أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - بين القمحِ والفكر… شكرًا د. “حسام بدراوي-














المزيد.....

بين القمحِ والفكر… شكرًا د. “حسام بدراوي-


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8398 - 2025 / 7 / 9 - 11:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما بين رؤوس القمح التي تحاكمني، وبين أصوات الفكر التي تساندني، جاء صوتُ الدكتور "حسام بدراوي" ليمنح أحدث كتبي بُعدًا أعمق. لم تكن مقدمته تصديرًا تقليديًا لكتاب، بل مرافعة فكرية وإنسانية وإصلاحية، كتَبها عقلٌ كبير، وقلبٌ صوفي التكوين.
في مقدمته لكتابي "محاكمة القمح… حوارٌ مع صديقي المتطرف" الصادر مؤخرًا عن مكتبة مدبولي، لم يكتفِ الدكتور "بدراوي" بتحليل النصّ، بل قرأه بعين القلب قبل قلم النقد، مقدّمًا قراءة شفيفة التقطت من استهلال الكتاب جذور انتمائي إلى عائلةٍ صوفية التوجّه، ترى في تعدد سبل الإيمان بالله تجلياتٍ متباينةً لإلهٍ واحد، لا مدعاةً للفُرقة والشقاق والاقتتال والتناحر.
ولم يغفل عن زهرة حياتي، ابني "عمر"، فنّاني الصغير على طيف التوحد، الذي أهديتُ له الكتابَ، مثلما أهديتُ له قلبي وعُمري. لمس "بدراوي" هذا الإهداء بكلماته، فاحتفى بـ"عمر" كما احتفى به الشرفاءُ في حياتي، بكلماتٍ دافئة أضاءت قلبي وأكّدت لي أن المعركة الفكرية ما زالت تجد حلفاءَ نبلاء لا يخافون الوصم، ولا يُغريهم الصمت.
حين طلبتُ من الدكتور "حسام بدراوي" كتابة تصدير لهذه الطبعة الجديدة، لم أندهش من غوصه في النص بهذا العمق، والتقاط الإشارات الوجدانية والفكرية التي نسجتُها على مهلٍ كمن يخطّ رسائلَ فوق صفحة نهر.
الكتاب، في طبعته الأولى، كان بعنوان "حوار مع صديقي المتطرف" صدر خلال ذروة معاركنا القاسية مع فصيل الإخوان والتكفيريين، وها هو يعود اليوم باسم "محاكمة القمح" بعد عشر سنوات، وكأننا، في عمقنا الجمعي، لا نزال ندور في الدوامة ذاتها، رغم محاولات الإصلاح الفكري من القيادة السياسية الحكيمة المتمثلة في شخص الرئيس"السيسي".
كتب "حسام بدراوي" في مقدمته أن مهمته لم تكن سهلة، كما تخيّل، بل وجد نفسَه أمام نصّ حيٍّ بكل جراحه لم يَشِخ، ومواجهةٍ لم تُحسم. فرياح التكفير والتخوين والتكفير ما زالت تهبّ، وكأننا نسير في طريقٍ رملي، نتعثّر كلما حاولنا النهوض!
قال في مقدمته إن قضايا الكتاب، الذي حظي بانتشار واسع عند صدوره الأول، لم تَبلَ، بل تُطلُّ برأسها رغم مرور الزمن، وإن قرار الإبقاء على النص كما هو، دون تعديل، كان خيارًا مقصودًا يعكس مواجهة واقع مازال يتطلب التغيير؛ رغم ثمار الإصلاح. كما لفت إلى ما نتعرض له، حتى اليوم، من اتهامات جاهزة من تيارات لا تقرأ، بل تقتات على التحريض والتكفير، وتُهاجم كل من يجرؤ على التفكير أو مساءلة المألوف. وتساءل إن كانت الصداقة ممكنة مع شخص متطرّف، ثم بيّن أن “الصديق المتطرف” ليس شخصًا، بل رمزٌ لفكرةٍ كامنة، وصوتٍ داخلي لا لوجهٍ خارجي. واختتم بالإشارة إلى أن الكتاب يحوي أكثر من تسعين مقالًا، كل واحد منها يستحق وقفة وتأملًا، حتى كاد التقديم نفسه يتحوّل إلى كتابٍ موازٍ.
