|
الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربية الجزء الخامس
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 1827 - 2007 / 2 / 15 - 09:43
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
رأينا فيما سبق كيف تم الفرز السياسي بعد انشقاق حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية عن حزب الإستقلال في 1959 ، و تناقضاتهما التي ستبرز في الإستفتاء على دستور الحكم المطلق في 1962 الذي دعا إلى مقاطعته و المشاركة في انتخابات 1963 ، و تأثير هذا الإنشقاق على العمل النقابي بعد تأسيس نقابة الإتحاد العام للشغالين بالمغرب من طرف حزب الإستقلال في 1961 و الهيمنة عليها ، و هيمنة الإتحاد الوطني للقوات الشعبية على نقابة الإتحاد المغربي للشغل في صراع دائم بين الإتجاه البيرقراطي و الإتجاه الثوري في الحزب و النقابة ، و تأثير تناقضات القيادات البورجوازية لهذين الحزبين على الجماهير الشعبية في محاولة منهما لتشتيت و إضعاف الجماهير الشعبية و خاصة نضالات الطبقة العاملة ، دون أن ننسى كيف أسس النظام الحاكم لهذه الإنشقاقات بعد ظهير 1958 المنظم لتأسيس الأحزاب و تفريخ حزب الحركة الشعبية في 1958 ، الذي استغل البعد الأمازيغي لاستعماله أيديولوجيا و ربطه بالبوادي و حظر الحزب الشيوعي في 1960 في ظل حكومة يترأسها ؤئيس حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية بعد القضاء على انتفاضة الريف ، و عزل البوادي بعد تصفية المقاومة الوطنية الثورية و جيش التحرير التي شكلتها الطبقة العاملة و الفلاحون الفقراء ، و تأسيس جبهة الدفاع عن المؤسسات برئاسة وزير الداخلية في 1963 للمشاركة في الإنتخابات المزورة التي ستعطي لهذا الحزب الأغلبية البرلمانية ، و استطاعت الجماهير الشعبية ضرب حسابات النظام الحاكم بعد انتفاضة 23 مارس 1965 التي أرغمته على حل مؤسساته و فرض حالة الإستثناء. و هكذا يكون تحالف الإقطاع و البورجوازية قد استكمل هيمنته على السلطة السياسية للتفرغ للإستغلال الإقتصادي ، و ذلك بشراء الضيعات التي أقامها المعمرون على أراضي الفلاحين الفقراء و الذين فضلوا بيعها خوفا من مصيرهم أمام الأحداث التي شهدها البلاد ، إلا أن النظام الحاكم سارع إلى وقف هذه العملية بسن قانون 1963 الذي يمنع على المعمرين البيع بدون ترخيص ، و أصبح النظام القائم يتحكم في أراضي الفلاحين الفقراء التي يستهدفها بتطبيق القوانين الإستعمارية : قانون غشت 1913 الذي يتضمن عدة إجراءات غامضة للاستيلاء على الأرض، قانون 01 يوليوز 1914 المحدد للأملاك العمومية، قانون يناير 1916 الخاص بالتحديد الإداري و المحافظة على الغابات... ، في الوقت الذي يريد فيه التحكم في طبقة الملاكين العقاريين الكبار كطبقة حليفة له دون أن يترك لها المجال مفتوحا للهيمنة على خيرات البلاد دون مراقبته ، في الوقت الذي ركزت فيه البورجوازية الكومبرادورية مكانتها في تراكم الأموال بالمدن عبر استغلال الضيعات التي اشترتها عند المعمرين بالبوادي ، و التي تم إقامتها على الأراضي المسقية و تعزيزها بابتداع سياسة السدود لتوفير مياه الري لها على حساب أراضي الفلاحين الفقراء ، و باستيلائها على المعامل الصناعية و الأبناك بالمدن تكون هذه الطبقة قد هيمنت على اقتصاد البلاد ، و أصبحت تهدد حتى طبقة الملاكين العقاريين الكبار الخاسرة فعلا في الصفقة بين الإستعمار المباشر و النظام القائم . و لم يبق أمام الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين إلا مواجهة هذا المخطط الإستعماري الجديد التابع للرأسمالية الإمبريالية ، عبر التنظيم السياسي الذي يرى فيه المعبر عن طموحاته في التحرر و هو الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، لكون قياداته البورجوازية قد تخرجت من مدرسة الحركة الوطنية الثورية خلال مقاومة الإستعمار المباشر ، في الوقت الذي تجهل فيه التوجهات الحقيقية لهذا الحزب البورجوازي الذي سيعرف نكسات سياسية ، بعد القضاء على مناضليه المرتبطين بالمقاومة الوطنية الثورية و جيش التحرير في1960 و 1963 و 1964 ، و في الإنتفاضة الشعبية في 1965 و اغتيال قائده الشهيد المهدي بن بركة في أكتوبر 1965 ، و عبر انتفاضاتها