ملاحظة : كتبت هذه المقالة قبل انهيار النظام البعثي الرجعي في العراق
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أنقاكم إن الله عليم خبير ) الحجرات (الآية 13).
(عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وقال أيضاً:( لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى).
أعتنق الأكراد الدين الإسلامي في عهد الخليفة ألراشدي الثاني عمر بن الخطاب على يد القائد الإسلامي خالد بن الوليد والصحابي عياض بن غنم في القرن السابع الميلادي وبالتحديد في عام /637/ ونقلت أحاديث كثيرة لعل الكثير منها شائعات أطلقها أعداء الكورد والإسلام في نفس الوقت تفيد في أن جريمة تاريخية ارتكبت بحق الإيزيدين قي كوردستان
(حيث كان غالبية الأكراد يعتنقون الزرادشتية كديانة لهم بالإضافة إلى وجود ديانات أخرى بينهم مثل المسيحية واليهودية ..........الخ). وذلك لرفض الأكراد الدخول إلى الدين الإسلامي وعدم إعطائهم الجزية حيث كانت شروط دخول الأمم الأخرى إلى الإسلام إما بالتسليم ونطق الشهادتين أو البقاء على أديانهم شريطة أن يدفعوا الجزية إلى الدولة الإسلامية.
إلا أن الكثير من مؤرخي التاريخ رجحوا على أن الأكراد دخلوا الإسلام طواعية ولم تذكر أية حادثة من تلك الحوادث التي يحتج بها الكثير من معارضي الدين الإسلامي في المجتمع الكوردي وذهبت الكثير من الأحزاب الكوردية متداولة في أنظمتها الداخلية على أن الكورد دخلوا الإسلام عن طيب خاطر ولم يتطرقوا إلى تلك الحوادث الأنفة الذكر.
وللأكراد سجل حافل في التبشير بالدين الإسلامي وحث الشعوب على الدخول إلى هذا الدين, وللقواد الأكراد حصة الأسد في قيادة ألوية جيوش الإسلام.
ولكن لم يذكر أحد بأنهم أكراد بل حتى ضللوا الحقيقة في تسمية أنسابهم وللتاريخ نذكر بأنه قد كتب على ضريح رأس حربة الإسلام القائد الكوردي صلاح الدين الأيوبي بأنه ينحدر من بطون كوردية علماً بأنه لا يختلف اثنان بأنه كوردي الأصل ومن تكريت في كوردستان العراق.
إلا أن موضع بحثنا لن يتداول في تنسيب فلان وفلان إلى الكوردية أو بيان سلالاتهم وأنسابهم ولكن سنوضح ولو القليل عن مدى خدمة الأكراد للإسلام والمسلمين سواء , وما نالوه من إخوانهم في الدين من( عطايا و جزايا).
أنا لست نادماً على ولادتي بالفطرة على الدين الإسلامي بل أحمد الله على ذلك ولكن نواجه بالكثير من التساؤلات من قبل الشريحة المعارضة للدين في الشارع الكوردي ومنها مدى ظلم المسلمين للأكراد ولما هذا التجاهل الواضح بل والمقصود من قبل الحكومات والشعوب الإسلامية لهذا الشعب الذي جاهد معهم- بل وأكثر منهم- في نشر تعاليم وثقافة هذا الدين ولما هذا التمييز العنصري والعرقي من قبل ( إخواننا المسلمين).
ولكن يجدر بنا أن نوضح الفرق الشاسع بين الدين الإسلامي الحنيف وتعاليمه ومبادئه وبين أولئك الذين يتاجرون بيعاً وشرائاً باسم هذا الدين الطاهر.
الإسلام كغيره من الشرائع السماوية لا يبيح لأحد الظلم أ والعدوان أ والتمييز أ والقتل .................الخ من جميع أنواع الطبائع اللاإنسانية في البشر وكغيره من المبادئ الإنسانية لا يعطي الحق لأحد مهما كانت صفته في استغلال هذا المبدأ في خدمة مصالحهم الشخصية وأطماعهم الذاتية التي تجسد فقط شهواتهم الحيوانية اللاإنسانية.
ثمة أسئلة كثيرة نريد أجوبة وردود عليها من أولئك الذين صار لهم صيت في سماء العالم الإسلامي من شيوخ ودعاة وزعماء روحيين بل حتى وصل الحد ببعضهم أن سموا أنفسهم بأولياء الله الصالحين.
أين كان إسلامكم ..؟ وأين كان دينكم الذي تدينون به..؟ وأين كانت دعواتكم وترتيلكم لقول الله عز وجل( إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم)..؟ أين كنتم حينما حل بالشعب الكوردي ما حل من مصائب وويلات وجرائم تطهير عرقي بل حتى مذابح تقشعر لها الأبدان ..؟ كل ذلك على يد إخواننا المسلمين. هل قرآنكم وأحاديثكم بل حتى فتاواكم مخصصة للمسلمين في كل بقاع العالم ماعدا الكورد.
