|
تفسير الذي يجري للفلسطينيين في العراق؟؟
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 1827 - 2007 / 2 / 15 - 05:03
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
حذرت في أكثر من مقال ومناسبة ، أن الذي يجري للفلسطينيين في العراق ، أمر خطير للغاية ، وان المقصود من أعمال القتل والاغتيال والاختطاف والملاحقة والتشريد الذي يتعرضون له ، هو حقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا عنها واخرجوا منها جبرا وقسرا ، وكنت قد أشرت في كثير من المرات ،أن هذا الذي يجري بحقهم هو عبارة عن مخطط أمريكي - إسرائيلي ، تنفذه على الأرض مجموعات ميليشياوية طائفية عراقية موالية للحكومة العراقية، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه القوات الأمريكية وفرق الموساد المنتشرة في العراق .الغرض النهائي لهذا المخطط هو كسر إرادة الفلسطينيين، التي يقيت قوية وصلبة عبر أكثر من نصف قرن بتمسكها بحق العودة ورفض جميع مشاريع التوطين ،التي طرحت كبديل عن حق العودة ، إن المخطط يعمل على قلب حياه الفلسطينيين إلى جحيم في العراق ، وليس فقط في العراق ، بل بعد ما مرحلة العراق ، حيث علوق هؤلاء اللاجئين على الحدود في ظروف حياتية غاية في القسوة والمأساة يندى لها جبين الإنسانية ، وليس أدل على ذلك، ما يعانيه هؤلاء اللاجئين على الطرف الحدودي مع الأردن في مخيم الرويشد الذي يقيمون فيه منذ الغزو الأمريكي للعراق ، يبدو أن المخطط الآنف الذكر، والذي تتواطىء في تنفيذه، عديد من الأطراف في المنطقة ، يعمل على تشتيت شتات اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة ، ليصار بعد ذلك وبفعل حالة الإحباط واليأس التي يعانيها فلسطينيو العراق ، والتي خططت لها أمريكا وإسرائيل وأطراف أخرى ، إلى نقل هؤلاء اللاجئين إلى مناطق وبلدان خارج النطاق الإقليمي في دول أوروبا الغربية، وعلى رأسها كندا والنرويج وبعض الدول الاسكندينافية ، ليكون هذا الأمر بمثابة العينة التجريبية، حول إمكانية القضاء على حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم ، بحيث- لاسمح الله- إذا نجح هذا المخطط ، ستعمل الأطراف، التي هي ضد حق العودة ،على تطوير هذا المخطط وتوسيعه مستقبلا، في إطار المخطط الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة ، حيث الأولى تريد تحويل المنطقة إلى كانتونات طائفية ومذهبية، لتسهل السيطرة على ثرواتها ومقدراتها ، وحيث الثانية ستجد الفرصة مواتية في ظل هذا الموزاييك ، لدفع أطراف مذهبية وطائفية أخرى للعمل على تحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم، ليسهل بالتالي تشتيتهم مرة أخرى، وبالتالي العمل على توطينهم ، بعد القضاء على سيكولوجية الأمل الجمعي لديهم في التمسك بحق العودة ، ولذلك يأتي سؤالنا المتكرر مرارا وتكرارا، لماذا لاتسمح السلطات الأردنية للفلسطينيين في العراق ، وبالأخص العالقين على حدودها في مخيم الرويشد بالدخول إلى أراضيها ، علما أن عدد فلسطينيي مخيم الرويشد لايتجاوزون بضع مئات قليلة ، في حين أن الأردن يستوعب أكثر من 600 ألف عراقي على أراضيه . ولذلك، فإننا ننظر بعين الشك إلى تلك الصفقة التي عقدتها الحكومة الأردنية مع كندا، وتحت إشراف المفوضية السامية للاجئين ، بنقلهم إلى الأراضي الكندية .
ما يخفف من المصيبة التي تقع على رأس الفلسطينيين ولاجئيهم بشكل خاص ، أن مواقف سوريا كانت ايجابية إلى حد ما في قضية فلسطينيي العراق ، حيث سمحت لأعداد منهم بالدخول إلى أراضيها ، وبنت لهم مخيمين على أراضيها، وهما مخيم أبو الهول وخالد . لكن في كل الأحوال، يبقى هناك أكثر من 700 فلسطيني في مخيم التنف على الحدود مع سوريا ، وهؤلاء يعيشون ظروفا حياتية ومعيشية وصحية قاسية جدا ، نأمل من الحكومة السورية ، أن تسمح لهم بدخول أراضيها مؤقتا ، ريثما تسنح الفرصة، في عودتهم إلى ديارهم ، أو إلى الضفة والقطاع، إلى حين تحقق حقهم في العودة إلى أراضيهم وممتلكاتهم .
