الحركة النقابية العمالية العالمية والعربية
الثورة الصناعية أدت بالضرورة إلى نشوء الرأسمالية وفي الوقت
نفسه إلى نشوء الطبقة العاملة
القسم الرابع
بدايات الحركة النقابية في اوربا
لقد صاحب نهوض الرأسمالية في بريطانيا وفي بلدان اوربا ازدياد هائل في عدد العمال وعليه بدأ العمال يشعرون بوجوب النضال ضد الرأسمالية إذا هم أرادوا الاستمرار في الحياة.
ولهذا فإن مرحلة تأسيس النقابات في بريطانيا انعكست على تكوين النقابات وتأسيسها في الدول الرأسمالية الاوروبية وبعض المستعمرات.
صحيح ان اوربا كانت متأخرة صناعياً عن بريطانيا لكنها عملت جاهدةً لتصفية النظام الاقطاعي واقامة النظام الرأسمالي ، ولعبت الثورة الفرنسية والحروب البونابرتية التي حملت الدمار والشقاء للبلدان الاوروبية دوراً بارزاً في سقوط الاقطاعية، وساعدت على نمو الرأسمالية، فقامت الدول الرأسمالية الحديثة غرب اوربا، ولكن في حينها لم تكن لا ألمانيا ولا إيطاليا مهيأتين تماماً بسبب تجزئتهما إلى دويلات عديدة.
ان قوانين نشوء الرأسمالية وإنتصارها حتمت بالضرورة ايجاد القوى الملائمة لظهورها، تلك القوى التي قامت الرأسمالية نفسها بتحريرها من العلاقات القديمة، ولكن في الوقت نفسه استعبدتها، وبرهنت قبل اي شيء بأنها " أداة لامتصاص الثروة التي تنتج بأيدي العمال وتستقر في بجيوب مالكي الانتاج الاجتماعي ، الرأسماليين ـــ مالكي الصناعات والأرض، والبنوك والمواصلات ووسائل النقل"
فالرأسمالية حررت الفلاحين من العلاقات الاقطاعية الجائرة والعمال المأجورين من الجمعيات الحرفية ـــ وجعلتهم وفق إرادتهم يختارون أعمالهم بأنفسهم، إلا أنها في الوقت ذاته، استخدمتهم بشكل فظ واستعبادي، منحتهم الإجور لتجديد طاقاتهم ولتعود فتسرق منهم قوة عملهم " ان الطبقة العاملة لم تعان في أي وقت مثل ما عانته بظل ظروف يوم العمل الطويل والسكن المزري، وانخفاض أجر النساء العاملات وتشغيل الأطفال المخجل وإرهاب أرباب العمل للعمال في جميع أماكن العمل"
وعليه راح العمال ولأجل الدفاع عن أنفسهم يؤسسون جمعياتهم أو " اتحادات المساعدة المتبادلة" وطوروا هجومهم، ومارسوا النضال بأشكال متعددة، فمن تحطيم الآلة إلى الاضرابات أو التمردات، والانتفاضات، وأخذ العمال يفكرون ويبحثون عن طريق يؤدي لتصفية النظام الرأسمالي، وإقامة مجتمع عادل بدلاً عنه، مجتمع بدون استغلال، يحفظ حقوقهم ويصون كرامتهم.
ومثلما أشرنا مسبقاً، فقد تأسست النقابات في اوربا تحت تأثير تأسيس النقابات في بريطانيا، ونجد من الضروري تناول بعض البلدان الأوربية وتأريخ تأسيس النقابات فيها بشكل موجز وبخاصة أن ظروف التأسيس كانت متشابهة تقريباً ليس على نطاق اوربا فحسب بل في بلدان عديدة في العالم.
1 – ألمانيا
في ألمانيا كانت الجمعيات الحرفية تضم أكثرية العمال، وهم يعملون أيضاً " كعمال زراعيين أو صناع أو أجراء"
وظهرت المعامل من الجمعيات الحرفية في العقد الرابع من القرن الثامن عشر، وتطورت السكك الحديدية، وتصاعدت وتيرة ازدياد عدد العمال في مناجم الفحم في بروسيا حتى وصل زهاء 29,907 عامل عام 1860م.
