سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 1819 - 2007 / 2 / 7 - 11:52
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
متى يكون بمقدورك أن تضحك؟! أظن أن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الضحك، باستثناء ما يحصل في أفلام الخيال العلمي والرسوم المتحركة، وهذا امتياز طبيعي ليس بالوسع التقليل من قيمته، والأطباء ينصحوننا بالضحك، ولقد غدا الضحك جزءاً من علاج أمراض عديدة بعضها ذات جذر نفسي وبعضها الآخر ذات جذر عضوي، فالضحك من ضرورات استمرار الحياة السوية، لكن المشكلة أنك لا تستطيع أن تفرض على نفسك الضحك أو أن تستقدمه أو تشتريه، ولا أعلم إن كان ثمة مصل أو دواء يمكن أن يحفز فينا الضحك أو يجعلنا نغرق بالضحك فهو عموماً مرتبط بالمحيط العام والمزاج الشخصي فحين تشبع حاجاتك البيولوجية وحاجاتك إلى الأمن وتحقيق الذات يكون بوسعك أن تضحك.. ربما لا تكون هذه النظرية صالحة في الأحوال كلها، لكنها مقبولة ومعقولة..
صحيح أن الأحداث التي تمر بنا تدفعنا إلى الإحباط والكآبة وإلى البكاء أيضاً لكن بعضها يتخذ بعداً طريفاً على الرغم من طابعه المأساوي، وأغلبنا يتذكر مواقف مؤلمة وتبعث على الضحك في الوقت نفسه لانطوائه على شيء من المفارقة واللامعقول والطرافة.. إنه من نمط ما يطلقون عليه "شر البليّة ما يضحك" أو هو كما يقال ( ضحك كالبكاء )، أو ما يسمونه ( الكوميديا السوداء ) فقد تضحك وتبكي في آن معاً.. قل فيه ما شئت.
في كل يوم نسمع، أو نشهد بأم أعيننا أحداثاً غريبة أكثرها فاجع وكارثي ومنها ما هو مخز ومخجل ولا يليق بمجتمع له من عمر الحضارة آلاف السنين، غير أنها تحصل هنا وهناك، على مدار الأيام، لتصبح جزءاً من سردياتنا الاعتيادية نلوكها في أحاديثنا، وهي تعكس الجانب الجنوني من حياتنا الحالية.. قصص لها سمتها الغرائبية والتي يمكن تقبلها من مؤلف ذي خيال محموم لكن لا أدري كيف يمكن تحملها وهي تحدث هنا/ الآن. واسمعوا هذه الحكاية.
قبل مدة، قابلت رجلاً بدا سعيداً ومبتهجاً وأخبرني بعبارات مرحة أنه استطاع النجاة من مجموعة مسلحة القوا القبض عليه في نقطة سيطرة وهمية، وقد أطلقوا سراحه لا لأنهم رحموا بحاله لأنه صاحب أطفال وزوجة، ولا لأن ضميرهم صحا في اللحظة الأخيرة، ولا لأن الوطنية العراقية استيقظت فيهم أخيراً بل لأن أحدهم تذكر أن هذا التعيس كان معه في الجيش، في الوحدة العسكرية نفسها، والملجأ عينه، إبان الحرب العراقية الإيرانية، وبينهم الزاد والملح، وبعد أن تجاذبا أطراف الحديث واستذكرا أيامهما الخوالي قال المسلح للمخطوف: أقنعت ( الجماعة ) بالإفراج عنك، سوف لن نقتلك وسنكتفي بكسر يدك ورجلك، ولا بد من فعل هذا لأنك من طائفة أخرى، بعدها سنلقيك على قارعة الطريق فينتشلك سائق شجاع وطيب أو دورية للشرطة، وعليك أن تحمد الله على نجاتك. كان هذا الرجل سعيداً وفرحاً ( على الطريقة العراقية الجديدة ) ويعد نفسه ذو حظ حسن لأن صديقه القديم أنقذه من مخالب الموت واكتفى بكسر يده ورجله.. تصوروا!
يا لها من سعادة، ومناسبة للفرح والبهجة!. كان صاحبنا يضحك، ولا بأس أن نضحك معه قليلاً، فالضحك مفيد على أية حال!!!.
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