|
الحريات الاكاديمية
محمد الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1815 - 2007 / 2 / 3 - 11:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجامعة مؤسسة ضمن مؤسسات المجتمع الاخرى الاساسية تتبادل التأثير والتأثر بها. ومشاكل الجامعة هي مشاكل المجتمع، ومستوى الجامعة التربوى والعلمي هو انعكاس لمستوى التقدم الحضاري والتكنولوجي. وأي تطور في المفاهيم والاساليب والتنظيمات المرتبطة بالعملية العلمية والتربوية على المستوى الجامعي مرتبط بالتطور السياسي والاقتصادي والمعرفي للبلاد. ويبدو من خلال التجربة العراقية المعاصرة ضعف السياسات العلمية الصائبة والتطوير التكنولوجي الذي ادت الى نتائج سلبية انعكست في تردي نوعية التعليم والبنى التحتية العلمية، ولم تستطع الجامعة من تحقيق مهماتها في المساهمة بصورة فاعلة في دعم وانجاح مشاريع التنمية من خلال منظومة العلوم والتكنولوجيا ومساهمة الكفاءات العلمية والتكنولوجية، فكل مشاريع التنمية والتطوير خلال العقود الماضية لم تحدث نموا مضطردا متكاملا على الصعيدين الكمي والنوعي. ولكن هذا الفشل لا يعود الى عدم كفاءة المؤسسات الجامعية او الاكاديمين الجامعيين بل يعود ذلك الى عوامل اخرى عديدة منها: 1- انعدام الديمقراطية والحريات الاكاديمية والفصل بين المصلحة الوطنية والمصلحة العالمية 2- سيطرة المركزية وبيروقراطية الدولة على مجريات العمل الجامعي مما حدد من استقلالية الجامعة 3- اختلال التوازن بين اعداد الطلبة في الدراسات النظرية والدراسات العلمية والتكنولوجية 4- عدم توفر المخصصات المالية الكافية للجامعات ومؤسسات البحث العلمي 5- هجرة العلماء (نزيف العقول) لاسباب سياسية واقتصادية 6- عدم تفرغ الاستاذ لتطوير معارفه بسبب ضرورات توفير مستلزمات المعيشة وتفشي نزعات الربح كما لو كان التدريس مشروعا خاصا 7- الفساد الاداري والمالي ومعاملة الجامعة من قبل الدولة وكأنها مثل اية مؤسسة خدمية اخرى 8- عدم الاهتمام بترسيخ ثقافة معاصرة متجددة تستند على العلم والتكنولوجيا 9- الاهتمام غير العادي بتقييم الطلبة (الامتحانات) على حساب المستوى النوعي والكمي للمعرفة وطرق التدريس واساليب نقل المعرفة 10-القصور الذاتي الناتج عن عدم تشجيع التفكير الحر والعوائق الكثيرة امام تجاوز الواقع وتاريخه 11-عدم ترسيخ مقومات الثقة والانتماء والاعتزاز من خلال القيم الاخلاقية للعلم والشوق الدائم للمعرفة والتعلم الذاتي والبحث العلمي.
وبرأي ان أي تطوير لمستوى الجامعات في العراق لابد ان يكون من خلال تحقيق عدد من المعالم المعيارية وكنت قد كتبت عنها سابقا ونشرت على الصفحات الالكترونية الا انه من المهم التاكيد على اهمها وهي:
1- تطبيق مفهوم استقلالية الجامعة 2- اعادة انشاء نظام التعليم الجامعي على اساس المرونة والكفاءة 3- زيادة واستقرار مصادر التمويل 4- تأكيد التنافسية بين الجامعات والمؤسسات العلمية وبين العلماء 5- مرونة الانظمة التربوية والبحثية 6- منع التدخل السياسي في شؤون الجامعات 7- تطوير العلاقات بين الجامعات الوطنية والعالمية 8- التنمية المستمرة لقدرات اعضاء الهيئات التدريسية 9- ادخال المعلوماتية في كل مفاصل الجامعة 10- زيادة التفاعل بين التخصصات
الامان والاستقرار والعمل الاكاديمي