ولأهمية المكائن البخارية لتطوير الصناعة، فقد " ارتفع عدد المكائن البخارية 4582 ماكنة، ما عدا قاطرات السكك الحديدية" أما العمال فكانوا يتقاضون اجوراً واطئة جداً، لا تكفي لسد رمقهم ولا تلبي أبسط الحاجات المعيشية، فعاشوا في فقر مدقع وبؤس شديد وفي بيوت لا تصلح لسكن البشر وحرموا من أي ضمان اجتماعي أو حرية الاشتراك في الانتخابات وعملوا من 12 ــ 16 ساعة في اليوم/ كل هذه الامور دفعت العمال رويداً رويداً للدفاع عن حقوقهم .
وأول خطوة قاموا بها هي تكوين " الجمعيات والاتحادات" ولا سيما في المراكز الصناعية. لقد أعتبر العمال تأسيس هذه الجمعيات والاتحادات هو الطريق الصحيح لحمايتهم من جشع الاستغلال الرأسمالي.. ولم يكتفوا فقط بتشكيل الاتحادات بل تطورت عندهم ظاهرة الاضرابات، فقاموا باضرابات عديدة، وفي أثناء البدايات الأولى لكفاحهم توجهوا إلى تحطيم الآلات والمكائن واعتقدوا أيضاً أنها سبب تدري لأوضاعهم على جميع الصعد.
لقد تكونت النقابات ما بين اتحادات المهن في المراكز الصناعية المختلفة. لكن ظهرت نقابتان على النطاق الوطني وهما نقابة " عمال المطابع ونقابة عمال التبغ" وعقد أول مؤتمر لهما عام 1848م ، وأصبحت منظمة جماهيرية واسعة قدر عدد المنتسبين لها عام 1850م حوالي 250 مجموعة نقابية محلية، أثناء ذلك قامت بنشر برنامجها الذي لم يكن بامستوى المطلوب لحركة نقابية صافية بل أخذ على هذا البرنامج " دعوته إلى تكوين لجان مختلفة بين أرباب العمل والعمال لتدارس شروط الاجور والعمل"
لقد ظهر بعد ذلك مدى تأثير مثل هذه الاتجاهات على الحركة النقابية حيث ترعرعت الأفكار الإصلاحية والتوفيقية، واتخذت مسارات حادة في انعطافها إلى اليمين مما أضر الحركة العمالية النقابية الالمانية.
على ضوء التوسع الذي حصل على هذه الحركة تم تأسيس " اتحاد الطباعين الوطني وجمعية عمال السكائر الالمانية عام 1848م" وانتشر تأسيس النقابات فشعرت الحكومة بخطورتها وراحت تتحين الفرص للإجهاز عليها، وتسنى لها ذلك في تموز 1854م، وافلحت في حل جميع النقابات والمنظمات التي تتبنى " أهدافاً سياسية اشتراكية".
وقامت يتحريم الاضرابات لحماية مصالح الرأسماليين الألمان، واجبار العمال على السكوت والرضوخ وعدم الدفاع عن مصالحهم وأوضاعهم المتدهورة.
لكن الطبقة العاملة الالمانية لم تترك ساحة النضال وشنت الإضرابات العديدة متحدية قرارات الحكومة وقوانين المنع الظالمة التي أصدرتها الهادفة إلى شل قدرة العمال في تنظيم انفسهم في منظماتهم الخاصة بهم.
اتجه العمال لتكوين " منظمة نقابية وطنية واحدة" فأسسوا لجنة تحضيرية كان من أبرز مهماتها التهيؤ لعقد المؤتمر .. وفعلاً أثمرت جهود العمال بعقد المؤتمر في مدينة لايبزك، وأعلن عن تشكيل " اتحاد العمال الالماني العام " وأعتبر هذا الاتحاد منظمة سياسية أكثر مما هو اتحاد نقابي لأنه كان فرعاً تابعاً للحزب الاجتماعي الديمقراطي الالماني، إلا أنه مع ذلك كان اتحاداً مكزياً على نطاق ألمانيا قد قدم " خدمات جليلة للحركة النقابية الالمانية".
