المجهول في حياة الرسول : قراءة في المنهج: الاخيرة

صالح عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1829 - 2007 / 2 / 17 - 09:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

خلاصة واستنتاجات
خلاصة قول المؤلف يوردها في ختام كتابه مرفقا معها النتيجة على وفق تدريس الطلاب في المدارس معللا منهجه مقارنا بين نحن الايجابية وهم السلبية حاثا على الروح الثورية ومخاطبا القارئ كأخ (لقد استشهدت بكتب التاريخ والسنة والقران لكي تكون الفيصل والحكم بين ما قلت وقالوا. أما أنت يا أخي القارئ فلك كل الحق أن تقول كما قلنا أو تنحاز لم قالوا؛ فأني أريدك حرا طليقا مثلي لا خانعا سجينا مثلهم؛ أريدك شجاعا في الحق حتى ولو على نفسك لا جبانا متهاونا في حق نفسك مثلهم؛ اقتني دينك بنفسك مثلي لا ترثه كالقصّر والبعير مثلهم. فرضوا على عقولنا الوصايا وحددوا لنا ما نقرأ وما لا نقرأ وكأن عقولنا لم تنضج لأكثر من أربعة عشر قرنا؛ قل معي لهم لا .. سنقرأ ما نريد نحن لا ما تريدون أنتم لنا أن نقرأ؛ سنقول رأينا لا رأيكم سنقول حكمنا لا حكمكم سنكتب فكرنا لا فكركم سنعبر عن رأينا لا نردد رأيكم). والهدف الذي سعى إليه المؤلف لا تشويه النبي محمد وسمعته، بل دحض للصورة الأسطورية التي تغلف التاريخ الإسلامي الراسمة لمحمد كمقدس الهي وما هذا الكتاب إلا مساهمة لعرض الصورة الأخرى لنبي الجزيرة ونسوانه والغاية (لعل الصورة تكون أوضح وحتى يفيق هؤلاء ويعرفوا أننا نعيش عصرا غير ذلك العصر الذي كان السيف فيه يغتال الكلمات في صمت ويكفر من يسير خلف نعشها). ثم يجيء الربط مع حاضر المسمين والأسئلة الأكثر حراجة عن المراة والحرية والسلام والإسلام وما إلى هنالك من الأسئلة الخلافية. أما عن نسبة الكتاب فيقول : (لا ادعي البطولة ولا أهوى الشهرة فأسمي ربما لا يعرفه أحد إلى قيام الساعة لكنه الحق والحقيقة من وراء القصد؛ فإن شعرت بمرارة فهي مرارة الحق فلو كان الحق حلوا لم بات مظلوما على ظهر كوكبنا نعم الحقيقة مرة ولكنها شافية ولن ننعم بعافيتها ما لم نذق مرارتها ).
الاستنتاجات :
اكبر ما تحذر منه المناهج الحديثة البدء بالقراءة الآثمة، أي تلك القراءة التي تجد في النتاج ما تريد أن تجده. هي قراءة إسقاط الفرض بحيث يأتي الناقد وهو محمل بتصور جاهز قاطع ونهائي وفق رؤية مذهبية أيدلوجية تحتكر الحقيقة. وبما أن الخطاب موجه إلى امة لها تراثها السجالي العريق فان الكاتب- لكسب الثقة – يلجا إلى بطون أهم وأكثر الكتب الإسلامية موثوقية عند عامة المسلمين سواء ما اختص منها بالحديث أو بالسيرة ( في معظمها من المذهب السني، الذي يتعرض، لأسباب عديدة، إلى موجات من النقد المقتصرة على مروياته). هنا نقطة قوة وحيدة أي الاعتماد على المصدر والبحث فيه عما يمكن أن يغير التصور المقدس للنبي محمد من خلال أشكال عديدة من السلوك والتعامل والقول.. تلك الأشكال التي تتكرر في نقد السلوك المحمدي خاصة علاقة محمد بالنساء ( الزواجات الكثيرة، علاقته بنساء الآخرين، عائشة وموقعها في حياته… ) وكذلك ذكر الشخصيات المغيبة في التاريخ الإسلامي من قبيل ورقة بن نوفل ودوره وكذلك بعض اليهود والنصارى الذين كان النبي محمد على صلة بهم والشعراء الموحدين…وهي النقاط المركزية في القراءات الاستشراقية التي تتبعها المقريزي تماما محاولا إيجاد معادل تراثي من الروي الإسلامي لها.
