أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسني أبو المعالي - الإنسان أولا ... الإسلام ثانيا














المزيد.....

الإنسان أولا ... الإسلام ثانيا


حسني أبو المعالي

الحوار المتمدن-العدد: 1820 - 2007 / 2 / 8 - 03:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يتسن للانسان العربي عبر تاريخه الطويل ان يعيش حياة اجتماعية وفكرية سليمة، تكتنفها السعادة، وتحتويها الألفة والمحبة، ويمارس فيها نشاطاته وفق مبدأ العمل الجماعي الذي يفرض عليه حالة من التعود على الإيثار والتضحية والذوبان مع إخوته وأصحابه من أجل العمل لمصلحة الجميع. فالنظم السياسية العربية الشمولية المتعاقبة بما في ذلك العهود الإسلامية قد أسست نظاما اجتماعيا وتربويا خاصا رسمت من خلاله هيكلا للفرد العربي وبرمجته بما يتفق ومنهجها الاحتكاري الاستبدادي السلطوي وجعلت منه إنسانا متناقضا ومختلفا مع ذاته، فهو من جهة أناني لا يحب ولا يرى إلا نفسه عندما يكون حاكما؛ ومن جهة أخرى فإنه لا يعرف سوى أن يكون تابعا وذليلا عندما يكون محكوما، وضيعت عليه الفرصة في أن يكون في عمله فردا ايجابيا تفتخر به أمتنا أمام شعوب العالم باعتباره أثمن رأسمال في المجتمع. ومع ذلك فقد خرجت من المجتمعات العربية استثناءات كثيرة تعي دورها الإنساني، وهي تلبي في حدود امكانيتها ما تراه مناسبا لخدمة الصالح العام كالفلاسفة والعلماء في مجالات شتى وكذلك المبدعين والمثقفين بيد أن هؤلاء لم يسلموا من ظلم الحكام ولا من جهل التابعين لهم فأمسوا ضحايا القهر والتخلف على امتداد التاريخ العربي ومن ضمن من نود ذكرهم هنا بعض الذين اجتهدوا في الدين الاسلامي أمثال الامام الشافعي ومالك بن أنس وزيد بن علي وجعفرالصادق وأحمد بن حنبل وغيرهم من الذين بذلوا عصارة جهدهم من أجل تقريب الفكر الاسلامي المتنور من العقول الصماء؛ لكن تلك الاجتهادات لم تمنح العرب والمسلمين سوى مزيد من الخلافات والبؤس إضافة الى التخلف والجهل، لأنهم لم يستوعبوا معنى حرية تعدد الانتماءات المذهبية، ولا مفهوم الاختلاف واحترام الرأي الآخر؛ وخلافاتهم حولها جاءت نتيجة للتربية السياسية المطلقة ولعهود طويلة للحكام العرب والمسلمين ومنسجمة مع – الأنا – العربية التي لا تقبل الرأي الآخر أو تتفق على مبدأ معين ولهذا قيل عنهم – اتفق العرب على أن لا يتفقوا- وقد اختلف الأتباع من كل مذهب أكثر من اختلاف المجتهدين انفسهم فيما بينهم وتعصبوا لطائفتهم اشد من تعصبهم للدين وعبدوا أسيادهم في الحق والباطل بما يوازي عبادتهم لله سبحانه وتعالى؛ وكل يحاول أن يجير الإسلام لمنظوره الخاص ومفاهيمه الضيقة، الشئ الذي فتح عليهم نار الفرقة والتمزق وشوه المعاني الجميلة التي جاء بها الاسلام رحمة بالعباد – وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين - ولم ينته الأمر عند اختلاف وجهات النظر بل ذهب بعيدا حتى وصل حدود القتل والإبادة الجماعية تعويضا عن روح العمل الجماعي فإذا كان المسلم يقتل أخاه المسلم لمجرد اختلافه معه في المذهب – هذا ما عرفناه تأريخا ولمسناه حاضرا - فماذا سيفعل بالمسيحي والمندائي والبوذي والهندوسي الذين يختلف معهم في الدين؟
هذا الفعل التنافسي الحاد الذي لبس المجتمع العربي بفضل سياسة الرأي الواحد أبعد الكثير من مصابيح الكفاءات العربية في الفكر والسياسة والابداع من مزاولة نشاطاتهم داخل أوطانهم ما اضطرهم إلى الهجرة بعيدا عنها طلبا للحرية وحق الحياة، وبالتالي ظلت مدننا عائمة في بحر من الظلام، وشعوبنا ترزح تحت نير الجهل والتخلف، تمارس التقليد لا الإبداع، وتعتمد على نظام الاستهلاك لا الإنتاج، على الرغم من الخيرات الوفيرة التي تنعم بها بلداننا، الشيئ الذي دفع الغرب وأمريكا لأن يطمعوا بها ويختلقوا الحجج والتبريرات للاستيلاء عليها، وهكذا مهدنا بفعل الأنانية والجهل والظلام الطريق المعبد للاحتلال، وقبل ان نتهم الغرب بانتهاكه حرماتنا ونهبه ثرواتنا علينا أن نلوم أنفسنا أولا ونعالج أخطاءنا – لا يغير الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم – فنحن الذين قتلنا عليا وعثمان والحسين والحلاج واضطهدنا السياب والجواهري وأمل دنقل والبياتي وأدونيس وأبعدناهم عن ديارهم وهذه عينات فقط من مئات الشخصيات المضيئة التي سلب منها حقها في الحياة الكريمة، ناهيك عن الكثير من الكفاءات الشريفة في شتى المجالات كالأطباء والمهندسين ورجال القانون الذين سحقتهم آلة البطش العربية ولم نسمع عنهم شيئا؛ تلك هي مأساتنا وهذا هو واقعنا فتأريخنا حافل بالدماء والبطش والمؤامرات وحاضرنا زاخر بالقتل وبالاضطهاد وبالسجون. نعم نلوم أنفسنا لأننا لم نتفق يوما على المحبة تجاه عنصر الانسان الذي ننتمي كلنا إليه فكيف سنتفق على حب الإسلام الذي يفترض أنه جاء من أجل خدمة الإنسانية جمعاء ؟