توقف المفكر الكبير عند أهمية الاتفاق على المصطلحات قبل أي حوار عقلاني: “ديمقراطية، علمانية، عقيدة، مواطنة”… كلماتٌ نقاتل باسمها، دون أن نتفق على معناها؛ مشيرًا إلى أحد فصول الكتاب قلتُ فيه: "سيولة المصطلحات وارتباك اللغة والمفاهيم والتعاريف لدى البعض، إضافة إلى تسييس الأفكار الفلسفية المطلقة، أحد أهم أسباب الصراع الفكري في مجتمعاتنا.” واستشهد بعدد من مقالاتي التي واجهتُ فيها “الصديق المتطرف” بالعقل والمنطق، وذكّر بأنّ جوهر الأديان جميعًا هو الجمال، والرحمة، والعدل، لا الوصاية، ولا القتل، ولا التكفير.
وفي لفتة شاعرية، اختار "بدراوي" أن يختم مقدمته الطويلة الأنيقة باقتباس من خاتمة الكتاب، من ذلك الفصل الحُلمي الذي تخيلتُ فيه سنابل القمح قد عقدت لي محاكمة، تسألني فيها عن معنى الوطن، ومآلات المطاردة، وشيوخ القبيلة الغلاظ، والسجن. فكانت إجاباتي أقرب إلى مناجاة للحق والخير والجمال، يتجسد فيها حُلمي بعالم نقيّ لا كراهية فيه ولا بغضاء ولا ظلم ولا ظلام.
لهذا يقول "بدراوي" إنه لمح في كلماتي “حزنًا دفينًا وألمًا متجددًا”، وتمنى أن أستطيع تجاوزه. وأقولُ له: نعم، حزني لم ينطفئ، لكنه لا يُطفئ جذوة الأمل، وألمي لا يُنكر، لكنه لم يصبني باليأس. فالحياة تستحق المقاومة، والوطن يستحقُّ النضال، والأملُ قائمٌ لأن العقول الواعية لا تصمت.
ما فعله الدكتور "حسام بدراوي" لم يكن تقديمًا لكتابي، بل شراكةٌ في رسالته. شهادةٌ حيّة على ضرورة أن نفتح الأذهان، ونغسل القلوب، ونتجرّأ على التفكير، لأن القمح لا ينمو إلا في أرضٍ حرّة يحميها "الحالمون بالغد".
شكرًا للدكتور "حسام بدراوي"، الذي لم يكتب مقدمة، بل منح الكتاب روحًا ثانية بكتابته مرافعة فكرية، وقراءة صوفية لمناخ الكتاب. وشكرًا لمكتبة مدبولي، التي رأت أن إعادة طباعة هذا العمل ليست تكرارًا للماضي، بل ضرورة للحاضر، ومساهمة في صناعة المستقبل.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشرقاتٌ … في -منتدى القيادات النسائية-
- صالون العدل
- القديس -دي لا سال”... رائد التعليم في مصر
- عيني ترى… لا شيءَ اسمُه: -العمى-
- “صبحي- … فارسًا يكشفُ المستور
- في -عيد الأب-… أقدّمُ لكم أبي
- هجرةُ النساء في ...”ليلة العيد-
- يرشقون نوافذَ القطارات! مِقصلةُ الفرص الجميلة!
- -سميحة أيوب- … عِناقٌ أخير
- مباركٌ شعبي مصر
- رسالة إلى -مصر الخير-…. -المتوحّدون- وحيدون!
- -فرير الخرنفش- … يستثمرون في الشمس
- “دقّة قديمة-… عزفٌ على أوتار الهُويّة المصرية
- عيد ميلاد -عادل إمام-… الخالد في ضمائرنا
- زلزالٌ …. إبني …. و-غزّة”!
- -الحُبُّ- يسقطُ …. في أرض السلام و-الحب-!!!
- مدارسُ الراهبات
- أطفالُ غزة… الرصاصةُ الرحيمة …. والموتُ جوعًا!!
- هنا بيروت: التعدديةُ ثراءٌ ... لا إقصاء
- الأوقافُ والأزهرُ في وداع البابا -فرنسيس-


المزيد.....




- أنصار الله: دعم قائد الثورة الإسلامية الإيرانية حسم المعركة ...
- المفكر الماليزي عثمان بكار: الكونفوشية والإسلام يشتركان في ا ...
- “متابعة جيدة” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل سا ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- يهود الغرب والضغط الخانق على إسرائيل
- فرنسا: إصلاحات تشريعية للحد من -خطر- الإخوان المسلمين؟
- -غرفة انتظار الجنة-..هذه البلدة تحتضن المقر الصيفي للبابا لا ...
- الاحتلال يدرس إعادة الوجود اليهودي الدائم في قبر يوسف بنابلس ...
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مدينة -بني براك- الإسرائيلية المركز الديني اليهودي الأكبر عا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - بين القمحِ والفكر… شكرًا د. “حسام بدراوي-