أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نضال نعيسة - ظهور العلوية السياسية















المزيد.....

ظهور العلوية السياسية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 21:20
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


ترك سقوط وانهيار مافيات آل الأسد، فراغاً أمنياً وتنظيمياً وعسكرياً وسياسياً واقتصادياً مروعاً، في الساحل السوري، التي تقطنه غالبية من العلويين، كان من أبرز تداعياته، سهولة ارتكاب تلك المجازر الإرهابية المرعبة وعمليات الإبادة والفظائع المروعة التي تعرض لها أبناء الطائفة العلوية، وهذا ما يؤكد، وبالدليل القاطع أنه لم يكن هناك أية خصوصية وحصانة وآليات حماية وردع، أو وجود "ميليشيات" طائفية تخص العلويين، لوحدهم، ما يعني عدم وجود أي شكل من الكيانية، أو "العلوية السياسية"، كما كان يرطن ويدفع بعض من رموز المعارضة في محاولتهم لتطييف النظام وإلصاقه بالعلويين، ومن ثم لتبرير وجود الإسلام السياسي وهيمنته على المعارضة المسلحة، وبالتالي تبرير تطييف العنف والصراع السياسي القائم أو ما كان يعرف بـ"الثورة السورية المسلحة".
ورغم أنه لم يكن علوياً، بالمطلق، ولم ينتم للطائفة العلوية، لا من قريب ولا من بعيد، لا فكراً ولا سلوكاً ولا عقيدة، وكانت كل صلواته وعباداته وممارساته وطقوسه ومناسباته الدينية "سنية" الطابع، وحضوره الديني الدائم في جوامع دمشق، متأبطاً سواعد كبار رجال الدين السنة من أئمة ومفتيي الطائفة الكريمة، وتدليلهم ومحاباتهم ومغازلتهم وتلميعهم إعلامياً، مؤدياً بخشوع وورع وتقوى، لا نظير لها، صلاة العيدين خلف شيوخ من الطائفة السنية الكريمة، (لم يسبق أن قام شيخ علوي في طول وعرض فترة حكم ما تسمى بـ"الحركة التصحيحية" بإمامة أية صلاة في أعياد المسلمين، والتي هي بنفس الوقت، أعياد للطائفة العلوية تحتفي بها كما بقية الطوائف الإسلامية الأخرى، ولم يتم نقل أية خطبة أو تغطية لأية مناسبة علوية أثناء حكم الأسدين بالكامل على عكس ما كان يجري لبعض الطوائف والأديان)، كما لم يحضر، بالتوازي، أية مناسبة علوية، وحظر الأسد الأب علناً الاحتفالات الجماهيرية التقليدية العلوية الأكبر وهو "عيد الرابع" الذي كان يقام سنوياً في منطقة صنوبر جبلة، عند مقال "الشيخ مقبل"، في الربيع من كل عام وهي تشبه إلى حد كبير احتفالات "النوروز" وسواها من طقوس الشعوب السورية القديمة، تيمناً وفرحاً بقدم الربيع، رغم تلك الممارسات الشائنة، حاول دائماً مؤسس نظام الفساد والخراب حافظ الأسد، تمثيل العلويين بنفسه ولنفسه وتوريثه لذريته، وادّعى زوراً وبهتاناً وظلماً وافتراءً، الانتماء لهم رغم كل ما أصابهم منه من فقر وتجويع واضطهاد وظلم وقهر وبطش وإجرام وإذلال وبخل وحرمان وتقتير هو وعصاباته وجنرالاته "العلويين" الأمنيين المجرمين الحثالة الأنذال .
للعلم، وبالمناسبة، يقوم حتى العلوي الفقير التقليدي، وكواجب وطقس ديني متمم لإيمانه وعباداته وعقيدته، ببذل المال كصدقة و"حسنة"، وذلك عبر التضحية ببعض الذبائح ووفق طقوس محددة، وتوزيعها على الفقراء والجيران وأبناء القرية، وهذا أمر معروف وشائع في كل المناطق العلوية، مع التبرع بـ"زكاة" مالية لرجال الدين الذين يشرفون على عمل "الخير"، على نية أن يذهب قسم منها للفقراء والمحتاجين، ومع ذلك ورغم ثرائهم الفاحش ونهبهم لخزينة الدولة وتكديس الأموال الطائلة التي لا تأكلها النيران، فلم يسبق، وعلى حد العلم، أن قام أحد من آل الأسد بـ"عمل عيد" أو حسنة أو نحر حتى "شلفون"، كما لم يتبرعوا بقرش واحد لجائع أو مريض أو محتاج أو طالب متفوق، وتميزوا بالبخل والتقتير الشديد والنهم "الشايلوكي" المقزز للمال وحب التملك، وهذه من الكبائر والفواحش في عقيدة العلوي العادي البسيط المحب للخير والصدقة الميـّال للكرم والسخاء الطبيعي الموجود لدى بني البشر.
