وصلت ديمقراطية عشاق المجلس الانتقالي إلى درجة أن أحدا ما أن يفتح فمه بالنقد والمشورة حتى تنهال عليه عواصف من المقالات الرادعة والزاجرة والمشككة والمهددة والمتهمة إياه بالقصور والعاطفية والتسرع وفقدان التوازن أو من جماعة المشككين والانتهازيين بتعبير دكتور في الحمى والفن والبرد والصرع والجنس والطب والطبخ والجيش والرحلات، أي بتاع كله.
إذا كانت هذه ملامح ديمقراطية " عشاق المجلس" فبئس المجلس وبئس العشاق.
معنى هذا أننا نتجه نحو دولة بوليسية على شكل آخر ولون آخر ونسخة منقحة من حكم العصابة.
لم لا؟ فلا يصير الإنسان المقموع ديمقراطيا بين ليلة وضحاها وينسى دفعة واحدة كل التشوهات والجروح النفسية العميقة.
هذه قضية أجيال.
والذين يطلقون على أنفسهم( الليبراليون العراقيون الجدد) هم طبعة ساخرة من فيلم كوميدي ثقيل الظل.
الليبرالية ليست وصفة أو حبة دواء أو صبغة، إنما هي مؤسسات سياسية واقتصادية ونظام اجتماعي وثقافي عريق في تقاليده، كما أن وجه الليبرالية الرئيس هو اقتصاد السوق وثقافة مفتوحة وعلاقات المنافسة القائمة على لعبة قانونية متفق عليها أو بالتداول.
الطريف في الأمر أن المجلس الانتقالي في أول قرار " تاريخي" له، وبدون تدخل حقا كما في القرار السابق، هو أنه اتخذ قرارا بتسليم جثث الأخوين المجرمين.
وإذا عرفنا أن هذا المجلس نفسه جثة، فستكون أول مرة في التاريخ أن تقوم جثة بتسليم أخرى لتدفن قبلها!