العفوية خاصة انتفاضات الفلاحين الفقراء بأولاد خليفة و تسلطانت و أولا تايمة ... و لم يبق أمام الطبقة العاملة إلا تنظيمها النقابي الإتحاد المغربي للشغل كتعبير تنظيمي للدفاع عن مطالبه و أداة لإبراز مقاومته لهذا المخطط الإستعماري الجديد ، و كانت أروع المعارك البطولية التي خاضتها الطبقة العاملة تلك التي تمت في 1961 و التي استمرت 10 أيام من طرف المنجميين بمناجم الفوسفاط ، و التي تجلت في صيانة المكاسب التي حققوها في إطار القانون التأسيسي للمنجميين إضافة إلى ما حققه العمال في القطاع العام و خاصة في الكهرباء و السكك الحديدية ، إلا أن المد البيروقراطي داخل الإتحاد المغربي للشغل و بتواطيء مع النظام القائم و للحد من المد النضالي الثوري ، عمل على تركيز ما كان يسمى ب" سياسية الخبز " لردع المناضلين النقابيين الثوريين و الفصل بين العمل السياسي و النقابي و بالتالي فصل الطبقة العاملة عن نضالات الطبقات الشعبية ، و لا غرابة أن يتم تغييب الطبقة العاملة في الإنتفاضة الشعبية في 1965 كطبقة ، و هي وليدة الصراع مع الرأسمالية الإمبريالية خلال الإستعمار المباشر شاركت في تركيز دعائم الحركة الوطنية الثورية . و بعد القضاء على تحالف الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و عزل المدن عن البوادي لم يبق في مواجهة المخططات الإستغمارية الجديدة ، إلا الحركة الشبيبية الثورية التي تجد تعبيراتها في الحركة الطلابية و التلاميذية في إطار الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، و لم تحدث أية انتفاضة بعد 1965 إلا و كان المحرك الأساسي فيه الشبيبة انطلاقا من إضرابات 1970 و 1971 و 1972 و وصولا إلى انتفاضات 1981 و 1984 و 1990 ، و لهذا نجد أن النظام القائم بعد استنفاذه لجميع وسائل للقضاء على الحركة الطلابية الثورية بالجامعات و الثانويات ، لم يجد بدا من فرض الحظر على المنظمة الطلابية الثورية خاصة ما بين 1973 و 1978 ، هذه الفترة التي تعتبر فترة حاسمة للقضاء على قيادات الحركة الماركسية المغربية في منظمة إلى الأمام و منظمة 23 مارس ، ومواجهة كل الحركات الطلابية و التلاميذية بالقمع و الإعتقال التي لم يستطع إخمادها إلا أنه استطاع فصلها عن الحركة الجماهيرية الشعبية ، المتجلية في احتواء تعبيراتها السياسية و النقابية عبر القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية ، و أصبحت الجامعة منفصلة عن الواقع الإجتماعي للطبقات الشعبية بعد القطيعة بين تنظيمها الإتحاد الوطني لطلبة المغرب و التنظيمات الحزبية البورجوازية و التنظيمات النقابية التي تهيمن عليها القيادات البورجوازية الحزبية و البيروقراطية. في ظل هذه الأوضاع عمل مجموعة من الطلبة الصحراويين الثوريين في الجامعات المغربية على تأسيس لجنة للدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي ، و اتجهت أول الأمر إلى وزارة الداخلية قصد طرح أفكارها حول تقرير مصير الشعب الصحراوي و لم يلقوا استجابة لمساعيهم ، و غادروا المغرب في اتجاه ليبيا و الجزائر التي لقوا فيهما ترحيبا لأفكارهم حول قضية تصفية الإستعمار في الصحراء الغربية ، و أسسوا فيما بعد جبهة البوليزاريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية في الوقت الذي يشتغل فيه النظام الحاكم في تصفية تناقضاته الداخلية ، و المتمثلة في التناقضات بين الأجهزة العسكرية التي استغلها النظام القائم في قمع الحركة الوطنية الثورية و الإنتفاضات الشعبية ، فكان لا بد من تصفية الحسابات الداخلية لهذه الأجهزة خاصة و أنها تشكلت كطبقة خلال 15 سنة من الإستقلال الشلكي ، و تقوت بفعل جرائمها ضد الشعب المغربي في الريف و الجنوب و الإنتفاضة الشعبية في 1965 و الحركة الطلابية و التلاميذية في الجامعات و الثانويات و المعتقلات السرية و العلنية ، و اغتيالات المناضلين الثوريين خاصة الشهيدين عباس المساعدي و المهدي بن بركة و الهيمنة على وزارة الداخلية و نشر الرعب في صفوف الشعب المغربي ، في ظل هذه الأوضاع حدث انقلابان عسكريان في يوليوز 1971 و غشت 1972 و اللذان يعبران عن مدى ما وصلت له التناقضات الداخلية للنظام القائم ، و في مارس 1973 قام الجناح العسكري بالإتحاد الوطني للقوات الشعبية بعمليات انتحارية لا تستمد أسسها من الحركة الثورية المغربية ، بعد أن عمد على القيام ببعض العمليات العسكرية المحدودة في الزمن و المكان و التي لم تستطع تجاوز التناحر بين الطبقات الشعبية ، الشيء الذي زعزع أركان النظام القائم بعد هذه المحاولات الثالث و دفعه إلى فتح النقاش من جديد مع القيادات البورجوازية لحزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، الذي يعمل في إطار الكتلة الوطنية مع حزب الإستقلال حول ما سيسمى فيما بعد بالسلم الإجتماعي و المسلسل الديمقراطي ، و عمل النظام القائم على المشارك في حرب أكتوبر 1973 لإيهام الجماهير الشعبية بارتباطه بالقضايا العربية و بالتالي لفة أنظار الأجهزة العسكرية بعد المحاولتين الأنقلابيتين ، و المطالبو بالصحراء الغربية بتآمر من النظام الديكتاتوري بإسبانيا و فتح جبهة الصحراء الغربية كبؤرة توتر في حربه مع جبهة البوليزارية من 1975 إلى 1981 ، التي جعلها مجالا لتصفية الأجهزة العسكرية و أداة لقمع الحركات الثورية بافتعال ما يسمى يالوحدة الوطنية. في ظل هذه الأوضاع السياسية نشأت الحركة الماركسية اللينينية في 1970 و كان أول عمل مشترك بين المناضلين الثوريين المنشقين عن حزب التحرر و الإشتراكية و الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، الذين سيؤسسون فيما بعد منظمتي إلى الأمام و 23 مارس هو الحركة السياسية في 04 ماي 1970 ضد زيارة وزير الخارجية الإسباني لوبيز برافو للمغرب ، قصد عقد صقفة بين النظامين الديكتاتوريين بالمغرب و إسبانيا حول استغلال فوسفاط بوكراع و ساهمت في هذه الحركة بشكل كبير الحركة الطلابية ، و في هذه الفترة فتح النظام القائم بابا من أبواب القمع من جديد و هذه المرة في حق الحركة الماركسية اللينينية ، خاصة و هي في مهد تشكلها بعد إفلاس القيادات البورجوازية لحزب التحرر و الإشتراكية و حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، و شملت اعتقالات 1972 و 1974 قيادات منظمة إلى الأمام و قيادات الأتحاد الوطني لطلبة المغرب ، و على إثرها تم استشهاد الشهيد القائد عبد اللطيف زروال في 14 نونبر 1974 .
تارودانت في : 13 فبراير 2007 امال الحسين
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربي
...
-
الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربي
...
-
الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربي
...
-
الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربي
...
-
في حديث مع التحريفيين الجدد بالنهج الديمقراطي 2
-
حتى لا تكون الأمازيغية الوجه الآخر للأصولية 2
-
حتى لا تكون الأمازيغية الوجه الآخر للأصولية
-
الحركة الثورية و بناء الحزب الثوري
-
في حديث مع التحريفيين الجدد بالنهج الديمقراطي
-
الرسالة النقدية للمناضل الماركسي اللينيني عزيز المنبهي إلى ق
...
-
من أوراق منظمة إلى الأمام : الوضع الراهن والمهام العاجلة للح
...
-
حركة النهج الديمقراطي إلى أين ؟
-
من ثرات منظمة إلى الأمام : دور الشهيد القائد عبد اللطيف زوال
...
-
من او راق منظمة إلى الأمام : لنبن الحزب الثوري تحت نيران الع
...
-
من او راق منظمة إلى الأمام : سقطت الأقنعة فلنفتح الطريق الثو
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام ا
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام ا
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام ا
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام
...
المزيد.....
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا
...
-
-غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
-
بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال
...
-
في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
-
5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
-
قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا
...
-
خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة
...
-
اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال
...
-
اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|