|
ذكريات بيشمه ركة في جبال كوردستان – الحلقة الثامنة
نادر دوغاتي
الحوار المتمدن-العدد: 1818 - 2007 / 2 / 6 - 07:04
المحور:
سيرة ذاتية
معركة سينا - 19|2|1982 قرية سينا من القرى الايزيدية في منطقة فايدة يفصل
بينها وبين دهوك جبل وتقع في منطقة سهلية منبسطة تسمى ب ( لحفى قائديا ) . يسكن فيها سبعة قرى ولهذه المنطقة دوركبير في الحركة التحررية الكوردية . واحرق ورحل عدة مرات هذه القرى من قبل الانظمة المستبدة السابقة . بسبب نظالهم المريرفي صفوف البيشمه ركة واخرها تهجيرهم و تجمعهم في مجمع شاريا الحالى . في شتاء عام 1982 وقع في هذه القرية البطلة بابنائها . معركة بطولية بين بيشمركة الحزب الشيوعي الابطال وفوج من مغاويرالجيش العراقي المنحل في زمن النظام المقبور . سبق وان كتب من قبل اعزاء اخرين عن هذه العملية البطولية ومنهم الاخ صباح كنجي والذي كان معنا في هذه المعركة . كثير من المرات كنا ننسى نحن في حرب عصابات حيث نبقى في منطقة معينة فترة طويلة وباعداد كثيرة من البيشمه ركة في الوقت الذي كان النظام البائد يصرف الملايين على عملائه من اجل معرفة تحركاتنا . وانشغال النظام بحربه مع ايران وتقليص القوات العسكرية في كوردستان والاعتماد على القوات الغير نظامية . كان من احد اسباب التي ادت الى نزول البيشمه ركة الى العمق والمكوث لعدة ايام في منطقة واحدة وبالقرب من ثكنات الجيش والنظام المنهار . كانت المرة الثالثة نذهب الى قرية سينا مرتان ذهبت الى بيت الخال المرحوم حجي عيدو والمرة الاخيرة في بيت الخال المرحوم عبوسليم . كان البيشمركة يرتاحون نفسياً في هذه المنطقة وكان اهل القرى يمنحون للبيشمركة هداية تقديرية مثل الملابس والساعات واحذية جبلية . في هذه الليلة بقيت الى الساعة الثانية عشرة ليلا في بيت الخال عبو كانوا فخورين باحاديث البيشمركة ومنحولي يشماغ كاشميلون هدية . كان من المقرر ان ننام في ثلاثة بيوت في ظهر القرية قريب على الجبل لكن تغير الراى لاسباب امنية واصبحت مدرسة القرية المحطة الاخيرة لليلتنا البطولية . وصلت الى المدرسة بعد ان ودعت بيت الخال عبو حاملا فراش النوم وكساء اليوم الثاني في جعبة الظهر . وسألت عن ورقة الواجبات الليلية وسر اليل وكان واجبي مع ثلاثة بيشمركة اخرين في الساعة الرابعة صباحاً في الجبل لتأمين انسحاب المفرزة من القرية . لم افتح حزام الظهر ومخازن العتاد من ظهري اليلة . ولم انزع الحذاء الجبلي ادي داس من رجليه بل نمت بكامل القيافة متحزماً ومتهيئاً مع شريكة الحياة الحبيبة ( كلاشينكوف ) . كان لدينا حارسان على يسار ويمين المدرسة وقبل الرابعة بقليل دخل احد الحراس الى المدرسة لينهضنا مجموعة الحراس الاربعة الذين يذهبون الى الجبل خلف القرية لتأمين انسحاب المفرزة الساعة الخامسة من المدرسة . وفي هذا الاثناء كانت القرية مطوقة من قبل فوج كامل من المغاوير العسكري وذكر بعض البيشمركة بأنهم حسوا بشيء ما من خلال نبح ( الكلاب ) لكن تبين بأن المغاوير عندما طوق القرية كانوا متحذرين جداً وطوقوا الجبل قبل القرية . في هذا الاثناء تقدم مجموعة يقودها ضابط الى المدرسة وعند وصولهم ناده بهم حارس البيشمركه وبالكوردي ( تو كي ) اي من انتم . فيقول الحارس بأن الضابط رأساً شتمني وقال من انت . وقال الحارس رأساً رميتهم بالنار والقيتهم جميعاً أرضاً . وفعلا المجموعة الاولى من الجيش التي تقدمت الى المدرسة ومجموعتهم مع الضابط ( 13 ) كلهم قتلوا وجرحوا وهربو ماتبقى دون رجعة . وعندما بدء المعركة اشتغلت رحمة الله والقاذفات وكأنها غيم سوداء وهطلت المطر على سماء المدرسة . وأخذنا بنادقنا في يدنا وأتجهنا نحوه باب المدرسة . فسمعت صياح وبكاء المعلمات . وأبو نصير أمر المفرزة يقول نحن مطوقين وأمر رفاق أصحاب السلاح المتوسط ( ار بي جي وعفاروف ) بالقفز الى كوم الاحجار في يسار المدرسة . ومقابلة العدو لتأمين انسحاب المفرزة . وفعلا أستطاع الابطال . أبو رستم وحكمت وبيشمركة أخرون الذين يحملون السلاح المتوسط أخذ موضع في يسار المدرسة بين كوم الاحجار والرد على العدو لتأمين انسحاب المفرزة . وفي هذا الاثناء خرجنا من المدرسة يساراً وهاجمنا باتجاه الجبل . لكن العدو كان متخذاً كل المواقع وأتان النار من كل جهات وأظطرينا الرجوع . وفي مسيرتنا اتجهنا نحوه وسط القرية وهكذا جوبهنا بنار قوية أيظاً وكذالك أنسحبنا . البحر من أمامك والعدو من خلفك فما العمل . وأكثر مأعاقني في المعركة هي اليشماغ الكاشميلون وكل ساعة توقع من عندي وارجع عليها . وقالت لي الرفيقة فاتن هل تريد تموت من وراء هذا اليشماغ . قلت نعم أموت ولا غداً يقولون لي بيت الخال بأنك تركت يشماغك في المعركة . اتجهنا جنوب القرية حيث خيم الغنام والرحل ( الهويرية ) وكان هناك وادي يؤدي الى خارج القرية فسلكناه والوقت ليس لصالحنا فالفجر ينتظرنا وفي النهار لانستطيع مقاومة العدو لان الطائرات العسكرية ستشارك في المعركة . وعلى بعد أمتار من الوادي كان هناك كمين للجنود . ونادونا وقالو تعالو هنا نحن هنا ولم يعرفوا نحن بيشمركه وظنوا جنود وعندما نزلنا الى الجنوب وخلصنا من التطويق سيطرنا على العدو لكن الوقت ليس لصالحنا لمقاومتهم وننتظر انسحاب كل المفرزة من القرية . وفي هذا الاثناء لم يبقى الا مجموعة الاسناد التي كانت تقاتل بين الاحجار على باب المدرسة والتي ظمنت إنسحاب المفرزة المتكونة أكثر من خمسون بيشمركه . لكن مع كل الاسف أثناء المعركة ومن خلال ضرب البيشمركه البطل حكمت ( رافد اسحق القوشي ) قاذفة أر بي جي سفن على العدو أنضرب بطلقة نارية في بطنه وانجرح . واستطاع البيشمركه الابطال جلب حيوان من البيوت لحمل البيشمركه الجريح عليه . وأثناء الانسحاب كان مع الجريح أبو رستم والبطل البيشمركه عايد ( هيثم ناصر الحيدر المندائي )* الذي كان يسحب الحيوان الذي كان يحمل الجريح . ووقعت المجموعة في الكمين جنوب القرية مما أدى الى أستشهاد البطل المجروح ( حكمت ) و البطل الذي كان يسحبه ( عايد ) والبطل أبو رستم فقط كان معه رمانة يدوية ومسدس . فأرمه الرمانة على كمين العدو وأستطاع أن يخلص نفسه بعد أن يأس من سحب قرة عينيه حكمت وعايد . بزغ الفجر ونحن منهمكين في منطقة سهلية بين قرية سينا جنوباً وجبل القوش شمالا والمسافة بينهما ليس أقل من ثلاثة ساعات وصلنا الى منطقة سيدكي الجبلية العاصية خلف جبل القوش والطائرات السمتية تجول وتصول حولنا . لكن لم تكشف مواقعنا . وبعد انسحاب الجيش من قرية سينا مباشرتا دخل مجموعة من البيشمركة الابطال الى القرية لمعرفة اخر الاخبار لكن تبين بأن الجلاوزة قد سحبو معهم جثث البيشمركة الشهداء الابطال عايد وحكمت الى محافظة دهوك والتجوال بها في شوارع المدينة . علماً كان خسائر الجيش إثناعشره جندياً مع ضابط . لكن اهالي القرية وكل من سمع بالعملية ولحد اليوم يشيدون ببطولية البيشمركة الابطال في العملية . ....................... يتبع
--------------------- عايد ( هيثم ناصر الحيدر الصابئي المندائي ) ياليتني لم أراه فلم انسى عيناه الى أبد الدهر شاب في مقتبل العمر وصلنا نفس اليوم الى المفرزة ونفس اليوم أو اليوم الذي قبله كان أخوه ( أبو سوسن ) معنا كلف بواجب الى منطقة أخرى ولم يرى البعض . ونحن نشرب الشاي في قواطي الكيكوز بعد وجبة الغداء ملتفين حول نار الجمر. قال عايد قلادة ذهبية جلبته من الخارج هدية الى أخي أبو سوسن الذي يعيش على المعنويات والحبوب في صفوف البيشمركة في جبال كوردستان لكن للاسف لم يرى أخاه . ولم يستلم هديته . فهل كان ثأرك في محكمة الدجيل ...؟؟؟
#نادر_دوغاتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكريات بيشمركه في جبال كوردستان / الحلقة السابعة
-
ذكريات بيشمركه في جبال كوردستان / الحلقة السادسة
-
هل الايزيديون في الحكومة الكوردستانية يمثلون المجتمع الايزيد
...
-
من قصص وروايات البيشمركه في ثورة أيلول الوطنية
-
ذكريات بيشمركة في جبال كوردستان / الحلقة الخامسة
-
المادة ( 140 )* من الدستور العراقي ومصير الكورد الايزيديين
-
ذكريات بيشمركه في جبال كوردستان / الحلقة الرابعة
-
الايزيديون كورد اصلاء ياطاغية العصر
-
ذكريات بيشمركه في جبال كوردستان ) الحلقة الثالثة )
-
اين تكمن خصوصية الايزيدية ...؟؟؟
-
ذكريات بيشمركه في جبال كوردستان- الحلقة الثانية
-
ذكريات بيشمركه في جبال كوردستان-الحلقة الاولى)
-
الفساد ألإداري في كوردستان أسبابه ومعالجاته .
-
الماركسيون دائمأ يختطون وغيرهم يستفادون ...!!!
-
هل كان بالامكان الاقلال من خسائر الانفال ( السيئة الصيت )...
...
-
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقراطية
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|