إذا كانت الديمقراطية أساس العدالة والحريات المدنية فأن استتباب الأمن في أي بلاد هو الركيزة التي يعتمد استقرارها وازدهار اقتصادها، وفيها تلعب الكوادر العلمية والتكنولوجية والطبية دورا أساسيا في تحقيق التطور والازدهار. ما يحصل في العراق اليوم من انعدام الامن وتصاعد العنف الطائفي مع قلة وسائل التنمية الاقتصادية وسوء الخدمات الصحية وغيرها من المشاكل التي لا تعد ولا تحصى بحيث اصبحت البلاد مسرحا للقلاقل والفتن والانشقاقات والصراعات الدموية وعمت الفوضى وانتشر الخوف بين الناس ولم يعودوا مطمئنين على راحتهم وعلى أنفسهم وممتلكاتهم، ذلك أن هذه الحالة تلقي بظلالها على الشارع العراقي منذ سقوط النظام الصدامي، وتحولت بعض المناطق الى بؤر يتنامى فيها الرعب والارهاب بكيفية مهولة الى درجة أن السكان من انتماءات مذهبية معينة في بعض الأحياء السكنية اضطروا تحت وطأة ما عانوه من انعدام الأمن والتهديد المتمثل في العنف والخطف الى ترك محلات سكناهم او مغادرتها طوعا واللجوء الى اماكن اخرى من البلاد يمكن ان يشكلوا فيها أغلبية. وفي ظل هذه الاوضاع لا يتوقع ان تمارس الجامعات ومؤسسات البحث العلمي عملها بصورة طبيعية حيث تتعثر العملية التربوية ويتأثر سلبا الأكاديميين والعلماء والأطباء، وتطول عمليات الاغتيال كل الاختصاصات ووصلت الى غالبية الجامعات عدا الموجودة في اقليم كردستان. وأصبحت ظاهرة خطف واغتيال الأكاديميين ظاهرة متكررة مما أدى الى اضطراب الأجواء الجامعية وازدياد الصراعات الشخصية والطائفية، وساهمت هذه المشاكل في إعاقة الكوادر الجامعية من مواصلة عملها الأكاديمي وإحباط آمالها في تحقيق نهضة علمية تمكن العراق من اللحاق بركب الدول المتطورة واخذ دورها في بناء الاقتصاد الوطني. ان الخطر الذي يواجه كل الأكاديميين اليوم يكمن في استهدافهم من قبل الارهابين لغرض ترويع الأسرة العلمية العراقية وإجبار العلماء على الهجرة الى الخارج ومنع من هو في الخارج من العودة الى الوطن، بالاضافة الى استهداف الأكاديميين من قبل جماعات سياسية طائفية متطرفة كرد فعل على أعمال إرهابية وأحيانا بسبب انتماءاتهم السياسية السابقة مما جعلهم عرضة للانتقام. وبسبب عدم توفر الحماية الشخصية الكافية للأكاديميين وعائلاتهم يقعون فريسة العصابات المنظمة من خطف واغتيال ولصوصية.
فاذا كانت الحكومة عاجزة عن توفير الأمان للأكاديميين والعلماء ولعشرات الألوف من أصحاب الكفاءات والنخب العلمية، فماذا يكون مصير الحياة العلمية والثقافية في العراق ومصير الطبقة المثقفة ومصير الوعي العلمي والثقافي؟ ان الحديث عن الحريات الاكاديمية في ظل هذه الاوضاع قد يبدو ترفا فكريا الا انه بدون هذه الحريات لا يمكن للجامعة تحقيق مهماتها في تعليم وتخريج الكوادر البشرية الكفوءة والمستقلة في التفكير والقرار، وفي تدريب ركائز المعرفة والعلوم والتكنولوجيا وارساء دعائم التقدم العلمي والتكنولوجي بتوفير عقول علمية متخصصة يمكنها من قيادة التطوير والابتكار والبحث العلمي، وهو السبيل للتقدم الصناعي والتنمية البشرية. كما انه بدون الحرية الفكرية وبدون الانفتاح واحترام الرأي الاخر ونبذ الاقصاء وبدون تربية العقل النقدي وتحفيز العطاء والابداع وتقديم البراهين وطرح البدائل والتي تساهم جميعها في الخروج من اطار الافكار الجاهزة والقناعات النمطية والتفكير الشمولي، فأن الجامعة تتحول الى مجرد مكان لتلقين المعارف الجاهزة ومعقلا لركود الفكر ولمقاومة التغيير وتحديث المجتمع. ولا يمكن للجامعة من تحقيق مهماتها كمؤسسة خلق واكتشاف، وتطوير وتجديد، وجعل التأهيل الجامعي اكثر ملاءمة لاحتياجات سوق العمل ومستجدات التحولات التكنولوجية والاقتصادية اذا لم يحترم حرمتها وقدسيتها بالامتناع عن انتهاكها من قبل اية جهة مهما كان لهذه الجهة من سلطة سياسية او عسكرية او دينية. وبما ان هذه العوامل غير متوفرة هذا اليوم يمكن استنتاج ان الجامعة غير قادرة على تحقيق كامل اهدافها وهي لازالت مستمرة بدرجة كبيرة على نفس المنوال الذي سارت عليه في عهد البعث في اعطاء تعليم بلا ثقافة علمية، وتربية علمية بدون تربية للعقلية وطريقة التفكير والاستقلالية في البحث والقرار بالرغم من محاولات قيادات الجامعة في كسر حاجز المعرفة وادخال اساليب جديدة لتطوير التعليم ونقل المعرفة واكتسابها خصوصا في الحقول العلمية والهندسية والطبية.
