أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كاظم حبيب - ماذا يجري في العراق, ولمصلحة من, وكيف نواجهه؟















المزيد.....


ماذا يجري في العراق, ولمصلحة من, وكيف نواجهه؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 545 - 2003 / 7 / 27 - 04:11
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

الحلقة 22

 

من يتابع تطور الأوضاع الراهنة في العراق يصاب بالكآبة والحزن العميقين ويشعر بألم بالغ في أن يعاني العراقيون من جديد بعد معاناة رهيبة دامت أكثر من أربعة عقود من السنين العجاف. فالشعب العراقي, ولا أي شعب في العالم, يستحق مثل هذه المأساة المرعبة. فكثرة من الناس العراقيين, نساء ورجالا, تفقد يومياً صبرها وعزمها على الصمود والتحدي وتتحول إلى أدوات بيد المغامرين والمخربين والطامعين في سلطة حتى لو كانت على جثث الضحايا وخراب البلاد. وهناك من يساهم في إثارة الناس حقاً أم باطلاً من وراء الحدود المحيطة بالعراق وما وراء تلك الحدود.
والمشكلة التي تواجه الشعب العراقي ليست وليدة اليوم, بل هي نتاج لتراكمات عشرات السنين التي حرم فيها الإنسان العراقي من حريته وكرامته وحقوقه المشروعة وعيشه الآمن المستقر. وعندما يحاول الباحث تقليب أوراق الماضي القريب والوقت الحاضر سيجد أمامه مجموعة من العوامل التي كانت أو ما تزال وراء هذه المعاناة الراهنة التي لا بد من مواجهتها, وإلا ساهمت في تعقيد الحياة على كل العراقيات والعراقيين لسنوات قادمة. ويمكن صياغة تلك العوامل في النقاط التالية:
1. السياسات الفاشية والعدوانية والتوسعية التي مارسها النظام العراقي ضد شعبه وجيرانه والأخوة العرب, وعزلته الشديدة التي نجمت عن كل ذلك في العالم, ورفضه حتى آخر لحظة من وجوده في السلطة التنازل عن الحكم, واستمرار قتله للعراقيين حتى بعد سقوط نظامه. وما يزال الطاغية صدام حسين يشكلا هاجساً يقلق الناس ويسلبهم الراحة والاستقرار. وليست خطاباته الأخيرة سوى الورقة غير الرابحة الأخيرة التي بقيت في جعبته وجعبة من يسانده في العراق والعالم العربي, ولكنها الورقة المؤذية والمعوقة لعملية إعادة إعمار البلاد.
2. إصرار الإدارة الأمريكية على خوض الحرب دون ممارسة أساليب ناجعة أخرى لمواجهة النظام الدكتاتوري وتخليص الشعب منه, لأنها كانت وما تزال تطمع بتحقيق أهداف أخرى أبعد من مساعدة الشعب العراقي ودون أن تكون لها خطة عملية بديلة بعد إسقاط النظام وانهيار كيان الدولة العراقية أو تهشيمه من قبلها. وساهمت أطماع الهيمنة المنفردة من جانب الولايات المتحدة على العراق من جهة, وغياب الرؤية الواضحة والمعرفة المدققة للمجتمع العراقي ومشكلاته الفعلية من جهة أخرى, وعزل أجزاء مهمة من قوى المعارضة العراقية عن المشاركة الحقيقية لإسقاط النظام ومنذ وقت مبكر إضافة إلى شق وحدة المعارضة, في توفير أجواء غير صحية أمام قوات الاحتلال في العراق وأمام قوى المعارضة العراقية, وخاصة تلك التي نزحت مع القوات الأمريكية إلى البصرة والناصرية وبغداد واعتلت دباباتها.
3. وبعد انهيار النظام وقواته العسكرية واحتلال بغداد والعراق عموماً تخبطت إدارة الاحتلال الأمريكية في مواقفها إزاء الوضع في العراق وإزاء المعارضة وتركت العنان لقوى التخريب والتدمير في المجتمع, وخاصة قوى صدام حسين وبقية المجرمين وقوى الإسلام السياسي المتطرفة, أن تمارس دورها في تعميق الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار في البلاد.
4. وزاد في الطين بلة عجز الولايات المتحدة بإدارتها العسكرية والمدنية عن إعادة الحياة للخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن يومياً وفي كل ساعة وخاصة في فصل الصيف وحره اللاهب.
