أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - مجلس الحكم الانتقالي حل تلفيقي لمأزق الاحتلال ومصدر لكوارث جديدة















المزيد.....

مجلس الحكم الانتقالي حل تلفيقي لمأزق الاحتلال ومصدر لكوارث جديدة


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 545 - 2003 / 7 / 27 - 04:37
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

                                                                  
   حين قرر الحاكم المدني الأمريكي في العراق بول بريمر الجلوس بين الضيوف في وسط قاعة الاحتفالات وليس على المنصة أو في الصفوف الأولى خلال حفل تنصيب واستعراض  ما سمي " مجلس الحكم الانتقالي " فقد جاء تصرفه أو قراره هذا موحيا وغنيا بالدلالات ، ولكنه لم يغير من واقع أنه الشخص الوحيد في القاعة الذي كان يمسك بجميع الخيوط ويحركها حسب مقتضيات وحاجات عملية ترسيخ الاحتلال والبدء بهضم الجمل العراقي الذي تم ابتلاعه بسرعة قياسية  وبأحدث الأسلحة .
   لقد تغيرت أمور كثيرة طيلة الأسابيع القليلة الماضية ، وبدت الإدارة الأمريكية و المشرفين على إدارة احتلال العراق يتخبطون بين مجموعة من الأقطاب المتنافرة والمتناقضة . فمن مشروع "الحكومة الوطنية الانتقالية " تم انتقال دون ممهدات إلى فكرة الحكم الأمريكي  المباشر ، و طردت بفظاظة الأحزاب والشخصيات التي كانت إلى جانب مشروع التغيير الأمريكي عن طريق الحرب والاحتلال  . وحين تصاعدت العمليات المسلحة عددا ونوعا هرع بريمر إلى إقليم كردستان في شمال العراق وبادر إلى ترميم الكسور التي أصابت علاقاته مع الأحزاب والقوى الكردية بهدف إعادة تحالفه مع هذه القوى إلى سابق عهده فكان له ما أراد  .كما قام بزيارة أخرى  إلى مدينتي النجف وكربلاء ولكنه لم يحض باستقبال المرجعيات الدينية هناك ، وقالت مصادره  إنه لم يطلب اللقاء بشخصيات معينة من المرجعيات ولكنه ذهب لزيارة محافظ النجف الجديد الذي حل محل محافظ آخر معين من قبل الاحتلال ثم  اعتقل بتهم كثيرة منها الفساد والقيام بعمليات اختطاف ، ويبقى أن من الصعب تصديق أن الحاكم المدني  لم يطلب اللقاء بالمرجعيات النجفية والكربلائية وأنه ذهب من بغداد إلى هناك لمجرد مصافحة المحافظ الجديد . وإذا ما تذكرنا  ما حدث قبل ذلك بأيام حين أعلن بريمر  أن عملية كتابة الدستور العراقي قد بدأت فعلا بأقلام أمريكية أو أمريكية من أصول عراقية وكيف جاء  الرد حاسما في رفضه وعبر فتوى واضحة من أعلى مرجع ديني هو  السيد السيستاني ، إذا ما تذكرنا ذلك  ووضعناه في السياق الصحيح فسوف نستشرف بسهولة العديد من الأزمات والخضات السياسية  في المدى المنظور مما سيعمق من مأزق الاحتلال وأصدقائه ولن يخففه بأي شكل من الأشكال وجود مجلس الحكم الانتقالي والذي سيتحول هو بذاته إلى مشكلة جديدة أو مصدر لمشاكل خطيرة لم تكن في البال والحسبان .
لقد ولد ما يسمى " مجلس الحكم الانتقالي " كحل تلفيقي أو كحيلة من النوع التقليدي الذي يزخر به التراث الاستعماري الكلاسيكي ، وقد قصد به الجمع بين نقيضين محال أن يجتمعا وهما الحكم المستقل لبلد والاحتلال العسكري الأجنبي لذات البلد ، ولهذا جاء مجلس بريمر كسيحا ، منزوع الصلاحيات بواسطة الفيتو الذي يمسك به الطرف الأمريكي ، وهشا ورجعيا  لأنه قام على أساس توزيع الحصص والمقاعد حسب المعيارين  الطائفي والعرقي ، كما أنه ولد دون رأس بسبب ما قيل عن رفض ممثلي الشيعة والأكراد لرئاسة عدنان الباججي وهو من ممثلي السنة العرب للمجلس .
  هل يمكن القول أن مجلس بريمر قد ولد ميتا ؟ نعم ، ولكنه سيشبع موتا في الفترة القصيرة القادمة ، وسينظر إليه أعضاؤه الذين تبرعوا للقيام بمهمة المساعدة على ترسيخ الاحتلال الأمريكي لبلادهم نظرتهم إلى جثة مقدسة يستمدون منها الشرعية لتمشية صفقاتهم مع الاحتلال ويبرئ البعض منهم  أنفسهم مما علق بهم من فضائح بعضها من الوزن الثقيل كسرقة عشرات الملايين من المصارف العربية في قضايا باتت مشهورة ،  غير أن التناقض الكامن بين طبيعة الاحتلال العسكري ومهمات مجلس حكم شكلي سينفجر بكل تأكيد على شكل هبة أو انتفاضة شعبية عارمة تطيح به وتضع المشروع الاحتلالي كله على طريق الزوال  ، و عندها ستحترق أوراق كثيرة و سيكون أكبر الخاسرين هم أولئك الذي صفقوا للاحتلال ولمجلس حكم الاحتلال ومعهم على ذات الدرب سيسير أولئك "الخبراء المتعاقدون "  الذين أعلن المستشار خالد عيسى طه على إحدى الفضائيات العربية أن عددهم ثمانية وثمانون عراقيا وقعوا على عقود عمل كمستشارين بدرجة وزراء  في هيئات وإدارات الاحتلال  الأمريكية !
