أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - الطالباني والقيادة السورية في مرحلة الاحتضان السياسي المتبادل















المزيد.....

الطالباني والقيادة السورية في مرحلة الاحتضان السياسي المتبادل


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 1819 - 2007 / 2 / 7 - 11:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد حوالي نصف قرن من العلاقات السياسية المميزة مع سوريا، وبعد انتظار طويل وترقب درامي دام أشهر. يأتي هذا السياسي السبعيني المخضرم ليزور سوريا بوصفه رئيساً لأهم وأعقد دولة مجاورة، جاء مشبعاً بالذكريات والافتتاحيات والمبادرات، تماما كحياته السياسة الصاخبة والمديدة والتي كانت دائماً عبارة عن مبادرات ومفاوضات وحوارات، لدرجة أن هزائمه العسكرية كانت بداية لمرحلة سياسة جديدة، وإخفاقاته السياسية كانت تؤسس لمرحلة دبلوماسية مديدة. وعندما توجت حياته السياسة الشاقة بترشيحه واختياره لمنصب رئيس جمهورية العراق، لم يشكل التتويج ذروة لمسيرته السياسية فحسب، وإنما بداية لفعالية دبلوماسية وسياسية متسارعة، وباعتباره نصف سوري ـ إذا أخذنا إقامته الطويلة وعلاقاته بعين الاعتبار ـ فكل نشاطه كان متوقعاً له أن يتمحور وبخاصة بعد تسلمه لمنصب الرئاسة حول بناء العراق الجديد وحسن علاقتها مع سورية القديمة إن جاز التعبير.
فالطالباني اليوم ليس زعيما كوردياً وحسب، وإنما هو سياسي عراقي بامتياز، وفي الوقت نفسه صديق قديم للقوميين العرب، بدءاً بالمرحوم جمال عبد الناصر وبعض أوساط البعث العراقي المنحل، مروراً بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد في سورية، وهذه العلاقة قد مهدت لإعلان (الإتحاد الوطني الكوردستاني عام 1976 في دمشق).
ونظراً لتمتعه بشبكة من العلاقات السياسية الواسعة داخل العراق وخارجها، فضلاً عن إمكاناته الدبلوماسية وقابليته وديناميته لمواكبة التطورات والمستجدات السياسية والتأثير فيها. فثمة اتفاق لدى المراقبين والمهتمين بالتحولات السياسية في المنطقة بأن اختيار السيد الطالباني لمنصب رئاسة جمهورية العراق لم يكن استرضاءً للكورد وترجمة لثقل القائمة الكوردستانية في المجلس الوطني وحسب، وإنما ضبطاً للإيقاع السياسي العام لعموم العراق. وربما تمهيداً لقيام العراق بدور فاعل ومتوازن في السياسة الإقليمية، وعبر أهم نوافذها الإقليمية والعربية أي سوريا على وجه التحديد. وان لم يتحقق هذا التصور في العامين المنصرمين، فمازال هذا الافتراض قائماً، ويتجدد هذا التصور إثر زيارته المتأخرة لدمشق...
فعلى الصعيد العراقي مازال الطالباني قادراً أكثر من غيره من القادة على مخاطبة مختلف الأوساط، وبالتالي مازال سعيه لترتيب البيت العراقي من الداخل مستمراً، وهذا ما اتضح في الأيام الأولى لتسلمه منصبه وحتى زيارته لسورية، والتي تنسجم مع هذا السعي وتستكمل هذه الجهود. إذ كان من المتوقع لنجاحه في دفع العملية السياسية أن يتم بمساعدة أصدقائه التقليديين في سوريا، وعلى خلفيه العلاقة الوطيدة مع فعالياتها السياسية، فهو مازال يحتفظ بعلاقات وثيقة مع القيادة سورية، على الرغم مما شابها من بعض الإشكالات تاريخياً وفي الآونة الأخيرة.

إلا أن المفاجأة كانت في تأخر وتلكؤ زيارته هذه إلى دمشق التي كانت متوقعة منذ أكثر من سنة.

وقد أحال بعض المراقبين التأخير إلى عدم ارتياح القيادة السورية لترأس (كوردي) رئاسة العراق كما هو الحال لدى أغلب الدول العربية وتركيا، إلا أن أوساطاً سورية مطلعة كانت تؤكد بأن الأمريكان هم وراء تأخير الزيارة، في حين أن السيد الطالباني كان يصرح بطرافته المعهودة أن القيادة السورية: لم تتعود العلاقة معنا إلا ونحن في المعارضة، ولم يتكيفوا بعد لرؤيتنا في قمة هرم الحكم.

مهما يكن فالزيارة التي تحققت لا يمكن لها أن تتم إلا وقد تراجعت العوامل الموضوعية المعرقلة لها، وفي المقدمة منها العامل الأمريكي، فالزيارة التي تمت لا تبدو أنها ترافقت مصادفة مع إعلان خطة بوش الجديدة في العراق، والمؤثرة في عموم السياسة والإستراتيجية الأمريكية الشرق أوسطية، وبهذا المعنى فهي ليست زيارة لرئس العراق فحسب وإنما لرجل المبادرات السياسية الإقليمية، ولكن هذه المرة في إطار الإستراتيجية الأمريكية وتساوقاً مع رؤيتها، فهما كانت الأجندة العراقية مستقلة اليوم فإنها تظل متوافقة ومتقاطعة مع الرؤية الأمريكية للمنطقة وإلى مستقبل سورية بشكل خاص.