5. السرعة العجيبة والمتعجلة في إعلان نهاية الحرب في العراق في وقت كانت جيوب النظام ما تزال موجودة وتقاوم قوات التحالف الأمريكي – البريطاني, إذ كانت تمني نفسها بزيادة تأييد الأمريكيين للرئيس الأمريكي بوش بسبب النصر السريع الذي تحقق لها في العراق, رغم أنها لم تستغل هذا النصر السريع لتكريس الأمن والنظام في البلاد, بل تركت الحبل على الغارب في تصور منها احتمال اندفاع الجماهير للانتقام من قوى صدام حسين في كل مكان في العراق. وقد وقع هذا فعلاً في مناطق معينة كان ينبغي أن لا يحصل ذلك بأي حال. فليس من حقنا أن نثأر لأنفسنا بل أن نترك القانون يأخذ مجراه الاعتيادي إزاء كل المتهمين بارتكاب جرائم بحق الشعب العراقي أفراداً وجماعات ومجتمع. ولكن وقع أكثر من ذلك, إذ قامت عصابات صدام حسين وغيره بعمليات تخريب واسعة جداً وعمليات قتل وإشعال الحرائق ونهب المتاحف ... الخ.
6. وزاد في الطين بلة تقديمها طلب اعتبار العراق محتلاً من قبل القوات الأمريكية – البريطانية التي شنت الحرب عليه, بهدف تأمين الهيمنة المطلقة على العراق وإبعاد مشاركة الآخرين في الغنيمة العراقية. وكان هذا من أسوأ القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية بعد إعلانها الحرب وشنها فعلاً. وفي القرار الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي حاولت الولايات المتحدة صياغة القرار رقم 1483 بالصيغة التي تؤمن لها الهيمنة الكاملة والتصرف بالعراق وموارده كما تراه مناسباً. وهو ما يتنافى مع الادعاء الأول للإدارة الأمريكية بتحرير العراق, حتى إنها أبعدت بشكل مقصود لا يقبل التأويل الأمم المتحدة عن أن تلعب الدور السياسي المناسب, وأنيط بها شكلياً دوراً ثانوياً في مجال المساعدة الإنسانية.
 
ولكن الأمر لم يستقم لها كما كانت ترغب نتيجة تلك الأخطاء الفادحة, إضافة إلى أخطاء جديدة ارتكبتها بعد احتلالها العراق. فسلوك الحاكم العسكري القلق والحائر وسلوك الحاكم المدني المتغطرس والاستبدادي إزاء قوى المعارضة العراقية السابقة والشعب, إضافة إلى المشروع الأمريكي الأساسي كجزء من استراتيجية الإدارة الأمريكية في المنطقة والعالم أدى كل ذلك وغيره إلى إعاقة تشكيل حكومة عراقية قوية على أساس مؤتمر وطني عام لكل القوى السياسية التي حاربت النظام الدكتاتوري وبالتالي حركت كل الأحاسيس والمشاعر المعادية لقوات الاحتلال لدى الشارع العراقي, رغم قناعة كثرة من السكان العراقيين بضرورة استمرار وجود هذه القوات ولفترة لاحقة حتى الانتهاء من الانتخابات العامة وتشكيل حكومة عراقية مستقلة ومنتخبة. فإلى ماذا أدى كل ذلك؟ وفق المعلومات المتوفرة ومتابعة الأحداث عن قرب يمكن القول بأن كل ذلك ساهم في بروز الظواهر التالية:
1. إضعاف الثقة بقوى المعارضة العراقية التي ناصبت النظام العداء واعتبارها غير قادرة على مواجهة الوضع الجديد وليس لها الحق في الحكم, رغم أنها كانت لا تريد انتزاع الحكم بل الدعوة إلى مؤتمر لقوى المعارضة كلها ومندوبين عن الكثير من المنظمات والمحافظات والمدن لتشكيل الحكومة العراقية الانتقالية.
2. ساهم هذا الموقف في نشوء فراغ سياسي حكومي في البلاد عجزت سلطات الاحتلال عن سده, وفسحت في المجال لتسيب واسع النطاق على مستوى القطر كله, في ما عدا منطقة كردستان العراق, إضافة إلى الموصل نسبياً.
