أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي ماجد شبو - كلام متأخر عن زياد الرحباني














المزيد.....

كلام متأخر عن زياد الرحباني


علي ماجد شبو
(Ali M. Shabou)


الحوار المتمدن-العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 14:12
المحور: الادب والفن
    


مدهش حقاً ردود الفعل في لبنان، بعد إعلان موت الفنان الكبير زياد الرحباني، ومدهش أكثر ردود أفعال المجتمع العربي برمته، وبضمنه النخب العربية. مدهش لبنانياً، لإن زياد، على عظمة إنجازاته، لم يتمكن من تغيير أيّاً من المعادلات في لبنان لا على الصعيد السياسي، ولا الاجتماعي ولا حتى الفني. فعلى المستوى السياسي والاجتماعي، ذكر زياد، فيما ذكر، أنه لا يريد تغيير المجتمع أو البلد، لكنه بالمقابل، لا يريد البلد أن يغيّره. هذا التعبير الاخير هو أساس ما سأبحث به.
كيف أستطاع هذا الرجل النزول بفيروز، الاميرة الحالمة ذات الرداء الأبيض الناصع والنائمة بين السحاب، الى الشارع البيروتي بإكتضاضاته، وبلغته، وشتائمه؟ ربما لأن زياد لم ينتمي الى ذلك العالم الحالم، فهو المتمرد والثائر والواعي المنغمس بمشاكل مجتمعه ومشاكل بلده. لكنه لم يتمكن من ان يحوّل تمرده الى ثورة إجتماعية تجعل من التغيير المنشود ممكناً، إنما جعل مشروع حياته ان يعمق ويطور من وعي المجتمع بهدف تثويره عن طريق فنه، في الموسيقى، في الاغنية، في المسرح حيث الكلمة والحدث والنكتة تزيد من إرتباط الجمهور حزناً تارة ومرح تارة أخرى.
زياد، العازف والملحن والمؤلف الموسيقي والكاتب المسرحي، والصحفي المشاكس، هو أحد أبرز الأسماء في مجالي الثقافة والفن في العالم العربي، ولأنه حالة فكرية وفنية متفردة لتحفيز الوعي، فقد كان رمزًا للإبداع الحرّ والفكر النقدي في سياق المجتمعات العربية.
تاريخيًا، وظّف زياد الرحباني الموسيقى والفن كأدوات فعالة لمواجهة التحديات، خاصة في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي واجهت لبنان. فقد عمل في فترة غياب الدولة على طرح أسئلة عميقة حول الهوية والحقوق والحرية. كانت أعماله تمثل صرخات في ظل الصمت السائد، حيث سعى إلى إبراز صوت المهمشين والمستضعفين. فمن خلال مسرحياته وأغانيه، كلاماً ولحناً، أعطى صوتًا لمن لا صوت لهم، مما ساهم في تعزيز الوعي الاجتماعي والتنبه للخلل الحاصل في العدالة الإجتماعية.
استطاع زياد أن يخلق عالمًا فنيًا يعبّر عن واقع الحياة في لبنان، محولًا الألم إلى فن. هذا التحويل يأتي من فهمه العميق للبيئة الاجتماعية والسياسية التي تعيشها البلاد. فالفنان لا يكون مجرد مبدع، بل يتجاوز ذلك إلى كونه مؤرخًا وشاهدًا منغمساً في الأحداث، ما يعكس أهمية وجوده في زمن غياب الدولة. ففي ظل الفوضى السياسية والحروب والغموض، كانت أعمال زياد توفر ملاذًا للتفكير والإلهام، وتفتح الحوار حول القضايا الحساسة، مما يجعل منها وسيلة لتعزيز الوعي العام.
إن غياب زياد يكشف تساؤلاً جوهرياً، هل من الممكن ان ينبثق نموذج آخر لزياد في المجتمعات العربية؟ والواقع يفضح تمترس هذه المجتمعات خلف سياقات سياسية وإجتماعية مختلفة تجعل الفكر والفن فيها محاصراً أو مقيداً. فغياب المساحة الحرة للتعبير، والهواجس اليومية من الرقابة، قد يعيق الفنان الموهوب عن تقديم إنجازات مشابهة، ولو بقدر ما، لتلك التي قدمها زياد. بينما عُرف لبنان بنوع من الحرية الثقافية والفنية التي تتيح للفنانين الاندماج في نقاشات مجتمعية بشكل أكثر انفتاحًا.
لهذا، فإن زياد الرحباني يمثل حالة نادرة من الإبداع والتحفيز للوعي في ظل ظروف تاريخية معينة. إذ يعكس نجاحه أهمية الحرية الثقافية، ويؤكد كيف يمكن للفن أن يكون نقطة انطلاق للتغيير الاجتماعي والوعي السياسي. ولكن الأهم هو أن يتردد صدى تجربته وبصمته في المجتمعات العربية الأخرى من خلال تعزيز حرية التعبير وتقبل الاختلاف، حتى يتحقق التحفيز المنشود. وفي الأخير، يظل زياد رحلة إستثنائية ملهمة للفنانين والمثقفين، ليس فقط بموهبته، ولكن أيضًا بفلسفته القوية التي تجعل من الفن وسيلة للتمرد على الحاضر وأداة فعّالة للتغيير.



#علي_ماجد_شبو (هاشتاغ)       Ali_M._Shabou#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاهيم الحرية في فلسفة ما بعد الحداثة وإنعكاسها على المسرح
- المرجعيات المركزية الإجتماعية ومفهوم التجريب
- الإمتداد المسرحي في التهجين الثقافي
- الاغتراب الثقافي ودلالاته في المسرح
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
- الجغرافية الثقافية وفنون الأداء
- الإيستاتيك، وجمال القبح في المسرح
- المحتوى في المسرح
- أريان منوشكين ومسرحية -الجزيرة الذهبية-
- المسرح والجمهور .. و-المتلقي-.
- الظاهراتية والمسرح
- الحرية والإبداع
- مسْرحة دوستويفسكي - المسرح بين السحر والمشهدية
- -عبث- البير كامو و -الثورة المُهانة- في الربيع العربي
- قضية مؤلمة
- قراءة في مسرحية -ميدان القمقم- للدكتور سامح مهران
- المسرح النسويّ: المسرح في المؤنث والمذكر
- الديموقراطية والسعي نحو السراب
- نظرة في المهرجانات المسرحية العربية
- الثقافة بين العولمة والكوْرنة


المزيد.....




- -كأنه فيلم خيال علمي-: ولادة طفل من جنين مجمد منذ 30 عاماً
- قمر عبد الرحمن لـ -منتدى البيادر للشعر والأدب-: حرب الوجود ا ...
- -الشاطر- فيلم أكشن مصري بهوية أميركية
- رحلتي الخريفية إصدار جديد لوصال زبيدات
- يوسف اللباد.. تضارب الروايات بشأن وفاة شاب سوري بعد توقيفه ف ...
- بصدر عار.. مغنية فرنسية تحتج على التحرش بها على المسرح
- مع حسن في غزة.. فيلم فلسطيني جديد يُعرض عالميا
- شراكة مع مؤسسة إسرائيلية.. الممثل العالمي ليوناردو دي كابريو ...
- -الألكسو- تُدرج صهاريج عدن التاريخية ضمن قائمة التراث العربي ...
- الطيور تمتلك -ثقافة- و-تراثا- تتناقله الأجيال


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي ماجد شبو - كلام متأخر عن زياد الرحباني