إن خطورة الزيارة تنبثق من أن الاستثمار السياسي لإمكانات جلال الطالباني قد بدأت، وإن تأخرت القيادة السورية في ذلك، حيث أن السيد الطالباني قد يكون الشخص المفضل لدى القيادة السورية لرئاسة العراق، لأنه كان ومازال الوحيد الأكثر قرباً لها، وامتلك في الوقت نفسه فرصة كبيرة لتولى الرئاسة، وهو بصيغة أو أخرى ومن خصوصية موقعه السياسي قادر أن يقوم بدور سوري وعراقي مزدوج، فاليوم ولأول مرة في تاريخ سورية يرأس العراق شخص هو بمثابة الصديق والحليف لقيادتها.

تاريخياً كانت العلاقات السورية ـ العراقية علاقات خصومة، حيث نجد أن رئيس العراق كان دائماً خصماً لسورية، وذلك منذ العهد الملكي، إلى الجمهوري أيام عبد الكريم قاسم والأخوين عارف، مروراً بالبكر وصدام حسين، واليوم بدأت تظهر بالنسبة لسورية إمكانية تولي الأصدقاء الحكم في العراق والاستمرار فيه.

وإذا أضفنا العلاقة الجيدة للرئيس الطالباني مع مختلف الأوساط الأمريكية يمكن التكهن بأهمية الدور المرتقب للقيادة العراقية الجديدة، وبدءاً بهذه الزيارة التي تشكل وفدها من طيف سياسي عراقي واسع، رفيع المستوى ومنتخب لمخاض هذه المرحلة المضطربة من تاريخ المنطقة. فالزيارة تأتي كحاجة سياسية ملحة للطرفين، وقد تساهم في تحريك الملف السوري وتفعيله إقليمياً، سواء على صعيد العلاقات الثنائية على محاور الأمن والتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي، أم الأدوار والتحالفات الإقليمية الممكنة والضرورية للبلدين والقيادتين. مهما يكن فإن هذه الزيارة تفتتح وتدشن المرحلة الإحتضانية الجديدة في علاقات البلدين، وهي تنبع من متطلبات التوازن الإقليمي والدولي في الوقت نفسه.

كل التوقعات تشير إلى أن الرئيس الطالباني كان محملا بمهمات عراقية وإقليمية صعبة، وربما تكون إشكالية العلاقة الوطيدة مع سورية أحد أسباب قوة وضعف زيارته المتأخرة هذه، والتي قد يكون منوط بها في أقصى احتمالاتها تحريك ملفات وأفكار سياسية نائمة. فمحاولة الاستفادة من الإمكانيات السورية لإعادة تأهيل التيار القومي العربي سياسياً، ودمجهم في الحراك السياسي العراقي بات من الضرورات السياسية لدى أوساط واسعة في القيادة العراقية اليوم. كما سيكون حليف سورية المتجدد في موقعه السياسي والرئاسي أحد رهانات سورية الإقليمية والدولية من جهة أخرى، فمهما كانت ثقة سوريا بحليفها القديم قد تراجعت، ومهما كانت سلطاته الدستورية مقيدة، إلا أن دوره السياسي والدبلوماسي المميز لابد من أن يحفز القيادة السورية لبناء جسور استراتيجة عبر عراق هو خصم بنيوي على الصعيد الإستراتيجي ولكنه في الوقت نفسه قد يكون حليفاً سياسياً في زمن العزلة وتصاعد المد الديني المذهبي....

وإن لم تتضح تماماً ملامح هذه المرحلة الجديدة في العلاقات السورية ـ العراقية، والتي يفترض لها أن ترتسم في الأسابيع القادمة. حيث تتهيأ القيادة السورية للتعاطي مع القرار التصعيدي الأمريكي الأخير ربما بلغة أكثر دقة وموضوعية، وبالتالي تفهم خطورة دورها في استقرار العراق.

زار الرئيس طالباني سورية، متأبطاً كالعادة ليس رزمة من الطرائف السياسية المرحة فحسب، وإنما العديد من المقترحات السياسية الجادة، التي ستساهم في جدولة بعض الهموم المشتركة وترتيب الأوراق الإقليمية. لذلك ليس مستبعداً أن تساهم الزيارة أيضاً في حل بعض القضايا والجزئيات التي تؤثر بعمق على مستقبل الشعبين في سورية والعراق، وتنجح في التأسيس لإستراتيجيات جديدة لعموم المنطقة التي مازالت تستوعب الكثير من التحالفات والاصطفافات السياسية على الصعيد العملي، وبصرف النظر عن الإعلانات الأيديولوجية والإعلامية منها على وجه الخصوص.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعلان حلب حول التراث المعماري العربي والمعاصرة
- العمارة في العصر الأموي
- الكرد الفيليون من الاستعراب التاريخي إلى سياسة التعريب المعا ...
- معاهدة سيفر ومشروعية استقلال كردستان
- الديمقراطيات الصعبة العراق أولا
- الديمقراطيات الصعبة- العراق أولاً
- أنثروبولوجيا المنزل البغدادي في مقام الجلوس
- سيرة الرماد اضطراب النص بين السيرة الجماعية والإيديولوجية ال ...
- اغاغوك: رواية عن الأسكيمو
- وجهان لحواء
- من أجل مجتمع أكثر وعياً بقيم التعايش والمواطنة
- جرعة الاتحاد الأوربي كعلاج سريع للجمهورية المريضة
- العمارة الإسلامية بين اشكالية الهوية ومنهجية التصنيف
- رواسب الحروب العراقية في رواية نافذة العنكبوت
- عودة أردوغان إلى -بيت الطاعة- الاسرائيلي
- قضايا العمال في العالم المعاصر وأهمية العودة إلى شجرة الحياة ...
- محكومون بالتعايش


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - الطالباني والقيادة السورية في مرحلة الاحتضان السياسي المتبادل