أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - إعلان نيويورك: هندسة أمنية جديدة أم شرعنة للاحتلال؟














المزيد.....

إعلان نيويورك: هندسة أمنية جديدة أم شرعنة للاحتلال؟


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 12:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


بقلم المحامي علي أبو حبلة –
صدر "إعلان نيويورك" في خضم مشهد إقليمي متفجر، حيث لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية تحصد أرواح المدنيين في غزة، وتُحكم الحصار على أكثر من مليوني إنسان. الإعلان، الذي جاء بمشاركة دولية واسعة وبقيادة فرنسية وسعودية، دعا إلى دراسة إنشاء بنية أمنية إقليمية تُواكب قيام "دولة فلسطينية ذات سيادة"، لكنه لم يحدد بوضوح المقصود بالدولة، ولا آلية لإنهاء الاحتلال أو وقف العدوان أو إدخال المساعدات وفتح المعابر.
أولاً: غموض "الدولة" وإعادة تدوير مربع أوسلو
رغم أن الإعلان يُوحي بدعم "حل الدولتين"، إلا أن مصطلح "دولة فلسطينية ذات سيادة" جاء مبهماً دون تحديد حدود 1967 أو عاصمة في القدس الشرقية أو أي إشارة إلى حق العودة، بما يتناقض مع:
قرار مجلس الأمن رقم 242 (1967) الذي ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة.
قرار الجمعية العامة 194 (1948) الذي يكفل حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.
مبادرة السلام العربية (بيروت 2002) التي وضعت الانسحاب الكامل شرطاً للتطبيع.
هذا الغموض يعيدنا إلى المربع الأول في اتفاق أوسلو (1993) وخارطة الطريق (2003)، وبيانات "اللجنة الرباعية الدولية" التي طالما استخدمت لغة مرنة وغامضة تُبقي الاحتلال وتُسوف الحلول.
ثانياً: فخ سياسي تحت غطاء الأمن الإقليمي
الدعوة إلى تشكيل "بنية أمنية إقليمية" في سياق التسوية تذكّر الفلسطينيين بما حدث سابقاً عبر:
خطة دايتون الأمنية (2005) التي أُسندت فيها المهام الأمنية للسلطة الفلسطينية بضمان التنسيق مع الاحتلال.
خليفته الجنرال فينزلي الذي تابع الدور ذاته بمنظور احتواء المقاومة وليس تمكين الفلسطينيين.
مشروع بيكر 2014 الذي سعى لإعادة صياغة وظائف السلطة ضمن أطر إدارية واقتصادية تحت الاحتلال.
اليوم، تعود نفس المقاربة الأمنية بشكل أكثر اتساعاً، إذ يتحدث "إعلان نيويورك" عن تعاون إقليمي أمني قد يُفضي إلى تحالفات عسكرية تتجاوز الفلسطينيين وتُدمج إسرائيل بالكامل، ضمن رؤية تذكرنا بـ:
اجتماعات النقب (2022) التي جمعت إسرائيل بدول عربية لتأسيس بنية إقليمية أمنية مشتركة.
قمة المغرب الإبراهيمية التي شكلت امتداداً تطبيعياً لاتفاقيات أبراهام.
خطة بايدن الأمنية (2023–2024) الرامية لتشكيل تحالف إقليمي عسكري بغطاء مكافحة الإرهاب، في الحقيقة هو نظام ردع إسرائيلي مهيمن.
ثالثاً: تجاهل الحقوق مقابل شرعنة الاحتلال
البيان لم يُشر من قريب أو بعيد إلى المستوطنات، أو الاعتداءات اليومية للمستوطنين، أو قانون ضم الضفة الغربية الذي يُقره الكنيست الإسرائيلي ضمن سياسة فرض الأمر الواقع. لكنه في المقابل منح إسرائيل شرعية "الدفاع عن النفس"، متجاهلاً:
أنها دولة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة (1949).
وأن العدوان على غزة وفرض الحصار يُصنف كـ عقاب جماعي بموجب القانون الدولي الإنساني.
وأن حق المقاومة مكفول قانوناً للشعوب الواقعة تحت الاحتلال.
وهكذا، فإن الصيغة التي جاء بها الإعلان تُساوي بين الضحية والجلاد، وتُعيد إنتاج الرواية الإسرائيلية التي تُحمّل الفلسطينيين مسؤولية استمرار النزاع، وتُشيطن المقاومة وتُقصيها من أي حل سياسي.
رابعاً: صفقة القرن بنسخة ناعمة
الإعلان، وإن خُطّ بلغة توافقية، يُشكل عملياً امتداداً لـ:
"صفقة القرن" التي طرحها دونالد ترمب (2020)، والتي تحدثت عن دولة فلسطينية "منزوعة السلاح"، ورفضت الانسحاب من القدس والضفة.
ويمثّل تطبيقا عملياً لرؤية نتنياهو القديمة حول "الشرق الأوسط الجديد"، حيث تكون إسرائيل مركز النظام السياسي – الأمني – التكنولوجي – الاقتصادي للمنطقة.
