أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - متى نشرب هذه الكأس؟














المزيد.....

متى نشرب هذه الكأس؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1817 - 2007 / 2 / 5 - 12:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-1-

يبدو أنه من المؤكد – حسب هابرماس Habermas – أن كلمة "حديث Modern" استُعملت لأول مرة في القرن الخامس الميلادي للتمييز بين عنصرين: أولهما الروماني الوثني وثانيهما الحاضر المسيحي المعترف به رسمياً. في حين يقول جان ماري دوميناك أن كلمة "حديث" ظهرت لأول مرة في التاريخ الأوروبي في القرن الرابع عشر. وأن مفهوم "الحداثة" لم يبرز إلا في العام 1850على يد شارل بودلير وجيرار دونرفال.

إلا أن بعض الباحثين يؤكدون أن مصطلح "الحداثة" ظهر لأول مـرة في أوروبا في إحدى المجلات اللاهوتية في العام 1892. وأن أول ظهـور لهذا المصطلـح كان في وثيقة كنسية، في العام 1905 في "رسالة الأساقفة الوعظية المسيحية الجامعة لشمال إيطاليا".

-2-


الحداثة دعوة شمولية، لا تقتصر على جانب معين من جوانب الحياة. وهي دعوة شمولية كذلك لاكتشاف المجهول. وبالتالي فإنهـا ليست قراراً سياسياً، يؤخذ من أعلى، كمكرُمة ملكية، أو عطيّة أميرية، أو هبة شيخية، أو منحة رئاسية، بل هي رد فعل، لا يأتي من الداخل بقدر ما يأتي نتيجـة صدام الداخل مع الخارج، ونتيجة للتفاعل الحضاري. كما أن الحداثة وصف لحالة وتركيب المجتمع، بل هي حركة صراع داخل هذا المجتمع. ومن هنا يمكن وصفها على أنها موقـف من الإنسان، وأنها منطق جديد لرؤية العالم. وأن الحداثة رؤيا ثورية تقتحم السائـد في عقر داره.

-3-

الحداثة ليست قراراً سياسياً وليست قراراً فكرياً يتخذه السياسيون أو المفكرون. فهم اليوم وفي الأمس كانوا يتحدثون عن مشروع أسلمة الحداثـة أو تحديث الإسلام. المسألة لا تأتي هكذا ضمن مشروع ما، بقـدر ما تأتي استجابة للحاجة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. إن الحداثة استجابة للحياة ومتطلباتها وضرورات العيش فيها. قد يكون هناك شعب يعيش في العصر الحاضر ولكنه ليس بحاجة إلى الحداثة. أي أن طبيعة الحياة والفترة التاريخية والاجتماعية التي يحياها لا تتطلب ثورة حداثية في الاجتماع والاقتصاد والتعليم والسياسة. وأن دعوات الحداثـة التي تنشـأ بين صفوف مثل هذه الشعوب لا تتعدى أن تكون حركات فردية تقـوم بهـا مجموعة محدودة من الشعراء والكتاب. وتأتي هذه الحداثة مخالفة لتيار الحياة العامة التقليدي المحافظ. وتظهر كالرقعة الغريبة الناشزة Heteronomy في الثوب، غير متداخلة في نسيج الحياة العامـة، ذات خيوط نافرة وألوان فاقعـة.

-4-

وقد عبَّر عن هذه الحالة البرت حوراني، الذي دعا مثل هذه الحالة بالتشرقيّة Levantine . ودعـا الفرد بالتشرّقي، وهـو الفـرد الذي يعيش في الوقت نفسه في عالمين أو أكثر، دون أن ينتمي إلى أي منهما. وهـو الذي يتمكن من تلبُّس الأشكال الخارجية للعوالم دون أن يملكها بالفعل. وليس لهـذا الفرد قيمة ولا هو قادر على الخلق، وإنما هو مقلد ومُحاكٍ فقط. فلا هو بالسلفي الذي "فكر في الإصلاح والتحرير بعقل ينتمي إلى الماضي العربي الإسلامي ويتحرك ضمن إشكاليته. ولا هو بالليبرالي الذي بشَّر بالنهضة والتقدم بواسطة مركبات ذهنية، واستطاع تخريج الرجل العربي العصري".

ولنا من بعض الشعوب العربية خير مثال على ذلك.

فالحداثة لا قرار فيها لأحد.

إنها قرار الحياة الشامل.

والحداثة، يجب أن تؤخذ بحلوها ومرّها. وهي مريرة جداً بالنسبة لنا نحن العرب. إنها ككأس العلقم، مرٌ شديد المرارة، ولكن لا بد منه للشفاء من هذه الأمراض التي تفتك كل يوم بالجسم العربي.





#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل قاد اخفاق العَلْمانية إلى الارهاب؟
- القُبلة الأمريكية الأخيرة للعراق
- الارهاب وجناية المثقفين
- مسمار جُحا
- الفاشية الفلسطينية البازغة
- دور الفقهاء في ذمِّ النساء
- فتح ملفات الفساد الأردني: لماذا الآن؟
- لماذا أصبحت بعض الشعوب ككلب ديستوفيسكي؟
- من وصايا الماوردي للسلطان العربي
- الأردنيون وذهبُ رغَد
- لماذا يرفض الفقهاء الرقص مع النساء؟
- عمرو موسى والطبّ العربي بالزعفران
- واشتروها بثمن بخس.. دراهم معدودة!
- شعب عظيم حقاً.. دقوا على الخشب
- أين الدواء في روشتة بيكر- هاملتون؟
- ثقافة الارهاب: هل هي من الإسلام أم من المتأسلمين؟
- غداً ... الأقليات فوق سطح صفيح ملتهب!
- البليهي مُفكرٌ عاشَ في الألفية الرابعة!
- الليبراليون ليسوا حجارة معبد، ولكنهم سنابل قمح!
- جدل الاصلاح واقامة المجتمع المدني السعودي


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - متى نشرب هذه الكأس؟