|
صرخة لا بد منها
سميرة الوردي
الحوار المتمدن-العدد: 1817 - 2007 / 2 / 5 - 07:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثر الحديث يا وفاء سلطان.. .. عن الحب وعن المرأة ، وعن المرأة والرجل ،وأي سلطة أقوى الذكورية أم الأنثوية وهل نحررهما معا أم أن الرجل مُحرر والمرأة لا ! فسلطة القمع ضدهما أزلية . كثر الحديث ، وكثر الحديث عن الاستعمار والإمبريالية وشعاراتها ، وكثر الحديث وكثر حتى باتت العبارة نغما في فم مطربنا كاظم الساهر . كثر الحديث في كل شئ ، وعن كل شئ لا نمل ولا نكل ، ولكنها لا تمس جوهر الحقائق ، ولا تُوضع الحلول لعلاجها ، فوُصِل لما وُصِل اليه ، ما زالت الشعوب ، والعربية بالذات تنعم بالجهل والفقر والا ضطهاد السلطوي ، أين موقعها من العلوم الحديثة فالواقع العلمي قاصر عن مواكبة ما توصل اليه الغرب في هذه الميادين بل حتى بعض الدول الأقصى شرقية . يصرخون ضد أمريكا وضد روسيا وضد كل دولة استطاعت أن تمزق ستار القرون الوسطى ويصبح لها وجود فعلي مؤثر في العالم كل العالم ، تُستوردالسيارات الغربية لتفخخ ويستخدم الحاسوب المصنع في تلك البلدان ليُنشر عبره الدمار، ورجال الدين لا يجيدون سوى لف العمائم وحشر انوفهم في كل شاردة وواردة سواء عرفوها أم لم يعرفوها ، يتمنطقون ويحللون ويحرمون ، حتى ضاعت القيم الحقيقية التي تقود الفطرة الإنسانية اليها ، في القرن الماضي كانت فورة التحرر على اشدها كان الآباء أكثر انفتاحا على العالم وعلى الحياة ، النضال على أشده بين فئات الشعب المتنورة وبين السلطة الحاكمة من أجل فرض قوانين الحرية والديمقراطية واشاعة مجتمع مدني خالي من القسوة والفساد والمرض والجهل وبطرق سلمية بالرغم من قسوة السلطة في العهد الملكي ، الا أنه كان للمجتمع تأثير فيها ، ولم يصل البطش والقسوة الى ما وصل اليه في عهد النظام البعثي ، الذي حتما سيقبره التاريخ ، فقد مسخ هذا النظام وعلى امتداد ثلاثة قرون ونيف كل ما بناه آباؤنا من حرية في الفكر والمجتمع ، وكان المجتمع قد تحررمن الكثير من التقاليد والعادات فأصبح للمرأة الحق في اختيار حياتها الى حد ما ، بل سبقت في التحرر وخاصة في بغداد أ خواتها في البلدان الأُخر ، ولكن انتزاع البعث السلطة وعودتهم بمساعد ة الأجانب والمرتزقة للسيطرة على الحكم وبقاءهم بالحديد والنار كل تلك السنوات العجاف لا بد أن يخلق أجيالا مشوهة . نحن الآن في الألفية الثالثة من دخولنا في التاريخ وقد سبقتها ملايين السنين من غير تاريخ مدون ولكن مازالت تقبع داخل الإنسان تلك النزعة المتوحشة التي تبيح له القتل والسلب فما زالت شريعة الغاب ومهما حاول الظهوربالمظهر الإنساني هي التي تسود ، والإشد خطورة هي التقهقر والرجوع الى الخلف وسيادة النعرات الأكثر طائفية ووحشية في مجتمع متمدن كالمجتمع العراقي . وفي هذا تشترك كل المجتمعات المحيطة به . بل المجتمع العراقي كان أبعد من غيره من المجتمعات العربية عن الطائفية . نقرأ على الحوار المتمدن الكثير من الآراء قد نتفق معها في مواضع ونختلف معها ويبقى لحرية الرأي المكان الأول على أن لايسيء الى مشاعر الآخرين . فالأساءة الى دين أو نبي لن يساعد في تغيير معتقدات ملايين البشر كما تحاول الدكتورة وفاء سلطان في مقالاتها النارية نحن نحيا في مجتمعات استهلكها الفقر والقمع والمقابر الجماعية التي خلقتها الأنظمة الفاسدة عبر التاريخ وقد ساعدتها أمريكا التي تعشقها الدكتورة وتضربها بين الحين والآخر مثلا يحتذى به ، الدكتورة وفاء تكتب متخلية عن الصراع بين القطبين الرئيسين في العالم والتي راح ضحيتهما الكثير من شعوب بلدان العالم . افتُتحت الألفية الثالثة بقصف قرى أفغانستان ولم تكتف أميركا ومن تحالف معها ، بل استمرت في نشر دمارها على العراق لتذيق العراقيين من المرار ما يفوق ما أذاقهم صدام ولعلم الدكتورة وفاء أن( ابن لادن وصدام ) وغيرهم من المسوخ هم صنيعة أمريكا ، لو كان للشعب الأمريكي ما تذكره من حرية في القرار لما قامت أمريكا بحروبها هذه ضد الشعوب بذرائع واهية ، انني أعشق الحرية بكل مدياتها ولكن لا أؤمن أن المهاترات الدينية ستوصلنا لشئ ، الحل لايكون بمحاربة معتقدات تنشأ مع الإنسان ، لا أريد الخوض في مجالات تبعدنا عن موضوعنا ما اريد