أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - نصرت كيتكاني - عندما يغيب الضمير














المزيد.....

عندما يغيب الضمير


نصرت كيتكاني

الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 08:59
المحور: قضايا ثقافية
    


عندما يغيب الضمير لا تبقى الأخلاق سوى شعارات ولا يبقى القانون سوى كلمات على ورق.
يصبح الغش ذكاء والخيانة دهاء والنفاق أسلوب حياة .
إنه الغياب الأخطر في حياة المجتمعات لأن لا قانون ولا سلطة يمكن أن تعوّض ضميرا ميتا أو قلبا بلا إحساس بالمسؤولية.

فالضمير هو القانون الذي لا يكتب في الدساتير لكنه يسكن في داخل الإنسان.
هو الذي يجعل العامل يتقن عمله دون رقابة و الطبيب ينقذ حياة مريض حتى لو لم يكن هناك مقابل والمعلم يزرع القيم قبل أن يزرع المعلومات .
وحين يختفي هذا الحارس الصامت يتحول كل شيء إلى تجارة من الدين إلى السياسة ومن العلاقات إلى المبادئ .

ان غياب الضمير لا يحدث فجأة بل يتسلل بصمت عبر تفاصيل الحياة اليومية :
عندما يبرر الإنسان الخطأ لأنه شائع
وعندما يشارك في الفساد ثم يشكو من نتائجه
وعندما يرى الظلم ويسكت لأنه لا يعنيه مباشرة
وحين تصبح المصلحة الشخصية أهم من الصواب.
تبدأ المجتمعات بالانحدار ليس عندما تخسر حروبها بل عندما تفقد شعورها بالخجل من الخطأ .
عندما يغيب الضمير في زمن الحرب والأزمات
في أزمنة الحروب يختبر الضمير أكثر من أي وقت آخر.
هناك من يجعل من معاناة الناس تجارة ومن خوفهم وسيلة نفوذ ومن دمائهم طريقا إلى الشهرة أو المال .
يباع المبدأ في سوق السياسة و يشترى الموقف بثمن بخس ويستغل الفقراء تحت شعارات براقة .

الضمير الغائب في زمن الحرب لا يقتل فقط بالرصاص بل بالتضليل و بالتخوين و بالصمت عن الظلم .
عندما يغيب الضمير تصبح الحقيقة وجهة نظر وتتحول الكارثة إلى مشهد إعلامي وتضيع قيمة الإنسان بين صخب الشعارات و ضجيج المصالح .
ومع ذلك يبقى هناك من يتمسك بإنسانيته
من يغيث المحتاج دون مقابل ومن يقول كلمة حق في وجه آلة الكذب .
هؤلاء هم بقايا الضمير في زمن العتمة… ومنهم تبدأ إعادة بناء الوطن.

المجتمع لا يبنى بالقوانين فقط بل بثقافة الضمير الجمعي .
الأسرة التي تربي أبناءها على الصدق تساهم في بناء وطن نزيه
والمعلم الذي ينمي في طلابه احترام الحقيقة يغرس بذور العدالة في المستقبل .
وحين ينهار هذا الرابط الأخلاقي ينهار معه كل شيء — حتى لو بدت الأبنية فخمة والشوارع مزدحمة.

و ان إحياء الضمير يبدأ من العودة إلى الإنسان نفسه إلى قيمه الفطرية .
ليس المطلوب أن نكون مثاليين بل أن نكون صادقين مع أنفسنا .
أن نسأل قبل كل تصرف : هل هذا يرضي ضميري؟
أن نعيد تعريف النجاح فلا يكون بالمال أو النفوذ بل بالكرامة و الإنسانية.
عندما يغيب الضمير يغيب الوطن معه.
فالوطن ليس أرضا فقط بل مجموعة ضمائر تؤمن بالحق والخير والعدل .
وإذا أردنا مستقبلا أفضل فعلينا أن نعيد الضمير إلى موقعه الطبيعي :
في القلب قبل القانون وفي السلوك قبل الشعارات.



#نصرت_كيتكاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التضليل الإعلامي و صناعة الوهم و اغتيال الوعي
- الاصدقاء هل هم حقيقة أم وهم
- الحياة مواقف و ليست مصالح
- بين هم المواطن و خطاب السياسة ... اين الحل
- بين الشخص و الوظيفة قد تضيع المسؤولية
- الواجهة البراقة و الجوهر المظلم
- الأزمة الاجتماعية الاقتصادية .... تهديد صامت لأمن العالم وتم ...
- المغترب ... انسان ممزق بين غربتين
- المجتمع أعمق من خلافات النخب
- ضياع المواطن بين المرجعيات ... أزمة مجتمع معاصر
- العاطفة في السياسة بين التضليل و فقدان القيم المجتمعية
- السياسة العالمية بين الجماهير و الكواليس
- الكلمة و المثقف .... مسؤولية بناء لا وقود صراع
- السلام المجتمعي هو خيار الاقوياء لا الضعفاء
- العدالة الاجتماعية و تقارب المجتمعات أساس السلام و التنمية ا ...
- الأهداف التركية في الأزمات الحالية (الجزء الأول)
- مواطن مخدوع و حرب مفككة


المزيد.....




- رغم نجاح صفقات ترامب الشخصية في الشرق الأوسط.. إلا أنها لن ت ...
- -شكرًا لإعادتها في تابوت-.. عائلات الرهائن القتلى تنتقد نتني ...
- ماذا تعرف عن القرية المصرية الصغيرة التي تنتج أكثر من نصف يا ...
- وزير الداخلية الفرنسي الجديد لوران نونيز ينوي -استئناف الحوا ...
- هل اتفقت قسد مع الحكومة السورية على طريقة الاندماج؟
- مرشحة عراقية تثير الجدل بمنشور ضد برشلونة ووعد بتزويج مشجعي ...
- أشياء لم تكن تعرفها عن تطبيق الملاحظات في -آيفون-
- إيران تعدم شخصا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل
- باكستان وأفغانستان تؤكدان على دور قطر وتركيا لتثبيت وقف التص ...
- غارديان: أطفال غزة بحاجة للغذاء والدواء ونوم دون خوف


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - نصرت كيتكاني - عندما يغيب الضمير