عبد الكريم حسن سلومي
الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 18:10
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
محطات معالجة مياه الصرف بأنواعها لها دور كبير في مواجهة شحة المياه بالعراق
في الحقيقة والواقع ان محطات معالجة مياه الصرف الصحي بمختلف أنواعها لها دور كبير واستراتيجي في تنمية موارد المياه لمواجهة شحة المياه في العراق ويمكن اعتبارها أحد أهم الحلول العملية لضمان أمنه المائي على المدى الطويل.
مساهمة هذه المحطات في معالجة ازمة المياه
1-توفير مصدر مائي بديل وغير تقليدي
أ-تحويل مياه الصرف الصحي المعالجة وجعلها من مشكلة بيئية إلى مورد مائي اضافي
ب-سد جزء كبير من العجز المائي خاصة في فترات الجفاف وانخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات.
2-تقليل الضغط على المصادر المائية التقليدية
أ-توفير مياه صالحة للاستخدامات التي لا تتطلب مياه ذات جودة عالية مما يوفر كميات أكبر من مياه الأنهار والمياه الجوفية للاستخدام البشري المباشر.
ب-استخدام المياه المعالجة في:
o الزراعة عن طريق ري المحاصيل غير المستخدمة مباشرة مثل كالقطن والأعلاف
o الصناعة و في عمليات التبريد وغسل المعدات.
o المناطق الخضراء وري حدائق المدن وميادينها ومجالات السياحة والملاعب .
3-الحفاظ على البيئة والصحة العامة
أ-منع تصريف مياه الصرف غير المعالجة إلى الأنهار والبحيرات مما يقلل من التلوث ويحسن جودة المياه السطحية والجوفية.
ب-التقليل من الأمراض المنقولة بالماء وتحسين الوضع الصحي للسكان.
4- الفوائد الاقتصادية
أ-خلق فرص عمل في مجال تشغيل وصيانة محطات المعالجة.
ب-دعم القطاع الزراعي والصناعي بمصدر مائي مستقر مما يعزز الإنتاج والأمن الغذائي.
التحديات التي تواجهها محطات المعالجة في العراق
على الرغم من اهمية هذه المحطات للمحافظة على بيئة نظيفة إلا أن قطاع معالجة مياه الصرف في العراق يواجه عدة عقبات تعيق استغلاله الكامل و الصحيح
1-نقص الاستثمار والبنية التحتية اغلب المحطات قديمة أو لا تعمل بكفاءة وهناك حاجة ماسة لبناء محطات جديدة متطورة
2-ضعف الصيانة والإهمال الكبير وعدم توفر الكوادر الفنية المؤهلة وقطع الغيار يؤدي إلى تعطيل العديد من الوحدات في هذه المحطات
3-عدم اكتمال شبكات الصرف الصحي في اغلب المناطق بحيث لا تصل مياه الصرف إلى المحطات كواقع حقيقي بل يتم تصريفها في الأنهار أو المبازل او الأهوار مباشرة.
4-القبول من قبل المجتمع فهناك تردد من قبل بعض الفلاحين في استخدام المياه المعالجة بسبب نقص الثقة في جودتها أو لأسباب ثقافية.
تفعيل دور محطات المعالجة في العراق
تعتبر إدارة موارد المياه المتكاملة بالعراق كواقع جدا متخلفة ومتأخرة حيث انها لم تنشط في محاور عديدة في هكذا ادارة فمثلا إعادة استخدام المياه المعالجة لحد الان لم يتحرك عليه واكاد اجزم انه لم يستخدم بل بقيت مياه الصرف من اكبر مصادر التلوث لمصادر المياه الطبيعية ولذلك فان استخدام المياه المعالجة سيصبح امرا حتميا ولابد منه لضمان استدامة المياه في العراق في ظل التحديات المناخية والجفاف المتكرر.
لذلك يمكن تفعيل دور محطات المعالجة بالعراق لتساهم بتقليل تأثيرات الشحة المائية بالعراقاو سد جزء من العجز المائي لديه
وان هذا التفعيل يتطلب خطة استراتيجية شاملة تعالج التحديات التقنية والمالية والتشريعية والاجتماعية والصحية ويجب ان تكون خطة عملية حقيقية وفعالة وتنفذ على الارض كواقع ضروري وكما يلي
أولا: الجانب التقني والبنية التحتية
1-إعادة تأهيل المحطات القائمة:
أ-إجراء مسح شامل لتقييم حالة جميع المحطات الموجودة وتحديد أولويات الإصلاح.
ب-توفير قطع الغيار والتقنيات الحديثة لتحسين كفاءة المعالجة.
ج-تحويل المحطات إلى نظام متطور ويعمل اوتوماتيكيا لمراقبة الأداء والكشف عن الأعطال.
2-بناء محطات جديدة بتقنيات متطورة:
أ-بناء محطات بتقنيات معالجة حديثة ومتطورة في كل المدن والقصبات
ب-اعتماد تقنيات المعالجة الثلاثية (مثل التناضح العكسي والأغشية والتطهير بالأشعة فوق البنفسجية) لإنتاج مياه عالية الجودة (مطابقة لمعايير منظمة الصحة العالمية) تصلح لأغراض الشرب وإعادة تغذية الآبار الجوفية.
ج-تصميم المحطات بشكل وحدات ممكن توسعها في المستقبل.