كانت استراتيجية النظام الدؤوبة وسعيه الحثيث، مستخدماً لذلك كافة أساليب البطش والترهيب، هي لمنع ظهور أية شخصية علويةـ روحية أم مدنية، مؤثرة تنافس آل الأسد زعامتهم المفروضة والمشبوهة للطائفة العلوية، ولذلك، لم يكن نظام الأسدين، الذي اندس جدّهم المؤسس سليمان "الوحش"، مجهول الأصل والنسب، بين صفوف الطائفة العلوية، وادّعى لاحقاً الانتماء للطائفة، ليسمح، أبداً، أو بوارد التغاضي عن بروز وتشكّل أي كيان أو هيئة أو تنظيم، أو حتى جمعية خيرية وروحية بشكل شخصي، أم اعتباري، على الإطلاق، تتحدث باسم العلويين وتمثـّلهم وتدافع عنهم على غرار طوائف وأديان أخرى، وعندما، ظهر حزب العمل الشيوعي، ورابطة العمل، في ثمانينات القرن الماضي، وكان معظم منتسبيها، من نخبة شباب وأبناء الطائفة العلوية، قام النظام بحملة مطاردة شعواء وشرسة وملاحقة عامة، زج فيها معظم قادته ورموزه بالسجون، ومنهم من قضى بالسجن حوالي عقدين من الزمن، أما البعثيون الشباطيون، ومعظمهم من العلويين الموالين لصلاح جديد ووزير خارجية حركة 23 شباط د. إبراهيم ماخوس، فقد تعرضوا للتصفية وعملية إبادة كاملة ولم يظهر لهم أي صوت أبداً، بعدذاك، وأي شخصية علوية كانت تبرز، أو ضابط علوي يلمع، كان يباد تقريباً ويـُصفّى، وهذا ما حصل مع الدكتور القانوني والحقوقي محمد الفاضل، واللواء الشهيد محمد عمران، على سبيل المثال، لا الحصر، وحين حكمت محكمة أمن الدولة، بدايات القرن الحالي، أيام حكم الوريث بشار، على رموز "إعلان دمشق"، كانت حصة بروفيسور الاقتصاد الدكتور عارف دليلة "العلوي"، مضاعفة، إذ بلغت عشر سنوات، فيما حصل بقية رموز الإعلان، (سنة، ومسيحيين) على أحكام تتراوح بين ثلاث، وخمس سنوات، كحد أعلى، وحين برز اسم المعارض العلوي "الشيوعي" البارز الدكتور عبد العزيز الخير، بداية الحراك الشعبي العام في 2011، كأحد رموز، ومرشحي، او لنقل البدائل والوجوه المقبولة شعبياً من العلويين، تم اختطافه على طريق المطار، في 20 سبتمبر/ أيلول 2012، وهو عائد من بكين، وتغييبه، عن وجه الأرض من يومها، ولم يعرف له مصير بعدها على الإطلاق. كما أن تصفية رموز العلويين الكبار، وضباطهم، ومثقفيهم، ونخبهم وزجهم بالسجون حتى الموت، فقد كانت السمة المميزة للأسد الأب، الذي انقض على رفيق عمره، وولي نعمته اللواء صلاح جديدة، وسجنه في زنزانة منفردة في سجن المزة إلى أن خرج منها محمولاً بكفن، وللأسف فقد وجد الأسد الأب فريقاً من العلويين يصفق له، ويقف معه ومع ابنه الديكتاتور الصغير الذي تابع مسيرة والده الفاشية في الطغيان والتنكيل بالسوريين وقتلهم، ولم يكن العلويون من ذلك باستثناء.
إثر حصول مجازر آذار الفائت بحق العلويين، انكشفت، وعلى نحو مرعب، ومؤلم هشاشة وضعف المناطق العلوية والفراغ الأمني والعسكري والتنظيمي، وغياب أي شكل من أشكال أو وسائل الدفاع الذاتي، كما العائدية والقيادة والمرجعية الروحية (تشتيت وتفكيك المناطق وشرذمة الطائفة العلوية وضرب المكون ببعضه كانت واحدة من أسوأ وأقذر استراتيجيات وأهداف آل الأسد ضد الطائفة وللأسف ما تزال تداعيات وذيول تلك الاستراتيجية القذرة قائمة لليوم)، وبعد أن قام الكثير من ضباط وعناصر الجيش السابق بتسليم أسلحتهم، ما سهل حدوث عمليات القتل الجماعي، الأمر الذي أفضى لاحقاً، وحتـّم ظهور بعض الأصوات لتلافي تلك الفجوة التمثيلية الخطيرة القائمة لدى الطائفة، إذ لا يوجد لليوم، وفي عموم الساحل السوري، أي مقر ديني، أو مكتب أو نادٍ أو جامع أو مؤسسة أو جمعية أو تنظيم أو مكان للاجتماع والتلاقي أو رمز، شخصي أو اعتباري، يمثل للعلويين، كما هو الحال لدى الكثير من الطوائف والأعراق، وكانت بعض الجنازات، وأوراق النعوة وحتى الأعراس العلوية تتطلب زمناً و"شنططة" وموافقات أمنية وقيوداً صارمة من عصابات الأمن "العلوية" بأوامر وتعليمات مباشرة من الطاغتين الأب والوريث وهذا ما لم يكونا ليتجرآ عليه مع بقية الطوائف.
ومهما يكن من أمر، فما نراه اليوم، حقيقة، من ردت أفعال خجولة ومتواضعة، وعلى ضعفها، تتجلى بتشكيل بعض الكيانات والأحزاب والمجالس والتجمعات والمؤتمرات، هنا وهناك، وبروز بعض الشخصيات المدنية والروحية إلى العلن، والتي تحاول تمثيل، وتتحدث باسم العلويين، وبغض النظر عن تقييمها، وإبداء أي موقف حيالها، أنما هي، ومن منظور استقرائي، وفي واقع الأمر بداية لظهور، وربما لأول مرة في التاريخ، لما يعرف بـ"العلوية السياسية"، أي ظهور تمثيل وهيئات ومجالس وربما أحزاب سياسية ومرجعيات روحية رسمية ومعترف بها للعلويين، على غرار ما هو لدى الكثير من الطوائف والأعراق، والتي قد تشمل، مستقبلاً، وكما هو منظور "علويي اللواء"، وهذا ما حاربه وعمل على منعه، وحظره طوال فترة حكمهما، "الأسدان" الطاغية الأب وابنه الوريث بشار، وهي بداية لحراك علوي عام واضح، داخلياً وخارجياً، يمكن أن تدرك وتحدد بداياته وإرهاصاته، وملامحه لكن، بالقطع، لا أحد يمكن أن يتكهن مداه، ومآلاه أو منتهاه.
(يتبع)...