هل دعواتكم وتراتيلكم مقتصرة لرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني والأفغاني والشيشاني والعراقي بعربه فقط مستثنيين الكورد من ذلك.
أم يوجد في إسلامكم الذي تنادون به مسلمون شرقيين ومسلمون غربيين أم أبيض وأسود أم أبناء الست وأبناء الجارية أم........... ماذا أعرض لكم أكثر مما تنافقون في خطبكم ومقابلاتكم وكلماتكم حول سواسية البشر في الإسلام أم أنه لا يمر عليكم عندما تقرؤون القرآن والأحاديث التي تنفي كل التفريقات وجميع أساليب التمييز أم القرآن الذي درسناه وحفظناه وأحاديث الرسول الكريم التي تناقلناها ليست مثل التي عندكم......... ممكن!
عند قيام الثورة الإسلامية في إيران في عام 1978 دعي إلى التنسيق بين جميع فصائل الحركة السياسية والعسكرية المعارضة لنظام شاه إيران و كان الأكراد على رأس الحربة حيث شاركت قوات البيشمركة الكوردية(تسمية تطلق على المقاتلين الأكراد) في حرب التحرير ودحر النظام الحاكم طمعاً منهم أن توفي الحركة الإسلامية الإيرانية بقيادة آية الله الخميني وعودها التي قطعتها على نفسها بأنه في حال انتصار الثورة الإسلامية واستلام زمام الأمور ومقاليد الحكم في البلاد تقوم الحكومة الإسلامية بمنح الشعب الكوردي حكماً ذاتياً في كوردستان إيران حيث يكون للأكراد الحق في إدارة شؤون كوردستان بمقتضيات ما يبيح لهم دستور الحكومة وضمن إطار الإدارة الإسلامية للبلاد.
ولكن كما كان معتقداً ذهبت دماء آلاف البيشمركة سدىً, ولم تلقى الحركة الكوردية والشعب الكوردي إلا قصمة في الظهر لم تفق منها إلا بعد حين.
وفاق الكورد من أحلام تلك الوعود والآمال المعلقة بحكومة الإسلام المتمثلة بقائدها الخميني حيث رد بجملة في مؤتمر صحفي رداً على سؤال أحد الصحفيين الفرنسيين حول وعوده للأكراد قائلاً :
(قرأت القرآن والسنة النبوية و تلك هي مراجعي في التشريع لم يقل الله عز وجل والرسول أن أعطي للأكراد حكماً ذاتياً).
أليس ذلك أثم يعاقب الله عليه .ألا يكون جريمة يعاقب عليها القانون البشري وليس قانون الله فقط ألم يسمعوا كلام الله على لسان رسوله في الحديث القدسي (إني حرمت الظلم على نفسي فلا تظالموا) .
لا أكفر أحداً ولا أتهم أحداً بالنفاق ولكن أريد من الذين ينادون بالدين ويتاجرون باسمه الوقوف قليلاً على آيات الله عز وجل وأحاديث الرسول الكريم والتقيد وتنفيذ أوامر الله ورسوله.
وأذكر حادثة هي أبشع جرائم البشرية ولم يسبقها مثيل في القرن الماضي إلا مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين بل أن مصطلح جريمة لا يعطيها حقها . لنقل مذبحة تطهير عرقي .لا أجد لفظة أكبر من هذه.
جريمة النظام( الإسلامي) العراقي المتمثلة بحكومة المنصور بالله (كما تلقبه أجهزة الإعلام الإسلامية العراقية) الرئيس صدام حسين.
مذبحة مدينة حلبجة في كوردستان العراق : قامت قوات النظام العراقي في 16 و17 و18 من آذار عام 1988 بقصف كوردستان بجميع أشكال أسلحة التدمير الشامل من قنابل كيماوية وعنقودية واحتمال قنابل ذات رؤوس نووية دمرت المناطق الكوردية تدميراً كاملاً حيث كانت حصيلة عملياتها بل لنقل غنائمها الحربية آلاف القتلى من بشر وبهائم وطيور ونباتات و حتى بيوت الله لم تسلم من هذه الغارات الحربية .
الأسلحة التي استعملت ضد الأكراد في كوردستان العراق محرمة دولياً حتى في الحروب وليست فقط تحريم استخدام الحكومات ضد شعوبها بموجب مقتضيات اتفاقيات امتلاك الأسلحة والبروتوكولات الدولية التي وقعت العراق عليها منذ بداية إعلانها ولكن الجريمة ليس النظام الفاشي العراقي الإرهابي المتهم الوحيد فيها بل الحكومات الإسلامية في كل أصقاع العالم وعلى رأسهم منظمة المؤتمر الإسلامي الذي عقد مؤتمره في العاصمة الكويتية الكويت في 20 من آذار من العام نفسه بل متزامناً مع القصف العراقي لكوردستان حيث أختتم المؤتمر اجتماعاته الناجحة كما وصفوها الزعماء والرؤساء والملوك الذين شاركوا فيه حيث لم يتطرقوا ولا حتى على سبيل الذكر بأن شعب قد أبيد وقتل ومازال يقتل بأيد إخوانهم من الدين نفسه .