3. أعطت فرصة مناسبة لقوى صدام حسين لاستعادة أنفاسها وإعادة تنظيم صفوفها وتنشيط جماعات الطوارئ التي كان صدام حسين قد شكلها قبل ذاك لتخوض حرب عصابات في بعض مناطق العراق وتثير الفوضى وتؤزم الجو السياسي وتساهم في دفع آخرين مغتنمين فرصة الفوضى التي ضربت أطنابها في أنحاء البلاد للمشاركة في تلك الفوضى والحصول على مكاسب لها على حساب المجتمع.
4. وعندما لاحظت إصرار قوى المعارضة على تشكيل حكومة انتقالية وتزايد الضغوط من مختلف الجهات العربية والدولية وفي الولايات المتحدة بالذات, وافقت شرط أن يتم تشكيل المجلس بدون عقد مؤتمر وطني عام, لكي لا يحصل على قوة شعبية مناسبة من جهة, ولكي تبقى قراراته خاضعةً لحق النقض الأمريكي المتمثل بسلطة الاحتلال وبالسيد بول بريمر من جهة أخرى, وهو إضعاف جديد للقوى السياسية العراقية.
5. فسح هذا الإضعاف السياسي غير المبرر لمجلس الحكم الانتقالي إلى نشوء ثلاث مظاهر سلبية كان يمكن تقليصها وتجاوز أكثرها ضرراً: أ) تشكيك واسع النطاق بصلاحيات مجلس الحكم الانتقالي على صعيد الداخل, وخاصة من قوى كان في مقدورها أن تؤيد هذا المجلس لو كان قد تم إشراكها في المؤتمر الوطني العام وفسح المجال أمام تشكيل حكومة تنبثق عن المؤتمر. ب) استغلال واسع النطاق لفكرة بائسة طرحها الأمريكيون, وربما يقف وراء ذلك بعض العناصر الطائفية المتعصبة المؤيدة لأمريكا, تجلت في تشكيل المجلس على أساس طائفي 13 شيعي و11 سني وواحد مسيحي. وهو أمر بالغ الضرر بسمعة اغلب أعضاء المجلس وبنضالهم الوطني البعيد عن الطائفية البشعة. نحن نعرف أن النظم السابقة منذ العهد الملكي قد حكمت العراق وفق سياسة دينية وطائفية تمييزية سيئة, ولكنها لم تتحدث عن توزيع طائفي في المناصب الوزارية, رغم وجودها الفعلي. وكان يفترض تجنب هذا الأمر تماماً إذ لا مبرر له أصلاً, بل الحق ويلحق ضرراً بليغاً بالنضال الوطني وبتكوين الشخصية الوطنية العراقية البعيدة عن هذا التمييز الطائفي. ولم يتم استغلال نقطة الضعف الشديدة هذه حتى الآن من قبل قوى عراقية طائفية فحسب, بل ومن قوى عربية تتميز بالطائفية وتتهم الشيعة عموماً بالشعوبية, وهو أمر فادح الضرر أيضاً من جانب تلك القوى التي تريد الصيد في الماء العكر. ج) بدء بعض القوى الشيعية الطائفية, كما في محاولات السيد مقتدى الصدر, المطالبة بإقامة دولة إسلامية تقوديها الحوزة العلمية في النجف, أي دولة تسير وفق المذهب الشيعي على الطراز الإيراني. وهو الذي حرك الطائفيين من السنة بالمناداة بأن على سلطة الاحتلال أن تجري إحصاءاً للسكان لكي تعرف بأن أتباع المذهب السنة يشكلون الأكثرية وهلمجرا. ويدخل في هذا الباب من التحريض العام البيان الصادر عن المؤتمر القومي العربي بتاريخ 14/07/2003, وكذلك الحديث المسجل لصدام حسين في نفس اليوم والذي أذيع من أكثر من محطة فضائية عربية والذي يلتقي تماماً مع موقف المؤتمر القومي العربي وكأنهما كتبا في آن واحد ولأغراض واحدة وبذهنية واحدة ذات طبيعة استبدادية وشوفينية شديدة.    