#حسني_أبو_المعالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الميليشيات في العراق: مسلمون بالولادة مجرمون بالفطرة
- جهاد الأدعياء في قتل الأبرياء
- بأمر الوطن أنا عراقي
- المأساة العراقية ملهاة للاحتلال
- رحيل عازف سيمفونية الألوان الفنان خضر جرجس
- المواطنة وأزمة الولاء للوطن في العراق
- التقسيم بات وشيكا .... فأين عقلاء الأمة من كل ما يعصف بالوطن ...
- الواقع العراقي المر وتداعياته على الوضع العربي
- التدخين علاج شاف في مستشفيات العراق
- قناع الزرقاوي: الوجه الحقيقي للإرهاب الأمريكي
- قناع الزرقاوي والوجه الحقيقي للإرهاب الأمريكي
- أبعاد السياسة الاسرائيلية في الوطن العربي
- للصراحة حدود يا بن عبود
- سحقا للشعب من أجل شيطان السلطة
- هل حكم على الشعب العراقي بقصة لا تنتهي مع الطغاة؟
- الإعلام العربي: حرية نشر الخبر أم مسؤولية نشر الخبر
- الطائفية في العراق: قريبا من السلطة بعيدا عن الاسلام
- بانوراما الألوان واحتفالية الأشجار
- الفنان التشكيلي المغربي المكي مغارة وحوار العتمة والنور
- ثلاث محطات ضوء مغربية من شمس الموسيقى العربية


المزيد.....




- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسني أبو المعالي - الإنسان أولا ... الإسلام ثانيا