أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عادل الدول - هوليوود تُعيد كتابة سرديّتها: حين يكسر النجوم صمتهم عن فلسطين














المزيد.....

هوليوود تُعيد كتابة سرديّتها: حين يكسر النجوم صمتهم عن فلسطين


عادل الدول
كاتب

(Adil Al Dool)


الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 17:26
المحور: قضايا ثقافية
    


لم تعد هوليوود ذلك الكيان الأحادي الصوت الذي يُجسّد، دون نقاش، السرديات الرسمية للسياسة الخارجية الأمريكية. في السنوات الأخيرة — وخصوصاً منذ بدء العدوان الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة في أكتوبر 2023 — شهدت الصناعة السينمائية تحولاً ثقافياً عميقاً: انهيار الاحتكار الإسرائيلي للرواية الفلسطينية داخل قلب الثقافة الشعبية الغربية.

كان الصمت عن فلسطين، لعقود طويلة، جزءاً من "الذوق العام" في هوليوود. الحديث عن الاحتلال، أو التطهير العرقي، أو حتى استخدام كلمة "فلسطين" بجرأة، كان يُعتبر تجاوزاً للخطوط الحمراء غير المكتوبة. لكن اليوم، لم يعد الأمر كذلك. نجومٌ كبار، مخرجون بارزون، وكتّاب سيناريو، بدأوا يرفعون أصواتهم — ليس فقط دفاعاً عن "السلام"، بل تسميةً للظلم باسمه، ورفضاً للتمثيل المشوّه للفلسطينيين كأعداء أو غائبين عن سرديتهم الخاصة.

من الصمت إلى الشهادة: أصوات لا تُسكت
في ذروة القصف الإسرائيلي على غزة، الذي أودى بحياة أكثر من 60 ألف فلسطيني (معظمهم نساء وأطفال)، وفق أرقام وزارة الصحة في غزة، رفض عدد متزايد من نجوم هوليوود الصمت. منهم من تحدّث بصراحة عن "إبادة جماعية"، ومنهم من دعا إلى وقف فوري لإمدادات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل، ومنهم من وقّع على بيانات جماعية تطالب بحماية المدنيين.

مارتن فريمان، نجم "شيرلوك" و"ذا هوبيت"، كتب في تغريدة صادمة لجمهوره المؤيد تقليدياً لإسرائيل:

"أعرف أن الكثيرين سيغضبون، لكن لا يمكنني أن أتجاهل ما يحدث في غزة. الأطفال يُقتلون، والمستشفيات تُقصف، والمياه والكهرباء تُقطع. هذا ليس دفاعاً عن النفس. هذا عقاب جماعي."

روجر ووترز، رغم كونه موسيقياً أكثر من كونه نجماً سينمائياً، يُعدّ صوتاً ثقافياً مؤثراً في الدوائر الهوليوودية، وقد وصف ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية"، وطالب بمقاطعة إسرائيل ثقافياً وسياسياً، مُذكّراً العالم بأن "الصمت تواطؤ".

غال غادوت، التي وُجهت لها انتقادات لاذعة بسبب خلفيتها العسكرية في جيش الاحتلال، واجهت ضغوطاً متزايدة بعد أن رفضت الإدلاء بتصريحات واضحة حول غزة. لكن موقفها المتردّد نفسه يعكس التحوّل: فحتى النجوم الذين كانوا يُعتبرون "مناصرين صامتين" لإسرائيل باتوا تحت مجهر الرأي العام، ولا يُسمح لهم بالابتعاد عن الموقف الأخلاقي.

أما ماريا بيرلوسكوني (ابنة رئيس الوزراء الإيطالي السابق)، فقد أثارت جدلاً واسعاً حين وقّعت على رسالة مفتوحة مع ممثلين آخرين مثل مايكل شانون وبيتر سارسغارد، دعوا فيها إلى "وقف فوري لإطلاق النار" ووصفو الحرب على غزة بأنها "كارثة إنسانية لا يمكن تبريرها".

ومن أبرز المواقف، كانت بيانات جماعية وقّعها مئات من العاملين في هوليوود، من بينهم ديبرا ميسينغ، آدم غولدنبرغ، وراشيدة جونز، طالبوا فيها بـ"حماية المدنيين الفلسطينيين" و"إنهاء الاحتلال". بل إن بعضهم، مثل المخرجة أفا دوفيرناي، ذهب أبعد من ذلك، حين قالت في مقابلة:

"الفن لا يمكن أن يكون محايداً في وجه الظلم. إذا لم ندافع عن الإنسانية في غزة، فلِمَ نصنع أفلاماً عن العدالة؟"

حتى في قلب حفلات الجوائز، حيث تُفرض عادةً ضوابط صارمة على الخطاب السياسي، برزت لحظات جريئة. ففي حفل توزيع جوائز "غولدن غلوب" 2024، رفع ممثلون لافتات كُتب عليها "حرية فلسطين"، ووقف آخرون دقيقة صمت "لأجل غزة"، رغم محاولات المنتجين تهميش هذه اللحظات.