ومع كل ما سبق، يجري طرح هذا المخطط في ظل عدوان متواصل، دون مساءلة أو محاسبة، مما يُضعف الثقة في النوايا الدولية ويفتح الباب على تحولات خطيرة قد تُفرغ القضية الفلسطينية من مضمونها السياسي والحقوقي.
خامساً: تحذير فلسطيني من فخ الهيمنة الإقليمية
من هنا، فإن الفلسطينيين مطالبون بالحذر من الوقوع مجدداً في فخ "حلول مؤقتة تتحول إلى دائمة"، أو الانخراط في أطر إقليمية أمنية تُعيد إنتاج التبعية. وما جرى بعد أوسلو وما نتج عن خطة دايتون وصفقة القرن، يؤكد أن أي مشروع لا يقوم على:
إنهاء الاحتلال بالكامل،
تفكيك المستوطنات،
عودة اللاجئين،
وضمان السيادة الفلسطينية الكاملة على الأرض والمعابر والقدس،
لن يكون سوى إعادة تموضع استعماري برعاية دولية، يكرس الأمر الواقع ويُمهد لإسرائيل موقع القيادة في الشرق الأوسط.
خلاصة: بيان نيويورك يعيد تدوير الفشل ولا يُنتج السلام
"إعلان نيويورك" بيان غير متوازن لا يُؤسس لحل حقيقي، بل يروّج لسلام شكلي على قاعدة الهيمنة والتمييع السياسي، في تجاهل واضح للوقائع على الأرض والانتهاكات اليومية لحقوق الفلسطينيين.
السلام لا يُبنى عبر فرض الوقائع والتطبيع، بل عبر تحقيق العدالة، وإنفاذ القانون الدولي، وضمان الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بلا انتقاص. ودون ذلك، فإن ما نراه ليس أكثر من غلاف ناعم لواقع خشن تُفرض فيه السردية الإسرائيلية كمرجعية إقليمية، وتُقبر فيه القضية الفلسطينية بصمت ناعم وتواطؤ دولي.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشاركة الفلسطينية في قمة حركات التحرر – تثبيت للهوية النضا ...
- الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين: خطوة رمزية لا تكتمل دون خطة ...
- كسر الاحتكار الأمريكي وتدويل الصراع الفلسطيني:
- جامعة النجاح الوطنية: القيادة، المعرفة، والتنمية... نموذج فل ...
- خطاب التطرف الإسرائيلي وتواطؤ الموقف الأمريكي: قراءة قانونية ...
- الاحتلال في القانون الدولي: بين الإرهاب والعنصرية وأزمة الضم ...
- اقتحام سفينة -حنظلة-: عدوان بحرّي يخترق القانون الدولي ويعمّ ...
- نتائج التوجيهي والمصير المجهول:
- بلدية طولكرم: نموذج في الصمود المؤسسي والإدارة الرشيدة رغم ا ...
- -اللهم أغثنا-... صرخة من تحت الركام: حين تسقط العدالة وتعلو ...
- قرار الكنيست بضم الضفة والأغوار: خطوة نحو الأبرتهايد الكامل ...
- التصدي الفلسطيني لقرار الكنيست الإسرائيلي بضم الضفة الغربية: ...
- **السلام المستدام في الشرق الأوسط: نحو عيش مشترك وإنهاء الصر ...
- هل نعيد فتح باب التاريخ؟ دعوة إلى الإسرائيليين لصناعة سلام ي ...
- غزة… وصمة عار في جبين الإنسانية المفقودة
- دلالات تصريحات السفير الأميركي: بين المخاوف الأميركية وانفلا ...
- سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان: صراع الأجنحة، المخاطر الم ...
- السويداء… كابوس سوري في قلب مخطط لتفتيت المنطقة: أين العرب؟
- إلى: فخامة الرئيس دونالد جيه. ترمب
- قلب الطاولة على مشروع الاحتلال دفاعًا عن الحقوق والسيادة


المزيد.....




- مقطورات مغمورة ومركبات عالقة.. شاهد نتائج الفيضانات الخطيرة ...
- بايدن يُحذر: أمريكا تواجه -أياما مظلمة- في عهد ترامب
- مصر.. تداول فيديو لشخص يدعي أنه ضابط شرطة -مختف قسريا- والدا ...
- -هذا موت وليس مساعدة أو طعامًا-.. شاهد ردود فعل سكان غزة على ...
- -مصالح مشتركة-.. أيّ دور لعبته حرب غزة في تقارب السيسي وأردو ...
- البرلمان السلفادوري يمنح الرئيس بوكيلي قابلية الترشح إلى ما ...
- قوافل المساعدات تدخل السويداء وسط هدوء حذر
- خطة سحب سلاح المخيمات.. حسابات ما بعد -دبور-
- دمشق تشكل لجنة تحقيق في أحداث السويداء
- بعد وفاة شاب وإصابة 6 بحفلة محمد رمضان يزعم: كانت محاولة اغت ...


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - إعلان نيويورك: هندسة أمنية جديدة أم شرعنة للاحتلال؟