ليس الكتاب بحثا علميا أكاديميا، بل هو اقرب إلى الخواطر المرافقة للمسرودات التاريخية بصيغة التعليق البسيط الفكه والساخر.
في سياق علاقة محمد بالنساء لا يستطيع مؤلف المجهول أن يجاري قدرة الباحث الأكاديمي منصور فهمي في كتابه ( أحوال المراة في الإسلام )؛ لكن المقريزي يوفق في اختيار النصوص التي يتخم بها التراث الإسلامي مما حدا بأحد الكتاب إلى المطالبة بغربلته قائلا : (وأوجه نداء إلى علماء الإسلام بأن يطهروا البخاري ومسلم ومسند أحمد بن حنبل .. الخ من هذه الأحاديث الكاذبة والمؤذية للإسلام ورسوله) وهو شبه اعتراف باحتواء المصادر الآنفة على ما يؤذي الرسول أو بالاحرى ما يحوله إلى كائن بشري. لكن الكتاب يقع في مجموعة ضخمة من الإشكالات التي تحوله من بحث موضوعي إلى قراءة آثمة.
في سياق الموضوعات بشكل عام لا يستطيع المؤلف، نتيجة تحكم السخرية، أن يبقى موضوعيا تجاه موضوعه. فهو ينطلق من حكم سابق يبحث من خلاله عن برهنات دون النظر في الرواية أو تمعن فيها، يرد ذكر الرصافي في كتابه كمغاير ايجابي لمؤلف المجهول في حياة الرسول.
ينتفي العنوان حال الاضطلاع على مجموعة من المؤلفات حول الإسلام سواء الاستشراقية منها أو المؤلفة عربيا. فما ذكره الكتاب ليس مجهولا، بل هو اقرب إلى المسكوت عنه في التراث الإسلامي وما لا يطاله البحث إلا نادرا.
الصبغة التبشيرية الواضحة جدا والتي لم يقدر المقريزي أو لم يشأ كتمها مما قلل من قوة الأطروحة وادخلها في صراع الأديان وتنافسها لا البحث الجاد عن الحقيقة..تلك التي نادى بها المقريزي في إهدائه (عشاق الحقيقة هيا بنا ننزع عنها غبار التاريخ فتقول كلماتها المحيية هيا بنا نهتك عنها ستائر الظلام فمن نورها تهرب الشياطين).. ومما يضع الناقد ( المؤلف المجهول ) والمنقود (محمد والإسلام ) في خانة مثالية واحدة. وهو في أكثر من موضع يقارن بين أفعال محمد وأفعال يسوع وانبياء اليهود من غير أن تتطلب الحاجة تلك المقارنة حيث تستدعى في غير محلها.
غياب القدرة التحليلية واللجوء إلى التعميمات والتعليقات الصحفية المرحة.. مما يقرب المادة من الشفاهية. وعلى مستوى الجمل يتقصى المؤلف الجمل البسيطة غير المركبة ولا المعقدة، لانه يخاطب الذهن العام، فلا تعاني جملته من تعدد المستويات في نقاشه لمسائل تختلف فيها الآراء وتتعدد المسارب. الفهم ذو الواحد ونوع المتلقي أثرا في الصياغة فبدت صحفية مباشرة وحاسمة في الوقت نفسه.
