أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي ماضي - عاشوراء من احياء الذكرى الى احياء الامة














المزيد.....

عاشوراء من احياء الذكرى الى احياء الامة


علي ماضي

الحوار المتمدن-العدد: 8398 - 2025 / 7 / 9 - 00:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أفضلُ استجابةٍ لثورةِ الحسينِ عليه السلام هي بناءُ نظامٍ ديمقراطيٍّ حقيقيٍّ يمنعُ وصولَ الفاسدينَ إلى السلطة، وسَنُّ قوانينَ تحترمُ حقوقَ الإنسانِ وتحميه من أن يتعرضَ للإبادةِ التي تعرَّضَ لها الحسينُ وأهلُه.
فالحسينُ:
ليس نهجًا للموتِ، بل نهجًا للحياة.
لنرفعْ شعارَ: "أبناؤُنا ليسوا مشاريعَ استشهادٍ، بل مشاريعَ شهادات."
لم يطمحِ الحسينُ إلى السلطةِ لمجرَّدِ السلطة، فلديه من التشريفِ ما يُغنيه، وإنما خرجَ من أجلِ الحياةِ وعمارتِها.
إن اقتصارَ استجابةِ المجتمعِ الشيعيِّ على الجانبِ الإعلاميِّ المتمثلِ بالطقوسِ العاشورائيةِ الحاليةِ، ما هو إلا استمرارٌ لاستجابةٍ ماضيةٍ لا تتناسبُ والزمنَ الحاضر. إذ كان الأئمةُ عليهم السلام يخشَون على الثورةِ من الاندثار، بسببِ سياساتِ الدولتَينِ العباسيةِ والأموية، فأوصَوا بما أوصَوا به من البكاءِ والتباكي، وإعلانِ حالةِ الحزنِ، ليحفظوا الثورةَ بين دموعِ الناسِ وضمائرِهم.
أمّا بعد أن توثقتْ ثورةُ الحسينِ، فلم تَعُدِ الشعائرُ (الجانبُ الإعلاميُّ) ضرورةً قصوى، بل يجبُ الالتفاتُ إلى تجسيدِ الثورةِ بأبعادٍ أكثرَ تحضُّرًا، وبما يحقِّقُ هدفَها الأهمَّ: إعمارُ الحياةِ، وما يتطلَّبه هذا الهدفُ من تبنِّي منهجٍ علميٍّ رصينٍ، يقودُ الحياةَ إلى حيثُ يجبُ أن تكون.
وأنا لا أدعو إلى إلغاءِ الشعائر، فهي قيمةٌ اجتماعيةٌ مرتبطةٌ بضميرِ وهويةِ المجتمعِ الشيعي، ومن المستحيلِ التخلِّي عنها في الوقتِ الحاضر.
لكن، لا بدَّ من إعادةِ قراءةِ الحدثِ بما يضمنُ تشذيبَه، من خلالِ إزالةِ شعاراتِ الكراهيةِ مثل: "يا لثاراتِ الحسين"، وهو شعارُ كان الغرضِ منه تحشيدِ الرأيِ العامِّ ضد حكمِ بني أمية آنذاك، وهو شعارٌ سياسيٌّ لم يَعُدْ ذا معنى في وقتِنا الحاضر، إضافةً إلى ضرورةِ تشذيبِ الشعائرِ من انفعالاتِ الشعراءِ العاطفية.
فمعركةُ الطفِّ، إن طالتْ أو عَرَضتْ، فهي حدثٌ تاريخيٌّ لم يَعُدْ يمتُّ لوقتنا الحاضرِ بصلةٍ، سوى العِبرةِ، امتثالًا للآيةِ:
﴿تلك أمةٌ قد خلت، لها ما كسبتْ، ولكم ما كسبتم، ولا تُسألون عما كانوا يعملون﴾.
إن عجزَ المجتمعِ الشيعيِّ عن الإتيانِ بردِّ فعلٍ يعكسُ ثورةَ الحسينِ بمحاورِها السياسيةِ والاجتماعيةِ، واقتصارَه على المحورِ الإعلاميِّ ، له دلالاتٌ عدة:

1. ضعفُ القابلياتِ العقليةِ العليا، المتمثلةِ بالنقدِ والتحليلِ والإبداع، إذ إن كلَّ عمليةِ نقدٍ وتحليلٍ يجبُ أن يتلوها إبداعٌ. وفي هذا المقام، الإبداعُ يعني قراراتٍ تُجَسِّدُ مصاديقَ ثورةِ الحسينِ بجميعِ أبعادِها.