2 - فرنسا
كانت فرنسا أحدى الدول المتقدمة في التطور الرأسمالي، و في عام 1765م وابان حكم (لودفيج الخامس عشر) تمت تصفية الجمعيات الحرفية .
وعندما قامت الثورة الفرنسية الكبرى ، منعت الجمعيات الحرفية وأعقبت هذه الإجراءات قوانين صدرت عام 1791م تحرم الاتحادات وتمنع الاضرابات، كما انها وقفت بشكل تام ضد زيادة الاجور، لقد كانت فترة 1830 م في فرنسا مشابهة بالتي حدثت في بريطانيا تقريباً حيث قام العمال بتحطيم الآلات والمكائن في العديد من المعامل لا سيما بعد الثورة الفرنسية الكبرى التي لم تحقق الديمقراطية وانتهت بحصرها في نطاق ضيق، وترافق مع هذا الوضع زيادة بؤس وشقاء وتردي حالة الجماهير الكادحة أثناء سيطرة " الرأسمالية الحديثة" ولم تشمل أي اجراءات أو اصلاحات الطبقة العاملة فتمردت على هذا الواقع وقامت باضرابات عديدة، طالبت بحقوقها المشروعة لكن الحكومة كما هو معروف ردت على هذه الاضرابات باعتقال الآلاف من العمال مستندة على قوانين قاسية صدرت لهذا الغرض فحكم على سبعة آلاف عامل بالسجن مابين عامي 1825 ـــ 1847م.
لقد سجل التاريخ في تلك المرحلة ابرز الاضرابات، اضراب عمال النسيج في مدينة ليون عام 1831م حيث اشترك فيه اربعون ألف عامل وانتصر العمال على القوى المسلحة الحكومية خلال المصادمات الكبيرة التي حدثت بينهما، وتمكن العمال من احتلال المدينة لعدة ايام، كما حدثت موجة من الاضرابات المستمرة امتدت ما بين 1790 ـــ 1830م .
ان الطبقة العاملة الفرنسية تطورت واتسعت كماً ونوعاً " وعلى سبيل المثال بلغ عدد عمال الصناعات النسيجية فقط حينذاك 300 ألف عامل" وبنتيجة تردي أوضاع الطبقة العاملة قام العمال في عام 1864م بالتوقيع على " رسالة الستين عامل" التي تم نشرها، يطالب الموقعون عليها " القيام بأعمال سياسية مستقلة بالطبقة العاملة وبحق التنظيم
النقابي" إلا أن نابليون الثالث قام باستخدام قانون صادر في عام 1761م ينص أيضاً على محاربة الاتحادات، وعلى ما يبدو أن الرأسماليين الكبار في أوربا كانو يستفيدون من خبرة بعضهم البعض في سن مثل هكذا قوانين متشابهة تستخدم في الأوقات الخطرة على مصالحهم.. فلم تقف النقابات مكتوفة الأيدي امام الاجراءات التي حاول نابليون الثالث تطبيقها واستمرت بالتصدي لها ولقد ازدادت قوة يوماً بعد آخر بوقوفها ضد الاعمال الارهابية والقمعية التي مورست ضدها.
وبالرغم من المنع الصادر بحقها باعتبارها غير شرعية بحكم القانون السابق، وبعد هزيمة نابليون الثالث في الحرب مع ألمانيا هبت الجماهير الشعبية محطمة الامبراطورية القيصرية الثالثة وقامت باعمال ثورية جبارة في أيلول 1850م واعلنت الجمهورية وتأليف حكومة مؤقتة سميت بحكومة " الدفاع الوطني" ولقد اشترك الجمهوريون المعتدلون في الحكومة إلى جانب الملكيين، إلا أن هذه الحكومة " سلكت سبيل الخيانة الوطنية والتآمر والغدر مع العدو الخارجي" وسرعان ما خان القادة أهداف الثورة، فساد التذمر والسخط بين الجماهير وثار عمال باريس وقاموا في 15 شباط 1871م بالسيطرة على المدينة وكونوا الكومونة التي رفعوا علمها على دار البلدية في 18 آذار 1871م.