تكثر اعتمادات المؤلف على جملة من المصادر من بين أهمها السير الحلبية التي يعتنقها الكثير من نقاد الإسلام كانجيل، مع الإشارة إلى أن بعض الآراء الاستشراقية ترى أن التاريخ الإسلامي الحقيقي قد غاب تماما في بطون التاريخ، وان المروي والمكتوب منه تعرض للتغيير بحيث يمكن القول ان ما حدث في تخوم المجتمع الاسلامي الاول ليس الموجود في بطون الكتب. كذلك ندرة أو غياب المصادر الشيعية الكبرى من قبيل أصول الكافي، ما لا يستحضره الفقيه، الاستبصار، ونهج البلاغة…
يلاحظ غياب المصادر الحديثة سواء من السلفية الجديدة أو من نقد الإسلام والمصادر في جلها تراثية، فيما عدا إشارتين أو ثلاثة إلى مصطفى جحا وشيخو كإسناد وبنت الشاطئ كدحض ونقد.
عدم الانتباه إلى قوة السند في الرواية، دليل عن ثقة الكاتب بكل رواية بغير تشكك في الإضافات الممكن حصولها، ما دامت محققة لأهداف بحثه.
النظر إلى الوجه السلبي في كل سلوك أو كلام في حركة محمد وعدم الانتباه إلى بعض وجوهها الايجابية التي غابت تماما، والذي يؤكد عدم توازن الكتاب في النظر إلى محمد و الإسلام.
الكتاب في مجمله رص لكل ما يمكن أن يشكك في نبوة محمد وكل ما يرسم صورة مغايرة أخلاقية للمتعارف من التقديس الإسلامي له، فيه جهد كبير من ناحية التوثيق إلى مصدر ومرجع معترف به كليا ( مثل الصحاحات ) أو المصدر الأقرب إلى الأدبي منه إلى التاريخي ( كنهاية الإرب، والأغاني)، إلا أنها جميعا تضع الأسئلة المحيرة عن التراث الإسلامي وشموله على جميع المتناقضات الممكنة، ذلك الذي يضع المفكر الإسلامي في خانة الحاجة إلى إعادة قراءة تراثه لا بصيغة المعجب به والمتقبل لكل تصوراته عنه، بل بعين الناقد المغربل. مع أن المؤلف لم يلجأ إلى أسلوب موضوعي في ذلك. وهنا يمكن إعادة طرح فكرة نورمان دانيال من توجهات الهجوم المسيحي على محمد كأساس في انهيار الإسلام.
كطريقة عرض وكمواضيع يتحايث هذا الكتاب مع كتب كثيرة قبله ذكرناها في موضعها، وكذلك يتشابه مع اطروحات بعض المواقع المسيحية التبشيرية إلى درجة التطابق أحيانا، مما يستدعى منطقيا طرح اشرف عبد القادر في تسمية المقريزي المؤلف المجهول للكتاب بمدير فضائية الحياة زكريا بطرس ونفي تأليف العفيفي الأخضر له.
ومن المراجع التي اعتمد عليها الكتاب والتي كان في معظمها ناقلا بأمانة؛ لكن باستخدام عقائدي: (صحيح البخاري. المسند للإمام أحمد أبن حنبل . الطبقات الكبرى لأبن سعد. بلوغ الأرب للنويري. أسباب النزول للواحدي النيسبوري. اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم ، صحيح مسلم، منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال للشيخ العلامة علي المتقي الهندي، تاريخ الخلفاء للسيوطي، الجامع الصغير للسيوطي، الكبير للطبراني، الإتقان في علوم القران، الحلية لأبي نعيم، السيرة النبوية والآثار المحمدية لمفتي السادة الشافعية، السيرة الحلبية للإمام العلامة برهان الدين الحلبي، نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري، الاستيعاب في تمييز الأصحاب لأبن عبد البر، الإصابة في تمييز الصحابة لأبن حجر العسقلاني، أسد الغابة لأبن الأثير، تاريخ الطبري،الأغاني للإمام أبي الفرج الاصفهاني،خزانة الأدب لعبد القادر بن عمر البغدادي، إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد، السيرة النبوية لأبن هشام، وهي كتب تراثية ما عدا محنة العقل في الإسلام لمصطفى جحا وشعراء النصرانية قبل الإسلام للويس شيخو ….).

#صالح_عباس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات