أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حسن صالح الشنكالي - رسالة إلى المراجع الإسلامية الكرام














المزيد.....

رسالة إلى المراجع الإسلامية الكرام


حسن صالح الشنكالي
كاتب وباحث تربوي واجتماعي

(Hassan Saleh Murad)


الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 14:35
المحور: حقوق الانسان
    


بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة مفتوحة إلى المراجع الكرام، وبالأخص إلى سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف)

كما تعلمون، فإنّ الإيزيديين قد تعرّضوا عبر تاريخهم الطويل إلى اثنتين وسبعين حملة إبادة جماعية موثقة، بدأت منذ قرون بعيدة على أيدي قوى مختلفة، وكان القاسم المشترك بينها هو استهداف وجودنا الديني والثقافي. وفي القرن الأخير ، تعرّضنا إلى حملتين كبيرتين: الأولى بتفجيرات ناحية القحطانية ومجمع الجزيرة سنة 2007 التي حصدت أرواح المئات من الأبرياء، أما الثانية – والأشد وقعًا – فكانت على يد عصابات داعش الإجرامية سنة 2014، والتي خلّفت آلاف الضحايا بين شهيد ومفقود، وجرى فيها سبي النساء وتهجير مئات الآلاف من أبناء شعبنا.

ولولا فتوى سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله) لما تحررت العراق من دنس داعش، إذ قال كلمته المشهورة: “الإيزيديون أمانة في أعناقكم”. ولم يحدد سماحته مدة لهذه الأمانة، بل جعل مصيرنا وديننا ووجودنا أمانة بيد الغالبية العظمى من أبناء هذا الوطن. وكلمته كانت ولا تزال مسموعة عند جمهور واسع من مقلديه، وهو صمّام الأمان للعيش المشترك في العراق.

لقد استبشرنا بعد التحرير خيرًا، واعتقدنا أن داعش كانت مرحلة وانتهت. غير أننا فوجئنا باستمرار بعض الأفكار السوداء التي لا تزال تلاحقنا؛ إذ تُطلق ضدّنا اتهامات بالكفر علنًا، من على منابر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، دون رادع أو محاسبة. ومؤخرًا، وبعد أن قدّم السيد محافظ نينوى اعتذارًا عن التباس في كلمة معيّنة، انهالت عليه عاصفة من السبّ والشتم، ولم تقتصر على شخصه، بل طالت الإيزيديين، وجرى تكفيرهم ووضعهم في خانة الضلال. والأسف كل الأسف أن مثل هذه التصريحات صدرت أيضًا عن بعض الشخصيات الكبيرة ذات الثقل السياسي والديني والاجتماعي، وحتى من بعض أبناء المكوّن الشيعي الذين كانوا بالأمس يقاتلون معنا جنبًا إلى جنب ضد داعش.

وهنا لا بد أن نوضّح: إنّ الإيزيدية هي أوّل ديانة اعترفت بوحدانية الله. فنحن نقول في تراثنا الديني: خودى ئيكه بێ شريك ئي بێ هەڤالا، أي: “الله واحد بلا شريك في أزليته”. لکن للأسف أساء الكثيرون فهم عقيدتنا حين اتهمونا بعبادة الشر أو الاعتراف بوجود إله للشر. بينما في مفهومنا الديني لا وجود لإله الشر أصلًا؛ لأننا نؤمن أنّ الله تعالى منزّه عن الأنداد والأشكال، حيث يقول الشيخ عدي (عليه السلام):
“إنّ الله لا تجري ماهيته في مقال، ولا تخطر كيفيته ببال، جلّ عن الأشكال والأنداد، صفاته كمثله، وليس كمثله شيء”.

نحن نمتنع عن قول بوجود ندّ لله سبحانه، ونرفض تماماً أن يُنسب إليه شريك في إرادته. ولذلك فإنّ “تاووس ملك”، الذي يظنّ البعض أنّه رمز للشر، ما هو إلا المَلَك المقرّب جبريل (عليه السلام). وقد جاء في كتاب غرائب الموجودات وعجائب المخلوقات للإمام زكريا ابن محمد القزويني (ص 56/57) أنّ جبريل هو: “أمين الوحي وخازن القدس والناموس الأكبر، وطاووس الملائكة”. فهو الوسيط بين الله ورسله وأوليائه في نقل الوحي والكرامات.