مفهوم الحرية الاكاديمية ومبادئ التعليم الجامعي
اعترف العالم بالدور الرائد والمهم للجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في المجتمع وتطوره منذ عام 1948 حيث تضمنت المادة 26 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على حق الانسان في التعليم الجامعي وبعد ذلك جاء مؤتمر الينوسكو المنعقد في نيس عام 1950 الذي اكد على حق الجامعات في تتبع المعرفة لذاتها ومن اجل البحث عن الحقيقة اينما كانت استنادا على مبدا حق طرح الرأي والرأي المعارض، واكد على واجباتها كمؤسسات اجتماعية لنشر مبادئ الحرية والعدالة من خلال التعليم والبحث وتطوير اساليب التآلف والاخوة والمنفعة العامة بما يخدم مصلحة الوطن والتقدم الاجتماعي والتكنولوجي. والمجتمعات الحديثة تعتمد على الجامعات لتحقيق اهداف عديدة بالاضافة الى كونها فضاء لنقل المعلومات وتربية الطلبة والمواطنين من قادة وشغيلة باعتبارها مؤسسات تنشد بكيفية متكاملة المعرفة العلمية وحرية التفكير والمبادرة والتجديد. من هذه الاهداف ان تكون الجامعات مراكز للبحث العلمي بحيث يكون الاستاذ الجامعي قادرا على الجمع بين ضرورات التدريس ومساهمته العلمية كباحث في تجديد المعارف مما يجعل الجامعة ورشا للتجديد والابداع واحتكاك للادمغة وتحاورها. والجامعات تعتبر ماكنات لتشغيل الاقتصاد وتطويره وتحفيز وتعميق الابداع في مجالات العلوم الطبيعية والانسانية والفنون والاداب ومجاهر لاكتشاف المشاكل الاجتماعية والتقنية والصحية وحلها.
اسس الحرية الاكاديمية
من اهم المبادئ التي يجب على الجامعات العراقية تبنيها كأسس عامة هي حق الاستاذ الجامعي في حرية التفكير التحليلي - النقدي والمبادرة والتجديد وجعله قادرا على الجمع بين ضروريات التدريس والبحث العلمي والادارة الوظيفية والاكاديمية. ومن الاهمية ان تتعامل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع هذه المبادئ باعتبارها اساسا لاستقلال الجامعة او ما يسمى بالادارة الذاتية للجامعة وخصوصية تكوينها الاكاديمي. ومفهوم استقلالية الجامعة لا يعني خصخصة الجامعات وادارتها من قبل القطاع الخاص بمعزل عن الدولة وتمويلها ورقابتها، فهناك شروط لاستقلالها بحيث تبقى مسؤولة امام الدولة وتبقى وزارة التعليم العالي مسؤولة عن صرف مخصصات التعليم العالي والبحث العلمي وعلى اساس المفاضلة والاحتياجات بالاضافة الى مهماتها في وضع وتطبيق سياسات الدولة في مجال التعليم العالي. ان الادارة الذاتية للجامعة هي الضمانة الرئيسية لاداء الاستاذ لمهماته الاكاديمية وكذلك للتخلص من قبضة الثقافة البيروقراطية والقناعات الجاهزة والاوامر الفوقية ولانتصار قيم العقلانية والانفتاح والتعدد والاختلاف. على سبيل المثال تعمل الادارة الذاتية على تشجيع الاختلاف في المناهج الدراسية بين الجامعات المختلفة بحيث تؤكد كل جامعة على خصوصيتها من حيث الامكانيات المادية او البشرية او من حيث خصوصيات المناطق التي تتواجد فيها هذه الجامعات. وهذا يقتضي الابتعاد عن تقاليد وعقلية الوصاية التي نجدها حاضرة وبقوة داخل مختلف المؤسسات التربوية. ويجب ترك تحديد المقررات الدراسية والمناهج لادارات الجامعات واساتذتها، ووفق المعايير