لماذا الآن؟
أولاً، تغيّر الجمهور. الأجيال الجديدة، داخل أمريكا وخارجها، لم تعد تقبل سرديات الحرب المقنّعة بلغة "الدفاع عن النفس" أو "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". وسائل التواصل الاجتماعي كسرت احتكار الإعلام التقليدي، وأتاحت للفلسطينيين أن يرووا قصصهم بأنفسهم — من غزة المحاصرة إلى حيّ الشيخ جراح في القدس. والمشاهد، خصوصاً الشباب، يرى الصور، يسمع الأصوات، ويُدرك الفجوة بين الواقع والتمثيل السينمائي.

ثانياً، تغيّر الضمير الجماعي داخل الصناعة نفسها. لم يعد كافياً أن يكون الفنان "محايداً" أو "غير سياسي". في زمن تُقتل فيه العائلات تحت القصف، وتُهدم المنازل، ويُمنع الأطفال من الذهاب إلى مدارسهم، يصبح الصمت شكلًا من أشكال التواطؤ.

ثالثاً، بدأ النقد يطال الصناعة ذاتها. لم يعد السؤال فقط: "من يُمثّل الفلسطينيين؟"، بل: "لماذا لا يُمثّلون؟"، و"من يربح من غيابهم؟". هذا النقد يطال أخلاقيات الإنتاج، وعلاقات التمويل، وحتى طريقة كتابة الشخصيات. فلأول مرة، يُناقش بجدّية كيف ساهمت هوليوود، عبر عقود، في تطبيع الاحتلال عبر الصمت أو التحيّز الضمني.

طبعاً، لا يعني هذا أن إسرائيل فقدت نفوذها في لوس أنجلوس. فالروابط المؤسسية بين الاستوديوهات الكبرى واللوبيات المؤيدة لإسرائيل لا تزال قوية. لكن ما تغيّر هو القدرة على احتكار الحقيقة. لم تعد إسرائيل قادرة على فرض روايتها دون منازع. هناك الآن من يُعارض، يُسائل، ويُعيد السرد.

كما لاحظ مؤلفو كتاب "هوليوود وفلسطين":

«من الصعب ألا نستنتج، ببساطة، أن هوليوود لا تحب إسرائيل في سن السبعين بقدر ما كانت تحبها في الثلاثينيات النابضة بالحياة».

في الثلاثينيات، كانت الصهيونية تُقدّم كحركة تحرر وطني في أرضٍ "بدون شعب". أما اليوم، وبعد 77 عاماً من النكبة، و17 عاماً من الحصار على غزة، وعشرات الآلاف من الشهداء، لم يعد بالإمكان تجاهل أن هناك شعباً كاملاً يُقتل، يُشرّد، ويُنفى من ذاكرة السينما العالمية.

التحول في هوليوود ليس انتصاراً نهائياً، لكنه فتحٌ في الجدار. فلأول مرة، يُسمح للفلسطيني أن يكون إنساناً — لا إرهابياً، لا خلفية صامتة، لا عدوّاً مجهولاً. إنه إنسان له وجعه، مقاومته، وحقّه في العدالة.

وفي هذا الكسر للصمت، تبدأ الحكاية الحقيقية.



#عادل_الدول (هاشتاغ)       Adil_Al_Dool#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التسامح مع عدم اليقين
- الإنسان في عصر البيانات الرقمية: بين الوعي والسيطرة
- يطير الملفوظ... ويبقى المكتوب
- الجذور في الجحيم: في معنى المعاناة كطريقٍ للتحول
- الوساطة منهج فكري وثقافة مؤسسية
- مؤشر مايرز بريجز للأنماط (MBTI) و 16 نوعاً من الشخصية
- تعلم مهارات التعاطف والشفقة على الذات في المدرسة
- بين الطابور والطيران: مأزق الذات بين الأمان المُقنَّن والحري ...
- النجوم لا تُقارن
- أمة بلا سؤال: جسد بلا روح
- رقصة بين ضفتي الإنسان
- ولادة خارج الصندوق


المزيد.....




- رغم نجاح صفقات ترامب الشخصية في الشرق الأوسط.. إلا أنها لن ت ...
- -شكرًا لإعادتها في تابوت-.. عائلات الرهائن القتلى تنتقد نتني ...
- ماذا تعرف عن القرية المصرية الصغيرة التي تنتج أكثر من نصف يا ...
- وزير الداخلية الفرنسي الجديد لوران نونيز ينوي -استئناف الحوا ...
- هل اتفقت قسد مع الحكومة السورية على طريقة الاندماج؟
- مرشحة عراقية تثير الجدل بمنشور ضد برشلونة ووعد بتزويج مشجعي ...
- أشياء لم تكن تعرفها عن تطبيق الملاحظات في -آيفون-
- إيران تعدم شخصا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل
- باكستان وأفغانستان تؤكدان على دور قطر وتركيا لتثبيت وقف التص ...
- غارديان: أطفال غزة بحاجة للغذاء والدواء ونوم دون خوف


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عادل الدول - هوليوود تُعيد كتابة سرديّتها: حين يكسر النجوم صمتهم عن فلسطين