إنّ اتهام الإيزيديين بعبادة غير الله باطل ومخالف للحقيقة. فنحن موحّدون بالله الواحد الأحد منذ الأزل، نؤمن به ولا نشرك به أبدًا، ولا مكان للكفر في عقيدتنا.
وللاسف نكتشف يوماً بعد آخر أنّ الإيزيديين وُضعوا تاريخياً أمام خيارين قاسيين: إمّا الإبادة الجماعية على أيدي المتطرفين، أو الأسلمة القسرية على أيدي من ادّعوا حمايتهم. وكأن وجودهم كديانة وهوية مستقلة كان مشكلة للبعض، بدل أن يُنظر إليه كغنى وتنوّع حضاري للعراق.
ومن خلال تصريحات متكررة للمسؤولين، يتبيّن أنّ الإيزيديين كانوا دائماً بين هذين الخيارين القاسيين. والسؤال الجوهري الذي نطرحه هنا:
هل كانت كل مشاكل المسلمين في العراق يوما بسبب الإيزيديين؟
الجواب: كلا.
فمشاكل العراق نابعة من صراعات داخلية بين المذاهب والسلطة والموارد، لا من وجود الإيزيديين. نحن لم ننافس يوماً على حكم ولا على ثروة، ومع ذلك كنّا دائمًا أول الضحايا. والعراق لم يربح حين خسرنا، بل خسر تنوّعه وازداد فقراً في إنسانيته وحضارته.
لذلك نتوجّه بندائنا إلى سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله)، وإلى جميع المراجع الكرام، بأن يكون لهم موقف واضح وحاسم في إيقاف خطابات الكراهية والتكفير ضد الإيزيديين، وأن يُعاد التأكيد على أنّهم أبناء أصيلون لهذا الوطن، وأنّ العيش المشترك لا يكتمل إلا بالاعتراف بحقوقهم وحمايتهم من كل أشكال الاستهداف الفكري والديني والاجتماعي.

والله من وراء القصد.

أخوكم
حسن صالح مراد الشنكالي
عضو اللجنة الساندة بأمر ديواني لدعم الاستقرار في محافظة نينوى



##حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)       Hassan_Saleh_Murad#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يشهد العراق حرب مياه في العقد القادم؟
- رائحة الطين
- حين يُذبح الوطن باسم الدين، وتصمت الإنسانية
- الشرق الأوسط والحروب القادمة: غياب الوعي في زمن التفوق العسك ...
- حيادكم قد يُنقذنا: نداء مفتوح إلى الحكومة والشعب
- اسباب عدم تأهل منتخبنا ( العراقي) المباشر لنهائيات كاس العال ...
- لماذا نخاف من تطبيق الدستور؟ الفدرالية بين النص المعطّل وواق ...
- بين العباءة والعدالة: حين تُنتَهك الكرامة باسم الدين
- المُجرَّب يُجرَّب والفساد يستشري… فابتعدت المرجعية وتمادى ال ...
- بين رفاة الذاكرة وخرائب الحاضر: الإيزيديون بين الألم المنسي ...
- سلام على ارض الرافدين
- من رشيد عالي الكيلاني إلى محمد شياع السوداني: جبهة خارجية مو ...
- الجيش السوري الجديد
- ما فائدة العراق من القمة المزمع عقدها في بغداد؟
- السودان والتطبيع مع اسرائيل
- عن الصراع العربي الاسرائيلي اتحدث
- ماذا فعلت الحكومة في ذكرى ابادة الايزيديين
- الحب الابدي
- عن الصراع العربي اتحدث
- بطل من ورق


المزيد.....




- قطر: اتفاق غزة يؤدي لوقف الحرب والإفراج عن المحتجزين والأسرى ...
- الأمم المتحدة ترحب باتفاق غزة وتدعو لاستغلاله في مسار سياسي ...
- عُمان تطلق مبادرة دولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي أخلاقيًا وفق ...
- أمريكا: اعتقال محتجين مؤيدين للفلسطينيين في بوسطن بعد اشتباك ...
- حماس تعلن التوصل إلى اتفاق لإنهاء حرب غزة وانسحاب إسرائيل ود ...
- حماس اتصلت بخلايا الأسرى.. ووعدت: سيتم إعادتهم خلال 72 ساعة ...
- ايران عضوا في اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الانسان الاممي
- موت بطيء خلف القضبان .. تصاعد وفيات السجناء في العراق يكشف أ ...
- منظمات حقوقية: القمع الباكستاني يمتد من الداخل الى الشتات
- إصابتان وأربعة معتقلين خلال اقتحام الاحتلال المتواصل لمدينة ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حسن صالح الشنكالي - رسالة إلى المراجع الإسلامية الكرام