العلمية والتربوية الحديثة، وعلى أساس مصلحة الطالب العلمية والمهنية فقط. اما مهام الوزارة والدولة فيتركز في تشخيص اماكن الضعف التي تحصل في هذه الجامعات والعمل على منع ان تتحول الجامعات الى "ثانويات" تفتقر الى ابسط مقومات الدراسة الجامعية والبحث العلمي لكي يتم المحافظة على حقوق الطلبة في كل جزء من اجزاء الوطن في مستوى علمي مقبول. والحرية الاكاديمية بهذا النهج شكل متميز من الحريات وهي بذلك ليست بالضرورة امتداد لحرية الرأي والعقيدة والتعبير والتجمع كما اكدت عليه المواد 18 و 19 و 20 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمؤتمرات العالمية بهذا الشأن. فهي باختصار تعرف بانها حرية ممارسة البحث والتدريس والنشر ضمن اسس وقواعد التقصي عن المعرفة من دون تدخل او عقوبة من الدولة او من يمثلها فالجامعة ليست مثل مؤسسات الدولة الاخرى من ناحية تنفيذ مسؤوليات وظيفية وادارية محددة لا تتحمل النقاش والاختلاف والراي المخالف ذلك ان الجامعة العراقية بالاضافة الى مسؤليتها عن تنمية وتأهيل الموارد البشرية مسؤولة ايضا على تحديث المجتمع وانتاج وتجديد المعارف التي يتغذى بها المجتمع.
اهمية الحريات الاكاديمية
ترتبط قيمة الحريات الاكاديمية باهداف الجامعة الاساسية كما ان دورها الاجتماعي المتعاظم في عصر الثورة المعلوماتية يزيد من اهميتها. ان هيمنة اقتصاد المعرفة على العالم وبزوغ الدول الديمقراطية الحديثة وسرعة انتشار المعلومات والافكار يدعو دائما الى اعادة فحص مفاصل وطبيعة واهمية الحريات الاكاديمية. وبالفعل فان الدفاع عن الحريات الاكاديمية ودور الجامعة المستقلة في المجتمع وفي بناءه اصبح من طبيعة الصراع السياسي والاقتصادي في العالم. فالمجتمع يستفيد من الحريات الاكاديمية بطريقتين اولهما مباشرة وعاجلة عن طريق تأثيرات ومنافع العلوم التطبيقية وتدريب الكوادر التقنية وتربية قادة المستقبل. وتفيد الحريات الاكاديمية المجتمع بصورة غير مباشرة وعلى المدى الطويل بالحفاظ على نواتج المعرفة ومنع تخريبها او تشويهها لاسباب ايديولوجية مهما كانت تطبيقاتها الحالية غير مقبولة. وللحريات الاكاديمية قيم عضوية وتطبيقية وهي في المقام الاول توفر اسس ديمومة القيم الثقافية والاجتماعية للجامعة كمركز للنقاش الحر وتبادل الاراء وتساعدها لتخريج مواطنين مسلحين بالمعرفة والعلم وقادرين على التفكير والبحث بصورة مستقلة كضمانة لتقدم وتطور المجتمعات الحرة.
ممارسة الحريات الاكاديمية
تشمل الحريات الاكاديمية فعاليات العمل الاكاديمي للطلبة والمدرسين من خلال تحقيق اهداف الجامعة التربوية والتعليمية والبحثية والابداعية والثقافية. ومع ذلك لا تشمل الحريات الاكاديمية كل الفعاليات في المؤسسات الاكاديمية، وهي تصبح عقيمة وعديمة الفائدة اذا مورست بدون مسؤولية فالحريات فيها مشروطة ومحددة بما يدخل ضمن مفهوم "الاكاديمي". والجامعات تستطيع تحديد ماهية الحريات الاكاديمية وتنظيمها ذاتيا من دون تدخل خارجي بحيث يتمكن كل طالب او تدريسي او مسؤول اداري من ممارسة حرياته لتطوير اهداف الجامعة التربوية والبحثية والخدمية وان يساهم بصورة فاعلة في اغناء بيئة الحريات الاكاديمية والدفاع عنها وتحقيق مستلزماتها.
والحريات الاكاديمية مثلها مثل كل الامتيازات المهنية تضع حقوقا ومسؤوليات على الجامعات والتدريسين والطلبة على حد سواء، ونختصرها بالاتي:
حقوق الطلبة والتدريسين الحريات الاكاديمية حق اساسي من حقوق الاستاذ والطالب وبدونها لا يمكن لاي منهما ان ينتج او يتطور لكي يخدم الاهداف التي وجدت من اجلها الجامعة. فالاستاذ والطالب لهما الحق في الدراسة والتعلم والتعليم وطرح الرأي والبحث والنشر من دون خوف او انتقام او تدخل سياسي وفي بيئة مبنية على التسامح وتقبل الاراء المختلفة والمتضادة. وللاستاذ الحق في طرح الرأي والمناقشة في موضوع اختصاصه بداخل الصف الدراسي، والحرية الكاملة خارج الصف بداخل الحرم الجامعي في طرح أي رأي وحول أي موضوع، من دون منع او معاقبة. في الوقت الراهن قد يكون من المستحيل ممارسة مثل هذا الحق في الجامعات العراقية خصوصا عندما يتعلق الرأي بشأن القضايا السياسية والدينية الملتهبة وقد تعود ممارسة مثل هذا الحق الى اخطار وخيمة على حياة الاستاذ الا اني واثق من انه بمرور الزمن وباستبداد الامن والاستقرار وفي مجتمع تعددي حقيقي تصبح الجامعة منبرا حرا لطرح كل الاراء بما يخدم الفكر وتطوره.
مسؤولية التدريسيين والعلماء تتضمن الحريات الاكاديمية مسؤوليات ملازمة للمدرسين لمنع التاثير الخارجي السلبي والمفسد على طرق واساليب ومواضيع تدريسهم وبحوثهم والذي يؤدي بهم الى الانحياز والامتناع عن المناقشة والتخلي عن الامانة العلمية والتي قد تدفع ببعضهم الى السرقة العلمية والاقتباس غير المشروع. وعلى المدرسين تشيع طلبتهم على البحث العلمي وتقسي المعلومات وتجنب اية محاولة من شأنها تثبيط عزم الطلبة عن التعبير عن رأيهم لانهم بذلك يعرضون قيم الجامعة الى الخطر.
حقوق الجامعات قيادات الجامعات لها حقوق كاملة في ادارة الجامعات بصورة مستقلة من اجل ضمان تطوير العملية التعليمية وخدمة المجتمع ولا يحق لاي جهة غيرها من محاسبة او معاقبة او التدخل في شؤون الاستاذ او الطالب. وللجامعات الحق في تحديد من يقوم بعملية التدريس وما هي مواضيع الدراسة ومن يقبل للدراسة في مواضيعها المتخصصة من دون تدخل خارجي.
مسؤولية الجامعات الجامعة تتحمل مسؤولية فائقة لحماية الاستاذ والطالب من أي تأثير خارجي غير مقبول قد يؤثر بصورة سلبية على سير عملية التدريس والبحث ويغير من مسارهما الحيادي، سواء كان هذا التأثير سياسيا او اجتماعيا او اقتصاديا او دينيا.
المفهوم التطبيقي للحريات الاكاديمية يتطلب التطبيق العملي للحريات الاكاديمية ان لا يحق لاية جهة مراقبة اداء الاستاذ الجامعي فيما عدا جهات اكاديمية متخصصة في نفس اختصاص الاستاذ وهي تتمثل في اكاديميين من نفس الجامعة او من جامعات اخرى يشكلون عضوية اللجنة المتخصصة في تقييم اداء الاستاذ سواء لغرض الترقية او لآي غرض اخر.
وبالرغم من ان خطر اهدار الحريات الاكاديمية قد ينشأ من مصادر مختلفة الا انه من المعروف تاريخيا ان الخطر الحقيقي يأتي من الدولة حيث تمارس الدولة شتى الطرق من اجل تقيد حرية الجامعة والاستاذ. بالاضافة للدولة تمارس الاحزاب السياسية والصحافة والقوى الاجتماعية المختلفة وحتى الشخصيات ذات النفوذ الاجتماعي والديني ضغوطا سلبية على سلامة العملية التربوية واستقامة الاستاذ. ويبدو ان أي ارتباط للجامعة او قياداتها ومسؤوليها بأية قوة سياسية او دينية يمكن له من التأثير على جو الحريات الديمقراطية.
واخيرا نأمل ان تساعد هذه المبادئ المعروضة اعلاه في توضيح طبيعة الحريات الاكاديمية وفي التأكيد على قيمها وفي ترسيخ ممارساتها وفي مقاومة الضغوط والتهديدات التي يتعرض لها الاستاذ الجامعي والطلبة والجامعات في العراق.
* الكاتب استاذ الهندسة البيولوجية والطبية في جامعة دبلن ومستشار علمي لرئيس الجمهورية.
#محمد_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|