6. وفسح هذا الوضع المتدهور إلى تدخل إضافي من دول الجوار وبشكل خاص من إيران لتقديم الدعم من قوى إيرانية محافظة ومتشددة إلى جماعة مقتدى الصدر, وربما فيما بعد إلى غيره, في حين تقوم السعودية بتقديم الدعم إلى الجماعات السنية المرتبطة بالمذهب الوهابي, وهو المذهب الذي تلتزم به الدولة السعودية وتمارسه في التعليم والتربية المتشددة والمتطرفة التي نشأ فيها جماعة أسامة بن لادن وجميع أعضاء القاعدة ومؤيديها في مختلف بقاع العالم. وعملية إعادة إنتاج مثل هذه القوى المتطرفة مستمرة في السعودية رغم الادعاء بإجراء إصلاحات في هذا المجال. وعملية إعادة الإنتاج هذه لا تتم في السعودية فحسب, بل في كل البلدان حيث تقوم السعودية بإقامة المساجد والمدارس الدينية فيها, سواء أرسلت مدرسين لها أو وظفت مدرسين من نفس المذهب الوهابي فيها.
7. ويبدو بوضوح أن الدول العربية بدأت تستثمر المأزق الذي تمر به سلطة الاحتلال وكذلك الإدارة الأمريكية في العراق لمنعها من تحقيق الاستقرار والأمن وتنشيطها نشرات الأخبار التي تحفز على ما يسمى بالمقاومة بهدف منع الولايات المتحدة المغامرة مرة أخرى بحرب ضد دولة عربية أخرى, إذ أنها بدأت تخشى على نفسها من السقوط تحت ضغوط السياسات الأمريكية في المنطقة.
8. كما بدأت الدول الأوربية تستفيد من المأزق والمحنة الأمريكية في العراق بمحاولة فرض تنازلات على الإدارة الأمريكية لتكف عن فرض هيمنتها السياسية الكاملة على العراق والمنطقة وفسح المجال لها أيضاً للولوج السياسي إلى العراق أولاً, ومن ثم منع هيمنتها الكاملة على النفط العراق ومنطقة الشرق الأوسط عموماً والاتفاق على أسس جديدة بهذا الصدد ثانياً. وهي تدعو إلى ذلك من خلال الدعوة إلى إشراك الأمم المتحدة وجعل الوجود هناك بموافقة الأمم المتحدة لكي تساهم في الأفراد والأموال.
9. ويزيد من ضعف الموقف الأمريكي-البريطاني فشل قوات الاحتلال واللجان المختصة التي ذهبت إلى العراق في العثور على أسلحة دمار شامل في العراق وفق ما ادعتها الإدارة الأمريكية ومجلس الوزراء البريطاني, والذي بدأ يهدد سلطتيهما بشكل واضح.

أدى كل ذلك إلى بروز ثلاثة إجراءات جديدة مهمة على الساحة السياسية العراقية والأمريكية والبريطانية وفي أروقة الأمم المتحدة, وهي:
1. حصول المزيد من زيارات المسؤولين الأوروبيين إلى الإدارة الأمريكية والتباحث مع بوش وبقية المسؤولين في الإدارة الأمريكية بهدف التحري عن حل للمأزق الأمريكي في العراق وخشية تطور الأوضاع باتجاه سلبي وزيادة عدد الخسائر البشرية والمالية للقوات الأمريكية.
2. زيادة عدد الوفود والمسؤولين الأمريكيين الذين قدموا إلى العراق للإطلاع على ما يجري فيه, وبشكل خاص نائب وزير الدفاع الأمريكي الذي كان أكثر المتحمسين للحرب.
3. بدء تصريحات أدلى بها السيد كوفي عنان, الأمين العام للأمم المتحدة بعد لقاء له مع بوش في البيت الأبيض في واشنطن, تشير في جوهرها إلى أنها مبادرة أمريكية قبل أن تكون مبادرة خاصة من كوفي عنان تدعو إلى إصدار قرار جديد بشأن العراق. وأكد ذلك وزير خارجية الولايات المتحدة أيضاً.
وفي ضوء ذلك يبدو أن وصول وزيرة خارجية أسبانيا, التي ستتولى رئاسة مجلس الأمن للدورة القادمة, إلى العراق ليس بعيداً عن محاولة التفكير بحل مناسب للأزمة الراهنة. كما يدخل في هذا الباب سفر بريمر إلى واشنطن للقاء بالرئيس الأمريكي بهدف إعداد موقف وقرار جديد وتكتيكات جديدة بشأن العراق. كما يفترض أن لا ننسى سفر وفد ثلاثي يمثل مجلس الحكم الانتقالي إلى نيويورك للمشاركة في اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي سيبحث الوضع في العراق وتقديم تقرير يطرح تصورات مجلس الحكم, إضافة إلى تقرير دي ميليو, ممثل الأمم المتحدة في العراق.            

