أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - أنقرة والخوف من الظل الكوردي














المزيد.....

أنقرة والخوف من الظل الكوردي


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8466 - 2025 / 9 / 15 - 08:48
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


ما بين أنقاض سوريا ووهج المفاوضات، تدور لعبةٌ لا تُقاس بالسلاح فحسب، بل بالكلمة، بالصمت، وبالذكريات التي تُستدعى حين يحين الوقت. ليست المسألة مجرد صراع أجنحة أو امتداد لتحالفات إقليمية، بل هي مواجهة وجودية مع فكرة: فكرة التنوع، والحق في الاختلاف، وفي بناء هوية لا تُختزل بحدود مركزية جامدة. إنها معركة داخل العقل السياسي التركي، حيث يُنظر إلى الكوردي ليس كشريكٍ في المصير، بل كخطرٍ على الكيان.

لقد مضت سنوات على دمار الدولة السورية، وما زال السؤال الأكبر معلقًا في الهواء: ماذا بعد؟ لكن الجواب لا يأتي من دمشق وحدها، ولا من واشنطن أو موسكو، بل يتشكل أيضًا في مكاتب أنقرة، حيث يُقرر، بصمتٍ أو بصخب، من يستحق الحياة السياسية، ومن يجب أن يُمحى من المشهد. هنا، تظهر "قوات سوريا الديمقراطية" ليس كقوة عسكرية فحسب، بل كرمز لمشروع لم يُكتمل بعد — مشروع اللامركزية، والعيش المشترك، والكورد كجزء لا يتجزأ من نسيج سوريا المستقبل.

لكن أنقرة، برغم كل التحولات، تصرّ على رؤية قديمة: أن الدعم المطلق للحكومة المركزية في دمشق هو الطريق الوحيد. وكأن التاريخ لم يُعلّم شيئًا. وكأن التجربة العراقية لم تكن درسًا واضحًا: فقد بدأ التعامل مع إقليم كوردستان بالرفض، ثم تحول إلى شراكة استراتيجية، اقتصادية وأمنية، بل وحتى سياسية. فكيف لا يمكن أن يكون لمثل هذا التحوّل مكان في سوريا؟

الخطاب الرسمي التركي، خصوصًا عبر بعض المسؤولين، يحمل اليوم ثقلًا أيديولوجيًا لا يتناسب مع تعقيدات الواقع. اتهام الكورد السوريين بالارتباط بإسرائيل — دون أدلة حقيقية — ليس فقط مبالغة، بل هو أداة لتبرير القمع السياسي، ولإسكات أي صوت يطالب بالاعتراف بوجودهم كفاعل شرعي. في المقابل، نرى النظام السوري نفسه يتواصل مع إسرائيل بشكل مباشر، ويُجري لقاءات سرية وعلنية، دون أن يُثار حوله سؤال واحد. فهل الخطر الحقيقي هو الكوردي الذي يطلب الأمن، أم الخطاب الذي يصنع من الأمن تهديدًا؟

الأمر لا يتعلق بسوريا فقط، بل بتركيا نفسها. فكلما تشددت أنقرة ضد الكورد هناك، اهتز الاستقرار هنا. لأن السياسة الخارجية انعكاسٌ للسياسة الداخلية. وطالما ظل الخوف من الهوية الكوردية هو المرجع، فلن تكون هناك حلحلة حقيقية، سواء في الداخل أو على الحدود. الحلول التي تُطرح باسم "الوحدة الوطنية" لا يمكن أن تُبنى على استئصال الآخر، بل على الحوار، والتوازن، والاعتراف.

لقد آن الأوان لأن تتخلى أنقرة عن فوبيا الكوردي، وتتعامل معه كشريك في البناء، لا كعدو في الحرب. فالكوردي في سوريا لا يريد انفصالًا، بل يريد ضمانات: ضمانات دستورية، وسياسية، وأمنية. وهو مستعد للانخراط في جيش وطني، لكن ليس بأي ثمن، بل بشروط العدالة والشفافية.

وإن كانت تركيا تطمح لدور ضامن في المنطقة، فعليها أولًا أن تكون ضامنة للجميع، لا طرفًا في الصراع. أن تفتح قنواتها مباشرة مع قادة "قسد"، لا عبر وسطاء، وأن تستضيف لقاءات في أنقرة أو إسطنبول، كما تستضيف غيرها. فالتواصل لا يُضعف الموقف، بل يعززه.

في النهاية، ليست القضية من يربح في "مصارعة الذراع"، بل من يملك الرؤية. والرؤية الصحيحة لا تُبنى على الخوف، بل على الشجاعة: شجاعة الاعتراف، وشجاعة الحوار، وشجاعة بناء مستقبل لا يقصي أحدًا.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقصة الأقنعة على رمال الشرق المتحركة
- رؤية في دهاليز السياسة: حينما يصبح الحل هو الُمشكل
- صدى الروح في ميزان الشرق: جدل السياسة والإنسان
- الصواريخ لا تُنبئ بالسلام.. والدم الكردي ليس وقوداً للهيبة
- نحو وطنٍ لا يُبنى على أنقاض الهوية: بين فيدرالية الحقوق وخيا ...
- صدى الدم في قاعة الانتخابات: عندما تُكتب الديمقراطية بدموع ا ...
- سوريا في مفترق طرق: بين الأيديولوجيا والتقسيم
- الظل والضوء: حين يُستدعى التاريخ ليحاكم الحاضر
- صمت الدم: حين تُكتب الخريطة بدم العلويين والدروز…
- العرش والثور: حين يصير القصر حظيرةً والسلطةُ سرابًا
- الصورة التي نستحقها: في الفلسفة البصرية للبقاء
- صراخ الأرض: عندما ترفض الأصوات أن تُسكت
- الرُّوح المُنهكة: حين يُصبح الوجودُ تمرّداً في أرضٍ فقدتَ حل ...
- الريح لا تُمسك بالأسوار، والشعب لا يُهزم بالصمت
- حين تبكي الجبال وتحتضر الرمال
- الهوية التي تكسر حدود الاستعمار: الكورد وقضية الأرض
- صدى العهد والتفويض الثائر: صوت كوردي في رحلة دستور وأرض
- في حضرة الجغرافيا المنسيّة: الكورد بين جذور الأرض وخرافات ال ...
- أطياف الخراب وصهيل الأوهام: سوريا بين سندان التاريخ ومطرقة ا ...
- حين تُكتب الخيانة بخطٍّ كوردي


المزيد.....




- شاهد.. روبيو يزور -حائط البراق- في القدس برفقة نتنياهو
- حبس عبد الله السيد من أهالي طوسون بتهم -الإرهاب- بعد رفضه خس ...
- نتنياهو يستقبل وزير الخارجية الأمريكي بمكتبه في القدس، ولقاء ...
- الولايات المتحدة والصين تقتربان من اتفاق بشأن -تيك توك- في ...
- الفلبين: حريق هائل يلتهم حيًّا سكنيًّا في مانيلا ويُشرّد 500 ...
- ترامب يهدد بفرض حالة طوارئ وطنية في العاصمة واشنطن
- إسرائيل تعيد حساباتها الجوية.. مشروع ضخم لتحديث مقاتلات -إف- ...
- إلى أين وصلت التحقيقات في مقتل المؤثر كيرك حليف ترامب؟
- كيف يواصل الصحفيون التغطية مع احتلال مدينة غزة؟
- استهداف إسرائيلي للمتحف الوطني في صنعاء


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - أنقرة والخوف من الظل الكوردي