ان الكومونة كانت بحق أول دولة حملت روح الطبقة العاملة ولكنها انتهت بعد شهرين ونصف فقط، وكان لفشلها أسباب عديدة، أما النقابات فقد شاركت في جميع الاعمال الانشائية والدفاع عن باريس وتنظيم الانتاج على أساس تعاوني وإدارة المصانع التي هرب أصحابها بعد الانتفاضة إلى فرساي معقل الحكومة البرجوازية وحلفائهم..
لقد نظمت النقابات 43 جمعية تعاونية و7 جمعيات استهلاكية خلال حكم الكومونة القصير.
3- ايطاليا
لقد كانت ايطاليا مجزأة إلى عدد من الامارات والدويلات الصغيرة، وامتازت كل واحدة منها بالاستقلال عن بعضها، لكنها مع هذا دخلت مرحلة التطور الرأسمالي العاصف في بداية القرن التاسع عشر، وعاشت ايطاليا تلك الفترة تحت ضغط الامبراطورية النمساوية، لكنها تأثرت بالثورة البرجوازية الكبرى التي شملت انحاء في اوربا عام 1848 ـــ 1849م.. فقامت انتفاضات في كل انحاء ايطاليا في الاعوام المذكورة اعلاه، إلا أن النهوض الثوري الذي تبلور تدريجياً وتصاعد بوتائر عالية قد هبط وباءت محاولات الايطاليين المستمرة بالفشل لاخراج النمساويين الذين يحتلوت أرضهم، وبالرغم من من الاخفاق فالعملية النضالية التي خاضها الشعب الايطالي في سبيل تحرير اراضيه تسنى لها النجاح في عام 1859م ولم يكن مقتصراً هذا الكفاح على النمساويين فحسب بل أيضاً ضد الفرنسيين حتى تم طردهم عام 1870م من روما.
وهكذا تنفست البرجوازية الايطالية الصعداء، وأصبحت في وضع تستطيع معه السير إلى الامام " كدولة رأسمالية مستقلة" أما الطبقة العاملة الايطالية فهي لم تغب عن مسرح الاحداث الانفة الذكر، فلقد شاركت في النضالات الثورية المسلحة، لكنها كانت فتية وغير ناضجة، وعليه لم تستطع أن تطرح برنامجاً سياسياً طبقياً، ولم تقدر أن تأسس منظماتها أو تبرز قيادة طبقية خاصة بها إنما قادها الراديكاليون والبرجوازية الصغيرة، إلا أنها ورغم وضعها المذكور خاضت نضالات متعددة مميزة، فقامت بالعديد من الاضرابات عام 1848م وكانت تطالب برفع الاجور المتدنية، ثم جرت عملية تكوين الروابط العمالية، وقام الطباعون بتأسيس أول نقابة لهم عام 1848م وتلاها تأسيس العديد من النقابات مما حدا بالحكومة الايطالية ان تقوم بمنع النشاطات العمالية، وحرمت الاضرابات، وأصدرت قوانين جائرة عام 1859م وبالرغم من هذه القوانين فقد استمر نهوض الطبقة العاملة الايطالية وشنت اضرابات على امتداد عامي 1860 ـــ 1870م وشارك في قيادة بعض الاضرابات العمال الزراعيون وسجل التاريخ أول اجتماع محلي عقد في عام 1853م .
ولما كان عقد مؤتمر وطني مسألة بالغة الأهمية للطبقة العاملة الايطالية فقد أخذ العمال يحضرون لعقده وفعلاً تكللت جهودهم بالنجاح، فعقد المؤتمر في 1853م، إلا أن الحركة تأثرت بالأفكار البرجوازية، وعملت البرجوازية بكل ما في وسعها وبطرق وأساليب متنوعة للسيطرة عليها، وهكذا جابهت الحركة الكثير من الصعوبات والعوائق، ففقدت الحركة وحدتها الفكرية، ثم انشقت اثناء انعقاد المؤتمر الوطني الذي سمي " اتحاد العمل" في عام 1871م.