إلى ماذا تسعى الولايات المتحدة الأمريكية في ظل هذا المأزق الذي تعاني منه؟ إنها كما أرى ستحاول تحقيق ما يلي:
1. إبقاء قرار احتلال العراق من قبل قوات الدولتين المتحالفتين دون تغيير يذكر فيه, وأن تبقى القوة القائدة في العراق خلال فترة الانتقال على الأقل.
2. الموافقة على إدخال فقرة جديدة يسمح بموجبه لقوات من الأمم المتحدة المشاركة في حفظ الأمن والاستقرار في العراق. وإذ تبذل الأمم المتحدة في أن تكون تلك القوة تحت رعايتها, ستبذل الولايات المتحدة في أن تكون تحت إدارتها وبالتعاون مع مسؤولي القوات التي ستشارك في حفظ الأمن في العراق.
3. الموافقة على تعجيل فترة الانتقال وإنجاز الدستور الدائم بحدود سنة أو سنة ونصف, وربما دون أن تحدد الفترة تماماً.
4. الموافقة على منح مجلس الحكم الانتقالي صلاحيات إضافية بدلاً من التضييق عليه, مع منع تصرف الولايات المتحدة بشكل مطلق بالقرارات الاقتصادية, وخاصة موضوع النفط الخام.
5. إقناع الدول العربية بالتعاون مع مجلس الحكم الانتقالي, وربما ستبادر إلى توسيعه بقوى إضافية لكي يصبح أكثر تمثيلاً للمجتمع العراقي.
6. دعوة الدول الأخرى بالامتناع عن التدخل في شؤون العراق الداخلية, وخاصة إيران, وربما يشار إلى سوريا أيضاً.
7. ومن الممكن أن تلجأ القوات التي سترابط في العراق إلى ممارسة العنف بشكل أقسى وستعمد إلى ممارسة أسلوب حرب العصابات في مواجهة عصابات صدام حسين والجماعات الإسلامية المتطرفة والقوى الإجرامية الأخرى. كما أنها من الممكن أن تزيد من عدد قواتها في العراق وتنوع من نوعيتها وأساليب عملها, إضافة إلى أنها ستبذل جهداً خاصة لحراسة الحدود مع إيران وسوريا خشية دخول مقاتلين وأسلحة إلى العراق. وبصدد احتمال استخدام أساليب العنف من المفيد الإشارة إلى أن منظمات حقوق الإنسان الدولية ومنظمة العفو الدولية تؤكد ممارسة القوات الأمريكية أساليب تتنافى وحقوق الإنسان إزاء الأسرى والمعتقلين العراقيين, أي ممارسة التعذيب لانتزاع المعلومات, وهو ما لا يجوز الموافقة عليه, بل يفترض أن نرفضها وإدانتها من قبل الجميع بغض النظر عن اتجاهاتنا الفكرية والسياسية أو العقائد الدينية والمذهبية والدعوة إلى وقف التعذيب وسوء المعاملة فوراً والسماح للعوائل بزيارة أسراهم ومعتقليهم.

لدي القناعة بأن الأيام القليلة القادمة ستشهد تصعيداً في النشاط التخريبي ومحاولة تفتيت قوى الشعب العراقي من جانب قوى ذات أهداف مختلفة. ولهذا يستوجب الحذر واليقظة, خاصة وإنها ستتوجه ليس ضد القوات الأمريكية والبريطانية أو غيرها من القوات الأجنبية فحسب, بل ضد العراقيين الذين تعتبرهم تلك القوى من المتعاونين مع قوات الاحتلال, بما في ذلك ممثلو الأحزاب السياسية المختلفة.
والسؤال الذي يستوجب التفكير به والإجابة عنه هو: كيف يفترض مواجهة الوضع الراهن وتحويله لصالح الشعب العراقي, لصالح تأمين الأمن والاستقرار ونشر الديمقراطية والتعجيل بإنهاء فترة الانتقال؟ إن الإجابة عن السؤال ليست سهلة, إذ لا توجد وصفة جاهزة ونحن جميعاً بحاجة إلى حوار وبلورة المقترحات العملية والممكنة التحقيق. وهدف طرح هذه الأفكار هو خوض الحوار وتأمين مواصلة متابعة الوضع والمشاركة فيه.   