قوله أنني لا أكره أمريكا وأكره السلطة العربية التي تكتنز الثروات بيد حفنتها المأجورة وتشجع الناس على الطائفية والتحزبات الضيقة وتلغي الآخر تبعا لمصالحها . عندما احتلت أمريكا العراق ، وقضت على صنيعتها صدام تحت ذريعة تخليص الشعب العراقي كان يفترض بها وهي الدولة الحنون اقامة جسر جوي من المساعدات الغذائية والدوائية والكهربائية . ومنع كل مظاهر الحرق والتخريب المتعمد في الأيام الأولى للإحتلال والتي حدثت تحت سمعها وبصرها ، الوضع في العراق لا يدركه ويحس بمأساويته الا أهل العراق ومن عاش تلك السنوات المريرة تحت ظلال البعث والآن في ظل الإحتلال ، فيا عزيزتي وفاء لا تغالين بالحرية التي تنعمين فيها فحريتك هي المعادل الموضوعي لما تفعله أمريكا في أفغانستان والعراق وما تريه من مظاهر دينية متخلفة هي نتاج حتمي لقصف قرى ومدن بكاملها تحت ذريعة اختباء ابن لادن وصدام فيها . قضوا على صدام لانه أشد خطورة عليهم ولخوفهم من كشفه لأسرارلا يريدون كشفها، أما صنيعتهم ابن لادن فقد عجزت قوى التحالف الأمريكي من القضاء عليه عبر سبع سنوات رغم اسلوب الإبادة الجماعية التي تعتمدها .فهل عجزت وسائلهم عن الوصول اليه حقا أم أن وجوده ذريعة لمواصلة وجودهم وهيمنتهم المباشر في الشرق ! ماذا يهم المرأة العراقية التي سحقها صدام صنيعة الغرب (أميركان وفرنساوين والمان و و والخ ) وماذا يهمها إذا تزوج النبي عائشة أو ظهرت أوبرا في نادي العراة أو تزلجتي على الجليد ، الله أو الطبيعة أو ابراهيم لنكولن يحفظ لك نجلاءك وأخوتها ، الا تتذكربن ماري انطوانيت التي أوصلتها الكيكة الى المقصلة ، فشعوبنا لم تذق سوى الخبز المر المملوء بدموع الثكالى والأيتام . ألم تقرأي برتوكولوت صهيون والذي كتب قبل مئة عام ومازال يسحب من الأسواق كلما طبع لما فيه من معلومات قيمة تبين خطى الصهاينة بخلق القطب الواحد والملك الواحد الذي يدير العالم ليصبح دولة واحدة (ذات رسالة خالدة ) يديرها الملك الواحد الذي لايقهر وهاهي أميركا تنفرد بالغنيمة بعد أن نحت عدوها اللدود الإتـحاد السوفييتي . لايهمني من كل ما أقرأه على الحوار المتمدن وغيره من المواقع سوى البحث عن حلول ناجحة نمارسها في حياتنا وننبه الآخرين اليها وهذا ما نفتقده عند جل الكتاب ماعدا بعض الأقلام التي تضع يدها على الداء وتضع الدواء كإسلوب ( الدكتور كاظم حبيب )على سبيل المثال لا الحصر وأسلوب الأستاذ القانوني ( طارق حرب ) . في الستينات والسبعينات وقبلهما كانت النساء أكثر انفتاحا وحرية فقد كان للأصوات الحرة تأثيرها في سن قانون الأحوال الشخصة والذي حفظ جزءا كبيرا من حقوق المرأة ولكن اليوم وفي ظل الديمقراطية المتخبطة يحاول الواضعون للدستور العراقي النكوص بهذ المنجز والعودة به الى الوراء . فلكي ينمو المجتمع نموا سليما لابد من الحفاظ على المنجزات الاكثر تقدمية فيه وسن قوانين تتواءم وروح العصر ولا بد من البدء منذ المراحل الدراسية الأولى بتطبيق الديمقراطية الحقة في حرية التفكير والإختيار واحترام الرأي الآخر ، ولا بد للبدأ بهذا المنهج أن يُرفع الضيم فعلا عن المجتمعات وخاصة المجتمع العراقي بتوفيرالأمان وبتوفير وسائل العيش الضرورية والتي حرم منها المجتمع منذ زمن طويل . حرية المرأة تكمن بحرية المجتمع ، ولا يتحررالمجتمع الا بسيادة للقانون سيادة فعلية ولا يُتلاعب به الا تحت اشراف السلطة التشريعية النزيهة ، فمهما صرخنا فسرعان مانتعب وتذهب صرخاتنا مع الرياح ، إن لم يسد مجتمع مدني خال من كل وسائل التعصب والتحزب والسلاح . .لا مجتمع حر ولا امرأة حرة ولا رجل حر ولا طفل سعيد ما لم يفصل الدين عن الدولة وفك التزاوج بينهما .
#سميرة_الوردي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخليلان
-
وحدها النجوم ترى
-
لاحياة لمن تنادي
-
تداعيات عام مضى وآخر قادم
-
اللهب
-
وأزهر الشجر
-
من أشعل النار فيها
-
الندم الثاني
-
سعد والله
-
زينب والمسرح
-
حكاية من زمن الموت
-
مناجاة
-
التلفاز
-
الآن حان الدرس الأول
-
الحب بعد الرحيل
-
الندم الأول
-
أعاصير
-
تاريخ أسفارنا /الفارزة الأولى والثانية
-
تاريخ أسفارنا / الفارزة الثانية
-
في يوم ما
المزيد.....
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|