أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد رضا عباس - جذور حملة ترامب الضريبية على التجارة الخارجية















المزيد.....

جذور حملة ترامب الضريبية على التجارة الخارجية


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 20:47
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تعد التعريفات الجمركية من أقدم الضرائب لسبب بسيط وهو سهولة تحصيلها. ما عليك سوى إرسال جباة الضرائب وعدم السماح للبضائع المنقولة بالتحرك حتى يتم دفع الرسوم. كونها واحدة من أقدم أشكال الضرائب، فليس من المستغرب أن تنتج التعريفات أحد أقدم أشكال التهرب الضريبي: التهريب.
في فترة الاستعمار الإنكليزي لأمريكيا، كان الساحل الشرقي للولايات المتحدة، بأنهاره ومداخله العديدة التي يمكن للسفن الصغيرة في تلك الأيام استخدامها، مناسبًا للتهريب, وتهرب المستعمرون الأمريكيون من الرسوم الجمركية البريطانية على نطاق واسع.
عندما أصبح ألكسندر هاملتون أول وزير للخزانة في البلاد، بدأ على الفور في إعداد جدول للتعريفات الجمركية، إلى جانب الضرائب غير المباشرة على سلع مثل الكحول والتبغ. يحظر الدستور فرض الضرائب على صادرات أي ولاية، وبالتالي فإن التعريفات الأمريكية كانت دائمًا تُفرض على الواردات فقط.
كانت تعريفات هاميلتون فقط لغرض زيادة الإيرادات والتي ازدادت من 3.7 مليون دولار عام 1792 الى 10.8 مليون دولار عام 1800 , حوالي 90% منها جاءت من التعريفات الجمركية . ولكن بطبيعة الحال، هناك استخدام آخر يمكن فرض التعريفات عليه: حماية الصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية.
في عام 1789، باستثناء بناء السفن، لم يكن هناك سوى القليل من الصناعة الأمريكية التي يجب حمايتها. في حفل تنصيبه الأول، كان جورج واشنطن حريصًا رمزيًا على ارتداء بدلة مصنوعة من القماش المنسوج في الولايات المتحدة بدلاً من القماش المستورد من بريطانيا, كما كانت جميع الأقمشة عالية الجودة تقريبًا في ذلك الوقت.
وكانت بريطانيا هي المكان الذي توجد فيه تكنولوجيا الغزل والنسيج الصناعية، وكانت بريطانيا مصممة على الاحتفاظ بها هناك. ولم يكن من الممكن تصدير آلات النسيج وخططها، ولم يُسمح لذوي الخبرة في الصناعة بالهجرة. هذه المشكلة تم حلها من خلال التجسس الصناعي. صموئيل سلاتر، الذي تدرب في صناعة الملابس وكان يتمتع بموهبة ملحوظة في الميكانيك، حفظ بعناية الخطط اللازمة لآلات الغزل والنسيج وأبحر إلى أمريكا, بعد أن أدرج نفسه كعامل مزرعة في بيان السفينة.في غضون عام، وباستخدام رأس المال من عائلة براون في ولاية رود آيلاند ( والتي سميت جامعة براون باسمها )، كان لدى سلاتر مصنع غزل قيد التشغيل. لقد بدأت الثورة الصناعية الأمريكية ومعها الدفع نحو فرض تعريفات وقائية.
مع شبه احتكار للسوق الأمريكية، ازدهرت صناعة النسيج الناشئة في نيو إنجلاند ( الشمال الشرقي من الولايات المتحدة) . لكن نهاية الحرب مع بريطانيا عام 1814 جلبت منافسة بريطانية متجددة وحتى إغراق السوق الأمريكية بالقماش البريطاني الرخيص. ولحماية أرباحهم، ذهب مصنعو الملابس في نيو إنجلاند، إلى واشنطن وضغطوا من أجل فرض تعريفة وقائية. لقد طلبوا من الكونجرس فرض تعريفة قدرها 25 سنتًا لكل ياردة على القماش القطني البريطاني.
وبحلول عشرينيات القرن التاسع عشر، كان التصنيع الأميركي، الذي لم يكن موجوداً إلا نادراً في عام 1789 ينمو بسرعة هائلة. في عام 1824، كان هناك مليوني شخص يعملون في التصنيع . لكن كل هذا التصنيع تقريبًا كان يحدث في الولايات الشمالية. اما الجنوب فقد ظل متمسكا بالزراعة وبالأخص زراعة القطن والتي كانت تدر أرباح هائلة لأصحابها.