 أما الظروف الأمنية و الحياتية السيئة والممارسات التي يقوم بها المحتلون فتعطينا انطباعا أكيدا  بأن الانفجار الكبير قادم لا محالة . فمثلا  ، و بعد النداء الذي أصدره رئيس شرطة نيويورك سابقا ، و وزير الداخلية "العراقي "  في حكومة بول بريمر لاحقا   برنارد كريك إلى أهالي بغداد والداعي إلى طرد أولئك الأشرار " ويقصد العراقيين المتصدين للاحتلال  " من شوارع المدينة ، و بعد أن صار ثمن رأس  العراقي المتمرد على الاحتلال وأصدقائه  2500 دولار  ، تحول العراق الذي يعرف في قاموس الإركيولوجيا باسم " مهد الحضارات " ، تحول عمليا إلى البر الغربي الأمريكي الذي تحكمه وتتحكم فيه عصابات الكاوبوي الدموية . أما إعلان سلطات  الاحتلال عن وضع ثمن لرأس  الدكتاتور  المختبئ  والذي يبلغ 25 مليون دولار  فقد جاء بعد تأخير طويل امتد لثلاثة أشهر ، ثم أن هذا التأخير لا تفسير له سوى أنه ربما يكون مجرد  حركة مسرحية للاستهلاك  الداخلي  ،ولإقناع العراقيين الذين تعتقد  قطاعات واسعة منهم بجدية احتمال وجود صفقة بين الاحتلال الأمريكي والدكتاتور المختبئ يجري اختراقها هنا وهناك ، و بأنها جادة فعلا في طلب الدكتاتور ومن بقي معه من قيادته وأعضاء أسرته .نفتح قوسا هنا لنكرر بأن لعبة " تبعيث " المقاومة أو إلصاقها بصدام أو ابن لادن باتت عملية مفضوحة ومستهجنة ومدفوعة الثمن ، فإذا كان من الصحيح والمتوقع أن يلجأ جلادو الشعب العراقي من فلول  النظام  المنهار إلى الهرب من أعين الجماهير واللعب على وتر المقاومة  لإنقاذ رؤوسهم من العقاب العادل  فإن أصدقاء "حزب التحرير الأمريكي "  يساعدونهم على ذلك عبر منحهم تشريف لا يستحقونه بأن يجعلونهم الطرف المقاوم الوحيد . أما مساهمة التيار السلفي سواء عراقيا أو متسللا من الخارج  فقد بولغ  بحجمها ونتائجها والتعتيم على أطراف مقاومة عديدة أخرى ،وطنية وقومية ، أعلنت عداءها للنظام الشمولي المخلوع عبر بيانات وتصريحات سجل بعضها على أشرطة الفيديو . ثم لماذا يتناسى أعداء المقاومة هؤلاء إن جميع المرجعيات الدينية التي تدعوا إلى المقاومة السياسية  والمقاطعة لم تحرم الجماهير الشعبية من حق الدفاع عن نفسها في وجه ممارسات الغزاة و بجميع الوسائل بما فيها المسلحة بل شجعتها على ذلك وأدانت استفزازات المحتلين وقد ورد على ألسنة العديد من القيادات الروحية والمرجعيات الشيعية والسنية .
  وبالعودة إلى الموضوع الأمني  نلاحظ الكثير في ذات السياق الذي لا يخلو  من الطرافة والغرابة ، فبعد يوم واحد على إعلان  بريمر عن أهم إنجاز له منذ تسليم العاصمة للغزاة من قبل قوات صدام حسين ألا وهو إقامة مجلس بلدي منتخب ،  بعد يوم واحد على هذا الإنجاز ، سرق لصوص محترفون تمثال السعدون من الشارع الذي نصب فيه في قلب بغداد ! نعم ، مجلس بلدي  ومنتخب ، وشارك في انتخابه سكان الأحياء ( وليس السكان الأحياء على ما يبدو ) كما أعلن بريمر  ! ولكن ثمة أمران يجعلان من هذا المجلس فاقدا  للصدقية : الأول هو أن أغلب سكان بغداد فوجئوا " بانتخاب " هذا المجلس البلدي والذي لا يعرف على وجه الدقة كيف وأين ومتى جرت عمليات انتخابه ؟وأي الأحزاب أو الشخصيات شاركت في الترشيح إليه ؟ والأمر الثاني هو أن المجلس البلدي لبغداد سيكون مجلسا استشاريا ، وبالعربي الفصيح سيكون مجلسا لا صلاحيات تنفيذية ولا إرادة ذاتية له   . ونعود  إلى مجلس بريمر البلدي لنرى أن الأمر الوحيد الذي أثار بهجة وانتشاء أعضاء المجلس البلدي البغدادي الذي باركه بول بريمر وجمهور " حزب التحرير الأمريكي " هو إنهم فازوا بتحقيق مطلبهم الوطني الأهم حين  أصروا على استعمال مطرقة خشبية - من ذلك النوع الذي يستعمله الرئيس لافتتاح الجلسات -  بشرط أن تكون مصنوعة من الخشب العراقي ، ورفضوا - بلطف طبعا - استعمال المطرقة الخشبية التي قدمها لهم  ممثل الاحتلال  . باختصار شديد يمكن القول أن بريمر أخذ صلاحيات المجلس البلدي الحقيقية وترك للمجلس مطرقة من الخشب العراقي " الأصيل " قد تكون لها فائدة ذات يوم في أحد المتاحف الأمر ذاته يحدث دون ريب وإن بشكل وآليات مختلفة في الظاهر لمجلس الحكم الانتقالي والذي سيحتفظ بريمر بحق النقض "الفيتو" على ما سوف يصدر منه ويتناقض مع مهمة ترسيخ وتسويق الاحتلال ، وهكذا ستكون مهمة مجلس الحكم والبلديات ومجالس المحافظات التي لفقت وسلقت على عجل مجرد مرحلة ستمر وتتلوها مراحل أخرى أكثر صخبا وأقل غموضا سيما وإن من احترقت أوراقهم من السياسيين العراقيين في هذه المرحلة لن يعودوا مفيدين لمشروع الاحتلال في المراحل القادمة التي ستكون الكلمة الفصل فيها للمقاومة بكافة أشكالها وبعد أن تكون قد أثبتت –  هذه المقاومة -  أن  لا علاقة لها بالنظام الشمولي المنهار الذي  شكل و يشكل أكبر عقبة حاليا أمام تطورها وانتشارها في عموم البلاد .

جريدة " السفير" اللبنانية   عدد 24/7/2003



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجلف الكويتي أحمد البغدادي وهمجية الإنسان العراقي !!
- انتخابات بلدية وهمية ومطرقة خشبية وغوار بريمر وطرائف أمريكية ...
- المقاومة العراقية تتصاعد والجميع في انتظار الفتوى الذهبية
- شهر العسل الأمريكي الكردي ، لماذا انتهى سريعا ؟
- والاحتلال يأكل أبناءه أيضا : مأزق الاحتلال الأمريكي وحلفائه ...
- بين عرب صدام وعراقيي بوش ، هل تضيع دماء الأبرياء ؟
- العراق المحتل : مأزق مركّب وظواهرُ خطيرةٌ تتفاقم!
- رابطة الدفاع اليهودي تفضح حلفاءها: الجلبي ومكية وعبد الرزاق ...
- هلوسات الكبيسي الطائفية : ملك سني ولا رئيس شيعي !
- حول الظاهرة الفاشية : 2- هل كان نظام صدام فاشيا أم بونابرتيا ...
- البعثيون يواصلون إهانة الشعب العراقي : الجنابي يرفض إدانة جر ...
- حول الظاهرة الفاشية : 1- حكم البعث فاشية من طراز خاص ، نعم و ...
- رابع المستحيلات الممكن : حوار ومتمدن وعراقي ويساري !
- حول الصمت العربي إزاء مأساة المقابر الجماعية في العراق
- تعقيبا على اتهامات خالد صبيح : الفاشية لا وجود لها في العراق ...
- فلنتضامن مع جذور العراق .. فلنتضامن مع مواطنينا الكلدوآشوريي ...
- محاولات -تبعيث- المقاومة و رفض الاحتلال خدمة رخيصة للمحتلين ...
- قصيدة : طرطرا
- حزب البعث - العار - الاشتراكي : هل كان حزبا فاشيا عراقيا أم ...
- تعقيب قصير على ما كتبه الصديق نوري المرادي : لم أقبل بنظام ا ...


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - مجلس الحكم الانتقالي حل تلفيقي لمأزق الاحتلال ومصدر لكوارث جديدة