تقع على عاتق القوى السياسية الأعضاء في مجلس الحكم الانتقالي بذل أقصى الجهود من أجل:
1. المشاركة في الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من أجل أشراك قوات من الأمم المتحدة في اتجاهين أساسيين: في عمليات حماية السكان من نشاط المخربين وتقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين منهم من جهة, والمشاركة في عملية إعادة بناء العراق لا في مجال الخدمات العامة, بل وفي إقامة مختلف المشاريع الاقتصادية والمشاركة في الرقابة على موارد البلاد المالية وعدم تركها لتصرف ورقابة الولايات المتحدة الأمريكية وحدها. فالصرف المالي يفترض أن يقرره مجلس الحكم أساساً وليس الولايات المتحدة أو اية قوة أخرى.   
2. إجراء حوار شفاف تراه وتسمعه الجماهير الشعبية مع المسؤولين الأمريكيين وقوات الاحتلال بشأن عدم فوات أوان عقد مؤتمر وطني عام لكل قوى المعارضة العراقية السابقة في الداخل والخارج لمناقشة الأوضاع القائمة وتحديد المهمات بصورة مشتركة, ثم طرح أسماء أعضاء مجلس الحكم لمنح ثقتهم بهم أو حجبها عنهم أو عن بعضهم. وأهمية هذه الخطوة تكمن في تأمين الاعتراف بالمجلس كهيئة منتخبة من القوى التي مارست النضال ضد الطغمة العدوانية وتعبر عن المصالح الحيوية للشعب العراقي.
3. الإصرار على أن تكون صلاحيات مجلس الحكم الانتقالي نهائية وغير خاضعة لحق النقض من قبل الحاكم المدني, خاصة وأن القضايا المطروحة للإنجاز تمس التحضير للدستور وإجراء الانتخابات وإعادة بناء مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية والإدارية.
4. تقسيم العمل في ما بينها لضمان عمل فعال ومكثف من أجل خوض حوارات فكرية وسياسية عملية مع القوى السياسية الأخرى التي لم تشرك في مجلس الحكم بأمل إيجاد أرضية تعاون مشتركة معها. ويمكن أن يتضمن الحوار إمكانية عقد مؤتمر موسع للقوى السياسية التي يهمها إنجاز مرحلة الانتقال بسرعة والبحث في ما يفترض تحقيقه خلال هذه الفترة ودور القوى الأخرى في العملية.
5. التزام حق المجلس بتكوين قوى الجيش وإناطة مسؤولية ملاحقة القوى التخريبية وفلول قوى صدام حسين وغيره ممن يحاولون إثارة الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد والتنسيق الفعال مع قوات المم المتحدة وقوات الاحتلال بهدف إنجاز المهمة بسرعة. ويبدو في هذا الصدد تأكيد الملاحظات التالية: أ) أن النظام لا يعتمد في نشاطه التخريبي على القادة العسكريين وكبار موظفيه السابقين أو قيادته الحزبية المعروفة في المحافظات وعموم القطر, بل إنه يلجأ اليوم إلى زج العناصر التي لم تكن بارزة أو معروفة أو التي لم يتعرف الناس عليها بحكم وجودها في مواقع عمل لا احتكاك فيه مع الناس. وهذا يعني أن الاهتمام والتحري ينبغي أن ينصب على تلك القوى التي تمارس عملياًُ الإرهاب, وغالبيتهم من الشباب. ب) وضع خطة تفصيلية تتضمن سبل مواجهة النشاطات التخريبية ولا تقتصر على العمل العسكري, بل تتضمن العمل الفكري والسياسي والإعلامي. ج) ويتطلب العمل العسكري تأمين وحدات قتالية صغيرة ذات قدرة على الحركة ونصب الكمائن التي تأخذ بالأساليب القتالية لحركات الأنصار. د) الكف عن الاعتقاد بأن نشاط القوى التخريبية هو عفوي وغير منظم أو غير ممركز نسبياً, إذ أن في ذلك تجاوز على الواقع لا يخدم القدرة على المواجهة الناجحة. صحيح أن هذه القوى متعددة, ولكن كلاً منها خاضع لقيادة معينة تمركز العمل وتوجهه. ومما يؤكد ذلك حقيقة أن القوى الراهنة تتلقى تعليماتها عبر توجيهات الدكتاتور المنهار صدام حسين بتسجيلاته المتلاحقة, وعبر المؤتمر القومي العربي ببياناته المستمرة وعبر أتباع أسامة بن لادن أو عبر جماعات المحافظين والمتشددين في كل من إيران والسعودية. ه) تقليل الاحتكاك بين قوات الاحتلال والجماهير الشعبية, خاصة وأن الشكوى من تصرفات قوات الاحتلال تتسع باستمرار, وليست هناك معلومات مدققة عن مدى صحة تلك التصرفات المتغطرسة أو المسيئة للتقاليد والعادات, رغم القناعة بوجود محاولة للمبالغة بكل ذلك من جانب قوى تتعمد إشاعة مثل تلك الأخبار.        