ومن اجل هذا فقد أراد الناخبون الشماليون على نحو متزايد فرض تعريفة جمركية مرتفعة لحماية صناعاتهم ووظائفهم، وأراد الناخبون الجنوبيون تعريفة جمركية منخفضة لخفض الأسعار التي كان عليهم أن يدفعوها مقابل السلع المصنعة. أدى هذا النزاع القطاعي إلى أول تهديد وجودي للاتحاد.
وفي تشرين الثاني من عام 1832، وبناءا على مطالب اهل الجنوب ، تم تخفيض التعريفات الجمركية على منتجات صناعية محددة من 45 إلى 35 بالمائة, لكن البعض الآخر ظل على حاله، الامر الذي أدى بالمجلس التشريعي لولاية كارولينا الجنوبية اصدار مرسومًا بالإبطال، معلنًا أن التعريفات الجمركية لعامي 1828 و1832 لاغية وباطلة داخل حدود الولاية. الرئيس جاكسون اعتبر قرار كارولينا الجنوبية " يتعارض مع وجود الاتحاد , ويتعارض صراحة مع نص الدستور" , وهدد جاكسون بالعمل العسكري اذا لزم الامر لإنفاذ القانون الفيدرالي واذن له الكونجرس باستخدامه , ولكن انتهت الازمة بعد قرار الحكومة الفيدرالية تخفيض الضرائب الجمركية الى مستويات عام 1816 , مع إلغاء ولاية كارولينا الجنوبية مرسوم الإلغاء.
ومع اندلاع الحرب عام 1861، انفجرت النفقات الحكومية, حيث كانت نفقات الحكومة الفيدرالية في اليوم الواحد 172,000 دولار, ولكن بعد ثلاثة أشهر من الحرب ، كانت وزارة الحرب وحدها تنفق 1 مليون دولار يوميًا. نسبة كبيرة من نفقات الحرب كانت تغطى عن طريق بيع السندات، ولكن ارتفعت الضرائب، بما في ذلك التعريفات الجمركية، بشكل حاد أيضًا. وكانت هناك أيضًا ضرائب جديدة، مثل ضريبة الدخل الأولى في البلاد وضريبة الدمغة على المستندات القانونية.
أدى زيادة الطلب العام في زمن الحرب والرسوم الجمركية المرتفعة إلى طفرة هائلة في الصناعة الأمريكية وزاد الفائض المالي الحكومي , الامر الذي دعا الى تخفيض التعريفات الجمركية من 50% عام 1900 الى اقل من 20% بحلول 1920.
المطالبة برفع التعريفة الجمركية أصبحت مطلب جميع المنتجين للزراعة والصناعة في ركود 1928 وكانت النتيجة، التي أطلق عليها اسم تعريفة سموت-هاولي هي رفع التعريفة الجمركية على 20 ألف سلعة مستوردة. وكانت أعلى تعريفة في التاريخ الأمريكي. ولكن هذه التعريفة زادت من مخاطر الركود الاقتصادي بعد ان قررت الدول الأخرى المعاملة بالمثل الامر الذي أدى الى انهيار التجارة العالمية. كان حجم التجارة العالمية حوالي 36 مليار دور عام 1929 ولكن بحلول عام 1932، بلغت التجارة العالمية 12 مليار دولار فقط، أي ثلث هذا المبلغ. بلغت الصادرات الأمريكية 5.241 مليار دولار في عام 1929. وبعد ثلاث سنوات انخفض إلى 1.161 مليار، أي بانخفاض قدره 78 بالمائة.
ومن اجل الخروج من مازق التراجع الاقتصادي اجتمعت 23 دولة في سويسرا وابرمت اتفاقية GATT عام 1947 ومن بعدها تحولت الى منظمة التجارة العالمية WTO عام 1995. هدف هذه الاتفاقيات هي تخفيض التعريفات الجمركية .
كان أحد البنود التي وافقت عليها الولايات المتحدة في مفاوضات GATT المبكرة في أعقاب الحرب العالمية الثانية هو التعريفات الجمركية التفاضلية: فقد خفضت الولايات المتحدة تعريفاتها الجمركية أكثر مما فعل شركاؤها التجاريون. كان الغرض من ذلك هو تسريع إعادة البناء الاقتصادي للحلفاء والأعداء السابقين الذين عانوا من الدمار خلال الحرب. لكن الحرب العالمية الثانية انتهت الآن منذ 80 عاما حسب ما تذكره إدارة الرئيس ترامب , وان الانتعاش الاقتصادي في أوروبا الغربية والشرق الأقصى تم تحقيقه منذ فترة طويلة. ومع ذلك، فإن التعريفات التفاضلية لا تزال موجودة في كثير من الحالات. ولهذا السبب تريد إدارة ترامب تكافؤ الفرص. وللقيام بذلك، بدأت "الحرب تجارية" والتي يسميها البعض أعظم مثال على “، فن الصفقة” في التاريخ. لا توجد اخبار دقيقة عن المفاوضات ولا عن نتائجها , ولكن الأيام القادمة ستكشف كيف ستسير الأمور.
ملاحظة : اخذت الأرقام من
John Steele Gordon, Tariffs in American History, Imprimis, may 2025.



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفوضى الخلاقة لم تدخل على بسطات مدينة الكاظمية من بغداد بعد
- اسد يتجول في بغداد !
- فاجعة الهايبر مول في محافظة واسط في العراق ليست من صنع الله
- فاينانشال تايمز تشبه نمو الدين الحكومي الأمريكي ب - المرض ال ...
- دبخانة الكاظمية تغلق أبوابها .. والسبب السيد ترامب !
- الإرهاب في سوريا هو عينه كان في العراق ولكن بأدوات مختلفة
- مؤامرة تطبخ باسم اهل الجنوب العراقي
- أمريكا لا تفاوض الضعفاء
- موت مجاني في العراق اسمه حوادث المرور
- شهداء الحرب الأخيرة على ايران وشهداء 6 حزيران عام 1967
- نصيحة للنخبة الذهبية في العراق
- ماذا علمتنا الحرب على غزة وايران ؟
- هل يستطع نتنياهو تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد؟
- يريدون تحييد المجتمع العراقي من خلال التلويح بقطع الارزاق
- شرق أوسط جديد ام سايكس-بيكو جديد ؟
- رسالة أمريكية غير ودية الى الشعب العراقي
- هل هي حرب شيعية – إسرائيلية ؟
- على العالم العربي التدخل القوي لإنقاذ المنطقة من هذه الحرب ا ...
- من ذاكرة التاريخ : مجزرة عيد الأضحى في اربيل
- انه الاقتصاد .. معركة دونالد ترامب و ايلون موسك , وان ايلون ...


المزيد.....




- تعاون مصري تركي لإنتاج مقاتلة شبحية .. توازن جديد للقوى؟
- الرواتب المبتورة.. الاقتصاد والسياسة في زمن الحرب
- ترامب يوقع قرارا بفرض رسوم جمركية على حلفاء تجاريين
- الصناعة المغربية تقود التحول نحو اقتصاد متنوع وقوي
- 94 مليار دولار إيرادات أبل الفصلية.. نمو بـ10% على أساس سنوي ...
- دولة أوروبية تعلن حظرا على جميع واردات وصادرات الأسلحة من وإ ...
- خسائر بالمليارات - زيادة كبيرة في الجرائم الاقتصادية بألماني ...
- جنوب أفريقيا تعتزم تقديم عرض -محسّن- لإبرام اتفاق تجاري مع أ ...
- “رؤى” تنويع الاقتصادات الخليجية أمام تحدٍ جديد
- قطار العودة .. سودانيون يغادرون مصر تحت وطأة المعاناة الاقتص ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد رضا عباس - جذور حملة ترامب الضريبية على التجارة الخارجية