3-إكمال وتوسيع شبكات جمع الصرف الصحي:
أ- لا يمكن الاستفادة من محطة متطورة إذا لم تصلها المياه لذلك يجب استكمال بناء شبكات الأنابيب لتغطية جميع الأحياء خاصة في الضواحي والمناطق غير المخدومة.
ب فصل شبكات مياه الأمطار عن شبكات الصرف الصحي لمنع إغراق المحطات وتخفيف الحمل عليها ويعتبر هذا الامر من الامور المهمة والذي يجب ان ينفذ بقوه لكون مياه الامطار نوعياتها جيدة وممكن توجيهها وصبها لمصادر المياه الطبيعية
ثانيا: الجانب المالي
1. يجب زيادة المخصصات الحكومية:
أ-اعتبار قطاع معالجة المياه استثمار استراتيجي في الأمن المائي وليس مجرد خدمة
ب-تخصيص نسبة من عوائد النفط لهذا القطاع.
2. جذب الاستثمار الخاص الوطني بالمشاركة بين القطاع العام والخاص
أ-تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في بناء وتشغيل المحطات من خلال عقود طويلة الأجل تضمن له تحقيق عائد مناسب.
ب- التعاون بنماذج كالبناء او التشغيل فقط او نظام المساطحة وكلها نماذج لو خلصت النوايا ستكون فعالة
3-التمويل الدولي والمنح
السعي للحصول على قروض ميسرة ومنح من المنظمات الدولية المختصة في مجال المياه والبيئة.
ثالثاً: الجانب التشريعي
1-وضع تشريعات صارمة وواضحة:
أ-إصدار قوانين تلزم الجهات المختلفة (البلديات، المصانع، المزارع) بعدم تصريف مياه الصرف غير المعالجة في الأنهار.
ب-وضع مواصفات قياسية إلزامية لجودة المياه المعالجة وفقا لطريقة إعادة استخدامها (ري، صناعة، إعادة تغذية مياه جوفية)
2-إنشاء هيئة وطنية مستقلة لإدارة المياه المعاد استخدامها:
تكون مسؤولة عن الإشراف على جميع المحطات و وضع المعايير , مراقبة الجودة وتوزيع المياه المعالجة على المستفيدين.
3-تطبيق مبدأ ( الملوث يدفع)
فرض غرامات كبيرة على المصانع والمؤسسات والتي تصرف ملوثات صناعية ثقيلة في شبكة الصرف الصحي دون معالجة أولية لأنها تعطل عمل محطات المعالجة.
رابعا: الجانب الاجتماعي والتوعية
1. حملات توعية مكثفة:
أ-استخدام وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لشرح أهمية المياه المعالجة وكيفية استخدامها الآمن.
ب-توضيح الفرق بين المعالجات وانوعها لغرض الاستخدام
2. إشراك المجتمع والجهات المستفيدة:
أ-تنظيم زيارات ميدانية للمحطات لطلاب المدارس والجامعات والمهندسين والمواطنين لبناء الثقة.
ب-إنشاء برامج تحفيزية لفلاحين لاستخدام المياه المعالجة
3- تنفيذ نماذج واقعية للتوضيح
يجب إنشاء مشاريع ري نموذجية باستخدام المياه المعالجة في كل محافظة لإثبات نجاحها وانها امنة كنموذج يحتذى به.
خامساً: تنمية القدرات والبحث العلمي
1. تدريب الكوادر الوطنية:
أ-إنشاء مراكز تدريب متخصصة لتأهيل المهندسين والفنيين على تشغيل وصيانة المحطات المتطورة.
ب-عقد شراكات مع جامعات وطنية و دولية لتبادل الخبرات.
2. دعم البحث والتطوير:
أ-تشجيع الجامعات العراقية على إجراء أبحاث لتحسين تقنيات المعالجة المناسبة لطبيعة وتركيب مياه الصرف العراقية.
ب-دراسة أفضل المحاصيل الملائمة للري بالمياه المعالجة.
سادساً: الارتباط مع السياسات المائية الأخرى
أ-يجب أن تكون المياه المعالجة جزءا من خطة وطنية متكاملة لإدارة المياه وليس حلا منفردا
ب-يجب ربطها بسياسات ترشيد الاستهلاك وتحسين نظم الري في الزراعة
التوصيات
ان محطات معالجة مياه الصرف هي استثمار في المستقبل وليست تكلفة إضافية ولغرض تعظيم دورها في مواجهة شحة المياه يجب:
1-زيادة المخصصات المالية لبناء محطات جديدة وتحديث القائم منها.
2-تعزيز برامج التدريب للكوادر الوطنية على إدارة وتشغيل هذه المحطات.
3-وضع تشريعات صارمة تمنع التلوث وتلزم باستخدام المياه المعالجة في المجالات غير البشرية.
4-نشر التوعية المجتمعية عن أهمية وفوائد المياه المعالجة وآليات ضمان جودتها.
اخيرا
ان تفعيل دور محطات المعالجة هو عملية متعددة المحاور تحتاج إلى إرادة سياسية وتمويل كبير وخطة واضحة وان النجاح في هذا الملف لن يحل أزمة شحة المياه بل سينقذ أنهار العراق من التلوث ويحسن الصحة العامة ويوفر بيئة مستدامة للأجيال القادمة لذلك لابد من البدء بمشاريع نموذجية ناجحة في مدن مختارة يمكن أن يكون نقطة انطلاق لتعميم التجربة على كل محافظات ومدن البلاد.
المهندس الاستشاري
15-9-2025
#عبد_الكريم_حسن_سلومي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