إن حادثة موت عشرة حيتان لفظتهم الأمواج إلى شواطئ إحدى المحيطات أو قتل فيلة بيد صيادين أو تجار العاج تقوم العالم ولا تقعده وتتناقل وكالات الأنباء الإسلامية في كل دول العالم قبل غيرها أصداء هذه الجرائم بحق الحيوان والتعليق عليها بل حتى إرسال المعونات والإمدادات الإنسانية للتخفيف من هول المأساة والبيان للعالم مدى حرص المسلمين على مجابهة المخاطر التي تحدق بحياة الإنسان والحيوان والبشرية جمعاء.
أين كنتم عندما ديست كرامتنا وحطمت مدننا ودمرت بيوتنا وانتهك عرضنا وذبح ما ذبح وشوه ما شوه ......أين كنتم.
يا من تنادون وتبشرون بالدين ألم نكن مسلمين ونطقنا بالشهادتين وأعلنا للعالم كافة بأننا ندين بدين محمد ونسلم بأن الله عز وجل ربنا والإسلام ديننا ومحمد نبينا ونؤمن بالله واليوم الآخر وملائكته وكتبه ورسله وبقضاء الله خيره وشره
ألم تروا جرائم النظام الإسلامي العراقي ألم تخجلوا عندما كانت طائرات القوات المسلمة تقصفنا بالنابالم والخردل والسيانيد كانت طائرات الكفار والصليبين- بنظركم طبعاً- تلقي على اللاجئين مناطيد ومظلات مليئة بالمواد الأولية الغذائية والطبية والخيم التي تقينا من برد الشتاء وحريق الأسلحة العراقية .
أين كنتم حينما تناقلت وكالة أنباء فرنسية خبر الجريمة المروعة في حين كنتم في صمت أكل الجراد فيه ألسنتكم.
أما سمعتم حديث الرسول عليه الصلاة والسلام (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) وقال أيضاً (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهو أضعف الأيمان ).
ألم تكن حلبجة مجزرة تستحق ولو القليل من التنديد في خطبكم أم أن صبرا وشاتيلا و قانا وكوسوفو فقط يستحقون لقب مجازر بحق الإنسان والإنسانية .
ألم تكن الهجرة المليونية لاجئين في جبال كوردستان حيث مات من الجوع والبرد والمرض الآلاف وشرد أكثر من المليون أم أن هؤلاء ليسوا بلاجئين بل سياح في مصايف جبال كوردستان وأن شروط اللجوء تنطبق فقط على مخيمات الفلسطينيين والأفغان والشيشان .
ولم نسلم حتى من رجال الدين الكورد في هذا المجال حيث أنهم كانوا أسباباً في نقمة بعض شعوب المنطقة علينا ومن تلك الشعوب الشعب الأرمني لما ألحقوا بهم من ويلات كنا فيها السكين الذي يقطع والأداة التي تنفذ أوامر الحكومة الكمالية وبمباركة بعض من الشيوخ والملالي الكورد بل ونشر أوبئة ومستنقعات مليئة بالجهل والظلم ونشر أفكار تحد من دراسة وتعليم الكورد وتعلمه بعلوم الكفر والشياطين كما كانوا يسمونها. في حين كان أبنائهم يدرسون أرقى العلوم وفي أرقى الجامعات.
ألا يحق للأكراد اليوم أن يمدوا أيديهم إلى غير المسلمين ليحفظوا حقوقهم ويقيموا لهم دولة مستقلة وكياناً مستقراً يهابه كل أعداء الكورد ويصفونهم بالأخوة والأصدقاء كونهم قدروا على الأقل إنسانيتهم ووجودهم كبشر على وجه الخليقة متجاهلين كافة العراقيل والحواجز دون تمييز عرقي أو ديني.
وللذكرى أسرد قول القائد الفرنسي غورو عندما احتلت القوات الفرنسية مدينة دمشق هذه الجملة التي تبين مدى الحقد الصليبي على الأكراد- والذي لازلنا ندفع ضريبته ليومنا هذا- الذين هزموا على يد الكوردي المسلم صلاح الدين الأيوبي (ها قد عدنا يا صلاح الدين ) . ...؟
ألا يحق للأكراد اليوم أن يكرهوا المسلمين وكل من يصل إليهم بصلة.
آمل أن أكون قد وفقت في طرق أبواب قلوب قد سدت في وجهنا وتوصيل رأي كوردي مسلم إلى الإعلام الإسلامي عسى أن يرجعوا عن أفكارهم وأحقادهم ولنعش سوية على هذه الأرض الكبيرة التي تسع كل البشر مهما كانت أديانهم وعقائدهم بل يكفي أن يؤمنوا برب واحد يجمع نفوس البشر وقبل ذلك القلوب الصافية الخالية من الضغينة و الأحقاد آمل أن تستطيعوا فتح صفحة جديدة ونبدأ حواراً جديداً ملؤه التسامح والحب والخير لكل البشر وكل الخليقة.