|
من الرابح ومن الخاسر في الحرب على العراق
سندس سالم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 1815 - 2007 / 2 / 3 - 11:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يوم 20 مارس 2003 يعتبر نقطة تحول تاريخية لبداية الالفية الثالثة ، نظرا للهجوم العسكري الذي شنته القوات الانكلوامريكية وحلفاؤها على العراق . ان تاثير هذا الحدث على الصعيدين العالمي والاقليمي والنتائج الهامة التي ترتبت عليه بكل ابعادها المعلنة والمستترة سيكون له تاثيرا بعيد الامد على تنسيق وترتيب الخطط السياسية والامنية والتغييرات المستقبلية في النظام الدولي بشكل عام والعراق بشكل خاص .. ويعتبر هذا الطريق بداية لرسم افاقا جديدة للتغييرات على الصعيد العالمي بغض النظر عن النتائج السلبية والايجابية التي تنطوي على هذا الحدث وتاثيرها على الشعب العراقي خاصة وشعوب المنطقة ككل . من خلال هذا التحليل الموجز لا يمكننا التطرق الى هذا الحدث المتشعب الاوجه انما نحاول رسم طريق او خارطة توصلنا توصلنا الى ، من هو الرابح ومن سيكون الخاسر في هذه المباراة الهمجية ..وذلك من خلال توضيح بعض النقاط حول هذا ابعد من ابعاد القضية بمرور مختصر على سير الاحداث التي تلت هذا الحدث .. طبعا اميريكا من خلال الخطوة العسكرية التي اتخذتها ، يتبادر للذهن انه انتصار لها ، خاصة انها تمكنت من ازاحة النظام الطاغي المتمرد العراقي حسب تعبيرها ووضع تلك الدولة تحت تصرفها ، وخاصة ان ظاهر المسالة ينم عن تفوق وانتصار عندما اعلن الرئيس الامريكي انتهاء الحرب وانتصاره بعد سقوط بغداد . ولكننا لو دققنا وامعنا النظر في الحدث هذا والنتائج التي تمخضت عنها لحد الان نصل الى نتائج تختلف عما يحاول القادة والساسة الامريكان ابرازه في مواقفهم وتصرفاتهم ، فبغض النظر عن الحجة لاميريكا في الكشف والقضاء على اسلحة الدمار الشامل في العراق ، فان هناك اخفاقات اكبر اصابت اميريكا من هذه الحرب التي قامت بها عن غرور وبغاية الاطماع وليس بغاية القضاء على الارهاب او تحرير العراق والعراقيين من براثن النظام البائد كما تدعي . ان واحدة من اهم الاخفاقات التي واجهتها اميريكا في هجومها على العراق هي فضح نفاقها امام الرأي العام الغربي وامام الشعوب الاخرى . فالشعوب الاسلامية والبلدان النامية قد تعرفت في الماضي وعلى مدى بعيد عن الوجه الحقيقي لاميريكا من تحت قناع الكذب والنفاق والمراوغة الذي كانت تخفيه الاّ ان التصرفات الهمجية واللا ّ انسانية التي مارسها الجيش والمسؤولين الامريكان المنادون بالديمقراطية في العراق اثبتت للشعوب الامريكية والاوروبية بان الواقع هو غير الذي يرونه في السنوات الماضية ، حيث ان المسيرات المناهضة للحرب على العراق والتي قام بها مئات الآلاف بل الملايين في اوروبا والولايات المتحدة الاميريكية نفسها هي خير واكبر برهان على ذلك لان هذه المظاهرات الاحتجاجية لم تسبق مشاهدتها بهذه الشدة حتى بعد قصف هيروشيما وناكازاكي بالقنبلة الذرية او المجازر والمذابح التي حصلت في فيتنام .. لحسن الحظ ان الضمائر الحية لشعوب العالم اصبحت تراقب كلما يرتكبونه من مذابح وجرائم بحق الشعب العراقي ، كقتل النساء والاطفال والابرياء وقتل الاباء والامهات امام اعين اولادهم واغتصاب الفتيات صغيرات السن امام اعين عوائلهن ومن ثم قتلهن بطرق بشعة وهمجية وتفجير وهدم دور الفقراء والمساكين على رؤوسهم وتفجير حفلات الاعراس والمناسبات والجرائم اللا اخلاقية لا تعد ولا تحصى في سجن ابو غريب ،، وـ و ـ و . واصبحت هتافات التنديد