2. خضوعُ النخبِ للمدِّ الشعبيِّ، بوازعٍ من المقولةِ الشهيرةِ: "لا أمرَ لِمَنْ لا يُطاعُ"، أو خوفًا من العنف، إذ إن المجتمعاتِ المحافظةَ تردُّ بعنفٍ، قد يكونُ جسديًّا أو اجتماعيًّا، كالإحتقارِ والعزلِ، على كلِّ من يقتربُ من قيمِها وثوابِتِها، كما حصلَ للمجتهدِ المتنوِّرِ محمد حسين فضل الله رحمه الله، الذي أعلنَ حقيقةً مفادُها أن حديثَ الاعتداءِ على الزهراءِ وكسرِ ضلعِها حديثٌ ضعيف.

3. ان استعادةُ تلك معركة الطف ومحاولةُ عيش اجواؤها يعد من ميكانيزماتِ (آلياتِ) الدفاعِ النفسيِّ، للتكيُّفِ مع عقدةِ الذنبِ التي شعرَ بها مَنْ عاصرَ معركةَ الطفِّ، لكونِه لم ينصرِ الحسينَ وصحبَه. وانتقلتْ هذه الآليةُ إلى الأجيالِ الحاليةِ من خلال التنشئة الاجتماعية

الخلاصة:
إن تفاعلَ المجتمعِ الشيعيِّ مع ثورةِ الإمامِ الحسينِ عليه السلام اقتصرَ على جانبٍ طقوسيٍّ شعائريٍّ قد يُعدُّ هذا مؤشِّرًا على ضعفِ العملياتِ العقليةِ العليا والقدراتِ التحليليةِ، لأن هذا المجتمعَ هو ضحيةٌ لعقدةِ الشعورِ بالذنبِ لعدمِ نصرةِ الحسينِ في معركتِه (الباطلِ ضدَّ الحق). فطوَّر آليةَ استدعاءِ الماضي والعيشِ فيه، للتكيُّفِ مع هذه العقدةِ، وللحفاظِ على هويَّتِه.



#علي_ماضي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا المساء
- نبوءة
- ارصفة الغربة
- انا وسيزيف ورجاء النقاش
- مخاوف بشان الديمقراطية في العراق
- قراءة في الانتخابات التمهيدية للتيار الصدري
- هوامش اجتماعية
- هوامش في التربية
- لا اريد ان اكون ملاكا
- وجهة نظر في جدل مظاهرة يوم الجمعة
- ملاحظات في مأزق تشكيل الحكومةالعراقية
- هم يبدعون ونحن نتعجب
- المنطق الثنائي وحملات الانتخابات الاعلامية.
- التاثيرات المحتملة لنتائج انتخابات مجالس المحافظات السابقة ع ...
- قراءة في خلاف مجلس النواب حول قانون الخدمة والتقاعد للعسكريي ...
- هل نجح المجتمع العراقي في تشكيل راي عام فاعل وموضوعي؟
- قراءة لدور المدرسة في منظومة التربية العراقية(1)
- رأي في جاهزية القوات العراقية بعد انسحاب القوات الامريكية ال ...
- تأملات في انتفاضة الشعب الايراني
- سيدي الناخب.....صوتك باق


المزيد.....




- المفكر الماليزي عثمان بكار: الكونفوشية والإسلام يشتركان في ا ...
- “متابعة جيدة” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل سا ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- يهود الغرب والضغط الخانق على إسرائيل
- فرنسا: إصلاحات تشريعية للحد من -خطر- الإخوان المسلمين؟
- -غرفة انتظار الجنة-..هذه البلدة تحتضن المقر الصيفي للبابا لا ...
- الاحتلال يدرس إعادة الوجود اليهودي الدائم في قبر يوسف بنابلس ...
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مدينة -بني براك- الإسرائيلية المركز الديني اليهودي الأكبر عا ...
- الأردن يحاصر الإخوان.. إجراءات ضد -واجهات مالية- للتنظيم


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي ماضي - عاشوراء من احياء الذكرى الى احياء الامة