قبل أيام قلائل ، قام مبعوث الرئيس محمود عباس اللواء جبريل الرجوب بزيارة إلى العراق، لبحث موضوع الجالية الفلسطينية فيه . أنا شخصيا، كنت أتوقع أن هذا التحرك يأتي في سياق فهم ما يجري للفلسطينيين في العراق ، ومن هي الجهات التي تقف وراء أوضاعهم المأساوية؟؟ ، وبالتالي كنت أتوقع أن اللواء جبريل الرجوب جاءت زيارته من اجل العمل على إخراج هؤلاء الفلسطينيين من دوامة الذبح التي يتعرضون لها في العراق!! ، ليتم نقلهم إما إلى الدول العربية المجاورة ، أو أن يجري العمل من خلال الطرح، الذي تقدمت به وزارة شؤون اللاجئين، بإدخالهم إلى الضفة والقطاع إلى حين عودتهم الحقيقية إلى مدنهم وقراهم وبلداتهم التي هجروا عنها ، لكن للأسف، ذهب مستشار الرئيس لكي يطلب الأمن من الحكومة العراقية التي هي نفسها ومليشياتها الطائفية تقوم بذبحهم واختطافهم وملاحقتهم ، وحتى وان تعهدت الحكومة العراقية له بذلك ، فالفلسطينيون ملاحقون من المليشيات الدموية ، بل إن الخطر يحدق بهم في كل مكان في العراق ، طبعا للمخطط الذي أظن انه لم يغب عن السيد الرجوب ، ولذلك لاحظنا الاستنكار الشديد من الفلسطينيين في العراق، من موقف اللواء جبريل الرجوب ، اللذين أكدوا بان الرجوب لم يكلف خاطره بزيارة تجمعاتهم والاطلاع على معاناتهم ومطالبهم ، بل اكتفى بلقاء الحكومة العراقية الميليشياوية، ثم ليعلن من على الجزيرة مباشر بان الفلسطينيين يرغبون في البقاء في العراق ، ولينفي التسريبات التي تحدثت عن إمكانية استقبالهم في كردستان العراق ، ولذلك فهم يطالبون بإخراجهم من العراق ، لان العراق أصبح ساحة لتجربة ومحاولة القضاء على حق العودة ، من خلال قتل الفلسطينيين وإذلالهم، وبالتالي العمل على تهجيرهم وتوطينهم خارج حدود المنطقة ، ولهذا اعتبروا ما صرح به الرجوب حول رغبتهم في البقاء في العراق بأنه محض تقول ليس إلا ، وبان السيد الرجوب يريد تحقيق مكاسب إعلامية وسياسية على حساب فلسطيني العراق ، هذا بالإضافة إلا أن هيئة الأمم المتحدة ، وكذلك منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية"human rights watch "، قد أصدرتا تقارير تثبت مدى الخطر الذي يحدق بالفلسطينيين في العراق، وبالتالي حول ضرورة العمل على إخراجهم من هناك .
لتلافي ما يتعرض له الفلسطينيون في العراق، من مخطط للتآمر على حقهم في العودة ، ينبغي إتباع احد طريقين كعلاج عاجل ومؤقت ، الأول : هو أن يصار إلى العمل على إدخالهم إلى الأراضي المحتلة ، وهذا يحتاج إلى جهد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وجهد الأطراف الإقليمية والدولية للضغط على إسرائيل بالسماح لهم بالدخول ، والثاني : أو أن يتم إدخالهم إلى أراضي الدول المجاورة وبالتحديد الأردن وسوريا بشكل مؤقت ، إلى حين عودتهم إلى أراضيهم ، علما أن مجمل عدد الفلسطينيين في العراق يصل إلى 15 ألف شخص. البديل عن ذلك ،هو تنفيذ المخطط الرامي إلى محاولة تكريس سابقة بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات الأوروبي ، بعد أن يتم زرع اليأس والإحباط في نفوسهم ، من خلال الجرائم والمآسي المختلفة التي ترتكب بحقهم ، سواء في العراق ، أو مايؤول إليه حالهم على الحدود المجاورة للعراق .
أخيرا ، أود الإشارة إلا انه لايمكن التعويل في تحقيق الأمن لفلسطيني العراق على حكومة مثل حكومة المالكي ، التي تعجز أصلا عن حماية العراقيين أنفسهم، بل هي متورطة في العديد من الجرائم ، بل إن هذه الحكومة للأسف الشديد، وكما تحدثت مصادر أجنبية وعلى رأسها الاندبندنت أون صنداي"the independent on Sunday " البريطانية، متواطئة مع الأمريكان وشركائهم في نهب النفط العراقي وسرقته ، من خلال ما يسمى "بقانون النفط" ،و بما يشكل أكثر من 70 % من احتياطي العراق من النفط ، في حين أن العراقيين يقفون في طوابير من اجل الحصول على ليترات من البنزين ، فهل أدرك اللواء الرجوب هذه الحقيقة قبل أن قام بزيارته تلك، و صرح بتصريحاته المباشرة على الجزيرة ، التي أساءت فلسطينيي العراق وآذت جهودهم وصيحاتهم ومناجاتهم الإعلامية العديدة، التي نادت بإخراجهم من عراق الدم والاغتيال والاختطاف والملاحقات. 14 – 2 – 2006 بقلم : أ. عماد صلاح الدين كاتب وباحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان – نابلس
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما أخشاه من لقاء مكة!!
-
هل من حل لمشكلة الفلسطينيين في العراق؟؟
-
المعالجات الجذرية للخلافات الداخلية الفلسطينية
-
اللجان الفلسطينية الحاضرة الغائبة عن العمل
-
الحالة الراهنة للقارىء والكتاب في الاراضي الفلسطينية
-
جوهر الصراع يكمن في قضية اللاجئين الفلسطينيين
-
المناورة الاخيرة
-
فيم الاختلاف مع حماس؟
-
سيناريو المشهد الاخير في مواجهة حماس
-
تبكير الانتخابات بالدم الفلسطيني!!
-
التآمر على حق العودة يبدأ
-
هل تعلم جماهير فتح بالحل الذي يقبله الرئيس عباس ؟؟
-
الحل الامثل للتوصل الى حكومة الوحدة الفلسطينية
-
هل دعوة الرئيس عباس للانتخابات المبكرة قانونية؟؟
-
في المنطقة مشهدان فقط!!
-
حقوق الانسان لاتشمل الفلسطينيين والعرب!!
-
قراءة في رهاني قطبي الساحة الفلسطينية
-
حماس والمسار المطلوب
-
اين تكمن المشكلة في المشهد الفلسطيني؟؟
-
المأجورون يخربون بيت فتح!!
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|