|
لا تحسنوا الظن بالاحزاب القومية والدينية ..!
هرمز كوهاري
الحوار المتمدن-العدد: 1827 - 2007 / 2 / 15 - 09:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحمل الشعب العراقي من ظلم وإستهتار الاحزاب القومية والدينية ما لم يتحمله أي شعب آخر من القتل والاغتصاب والذبح والتفجير والتهجير على الهوية القومية والعنصرية والدينية والطائفية المقيتة ، بحيث بقيت وستبقى آثاره ونتائجه السيئة المميتة أجيالا وأجيال ، كان العراق قد أسسَ في البداية على أسسْ وطنية علمانية وتشكلت أحزابا لاتحمل إلا صفات المواطنة ،كل منها تمثل شريحة من شرايح المجتمع ، كحزب العمال والفلاحين ، عمال وفلاحي العراق كل العراق ، و ليس عمال العرب أو الكرد أو الشيعة أو السنة ، وكذلك حزب لديمقراطي وبقية الأ حزاب في العراق كل العراق يشترك فيها الشيعي والسني والكردي والمسيحي والمحامي والطبيب والمهندس واالتاجر ومالك المصنع أو المعمل وهكذا كلهم تجمعهم المصلحة العليا للوطن ، كتحرير العراق من التبعية وتحرير إقتصاد العراق وخاصة ثرواته النفط وإعطاء الحريات وحق العيش الكريم لكل عراقي وليس للعربي فقط أو الشيعي أو السني أو الكردي أو التركماني أو الكلداني .وكانت مجموعة من الشيوعيين والديمقراطيون قد شكلوا لجنة سميت ب" لجنة الدفاع عن السجناء السياسيين " وتشمل الموقوفين منهم والمتهمين ، وكانوا يتوكلون عنهم مجانا وهم الممنونين ! وأذكر منهم صديقي المحامي رسمي توفيق العامل ، الذي إغتالعه البعث غدرا .
هكذا كان العراق وأحزابه العلمانية عدا حزب الاستقلال القومي ، وكان منبوذا حيث لم يكن بينه وبين عملاء الامن فاصلا واضحا فكثيرين منهم كانوا يتبرعون للوشاية والإبلاغ عن الشيوعيين !على أساس الشيوعيين يريدون السلام مع إسرائيل ، بينما هم عازمون على إلقاء اليهود في بحر الظلمات والى الابد !! 1- وهكذا أثبت حكام كل من القوميين والبعثيين ، لا كل القوميين ولا كل البعثيين طبعا ، بل أزلام صدام وأيتامه ، أنهم قتلة وأنهم عصابات إرهاب لا تجمعات سياسية ، برهنوا ذلك منذ إستيلائهم على السلطة بطريقة دموية همجية ، فمنذ سنة 1963 وتطبيقا لمبدأئهم الدموي( التقدم على اللهيب و الجماجم والدم !!) ،فمن ذلك التاريخ الاسود دخل الشعب العراقي بكافة مكوناته وفئاته العمرية رجالا ونساءا وأطفالا وشيوخا في دوامة العنف والقتل البشع لا في سبيل الوطن أو الدفاع عنه بل في سبيل سيطرة تلك القوة الباغية على الحكم والبقاء فيه بإسم القومية والعنصرية ، و تبين من سلوكها الاجرامي أن غاياتها وأعمالها عكس ما إدعت به في شعاراتها لحماية العرب والعروبة والطبقات المسحوقة!!، علما بأن ليس من حقها ولا من حق العروبة أو أي قومية أخرى أو دين أو طائفة مهما كانت نسبتهم الى مجموع الشعب حتى لو كانت 99% لايحق لها أن تمارس الظلم والاجرام والإستهتار وأن تضطهد الغير بداعي أنها أكثرية الشعب ، لأن لكل فرد عراقي حق التمتع بالعيش في بلده حرا كريما لا منّة من قوم أو دين أو طائفة بل فرضا عليهم ، بإسم حقوق المواطنة .
إن تلك الفئة الحاكمة الباغية من القوميين والبعثيين التي عاثت فسادا ودمارا قلما وجد مثله أو شبيه له في الازمنة الحديثة في العراق والشرق الاوسط أو ( الشرق الاوسخ )، والتي إدعت بعث وحدة العرب من جديد (علما بأن الإمبراطورية لم تكن عربية بل كانت إسلامية )، أثبت سلوكها عكس ما إدعت ، كما أن كذبها وخداعها لم يكن خافيا على أحد ويكفي للدلالة على ذلك أناشيدها وأدبياتها الوسخة المليئة بلغة ( اللهيب و الدم والجماجم !!) . حيث لم يقتصر بطشهم على غير العربان بل شمل بني جنسهم وقومهم و مناطقهم وعشائرهم وحتى عوائلهم بسبب إستماتتهم للبقاء في السلطة المغتصبة القذرة ، مما يدل دلالة واضحة وأكيدة إن إدعائهم القومية والبعث القومي لم يكن إلا غطاءا لوصولهم للسلطة وليس فقط الوصول بل البقاء فيها الى ما شاء الله ، فقال أحمد حسن البكر : " جئنا لنبقى !" أي يبقون في السلطة بكل الوسائل الممكنة وإن تطلب ذلك الإبادة الجماعية للشعب وهذا ما فعلوه فعلا تجاه الاكراد في الابادة الجماعية بالاسلحة ( الخاصة ) اي الكيمياوية ، وقال صدام : ،أن الذي يفكر بإحتلال العراق ، فلم نسلمه له إلا فارغاً من البشر، وهذا ما جرى سابقا ويجري الآن .
2-- وما فعلت الاحزاب القومية بالعراق ، تفعله اليوم الاحزاب الدينية والطائفية ، التي تدعي كذبا وخداعا حماية الدين الاسلامي وآل البيت المعصومين !! بدلالة أنها قتلت وهجّرت من المسلمين خلال أربع سنوات بعد سقوط البعث ، ما لم يقتله ويهجره أعداء الاسلام خلال قرن وأحرقت ودمرت جوامع وحسينيات ومزارات الاسلام ما لم يفعله أعداء الاسلام خلال قرن أو يزيد ! وزيادة في الكذب والخداع نجد أن هؤلاء الذين يدعون حماية الاسلام والمسلمين ومن أتباع أهل البيت بالذات !! يتصارعون فيما بينهم على السلطة والنفوذ وعلى إقتسام غنائم المسروقة من أموال المسلمين التي تعود 90% منها الى المسلمين أنفسهم بإعتبار أن نسبة الاسلام قد تزيد على 90% من مكونات الشعب .
فهل بقى هناك شيئ من الشك في سوء تصرف هذه التجمعات التي تسمى بالاحزاب الدينية الطائفية ،الدين ليس ملكا لأحد وليس الدين لمن يدخل في هذا الحزب أو ذلك ، إن الحزب بمعناه السياسي هو لخدمة الشعب والوطن وليس للدين فالدين له معابده ، فلماذا ينتقل الى الدوائر والمؤسسات ؟ هل ضاقت بهم تلك المعابد والحسينيات ليحتلوا الدولة ودوائرها ويفسدوها .
وهؤلاء الذين يدعون أن الاسلام دين ودولة ، يندفعون الى التدخل في شؤون الدولة مفسدين كل مافيها ، ولنترك أستاذ الشريعة وشهيد الحقيقة د. فرج فودا ، فهو خير من يرد عليهم في هذا الصدد فيقول في كتابة الموسوم " الحقيقة الغائبة " نقلا من بطون كتب التاريخ الموثقة وهو يقول " ليس أبلغ من التاريخ حجة ، ومن الوقائع سندا ، ومن الاحداث دليلا ..." :
ويقول في كتابه " الحقيقة الغائبة " بهذ الصدد :- ".. .... هذا خليفة المسلمين الثالث ، يقتله المسلمون ، لا يستطيع أهله ليلتين ويدفنوه في الثالثة ، يرفض المسلمون الصلاة عليه ، يقسم البعض ألا يدفن في مقابر المسلمين أبدا ، يحصب جثمانه بالحجارة !، يعتدى مسلم على جثمانه فيكسر ضلعا من أضلاعه ، ثم يدفن في مقابر اليهود!." "... اي غضب الذي يلاحق الحاكم وهو جسد مسجى ، وينتقم منه وهو جثة جامدة ، ولا يراعى تاريخه في السبق في الاسلام والذود عنه ، ولا عمره الذي بلغ السادسة والثمانين ، وبتجاهل كونه مبشرا بالجنة وزوجا لإبنتي الرسول ، ويرفض حتى مبدأ الصلاة عليه أو دفنه في مقابر المسلمين شأنه شأن أفقرهم أو أعصاهم " " ... لكنك لا تملك إلا أن تتساءل معي وأن تجيب :
" - ألم يكن عثمان وقت إختياره واحدا من خيار المسلمين ، مبشرا بالجنة وأحد ستة هم أهل الحل والعقد ، وأحد الاثنين لم يختلف المسلمون على أن الخلافة لن تخرج عنهما وهما عثمان وعلي ؟ ، الاجابة – بلى "
" – ألم يكن المسلمون في أعلى درجات تمسكهم بالعقيدة ، وأقرب ما يكونون الى مصدرها الاول وهو القرآن ومصدرها الثاني وهو السنة ، بل كان أغلبهم أصحابا للرسول وناقلين عنه ما وصلنا من حديث وأحداث ؟ الإجابة - بلى "
"- ألم تكن الشريعة الاسلامية مطبقة في عهد عثمان ؟ ، والإجابة – بلى ."
"- هل ترتب على ما سبق ( حاكم صالح ومسلمون عدول وشريعة أسلامية مطبقة ) أ أصلح حال الرعية ؟ وحسن حال الحكم ؟ وهل تحقق العدل ؟ وهل ساد الأمن والأمان ؟؟ والإجابة ( لا )!!
ويعلق د. فودا على ماسبق ما يلي : " وهنا نصل سوية الى مجموعة من النتائج نستعرضها معا عسى أن تحل انا معضلة التفسير وأن تجيب معنا على السؤال الحائر وموجزه لفظة : ( لماذا ؟؟)"
وهنا يصل الدكتور فودا الى النتائج التالية ويقول : " 1- إن العدل لايتحقق بصلاح الحاكم ، ولايسود بصلاح الرعية ولا يتأتى بتطبيق الشريعة ، وإنما يتحقق بوجود ما يمكن أن نسميه نظام حكم ، وأقصد به الضوابط التي تحاسب الحاكم إن أخطأ وتنمعه إن تجاوز ، وتعزله إن خرج على صالح الجماعة أو أساء لمصالحها...الخ " " 2-إن تطبيق الشريعة الاسلامية ليس جوهرالاسلام ، طبقت وحدث ما حدث !وأخطر من تطبيقها بكثير وضع قوة الحكم العادل المتسق مع روح الاسلام فقد رأينا أن الشريعة كانت مطبقة وحدث ماحدث لغياب ما غاب ، وأظنه لايزال غائبا ." " ولعل ما حدث في السودان خير دليل على مغبة البدء بالوجه العقابي للإسلام ، وهو ما حدث حين أعلن الحالكم على تطبيق الشريعة الاسلامية وبدأ بإقامة الحدود في مجتمع مهدد بالمجاعة !! الامر الذي ترتب عليه أن أصبح أنصار تطبيق الشريعةالاسلامية بعد التجربة أقل بكثير من أنصارها قبل التطبيق ، فالبدء يكون بالأصل وليس بالفرع ، وبالجوهر وليس بالمظهر ، وبالعدل قبل العقاب ، وبالأمن قبل القصاص وبالأمان قبل الخوف ، وبالشبع قبل القطع "
" 3- إننا يجب أن نفرق بين الهروب والمواجهة ، وبين النكوص والاقدام ، وبين المظهرية والجوهر ، فالمجتمع لن يتغير والمسلمون لن يتقدموا بمجرد إطالة اللحية وحلق الشارب ،والاسلام لن يتحدى العصر بإمكانيات التقدم بمجرد أن يلبس شبابنا الزي الباكستاني !وإضاعة الوقت في الخلاف حول طريقة دخول المرحاض وهل تكون بالقدم اليمنى أم اليسى !وميقات ظهور المهدي المنتظر !...الخ "
" 4 – إن أصحاب وجهة النظر الاولى ، وأقصد الداعين الى التطبيق الفوري للشريعة الاسلامية ، يضمرون عداءا لا حد له للديمقراطية إما عن قصد ، نتيجة عدم إيمانهم بها كما أسلفت ، وإما عن حسن نية من الكثيرين يدفعهم حماسهم للشريعة الى المطالبة بإقرارها بعرضها على مجلس الشعب . ...الخ "
هذا شاهد من أهلها ، يشهد أن تطبيق الشريعة الاسلامية وثوابتها كما يروج ويصرون على تطبيقها ، أحزابنا الاسلامية الطائفية ، ليس الغرض منه إلا محاربة الديمقراطية والعودة بالعراق الى ما قبل التاريخ، و ليس في سبيل الشريعة بل في سبيل السلطة والتسلط والمال الحرام والجاه المنبوذ .فمهما بحت أصواتهم بإدعائهم أنهم يريدون الديمقراطية ليس إلا الضحك على الذقون وقيادة المتخلفين والمغفلين ومعهم الشعب العراق الى مصير مجهول، وما نراه اليوم من القتل والذبح والاغتصاب على الهوية والتفجير والتهجير ليس إلا مدخلا أو مقدمة أو مظهرا من مظاهر هذا السلوك المرفوض
ولهذا نقول لا تحسنوا الظن بالاحزاب القومية العنصرية ولا بالاحزاب الدينية والطائفية فهم أعداء الحرية والديمقراطية دون منازع .
#هرمز_كوهاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ميزانياتنا تتضخم ، فتتضخم أزماتنا
-
ميزانياتنا تتضخم ، فتتضخم أزماتنا..!
-
يرفضون الديمقراطية ، حماية للأخلاق ..!
-
مرة أخرى ، أثبت الشيعة فشلهم !
-
الجريمة والعقاب
-
السباق في النفاق ..!
-
إحذروا التقليد ... الحكيم والديمقراطية
-
أين الحقيقة..؟
-
ليت صداما يكون آخر دكتاتورا ..!
-
قصة لا تنتهي ..!
-
إذا بدأوا بضربهم ، ينتهون بضربنا ..!
-
الباب الذب سرق الدار !!
-
من يعلق الجرس ..؟
-
رسائل لم تصل ..!
-
خيراتنا لغيرنا ..في المكرمات والإبتزازات..!
-
لم أكن أجيد اللجوء..!
-
ليس هذا مقياس التطور الاقتصادي..!
-
لنعترف ونعتذر ..!!
-
تهنئة وإقتراح ، الم يحن الوقت لتغيير إسم الحزب الشيوعي ؟؟
-
ماذا تعلمنا من إسقاط دكتاتوري صدام ..؟
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|