفتح بلاد العالم مرة أخري.
في تلك الازمان كان شعار الجيوش الاسلامية الفاتحة لبلاد الآخرين هو : "الاسلام أو الجزية أو الحرب" . كان هذا ما يعرضه خالد بن الوليد ، أو عمرو بن العاص ، أو القعقاع ، أو غيرهم من قواد الجيوش العربية علي الشعوب الأخري. ويبدو الشعار دعوة لدين جديد لكن الحقيقة لم تكن ابدا كذلك , لانهم لو كانوا يقصدون الدعوة لدينهم الجديد حقا , لأعطوا الناس فرصة للتفكير في هذا الدين الجديد , ولاصطحب الجيوش معها فقهاء الدين لشرحه للناس قبل القتال , وعقد المناظرات مع أصحاب الديانات السابقة لإثبات تفوق الإسلام علي غيره من أديان ، لكن ذلك كله لم يكن واردا ، ولم يحدث ولا مرة واحدة في تاريخ الجهاد العربى . هذا رغم أن خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما من أبطال الجهاد ، قد ظلوا على دين قومهم بل وقادوا جيوش مكة ضد المسلمين فى أكثر من موقعة ، ومن ثم استغرقوا سنوات طوال منذ بدء الدعوة الإسلامية حتي قرروا إعلان إسلامهم ، وانضمامهم للقوة الجديدة المنتصرة في جزيرة العرب . بينما الجيوش العربية الفاتحة بقيادة هؤلاء أنفسهم ، عندما كانت تصل في سيرها الفاتح أبواب أي مدينة ، كانت تطلب إجابة فورية واضحة علي العرض : الإسلام أو الجزية أو الحرب. علما أن قواد الجيوش المسلمة أنفسهم لو سألناهم عما هو الإسلام ما أجابونا إجابة واضحة, لأن القرآن الكتاب المقدس الأول لم يكن قد تم جمعه بعد , وكان المسلم يكتفي بحفظ بضع آيات يستخدمها في صلاته, ولم يكن بين هذه الجيوش أحد من حفاظ القرآن ، بعد أن تم التحفظ عليهم في يثرب عاصمة المسلمين حفاظا علي حياتهم ، بعد موت أكثرهم في حروب المنشقين علي الدولة في الجزيرة (حروب الردة) . كذلك لم تكن أحاديث النبي قد تم جمعها وتدوينها بدورها ، ولم يتم ذلك إلا بعد مرور قرن ونصف من الزمان , ولا كانت علوم الفقه قد ظهرت بعد, بل ولم تكن لغة العرب نفسها قد تم وضعها في شكل قواعد واضحة متفق عليها .
ان شعار الإسلام أو الجزية أو الحرب ، لم يكن هدفه الحقيقى هو دين الإسلام أو أسلمة البلاد المفتوحة . بقدر ما كان اخضاعا لهذه البلاد لسيادة العرب, وتبرير جرائم القتل والإبادة الجماعية والنهب والسبي ، بكون الجيوش العربية مسيرة بأمر الرب لنشر دينه, لأن سلب الممتلكات أو سبي النساء أو أسر الاطفال وبيعهم في أسواق العبيد ، كان حق الرب, وكان العرب ينفذون إرادته القدسية, لذلك كانوا يسقطون الجزية والأسر والقتل عمن يخضع للرب ويعلن إسلامه وخضوعة للعرب .
ولأن المثل العربي يقول: " كل عربي تاجر " وهي حقيقة تاريخية معلومة , فقد كانوا تجار العالم القديم بعد أن انقطعت طرق التجارة العالمية ، خلال زمن طويل قبل الإسلام بسبب حرب الفرس والروم ، ولم يبق أمنا لها سوي صحراء الجزيرة التي لم يرغب فيها لا الفرس ولا الروم , ومن ثم أصبح العرب تجار العالم القديم بلا منازع . أصبح الجهاد صفقة علي طريقة التجار , صفقة بين الله وبين العرب , يقوم بموجبها العرب بإخضاع العالم للعبودية لله , مقابل أخذ نصيبهم من الصفقة أموال ونساء وأطفال وأرض المهزوم . وبموجب هذه الصفقة تنازل الله لهم عن حقه في الغنائم ، والتي كان يأمر في العهد القديم بحرقها جميعا للرب ( انظر سفر الخروج والعدد ويشوع ), لكنه قرر تركها للعرب في حديث النبي محمد " أحلت لنا الغنائم ولم تحل لأحد من قبلنا " ، وأكد القرآن تنازل الرب عن عن حقه في الغنائم للمسلمين بدلا من حرقها ، وأنها حلال مشروع بقول القرآن للمسلمين " فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا " .
والوصف طيبا هنا يضيف إلي شرعية الغنائم صفة الخيرية أيضا والشرف وطهارة المصدر. هذا باختصار ما كان عن مفهوم الجهاد منذ ظهوره, ويزعم كاتب هذه السطور أن هذا الشعار لا زال قائما وتمت استعادته بعد تحوير طفيف , هو شعار الإخوان المسلمين " الاسلام هو الحل " ، ومعني ان يكون الإسلام هو الحل , أن العلم الحديث الذي أدي لتقدم العالم كله ليس هو الحل لتخلف بلاد المسلمين , وهو ما يعني ضمنا تنشيط الخرافة وروح التواكل والاعتماد علي الله وليس علي العقل ، وهو ما يعني أيضا أن الديمقراطية ليست هي الحل , الإسلام هو الحل وليس عقلي ولا علمي ولا يدي ولا ديمقراطيتي ولا حقوقي الإنسانية هى الحل . شعار يرفض أي طريق للحل سوي ذاته, شعار يعني عدم اللجوء للحلول البشرية ما دامت لدينا الحلول الالهية , والحلول الإلهية تقوم أساسا علي تعبد المسلم لربه , بالصلاة والصيام والحج والدعاء وغيرة ، وهو كفيل بإنقاذه وإنقاذ أمة المسلمين . وأعلي درجات هذا التعبد هي الجهاد لاحتلال بلاد الآخرين ، ونزح خيراتها إلي بلاد المسلمين فيتم حل كل مشاكل المسلمين . لذلك حصد الإخوان في الانتخابات التشريعية ما حصدوا من أصوات لأن شعار الإسلام هو الحل ، هو شعار كل مسلم وليس شعار الإخوان وحدهم, ولو كانت في مصر انتخابات نزيهة حقيقية لاكتسح " الاسلام هو الحل " كل الأحزاب الأخري , ليس لأن الإخوان جماعة منظمة تنظيما دقيقا كما يبرر المتفلسفون ، وليس لأنها حقيقة واقعة في المجتمع وفي الشارع المصري أثبتت نشاطها التنظيمي القوي حسبما يري المنظرون السياسيون , فليس مثل تلك الأسباب وراء تصويت المسلم المصري للجماعة, لأنه ليس هكذا يفكر رجل الشارع المصري , المصري يستشعر الهوان والتخلف والفقر والهزيمة , وبمعاونة متمرسة من إعلام الدولةأصبح يعتبر أن ذلك بسبب آثامه وبعده عن طريق الله حسبما يقرعه مشايخ القنوات التليفزيونية صباحا ومساء, ومن ثم يري في الجماعة نموذجا للتقوي والالتزام ( فكل مشايخ التلفزيون ومعظم الأزاهرة هم أعضاء فى الجماعة , إن من صنع هذة الجماعة هو إعلام دولتنا لابارك اللة فية ) , وأنها هي الأقرب إلي الله ، وأنها لو حكمت مصر فإن الله سينصرها لأنها الأكثر طهرا وقربا من رب الإسلام , فهم ملتحون مصلون صائمون حريصون علي اداء الصلوات الجامعة , نساءهم منقبات قانتات , هم نموذج الصحابة الأوائل للنبي الذين تدخل الله بنفسه من أجلهم ، ورفعهم من الذل والفقر إلي التمكين والعز والقوة وفتح بهم بلاد العالم . إن الشارع المصري عندما يعطيهم صوته فهو يعطيه لما يتصور أنه الإسلام الذي يرضي عنه الرب , لذلك لم يجد الإخوان أي بأس في استثمار هذه المشاعر الفطرية البسيطة فكان إعلانهم عن أنفسهم في الانتخابات للمواطن (أعط صوتك لله) , (لا ميثاق ولا دستور..قال الله وقال الرسول) .
المصري يري الفارق الهائل بين العالم المتقدم وبين بلاد المسلمين فلا يري أي إمكان للحاق بالمتفوقين بجهوده البشرية , ومن ثم فلا حل سوي أن يتدخل الله بنفسه لينقذ امته المختارة بنفسه, فيعطيه صوته , يعطيه للإخوان . يعطيهم صوته ليتدخل الله وينتقم من اليهود والنصاري ( وعادة ما يتم تركيز الكراهية هنا على إسرائيل وأمريكا ) الذين أهانوا المسلمين بتفوقهم ، ويرفع شأن المسلمين إلي مقام السيادة الموعودة ربانيا . لذلك يقدم الإخوان أنفسهم للناس بوصف أنفسهم بأنهم المسلمون , لتعميق شعور بقية المسلمين بأنهم غير مسلمين حقا بل آثمون خطائون . لذلك يلتزم الإخوان المظاهر الدينية التي تجعلهم في نظر البسطاء من مسلمي اليوم كالصحابة الأوائل, ومع هذا الإسلام المخلص النقي يصبح شعار (الإسلام هو الحل) هو الحامل للشعار القديم , هو الحل لعرض الشعار القديم علي العالم القوي الكافر: الإسلام أو الجزية أو الحرب. ويحمل الشعار الجديد حماية الرب الذي كان يحمي الشعار القديم ، فاحتل المسلمون به نصف العالم القديم المعروف زمانهم . الشعار يعني ان الرب سيكون راضيا عن الإخوان ، ورضاه يعني تسليمهم حقهم في الصفقة التجارية ، ليكونوا أصحاب الحق في الحكم والإدارة , وأن هذه إرادته ورغبته ، لأن الحكم بالإسلام فرض شرعي يعلنه الإخوان دوما ، بتأكيدهم أنهم سيحكمون بالشريعة الإسلامية, وهو الحكم الكفيل بتأكيد الصلح مع الله , ليعود رضاه علي المسلمين فيقوي شأنهم ، ويعودوا سادة العالم من جديد .
الشعار يتضمن أيضا معني أن الاسلام كما هو الحل فهو الغرض والهدف , وأن الإخوان إنما ينفذون مشيئة الله ولا يبغون من وراء ذلك مكسبا ولا مغنما ، فهم لا يريدون من الوصول إلى السلطة وحكم البلاد إلا خير الإسلام والمسلمين ، مثلهم مثل الصحابة الاوائل الأطهار, هو ذات ما كان يقوله هؤلاء الصحابة القدامي بشعار الإسلام أو الجزية أو الحرب, لكنهم عندما تمكنوا قتلوا وذبحوا وسلخوا ونهبوا واغتصبوا .
وقد كتب صاحب هذا القلم منذ حوالي عام ونصف بمجلة روزاليوسف القاهرية أن ما يفعله الإخوان في مصر بمبادئهم الوهابية هو إعادة فتح عربى/ هذة المرة سعودي وهابى / لمصر كرة أخري ، في موضوع بعنوان (ثأر الدرعية واعادة فتح مصر) , وبعد اشهر, ولأن النبوءة صحيحة , فقد أعلن الإخوان ذلك وبنفس التعبير والمعني ، في وثيقة خيرت الشاطر بعنوان (فتح مصر) ، ليثبت صدق صاحب هذا القلم . إنهم يعيدون فتحها ليس بالشعار القادم من الخارج : الإسلام أو الجزية أو الحرب , إنما بشعار جديد يتناسب وإعادة احتلال مصر من الداخل ، والتسلط عليها بشعار الإسلام هو الحل . وهذا الحكم أو التسلط يسمونه اليوم (التمكين) ، وعندما تمكن أسلافهم العرب من قبل فعلوا ببلادنا وشعوبنا الأهوال ، فماذا عن تمكين الإخوان وإعادة فتح مصر من الداخل؟
يتبعة 2 من 2
#سيد_القمنى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