أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هدى زوين - العمل شرف لا ينتظر الوظيفة














المزيد.....

العمل شرف لا ينتظر الوظيفة


هدى زوين
كاتبة

(Huda Zwayen)


الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 21:21
المحور: المجتمع المدني
    


حين نتأمل في حياتنا اليومية، ندرك أنّ المجتمع لا يقوم على الوظائف المكتبية وحدها، بل على توازن المهن التي تؤمّن للإنسان حاجاته بين الليل والنهار. فهناك الخبّاز الذي يسهر ليلًا ليقدّم خبزه طازجًا مع الصبح، وهناك النجار الذي يصنع الأبواب والأثاث، والبنّاء الذي يشيّد البيوت، والحدّاد الذي يربط الحديد ويثبت الأساسات، والفلاح الذي يزرع الأرض، والحلّاق الذي يهتم بمظهر الناس، بل حتى الحمال وعامل السوق والسائق الذين يسهلون علينا تفاصيل حياتنا اليومية.

إنّ كل مهنة من هذه المهن ليست تفصيلًا صغيرًا، بل عصب حياة كاملة. غياب أيٍّ منها يعني خللًا في النظام الاجتماعي. ومع ذلك، نجد أنّ كثيرًا من الشباب اليوم يربطون مستقبلهم فقط بفكرة الوظيفة، وينتظرون طويلًا مقاعد حكومية لا تتسع للجميع، حتى بردت عزيمتهم وتلاشت أحلامهم، وكأنّ الطموح توقف عند باب التوظيف.

لقد تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ملاذ بديل، لكنها في الوقت نفسه قتلت الكثير من الطاقات، فبات الشاب يطيل السهر على "الإعجاب" و"المشاركة" و"النسخ واللصق"، دون أن يعي أنّ وقته يذوب بين أصابعه. وبهذا الانشغال، انقلب الليل إلى لهو والنهار إلى نوم، حتى تأخرنا عن سُنّة الله في خلقه: ﴿وجعلنا النهار معاشًا﴾.

أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام لخّص لنا قيمة العمل حين قال: "قيمة كل امرئ ما يُحسنُه". فالشاب الذي يتقن مهنته، أكانت نجارة أو زراعة أو حدادة، يملك قيمة لا تقل عن الطبيب والمهندس، لأنّ كلًّا منهم يكمل الآخر. إنّ الكرامة الحقيقية ليست في نوع العمل، بل في الإخلاص والإتقان.

إنّ المطلوب اليوم هو أن نعيد الاعتبار للأعمال اليدوية والمهنية، وأن ننشر ثقافة أنّ كل مهنة شرف، وكل سعي رزق، وكل عرق جبين هو بركة. كما أنّ على السياسيين أن يتحملوا مسؤوليتهم في دعم المشاريع الصغيرة، وتوفير بيئة تشجع على الإنتاج بدل البطالة والانتظار. وعلى المجتمع أن يحترم العامل البسيط كما يحترم العالم، لأنّ الاثنين معًا ينهضان بالأوطان.

إنّ شبابنا يملكون طاقات خلاقة، لكنها محاصرة بأوهام الانتظار. فإذا خرجوا للعمل، ولو في أبسط المهن، تحولت تلك الطاقات إلى إبداع حقيقي ينهض بالبلد. فليكن قدوتنا الطيور الضعاف التي تخرج صباحًا طلبًا للرزق، ولا تعود إلا وقد شبعت.

إنّ بناء الوطن ليس شعارًا، بل معادلة واضحة: سواعد تعمل، عقول تبدع، ومجتمع يقدّر قيمة كل فرد. عندها فقط، تستريح قلوب الآباء الذين أنهكهم الكدّ، ويطمئنّون أنّ أبناءهم لا يضيّعون العمر في أحلام الانتظار، بل يصنعون بأيديهم حاضرهم ومستقبلهم.



#هدى_زوين (هاشتاغ)       Huda_Zwayen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصفقات الهستيرية: دائرة مفرغة من الفساد والتكرار
- هل فقدنا ثقافة الحوار في بيوتنا؟
- ملفات كتبت بدماء العدالة المؤجلة.
- أزمة بشر...
- السلطة التي ترقص على أنغام الشعب.
- أرصفة الروح: ممرات ضائعة في المدن الداخلية
- العنف الأسري… جرح صامت في قلب المجتمع.
- بين الحرية والمسؤولية:حين تتقاطع الحقوق مع الواجبات وتُختبر ...
- متى تزهر يا وطني؟
- بطالة الشباب: أزمة مجتمع أم فشل سياسات؟
- الفتاة العربية: بين الحرية والمسؤولية:حين تتقاطع الحقوق مع ا ...
- وحدة الوطن… صمام الأمان وبوابة المستقبل
- بعيدك يا حامي الوطن... رفعتَ رأسنا بشجاعتك يا لبنان
- رجل نزيه في مؤسسة فاسدة… هل ينجو؟
- على دوّامة الزجاج المكسور....
- -الإعلاميون في الظل... حين تصبح الشهادة عارًا والصورة جواز ع ...
- على دوّامة الزجاج المكسور..
- المواطن آخر الهموم… في جمهوريات الشعارات!
- حين تمرض العقول... يُصاب الوطن..
- الحياة تعيد نفسها...لكن الوجوه تتبدل...


المزيد.....




- اليونيسيف: أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل
- اعتقالات جماعية بالخليل وإصابة شاب بالرصاص في القدس
- اعتقالات جماعية بالخليل وإصابة شاب بالرصاص في القدس
- الشرطة الأمريكية لـCNN: إصابة 4 ضباط واعتقال 13 شخصا في احتج ...
- -رايتس ووتش- تدعو لبنان للالتزام بضمان حق أطفال اللاجئين في ...
- الإكوادور: نجاة رئيس البلاد من -محاولة اغتيال- واعتقال 5 أشخ ...
- نتنياهو يتعهد بعودة الأسرى وتغيير الشرق الأوسط
- خليل الحية: الاحتلال الإسرائيلي غير ملتزم.. ونطالب بضمانات د ...
- ضغوط خلف الكواليس... استقالة مفاجئة لرئيس مفاوضات معاهدة الب ...
- خليل الحية: وفد حماس في شرم الشيخ للتفاوض على إنهاء الحرب وا ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هدى زوين - العمل شرف لا ينتظر الوظيفة