واستمرت الاعمال النقابية الاضرابية " وسجل عام 1860 ـــ 1870م م مئات الاضرابات" وأدت هذه النضالات إلى إلغاء القوانين المناهضة للاتحادات العمالية التي شرعت عام 1859م في عام 1890م.
لقد لعب الايطالي " ماتسيني الريدكالي" دوراً تخريبياً بانتهاجه خطاً محافظاً فمانع القيام بالاضرابات، ووقف موقفاً استسلامياً أمام صدور القانون 1859م، وطرح عدم اللجوء إلى النضال الطبقي، وتبنى الوسائل السلمية مع الرأسمالية ووفق الطرق القانونية لإزالة هذا القانون الجائر، بينما كانت الرأسمالية هي التي شرعت هذا القانون.. وكان لا يمكن إلغائه فقط بالطرق السلمية التي خاضها في البداية العمال وبالنتيجة فقد كانت الاضرابات والاحتجاجات هي التي أدت إلى الغاء هذا القانون وتراجع الرأسمالية أمام ضغوط الطبقة العاملة الايطالية.
لقد تصاعد عدد النقابات العمالية في ايطاليا إلى 771 منظمة " مختلفة الاشكال والاتجاهات" وأصبح الشكل السائد للمنظمات هو " رابطة المقاومة العمالية" لاسيما من 1870 ـــ 1880م .. أما أول نقابة حقيقية فقد تأسست عام 1872م من قبل العمال الطباعين وتم تأسيس المجلس النقابي المحلي عام 1872م.
4 – مرحلة تأسيس النقابات في اوربا، وبعض البلدان
المستعمرة
أما النقابات في كل من الأمبراطورية النمساوية، المجر، وتشيكوسلوفاكيا (السابقة قبل أن يجرى تقسيمها في أواخر القرن العشرين من قبل "هافل" رئيس جمهورية تشيكيا الحالي وصحبه القوميين الوطنيين إلى تشيكيا وسلوفاكيا!!) والقسم النمساوي من بولونيا، فقد كانت هذه النقابات ضعيفة بالنسبة للدول الاوروبية المار ذكرها ولا سيما بعد ثورة 1848م.
ولم يحدث سوى اضراب واحد في السنة المذكورة قام في براغ وبلس..
لكن الطباعين بادروا فأسسوا اول نقابة لهم في عام 1850م وبالرغم من الردة الرجعية التي اعقبت ثورة 1848م فقد شرعت عامي 1867 ـــ 1870م قوانين نمساوية سمحت بتأسيس بعض النقابات فتكون " اتحاد التأهيل العمالي" عام 1867م في فينا وانتشرت النقابات في هنغاريا لا سيما المراكز الصناعية.
أما أسبانيا فقد ظهرت نضالات ثورية منذ عام 1808 وحتى عام 1873م وأدت هذه النضالات إلى " تصفية سلطة نبلاء الريف، والحكم المطلق" وطرد الفرنسيين وتأميم الأراضي الزراعية الكبيرة العائدة " للكنيسة الكاثوليكية" والحد من سلطتها السياسية، وتأسست أول نقابة للنساجين في برشلونة عام 1840م وتطورت الصناعة في اسبانيا بين عامي 1850 ـــ 1870م، وجرت اضرابات وأعمال ثورية تتوجت باضراب سمي " اضراب الأربعين ألف عامل عام 1855م ونمت النقابات فبلغ عددها 537 نقابة و 370 اتحاداً محلياً يضم 300 ألف عضو.
وحصل العمال على حق " تأسيس النقابات عام 1855" كما تأسست أول نقابة للطباعين في بلجيكا عام 1842م ولم يتم انشاء نقابات حقيقية في النرويج والدنمارك وهولندا والسويد حتى سنة 1864م مع العلم انه كانت توجد في أغلبية هذه البلدان " اتحادات
المساعدة العمالية"
وأما في روسيا فقد حدثت عدة اضرابات عفوية عام 1870م وتأسست فيها النقابات في بداية القرن العشرين.
