المختار الثقفي - فروسية التوبة والثأر

ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)

الحوار المتمدن-العدد: 1817 - 2007 / 2 / 5 - 12:06
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

صدر عن (دار المرتضى، بغداد، 2007) كتاب جديد لميثم الجنابي تحت عنوان (المختار الثقفي – فروسية التوبة والثار). (عدد الصفحات 151 من القطع المتوسط). ويتضمن الكتاب ثلاثة ابواب مع مقدمة وخاتمة.
الباب الأول:المختار الثقفي – تاريخ الأسطورة وأسطورة التاريخ
الفصل الأول:من التوبة إلى "الثأر"
الفصل الثاني: المختار الثقفي - التاريخ والأسطورة
الفصل الثالث: المختار - اختيار التاريخ السياسي!
الباب الثاني:العقيدة السياسية الجديدة وفكرة الثأر الشامل
الفصل الأول: "يا لثارات الحسين" شعار الثأر الأخلاقي والسياسي.
الفصل الثاني: العقيدة السياسية وفكرة الثأر الشامل
الباب الثالث: البطولة والمأساة
الفصل الأول: مأساة البديل المتسامي للحرية والمساواة
الفصل الثاني: السياسة والروح – منظومة الحرية والنظام
الفصل الثالث:"نبوة" المختار – قدر التاريخ وقدرة الروح!


من المقدمة
إن الرجال العظام تولد وتموت. وفي مجراها تعاني من أحوال مختلفة - تحب وتكره، وتتذكر وتنسى، وتصبر وتجزع، وتشتهي وتنفر، وتتحدى وتهرب. وهي أحوال تبقى في نهاية المطاف جزء من حياتها الخاصة. وهو الشيء الذي عادة ما يجعل منها مادة للتأمل التاريخي، وشخصية للمحاكاة السياسية، وذكرى للأساطير والحكايات، ولغزا للاهوت والأهواء، وعبرة للتعقل، واختبارا للمنطق. لكنها حالة تشير بدورها إلى أن أي من الصيغ المذكورة أعلاه لا يمكنها رؤية حقيقة الشخصية الكبرى بوصفها "مأثرة".
إن رؤية الشخصية الكبرى بوصفها مأثرة يفترض الانغماس في أعماقها الحرة والبحث فيها عن الأثر التاريخي فيما تقوم به وتفعل. لاسيما وأنها الحالة الواقعية لوجود الشخصيات الكبرى، والأسلوب الفعلي لأدراك حقيقة تأثيرها في التطور اللاحق للأمم والدول والثقافات.
إن حقيقة الشخصيات الكبرى هي اثر فعلي في وعي الذات القومي والثقافي. وما عداها مجرد ذكرى قابلة للنسيان أو الاستحداث بوصفها "بقايا حجرية" قابلة للتأمل. بمعنى أن كل شخصية غير قادرة على العيش والحياة بوصفها روحا في الأجيال المعاصرة وبمعاييرها، هي من متحجرات الماضي مهما كانت سمعتها وشهرتها. وهو السبب الذي يجعلنا نقرأ ونسمع مرات كثيرة عن خلفاء وسلاطين وقواد، دون أن يثير أي منهم قدرا ولو ضئيلا من المعاناة في وعي الذات. وهو الفرق الجوهري بين رجال التاريخ ورجال الزمن، بين أثرة وآثار اثر بلا مآثر. وذلك لان رجل التاريخ هو مأثرة حية في وعي الذات القومي والثقافي، وهي مأثرة قابلة للتجدد والتوسع والتعمق والتفاعل مع إشكاليات المعاصرة.
وهي الصفة التي ميزت شخصية المختار بن أبي عبيدة الثقفي، بحيث جعلت منه مأثرة عميقة اقرب ما تكون إلى منظومة حية في وعي الذات الروحي والأخلاقي والسياسي. وهو السبب الذي يجعل من آثارها حوادث ومواقف ونتائج يمكن تأملها في مجرى الصراع الاجتماعي والسياسي الحالي في العالم العربي والعراق خصوصا.
بمعنى إننا نعثر في تاريخ المختار على تاريخ المفاهيم والقيم والمواقف بوصفها أحداث حية معاصرة. وهو عثور يشير إلى أن ما عاني من اجله وقام به وما اتخذه من مواقف وما تعرض له من انكسار ما زال يسري في تيار الزمن الحالي، لكي يتحول مع مروره إلى جزء من تاريخ وعي الذات. بمعنى انه مازال يعيش بكامل كينونته القديمة في مسار الأحداث الحالية. وهو الأمر الذي يجعل من حيويته الفعلية طاقة مثيرة بالنسبة للمشاعر والأذواق والإدراك والمفاهيم والقيم والمواقف التي تتجاذب القوى الاجتماعية والسياسية في صراعها الحالي.
فقد كان المختار شخصية عراقية عربية إسلامية تتماهى في التاريخ مع آثاره ومآثره الكبرى. وهو الأمر الذي جعل منه قوة سارية في أعمق أعماق الفكرة الحرة، وأجمل المساعي الجليلة من اجل الحق والعدالة، واصدق نماذج العمل من اجلها في ميدان الصراع الاجتماعي والسياسي. وقد يكون من الصعب بالنسبة للإنسان المعاصر أن يتحسس بصورة مباشرة طبيعة وحجم المعاناة التي كان يواجهها في ثنايا الوحدة والعزلة، وفي أوساط الحشود حالما تنظر إليه مسترقة السمع لكل كلمة ومتأملة معنى الإيماء والحركة في اليدين والعينين، لكنه يجبر العقل والضمير على رؤية ما فيه من نموذج مدهش لما ادعوه بالمثقف المجاهد. وهو مثقف سوف لن يفقد قيمته مع مرور الزمن لأنه جزء من تاريخ حي، هو تاريخ وعي الذات الثقافي.
فقد جسد المختار في حياته وموته، أفعاله ومآثرها، أقواله وآثارها ، ذاكرته وذكراه حقائق الروح الأبدي ومرجعياته القائلة، بان البقاء في التاريخ يفترض الذوبان في مجراه الحي. وهو ذوبان جعل منه على الدوام قطرة منعشة وسيلا عارما، وهواء عليلا وعاصفة هوجاء، ودفئا لذيذا ونار محرقة، وترابا للقصور والقبور، أي مكونا حيا ومعاصرا، شأن كل الشخصيات الفاعلة في تاريخ وعي الذات. ويكفي المرء النظر فيما تجري من أحداث في العراق والعالم المعاصر لكي يحس ويدرك ويحدس قيمة المختار بالنسبة للعقل والضمير الحي.

#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات