أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد محمود خدر - في ذكراها الحادية عشر: الإبادة الجماعية للإيزيديين تظل جرحا مفتوحا يتطلب التزام بالاعتراف وتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا















المزيد.....

في ذكراها الحادية عشر: الإبادة الجماعية للإيزيديين تظل جرحا مفتوحا يتطلب التزام بالاعتراف وتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا


خالد محمود خدر

الحوار المتمدن-العدد: 8423 - 2025 / 8 / 3 - 08:57
المحور: المجتمع المدني
    


أحد عشرة عاما مرّ
وسنجار لا تزال ترتدي السواد.
والمقابر الجماعية لا تزال أكثرها مغلقة على أسرارها.
والمختطفات لا يزال منهن اكثر من الف وخمسمائه مغيبات خلف أسوار الصمت والتقصير والمجهول.
والعدالة لا تزال مؤجلة ، بل قيدت الجرائم ضد مجهول ، بالإفراج عن اكثرية من شاركوا بها أو كانوا عونا لوقوعها وبالأمس أعيد من مخيم الهول 15000 فردا من أفراد عوائل داعش إلى ديارهم ، في تزامن كأنه مدبر مع ذكرى الإبادة.

في فجر الثالث من آب عام 2014، وبينما كان العالم يغطّ في صمته ، استيقظ اهل سنجار الايزيديين على واحدة من أفظع الجرائم ضد الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.
زُجّ بالايزيديين في أتون محرقة دموية بُنيت على الكراهية والتكفير على الهوية الدينية ، ونُفذت تحت رايات سوداء ، بأيدي لم تكن غريبة كلّها ، بل كان أغلبها من أبناء الجيرة والوطن.

حين انقضّ الغزاة بالجحيم عليهم صباح ذلك اليوم المشؤوم ، وجد الإيزيديون أنفسهم محاصرين في مدنهم و قراهم ومجمعاتهم دون أي دفاع أو حماية.

كانت الهجمة وحشية وشاملة ، من قبل تنظيم داعش الإرهابي ، مستهدفة ابادتهم ، و اقتلاعهم من جذورهم ابدا.
رجال يُعدمون جماعيا.
فتيات تُسبى وتُستعبد.
أطفال يُختطفون ويُجندون.
بيوت تُنهب وتحرق.
مزارات دينية تفجر و تُدمّر
وبساتين تين تحرق و تتحول إلى رماد.
أموال وممتلكات تنهب بأعراف الغزاة

في ذلك اليوم الاسود قُتل الآلاف ، وتحوّل جبل سنجار الى ملاذا و حصنا آخيرا للنجاة. إلا أن طرق الوصول إليه كانت مقطوعة عمدا ، إذ اعترضت سيارات بعض الدواعش المحليين من أبناء الجيرة عمدا بذريعة الاعطال (المفتعلة) طريق هؤلاء الفارين من جحيم الغزاة في موا قع مختلفة على امتداده ، في ما نصب الدواعش الآخرين الكمائن على بقية الممرات المؤدية إلى الجبل ، فتمت تصفية المئات في الساعات الأولى ، وسُبيت آلاف الفتيات على مرأى ومسمع ومشاركة من الجار المتواطئ.

وفق آخر إحصائية أجراها الباحث داؤد مراد ختاري ، مؤلف موسوعة جينوسايد الايزيدية الرابع والسبعين ، نشرها في صفحته على منصة التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) يوم الثلاثاء الماضي 2025/7/29 ، بان منها أن عدد ضحايا الجينوسايد بلغ 7259 ضحية ، وعدد المختطفات اللواتي لا زلن بأيدي الدواعش 1616 ، وان مجموع المختطفات في الأيام الأولى كان 5747 ، يضاف لهم أكثر من 500 ألف نازح لا يزال أكثرهم في المخيمات حتى اليوم.

بعد احد عشرة عاما مرّ على جريمة الإبادة الجماعية لا يزال السؤال معلقا:
أين العدالة؟
و هل يحتاج الضحايا إلى عقد آخر من السنين كي تُحرّر المختطفات المتبقيات؟
وهل يتطلب من أهل سنجار قرن من سنين الصبر كي تُعمّر مدنهم ومجمعاتهم السكنية و قراهم؟

وكم من الصبر ايضا يتطلب منهم كي يعاد تعمير ديارهم و يعودوا إليها و يحصلوا على فرص عمل، و تعويضات عادلة.

اين محاكمة الغزاة المنفذين لحملة الإبادة ؟
إن العدالة حين تتأخر تفقد معناها ، مثلما تفقد مصداقيتها حين تعفو و تفرج عن الجناة. ومتى ما عجزت الدولة عن حماية أبنائها أو إنصافهم بعد وقوع الفاجعة ، فإنها تُفسح المجال لليأس والإحباط ، وتعطي الفرصة للأشرار لإعادة إنتاج الابادة من جديد .

في المقابل، ورغم ما لم يُشار إليه كثيرا في القنوات الإعلامية، لم يكن الإيزيديون في سنجار مجرد ضحايا باغتتهم الإبادة، بل كانوا أيضا من أوائل من تصدّوا لزحف داعش، وسطّروا صفحة مشرقة في سجل المقاومة الشعبية.
ففي اليوم الثاني من غزو سنجار، وبينما كانت المدن والمجمعات السكنية والقرى تُجتاح وتُحرق، ويقتل الرجال وتُختطف النساء والأطفال وتنهب الممتلكات في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية، انطلقت شرارة المقاومة من سفوح جبل سنجار، الجبل الذي طالما شكّل ملاذا للإيزيديين في محنهم التاريخية. لم ينتظر أبناء سنجار بعد عونا خارجيا، بل حملوا ما توفر لهم من سلاح شخصي ، وارتكنوا إلى شجاعتهم و إرثهم الطويل في الصمود، وشكّلوا نواة مقاومة محلية من شباب وشيوخ ، رفضوا الاستسلام، ووقفوا في وجه الغزاة الدواعش بعزيمة لا تلين وتمكنوا من صدهم وإيقاف زحفهم ومنعهم من تدنيس سفوح جبلهم و مزارهم المقدس الكبير.

هكذا كان للجبل رجاله الذين حوّلوه إلى قلعةٍ حصينة، وممرّ آمن لإنقاذ آلاف العوائل المحاصرة، وتنظيم الدفاعات، وفتح ممرّات النجاة، وخوض اشتباكات بطولية مع الغزاة الدواعش في معارك غير متكافئة، لكنها كانت كفيلة بوقف زحفهم، وعرقلة تمدّدهم، وتكبيدهم خسائر فادحة.
وقد أفرزت هذه المقاومة أسماء قادة كبار، سيظلّون حيّين في ذاكرة شعب لا ينسى من دافع عنه، ومن وقف إلى جانبه في أحلك اللحظات وأشدّ المواقف.

لقد مثّلت مقاومة جبل سنجار أول شرارة عراقية حقيقية كسرت (هيبة) داعش وأوقفت تمدده في وقت كان العالم لا يزال يترقب بخوف تحركات التنظيم في مناطق أخرى.
وهكذا، كانت مقاومة الإيزيديين في جبل سنجار موقفا تاريخيا لإنقاذ ما تبقّى ، ورسالة بأن هذا الشعب، رغم ما مرّ به من 74 حملة إبادة على مرّ القرون، لم يُهزم ولم يستسلم وسيظل عصيا على الفناء.

إذا كانت الذكرى الحادية عشرة تمرّ كمجرد خبر سنوي عند الكثير ، فهي بالنسبة للإيزيديين جرح حي لن يندمل ، وذاكرة مفتوحة على الألم ، وصرخة تنتظر أن تجد آذانا صاغية وصادقة.

لم يعد يكفي أهل سنجار التضامن الخطابي ، ولا البيانات الإنشائية في كل ذكرى سنوية ، بل الاعتراف الرسمي من الدولة بالابادة الجماعية و تطبيق العدالة ومحاسبة المتورطين محليا ودوليا. ذلك أن الدماء التي أُريقت والفتيات اللواتي سُبين، والأطفال الذين اختُطفو ليست مجرّد أرقام في تقارير أعدت من منظمات مهتمة ، بل هي صرخات مدوّية في وجه كل من شارك في الجرم أو تخلّى وتغاضى وسكت عنه.

كما يطالب أهل سنجار الدولة بإعادة إعمار المدن والقرى والمجمعات السكنية التي دمرت ، و ضمان العودة الآمنة للنازحين منهم في المخيمات ، وإبعاد سنجار عن مخططات الطامعين بها دون أي حساب لهم لرأي وأمن ومستقبل اهلها.

كم تحتاج الدولة إلى مشروع وطني شامل يعيد بناء الوعي الجمعي على أسس جديدة، تقوم على رفض الطائفية والعنصرية والتطرف الديني، وترسّخ الإيمان بالتعددية بوصفها ثروة لا تهديدا.
إن قراءة التاريخ والدين من منظور طائفي أو عنصري لا تؤدي إلا إلى مزيد من الخراب والانقسام.
وقد أثبتت التجربة العراقية بما لا يدع مجالا للشك، أن الصمت على الظلم يُغذي الطغيان، وأن التواطؤ المجتمعي يُمهد الطريق لكل كارثة أو إبادة قادمة.

ولذلك، فإن الحل لا يمكن أن يكون سياسيا فقط ، بل لا بد أن يكون ثقافيا وأخلاقيا وتربويا أيضا ، فالدولة بحاجة إلى مناهج تعليمية تغرس في النشء القيم الوطنية والإنسانية ، كي تجف منابع الحقد والكراهية ، وإلى بيئة اجتماعية تُربّي أبناءها على احترام التنوّع لا اجتثاث المختلف، وعلى التعايش لا الإقصاء. ولنا في دول الغرب أمثلة كثيرة على ذلك.

تقضي الإشارة إلى أن أهل سنجار لم ولن ينسوا من وقف معهم و ساهموا في إنقاذ قسم غير قليل من المختطفات والمختطفين او تقديم يد العون بما تمكنوا منه ماديا او معنويا او من فتح طريقا لإنقاذهم . و لن ينسى اهل سنجار من وقف معهم في مناطق مختلفة من العراق وتحديدا في محافظة دهوك دهوك ، الذين فتحوا بيوتهم وقلوبهم لهم.
لهؤلاء نقول:
الإنسانية لا تُقاس بالكلمات بل بالمواقف.
وسنجار، بكل ما فيها من دموع وركام، لا تزال تحتفظ بجميل كل من أنقذ أو صرخ من أجلها.

سلام على سنجار
وسلام على العراق
سلام على الجبل الذي لم ينحن
سلام على الأمهات اللواتي أنجبن أبطالا لا يُهزمون
سلام على المختطفات الذين لا زلن يعانين الامرين بين ايادي الاشرار في مناطق وظروف مجهولة.

سلام على الرجال الذين اختاروا المقاومة في مجاميع قتالية منعت الغزاة من تدنيس المزار والجبل.
وسلام على كل من وقف بوجه الظلم و قال لا ، حين صمت وتقاعس الكثير.

المجد للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم حفاظا على هويتهم وأرضهم.
المجد لشهداء الجيش وكل القوات التي ساهمت في تحرير الأرض من دنس الغزاة



#خالد_محمود_خدر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين أصبح اطفال الإيزيديين بضاعة رخيصة في أسواق النخاسة الداع ...
- حين تختطف البراءة بأيدي قوى الشر والظلام الدواعش ، أطفال سنج ...
- ليكن الجميع القدوة الحسنة كي لا تُختطف الأوطان والإنسان مرة ...
- التغير المناخي في العراق وأثره في تفاقم الأزمة المائية
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه وأقلق عقول الحكومات/ الجزء الرا ...
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه الذي أقلق عقول الحكومات / الجزء ...
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه وأقلق عقول الحكومات / الجزء الث ...
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه وأقلق عقول الحكومات / الجزء الا ...
- حين تُصبح النوايا الطيبة خطرا قاتلا على أصحابها من ابناء الا ...
- العقل البشري بين التهميش والتفعيل: كيف يُصنع الغباء الاجتماع ...
- في ذكرى مأساة الإبادة الجماعية الحادية عشرة لايزيدي سنجار ، ...
- أزمة المياه والجفاف تضع العراق على مفترق طرق خطير لا تفيد مع ...
- في الذكرى الحادية عشر للإبادة الجماعية للمكون الايزيدي في سن ...
- شخصيات مجتمعية خدمت ولا تزال تخدم اهلها بإخلاص وتترك أثرا عم ...
- نظرة وتحليل عن بعد لنموذج حي من التعايش السلمي يصلح أن تحتذى ...
- أحد عشر عاما على الإبادة الإيزيدية وأكثر من نصف المختطفات ال ...
- أحد عشر عاما على الإبادة الإيزيدية وأكثر من نصف المختطفات ال ...
- التعدد والاختلاف ثراء لا تهديد مثلما ثقافة الاعتذار والتسامح ...
- حين تكون هجرة الأقليات قدرا من صنع البشر
- قصة من القصص المأساوية في الإبادة الإيزيدية / قصة الام العجو ...


المزيد.....




- رئيس أيرلندا: إبادة غزة مأساة تاريخية وعلى الأمم المتحدة تفع ...
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تحاصر منازل وزراء وتطلق أسبوع الت ...
- بلال زنون .. طفل تحاصره حساسية القمح والحصار الإسرائيلي
- طنجة.. آلاف المغاربة يتظاهرون رفضا للتجويع الإسرائيلي بغزة
- غرفة العمليات الحكومية تُطالب بتحرك دولي فاعل لوقف المجاعة ف ...
- -مسار الأحداث- يناقش موقف إسرائيل من المجاعة في غزة بعد إعلا ...
- إسرائيل تنتفض.. تظاهرات حاشدة وعائلات الأسرى تتوعد بالتصعيد ...
- فحوصات طبية ونفسية.. اليونان تعتمد إطارًا جديدًا لتحديد أعما ...
- الضم الاستعماري الاستيطاني وجرائم التطهير العرقي
- عائلات الأسرى الإسرائيليين: من يريد الإفراج عنهم لا يحتل غزة ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد محمود خدر - في ذكراها الحادية عشر: الإبادة الجماعية للإيزيديين تظل جرحا مفتوحا يتطلب التزام بالاعتراف وتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا