غسان سالم
الحوار المتمدن-العدد: 1816 - 2007 / 2 / 4 - 03:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يقول اسوالد اشبنكلر في كتابه (سقوط الحضارة الغربية) بان حضارة الشرق الاوسط او الحضارة العربية او كما يحب ان يسميها احيانا الفارسية (المجوسية)، بان هذه الحضارة وعلى اختلاف تشكلاتها السياسية هي حضارة واحدة وذات بناء واحد، وما الصراع الذي يكتنف اوجهها الا نتيجة حتمية للتبدلات المرحلية التي تمر بها هذه الحضارة، يقول هذا الباحث والمنظر التاريخي الذي عاش معدما ومات فقيرا، والذي امتلك رؤية حضارية مختلفة اختلافا جوهريا عن المنظرين الذين قسموا الحضارة الانسانية الى ثلاث مراحل واضعين التطور الحضاري الغربي مقياسا وحيدا لمفاهيمهم امثال ارنولد توينبي، بان هؤلاء وقعوا في الفخ -الذي حاول اسوالد الخروج منه- وهو وصف العاصفة من الداخل، حيث لا يمكن ان تصف حالة معينة الا بالخروج خارج مكان وزمان تلك الحالة، وبالتالي رصدها رصدا دون وجود افكار مسبقة، ان قدرة اشبنكلر على ايجاد الرموز التاريخية وتحليلها تحليلا فذا اعطاه الامكانية لتقييم اوجه الحضارات التي تناولها في كتابه، والذي كان غايته تقييم واعطاء تعريفات للحضارة الغربية من خلال حصوله على مجموعة من المبادئ والمفاهيم والتي جعلها ادوات قياس يمكن تطبيقها على أية حضارة، لقد استخدم اسوالد ادوات بحث فكرية جديدة فهو رفض رفضا قاطعا ان يكون المقياس الذي وضعه الاغريق وتبعهم بذلك منظوروا الفكر الحضاري الغربي، حيث اعتمد هذا المقياس على اعتبار الحضارة الغربية هي امتداد للحضارة اليونانية القديمة، وان التاريخ والزمان هو تاريخ وزمان القارة الاوربية.
لقد قسم المنظرون التقليديون الذين سبقوا شبنكلر وجاءوا بعده، الى ثلاث مراحل هي (القديم والوسيط والحديث) واعتمدوا هذا التقسيم شاملا لجميع الحضارت التي نشأت على وجه هذه البسيطة، وان بعضهم اعتبر التوراة مصدرا تاريخيا، وحاولوا في ابحاثهم اثبات الحوادث التاريخية المذكورة في كتاب التوراة، بل ان البعض منهم زور العديد من النتائج البحثية فقط ليثبت حقيقة هذه الحوادث المذكورة في التوراة، نتيجة التأثير الديني على أفكارهم، لقد اطلق اشبنكلر على هؤلاء (تاريخيي التوراة)، لانه اعتقد ان ابحاثهم ودراساتهم المشبعة بالفلسفة اليونانية، والفكر الكنسي، اوقعتهم في هذه الحفرة.
يتبع
#غسان_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