أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد بسام العمري - «الصحة والتعليم الرقميان في إفريقيا: الجسد والعقل بين بيانات تُعافى وذكاءٍ يُنفَّذ»














المزيد.....

«الصحة والتعليم الرقميان في إفريقيا: الجسد والعقل بين بيانات تُعافى وذكاءٍ يُنفَّذ»


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 08:40
المحور: قضايا ثقافية
    


أنا إفريقيا...
لم أعد أنزف بدمٍ من حديدٍ أو نحاس، بل ببياناتٍ تتدفّق في شراييني الرقمية.
في زمنٍ لم تعد فيه العافية مجرد علاج، ولا التعليم مجرد كتاب، أتحسس ذاتي الجديدة كقارةٍ من نبضاتٍ كهربائية، تمتد من ريفٍ بعيدٍ في ملاوي إلى مدينةٍ ذكيةٍ في رواندا.
لقد صرتُ جسدًا يتنفّس بالشبكات، وعقلاً يتعلم عبر الخوارزميات.
فهل أشفى ببياناتي؟ أم أُصاب بذكائي؟
هل تنقذني التكنولوجيا من أمراضي، أم تستبدلني بأكوادها؟
قبل قرنٍ فقط، كانت المستشفيات نادرة في القارة، والتعليم حكرًا على النخبة أو على من رأت فيهم البعثات التبشيرية "قابلية التمدين".
أما اليوم، فأرى في ممرات قرى غانا وشواطئ السنغال وأدغال الكونغو أدواتٍ صغيرة تُشخّص الملاريا وتُرسل نتائجها إلى مختبرٍ سحابيّ في العاصمة، أرى معلمًا في النيجر يستخدم لوحًا إلكترونيًا متصلًا بالأقمار الصناعية ليدرّس لتلاميذ لم يملكوا يوماً كتابًا.
إنها ليست معجزة، بل انعطافةٌ تاريخية في مسار الوعي الإفريقي: أن يتحوّل الألم إلى معرفة، والحرمان إلى ابتكار.
تقول منظمة الصحة العالمية في تقريرها WHO Digital Health Systems in Africa لعام 2024، إن نحو 70% من الدول الإفريقية بدأت رسميًا برامج رقمية لتحسين نظمها الصحية.
لكن المفارقة المؤلمة أن أكثر من نصف هذه البرامج تعتمد على بنية تحتية تموّلها مؤسسات أجنبية، مما يجعل "السيادة الصحية الرقمية" فكرةً لا تزال في طور الحلم.
ومع ذلك، فإن هذا الحلم أخذ يتجسّد.
في رواندا، تستخدم الحكومة الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الأمراض المزمنة والتنبؤ بموجات العدوى.
وفي كينيا، تُحلّل بيانات الهواتف المحمولة لاكتشاف المناطق المحتملة لتفشي الملاريا.
هذه ليست مجرد أدوات مراقبة، بل مؤشرات على وعي جديد: أن المعرفة بالمرض هي بداية الشفاء.
حسب دراسة State of AI in Healthcare – Sub-Saharan Africa (CEIMIA 2024)، فإن 34% من المستشفيات الكبرى في إفريقيا جنوب الصحراء بدأت استخدام أنظمة ذكاء اصطناعي في التشخيص الشعاعي، وأن هذه الأنظمة رفعت دقة الكشف المبكر بنسبة 20% في حالات السل وسرطان الثدي.
ولأول مرة، يتم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على بيانات أفريقية خالصة، بحيث تعكس الخصائص الجينية والإيكولوجية المحلية، بعيدًا عن التحيزات الأوروبية التي لطالما شوّهت نتائج الأبحاث الطبية في القارة.
تلك خطوة صغيرة، لكنها ثورة في الوعي الصحي: أن تكون بياناتي مرآتي، لا مرآة الآخر.
في نيجيريا، أنشأت جامعة لاغوس بالتعاون مع منظمة Science for Africa Foundation مشروعًا بحثيًا تحت عنوان Governance of Artificial Intelligence for Global Health in Africa (2025)، يركّز على العدالة الرقمية في الصحة.
تقول الدراسة إنّ أخطر ما تواجهه القارة ليس نقص الأجهزة، بل غياب "الشفافية الخوارزمية"، إذ تُتخذ قرارات طبية حساسة بناءً على بيانات مجهولة المصدر، ما يجعل المريض الإفريقي مجرد رقمٍ في نظامٍ لم يُصمَّم لأجله.
ولذا بدأ الحديث في الجامعات الإفريقية عن ضرورة "تحرير الطب الرقمي من الاستعمار الخوارزمي"، أي أن نفهم الكود الذي يقرّر إنقاذنا أو نسياننا.
لكن لا يمكن للشفاء أن يتحقق إن ظل الجسد جائعًا.
فالفقر لا يزال أكبر الأمراض.
في تقرير AfDB لعام 2024، يعيش أكثر من 430 مليون إفريقي دون تغطية صحية شاملة.
ومع ذلك، تُثبت التجارب أن التكنولوجيا يمكن أن تقلّص الفجوة:
في غانا، تُستخدم الطائرات المسيّرة لتوصيل الأدوية واللقاحات إلى القرى البعيدة، وهو مشروع ذكرته دراسة Pre-print-s.org 2025 كأحد أنجح النماذج العالمية في "التوزيع الذكي للمستلزمات الطبية".
هكذا صارت السماء طريق المستشفى.
الصحة الرقمية لا تنقذ الأجساد فقط، بل تفتح بابًا للكرامة.
المرأة التي كانت تموت عند الولادة لأنها لا تستطيع الوصول إلى طبيب، صارت اليوم تُتابَع عبر تطبيقٍ بسيط يُرسل لها إشعارات الحمل، ويُنبّهها في حالات الخطر.
المراهق الذي لم يزر طبيبًا في حياته، صار يكتب لأحد "روبوتات المحادثة الصحية" فيحصل على استشارة فورية.
صحيح أن الآلة لا تملك قلبًا، لكنها إن خُدمت بالرحمة، صارت طريقًا لإنقاذ القلوب.
وإلى جانب الجسد، هناك العقل الذي يطلب تعليمه.
فما نفع العافية إن ظلّ الجهل حاكمًا؟
ولذلك، تمتدّ يد التقنية لتلامس القاعات الدراسية، فتُحوّل الطباشير إلى شاشة، والسبورة إلى سحابة.
تقول تقارير UNICEF: Transforming Education in Africa (2024) إن نسبة الالتحاق بالتعليم الرقمي تضاعفت ثلاث مرات بين عامي 2019 و2024، وأن 60% من المدارس الثانوية في إفريقيا باتت تستخدم موارد تعليمية عبر الإنترنت، رغم ضعف البنية التحتية في كثيرٍ من المناطق.
وفي تقرير UNESCO Digital Education Strategy 2022، تم وضع خطة لإدماج التعليم الرقمي ضمن مناهج كل دولة بحلول عام 2030.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيان الإلهي وأسراره في التأثير على النفس الإنسانية
- التحولات الاقتصادية العالمية الكبرى وأثرها المركّب على دول ا ...
- القارة التي تكتب نفسها — وعي إفريقيا في زمن التحول الرقمي
- الاستعمار الجديد: من الذهب الأسود إلى استعمار البيانات
- الفساد الإداري والمالي،
- أفريقيا: القارة التي تنهض من رمادها
- سحر العيون: نافذة إلى الروح
- إعجاز القرآن الكريم وأثره في النفوس البشرية
- -ابتسامة في أفق الوجود: مرآة الروح وسجاحة الخلق-
- بوحٌ على حافّة الكلمة
- النية الصادقة بين الأديان والفلسفات: جوهر العلاقة مع الله
- من خيوط الوهم إلى نسيج الفهم
- العزلة والحرية والوعي بالآخر في الفلسفة الوجودية
- حدود اللغة في فضاء العدم
- -الطابق الممنوع-
- -الساعة التي تبتلع الوقت-
- رحلة فب عوالم الأدب الافريقي .من الأدب المكتوب بالإنجليزية إ ...
- رحلة في عوالم الأدب الأفريقي: من التراث الشفهي إلى الأدب الم ...
- -غرفة رقم صفر-
- التفاعل مع التفاصيل بين الواقعية والرمزية الجمالية


المزيد.....




- عائلة شماسنة الفلسطينية تتهيأ لاستقبال ابنيها بعد 34 عاما خل ...
- مارغوري من نظرية المؤامرة إلى الاعتراف بـ-الإبادة الجماعية- ...
- ترامب يهدد بوتين بإرسال صواريخ توماهوك لأوكرانيا
- بقيمة 27 مليون دولار.. بريطانيا تكشف عن حزمة مساعدات لغزة
- إيران تعلن عدم مشاركتها في قمة شرم الشيخ للسلام
- بعد 50 عاما على سرقتها.. سيدة تعيد قطعة أثرية إلى اليونان
- -رسالة تحذير-.. ترامب يلاعب بوتين بورقة -توماهوك-
- كابل تتهم مجموعات في باكستان بتقويض العلاقة بين البلدين
- إعلان تشكيل حكومة فرنسية جديدة برئاسة لوكورنو
- ترامب يلوّح بتحذير بوتين بشأن احتمال تزويد أوكرانيا بصواريخ ...


المزيد.....

- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد بسام العمري - «الصحة والتعليم الرقميان في إفريقيا: الجسد والعقل بين بيانات تُعافى وذكاءٍ يُنفَّذ»