بهذه الممارسات الوحشية تسمع حتى في شوارع باريس ولندن وروما ونيويورك وواشنطن وغيرها من عواصم العالم .. ما افضع هذا الفشل لاميريكا وحلفاؤها وسببه واضح من سياستهم العدوانية الملحة والاعيبهم السياسية الغبية التي كرسوها في ملعب اسمه العراق . صحيح ان العراق خسر الكثير ولكن اميريكا تعتبر الخاسرة الاولى في التغييرات التي حصلت على ارض العراق بما آل اليه الوضع واصبح عكس ماكان يخطط له اصحاب القرار في البيت الابيض . عليه ان القادة واصحاب القرار الامريكان في ميدان السياسة وشؤون الامن اخطأوا في تحليل ما ستؤول اليه الاوضاع في العراق بعد اسقاط الطاغية على الرغم من تطورهم التقني وما يدعونه من عظمة وسيادة على العالم ومع ذلك لم يتمكنوا من التنبوء بالمستقبل .. فمن الادلة الواضحة دون جدل على فشل الامريكان وحلفائهم في العراق هو مقتل عدد هائل من جنودهم ، وسحب اسبانيا وايطاليا لقواتهما من العراق مما يثبت عدم تبعيتهما الكاملة لاميريكا ، اضافة الى انفاق مئات المليارات من الدولارات التي من المستحيل تعويضها ...كان هذا بعض الضوء على الفشل لجانب الاحتلال ،، اما الطرف الاخر والخاسر الاكبر فهو الشعب العراقي المغلوب بمكوناته واطيافه القومية والدينية والاجتماعية ، فالصراعات والخلافات الدائرة حول حجم المغانم والمكاسب التي يطمح كل ٍ منهم للاستئثار بها من الكعكة العراقية ، فهي في الحقيقة خلافات على الشكل وليس على الجوهر كما يقول المثل ( كلمن يغني على ليلاه ) . فعلينا ان لا ننخدع بتصريحاتهم المجردة عن كل معاني الصدق او بحرصهم على مصلحة العراق والعراقيين .فان فوزهم باللعبة الانتخابية التي يتفاخرون بها هو فوز وهمي لا يثبت امام الحقائق التي تجري على ارض العراق وخاصة انه اتضح للجميع انهم يلعبون باوراق مزيفة وخاسرة سرعان ما انكشف زيفها وكذبها .. فكيف لهم الحديث عن الحرص على مصالح الشعب العراقي ، اي حرص هذا يحرم المواطن من ابسط حقوق المواطنة او الانسانية ، وبلده منبع الوقود وشلال الخيرات وهو يموت حسرة على قطرة الماء او الكهرباء والارتفاع الفاحش لاسعار المحروقات وكل الحاجيات الاساسية للحياة اضافة الى ازدياد نسب البطالة الى ما يقارب 80 % ، واي خدمة يتحدثون عنها في .ظل امن مفقود بالكامل وفوضى عارمة لم يسبق لها مثيل ، اغتيال او هجرة العقول النيرة والكفاءات العراقية ، فان لم يختطفوا يهددوا بقتلهم او بدفع فدية قياسية مقابل ارواحهم ، ناهيك عن فضائح السرقات التي يمارسها حماة الحمى انفسهم في وضح النهار لآلآف الملايين من الدولارات التي هي ملك الشعب العراقي المسكين ، اضافة الى ظهور طبقة جديدة من الوكلاء والسماسرة والمرابين المحترفين بفنون السرقة العصرية للقرن الحادي والعشرين . ماذا يعني هذا ؟ الا يعني وضع على حافة الانهيار التام ؟ فالوكالة الامريكية للتنمية الدولية ( يو . اس . ايد ) ترسم صورة قاتمة وحقيقية للاوضاع الامنية في العراق مؤكدة ان الوضع خرج عن نطاق السيطرة وبلغ مرحلة الانهيار التام . اما الاعمال الارهابية التي تجري على ارض العراق تحت عنوان ( المقاومة ) سواء كانت ضد قوات الاحتلال او ضد الشعب العراقي في حد ذاتها ارهابا وليست مقاومة لان تلك الاعمال تقتل العراقيين وليس الامريكان ، ان هذه العمليات عمليات بائسة ولم تثمر الا الخيبة والخذلان . في الواقع المقاومة لا تقتل الشعب بالعكس فهي من المفروض ان تكون حريصة عليهم وعلى بلدهم ، المقاومة لا يفجرون انفسهم وسط حشد من المدنيين من اجل الفوز بجنة الاوهام ، ان كان هؤلاء التكفيريون عملاء عن قناعة او عن مبدأ او من اجل المادة او لربما مخترقين فعلا من قبل قوات الاحتلال او الموساد فلماذا لا تردعهم ما تسمي نفسها ( بالمقاومة الشريفة ) ولا تستأصلهم !!!؟؟؟ اليس من واجب المقاومة الشريفة هو القضاء على هؤلاء العملاء والدفاع عن سمعتها الشريفة ؟ وخاصة وانهم يتواجدون بكثرة في مناطق تنشط فيها المقاومة الشريفة كما يدعون وتجول على هواها وبحرية تامة !! اية مقاومة تقتل كل يوم مئات العراقيين الابرياء من اطفال المدارس وبراعم الجامعات والمرضى والعمال الذين يخرجون في الصباح الباكر من منازلهم للبحث عن عمل ليؤمن لهم لقمة العيش ؟ ويرتكبون ابشع الجرائم الوحشية والسادية بحجة تحرير العراق ؟ اي رأي حر الذي يسخر من الضحايا المغدورين ظلما ويطبل في الوقت نفسه لجلادي هؤلاء الضحايا ويبرر جرائمهم النازية ؟؟ اذن المسالة تخرج عن اطار حرية التعبير والرأي لتأخذ طابع الترويج لاعمال الارهاب والجرائم الهمجية وهو الامر المحرم والمحظور في جميع الدساتير السائدة في العالم الديمقراطي وخاصة اوروباوتحديدا المانيا التي كانت وكرا للفكر النازي الهتلري .. لو وازنا طرفي المعادلة لوجدنا : ان الرابح الوحيد من الحرب على العراق هي : شركات التصنيع العسكري الامريكية التي ارتفعت معدلات انتاجها العسكري وارتفعت معها ارباحها من خلال تنوع مبيعاتها ، وان بعض الاحصائيات الرسمية لشركة ( نور ثورب غرومان ) المتخصصة في انتاج اجهزة الرادار والصواريخ وطائرة التجسس الشهيرة طراز ( هوك ) التي حققت ارباحا بزيادة 31 % نتيجة الارتفاع في معدلات النفاق العسكري ، وارتفعت ايراداتها نحو 10 % ليصل الى 8,7 مليارات دولار في الربع الاخير من عام 2004 . لقد ساهمت الحرب العراقية في تقوية المراكز الانتاجية والمالية من الشركات المتخصصة بالانتاج العسكري التي كانت تعاني من تدني معدل المبيعات والارباح قبل الحرب !!! اذن من الواضح ان الشركات الاحتكارية الخاصة بالصناعات العسكرية الامريكية والتي يبلغ راس المال الاسرائيلي فيها تقريبا 25 % ـ هي الوحيدة الرابحة !! بينما الخاسر الاكبر هو : الشعب العراقي والشعب الامريكي وشعوب العالم مستقبلا لان الحرب على العراق لا شك ان تنعكس سلبا على شعوب العالم اجمع .. الف تحية للعراقيين الشرفاء .. المجد للعراقيين الاحرار الرافضين للاحتلال والعمالة .. العار للمرتزقة وقوى العمالة . وفي النهاية لم ولن يفوز الا ّ العدل والحق والمنطق ...
#سندس_سالم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأميرة البستانية
-
نحن مدانون بالفضل الى المعلم الاول والاستاذ الكبير ( زهير كا
...
-
توضيح واعتذار الى الدكتور الاخ رشيد الخيون المحترم :
-
لا تخف ْ من العظمة ... فبعض الرجال خُلقوا ليكونوا عظماء..
-
أ حبيبي !!!
-
سلام الله عليكم يا ابطال الرافدين يوم عرسكم
-
هل يخشى الرجل المثقف المرأة المثقفة !!؟؟
-
الحلقة الاخيرة من مسلسل المرأة - الرجل ليس المدان بحق المرأة
...
-
المرأة الأيزيدية الحلقة الخامسة من مسلسل - اضواء على المرأة
...
-
حطم قيودك
-
الحلقة الثالثة والرابعة من اضواء على ( المرأة عبر العصور )
-
الى حبيبتي الجريحة
-
المرأة في العصر الحديث-الحلقة الثانية
-
اضواء على المرأة عبر العصور، - في حلقات
-
نساء محنّكات ضحية المعترك الانساني
-
سؤال يطرح منذ الازل - ما هو الحب !!!
-
حوار الروح للروح
-
سكارى سجدى
-
رحلة الى المستنقع الذي يعوم فيه العراقيون
-
العراق يسقط في محيط لا يسمع صوته احد
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|