وتكونت النقابات في المستعمرات مثل نقابة الطباعين عام 1833 في سدني باستراليا، ونقابة نجاري الموبيليا عام 1836م وقد رافقتها سلسلة من الاضرابات العفوية، وفي كندا تأسست أول نقابة عام 1927م قام بتأسيسها الطباعون، وظهرت النقابات في ايرلندا أواخر القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر، وتأسس " مؤتمر النقابات الايرلندية عام 1894م" ولقد كان جميع هذه النقابات نقابات مهنية تخص العمال الفنيين لاسيما في البلدان المستعمرة، كما أنها كانت مرتبطة بالنقابات البريطانية كفروع لها " أو تعمل معها بشكل وثيق".
بعض استنتاجات حول المرحلة الأولى
من خلال هذه اللمحة المجزة البسيطة والسريعة لاحظنا كيف تكونت النقابات كما رأينا كيف كان انهيار الشارتية في بريطاني اله تأثيرات سلبية كبيرة على وضع الطبقة العاملة الانكليزية والاوروبية، أدى إلى اختفاء تلك المطامح وبالاخص في انكلترا حول الانتقاضة والثورة وكذلك مفهوم الصراع الطبقي، وجرى تبني مفاهيم غريبة "حول التعاون الطبقي" مع الرأسمالية.
إلا أن هذه الحقبة التاريخية كانت قد اغنت تجربة الطبقة العاملة في كل اروبا والعديد من البلدان الأخرى، ولا سيما ربط النضال الاقتصادي بالنضال السياسي والحاجة الماسة إلى برنامج علمي يرتكز على فهم قوانين التطور الاجتماعي، ومنذ ذلك الحين أدركت الطبقة العاملة الاهمية البالغة للنقابات التي هي شكل من اشكال تنظيم نفسها، إلى جانب كونها ليس الشكل الأرقى الذي يقود نضالاتها ضد الرأسمالية.
وأصبحت النقابات في عصرنا الراهن ذات تأثير كبير على مجريات الأمور التي تحدث على الساحة الدولية، حيث انظم إليها مئات الملايين من الناس، فهي إلى جانب نضالها في سبيل حقوق الطبقة العاملة الكاملة المشروعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية... الخ تناضل من أجل قضايا الساعة المهمة مثل مساندة نضال الشعوب المقهورة لأجل تحررها الأقتصادي والسياسي والنضال ضد العولمة الرأسمالية الحديثة وضد التميز العنصري وقضايا الجوع والأمراض في البلدان النامية كما أنها تقف بالضد من تقليص المساعدات الاجتماعية وزيادة الضرائب وبالضد من الحروب وتجارة الأسلحة وسياسات الحكومات التي تنتهد سياسة أرهابية وضد حقوق الإنسان، كما إنها تناضل في سبيل السلام العالمي وضد نشوء حرب نووية مدمرة تكون أول نتائجها نهاية الجنس البشري على الأرض.
مصادر حول المرحلة الأولى لتأسيس النقابات.
1- تاريخ التريديونيونية : سدني، باتريك ويب مواضيع دراسية
2- الحركة النقابية البريطانية: هون ، مواضيع دراسية
3- موجز الحركة النقابية العالمية: وليم ز فوستر
4- تاريخ وضع العمال في المانيا : مواضيع دراسية
5- وضع الطبقة العاملة في انكلترا: انجلز
6- الاشتراكية الطوباوية والاشتراكية العلمية: انجلز
7- نقابات العمال في المجتمع الحديث: هارولدج لاسكي
8- محاضرة عن الخلفية التاريخية لتريديونات : بادكا برلين
9- رأس المال الجزء الثالث" كارل ماركس
10- محاضرة حول الحركة السنيطالية في ايطاليا وفرنسا
11 – الاتحاد العالمي للعمل : ن ميخوف
12 – مقالات متنوعة حول الحركة النقابية العالمية" مجلات وجرائد عربية، مجلة الطريق،
مجلة الثقافة الجديدة.
خاص بأصداء
يتبع ــ اتحاد النقابات العالمي.. ثمان وخمسون عاماً
ولمحات عن الحركة النقابية العمالية العربية في الأقطار العربية