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل هؤلاء كانوا يشاركون المواطن وجبة الطعام
- هذا الجيش يجب أن يهزم: لماذا انهار الجيش يا بشار؟
- أسطورة وخرافة الخلق: وخرافة الأديان الإبراهيمية
- نعوات رسمية أم استمارات أمنية؟
- التكنولوجيا تسحق الإيديولوجيا
- سوريا: كذبة وخرافة الوحدة الوطنية
- سوريا: غزوة الضباط الأحرار
- عيد الغدير: أعظم أعياد العلويين(النصيرية)
- خرافة أمة المليار
- ال DNA وخرافة خلق الله
- الكسوف والخسوف: أكبر دليل على عدم وجود الله
- من هو التكفيري والعنصري إسرائيل أم ثعابين حماس؟
- C/V لمسؤول بدولة فاشلة
- أعياد النصيرية -العلويين- بين الأمس واليوم
- يسقط حكم للعسكر
- روسيا: نمر من ورق
- أيها الجنرالات: كفى عودوا لثكناتكم
- تدشين الحنفية والفشخرة البعثية
- فقعة ضوء: الله لا يرحمك ولا يرحمه
- لغدير: أقدس أعياد النصيرية -العلوية-


المزيد.....




- نتنياهو: حققنا -انتصارات هائلة-.. والمعركة -لم تنتهِ بعد-
- صواريخ -توماهوك- تختبر حدود الحرب بين كييف وموسكو
- لبنان يعدّ شكوى أمام مجلس الأمن بعد التصعيد الإسرائيلي.. فهل ...
- غزة بعد الاتفاق مباشر.. الأمن يسيطر على مليشيا عميلة للاحتلا ...
- إغلاق صناديق الاقتراع في الكاميرون وبيا الأوفر حظا لولاية ثا ...
- مظاهرة في سراييفو تطالب بدعم الفلسطينيين وقطع العلاقات مع إس ...
- ترامب في شرم الشيخ: توقيع تاريخي وقمة دولية لإنهاء حرب غزة
- هل تتعارض العدالة الانتقالية مع السلم الأهلي في سوريا؟
- عاجل | ترامب: الحرب انتهت ووقف إطلاق النار سيصمد
- كارثة قيس سعيد في تونس


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نضال نعيسة - ظهور العلوية السياسية