6. إيلاء اهتمام خاص بإعادة العمل في مشاريع الخدمات المختلفة وتأمين حراستها وحمايتها من المخربين.
7. أن يقوم مجلس الحكم بعقد الاتفاقيات الضرورية لتسيير النشاط الاقتصادي في البلاد ومنه قطاع النفط الخام, وعدم عقد اتفاقيات غير مطلوبة أو غير مستعجلة, إذ يمكن ترك الكثير من تلك الاتفاقيات بعد قيام الحكم المنتخب في البلاد وبعيداً عن تأثير سلطات الاحتلال.
8. الاهتمام بشكل خاص بتأمين فرص عمل جديدة لمئات الآلاف من العمال والجنود والشرطة والعاطلين عن العمل من القوى المهمشة منذ سنوات. إذ أن البطالة تساهم في تعريض الناس للحاجة المادية التي يمكن أن تدفعهم إلى مزالق التعاون مع قوى صدام حسين وغيره بهدف تأمين الرزق المناسب. إن ما تقوم به القوى التخريبية الراهنة سوف لن يقلص فترة الانتقال بل يسهم في تمديدها ويتسبب بمزيد من الموت والخراب والدمار.
9. الاستفادة المباشرة من الخبراء والمستشارين العراقيين الذين وظفتهم الولايات المتحدة وفق عقود مؤقتة بعد أن يعاد النظر بتلك العقود لجعلها منسجمة مع واقع العراق وإمكانياته المالية وبعيداً عن المبالغة بدفع الرواتب من أجل توظيف خبراء ومستشارين آخرين.
10. من المفيد الإشارة إلى أن إمكانية العثور على صدام حسين وولديه وبقية الرهط ستكون أكبر لو أخذت قوة عراقية مدربة على عاتقها مثل هذه المهمة, إذ أن وجوده غير بعيد عن مواقع الفعاليات الجارية حالياً. ومن هذا المنطلق يحاول أتباع صدام حسين منع الناس من دخول بعض البيوت بحجة وجود عوائل ومحرمات ...الخ في حين لم تعرف قوى صدام تلك التقاليد والعادات عندما كانت تهاجم البيوت من السطوح وتحطيم الأبواب والدخول إلى غرف النوم العائلية أو كانت تغتصب النساء والرجال والصبية. هذا لا يعني ولا يفترض أن يحصل ما يماثله الآن, فهذا مرفوض بطبيعة الحال, ولكن وجود عراقيين وعراقيات في عمليات التفتيش سيساعد على تخفيف الاحتجاج بالضرورة وسيسهل مهمة الوصول إلى هذه المجموعة المتهمة بجرائم الإبادة الجماعية للسكان.  
      برلين في 22/07/2003      



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأهمية المتنامية لوحدة قوى الشعب في مواجهة تحديات القوى الف ...
- ما هي طبيعة الصراع حول شؤون ومستقبل الاقتصاد العراقي بين سلط ...
- الدروس التي يمكن استخلاصها من الحرب الأخيرة واحتلال العراق
- التركة الثقيلة لنظام صدام حسين الاستبدادي على المرأة العراقي ...
- الجولة الأخيرة واليائسة لصدام حسين وعصابته أو صحوة موت
- لمواجهة نشاط قوى صدام حسين بعد سقوط النظام - الحلقة الخامسة ...
- أفكار حول الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في العراق
- العوامل المحركة للقضية العراقية والصراع حول السلطة في العراق
- كيف يفترض أن نتعامل مع فتوى آية الله العظمى السيد كاظم الحسي ...
- موضوعات للحوار في الذكرى الأربعينية لثورة تموز عام 1958
- لِمَ هذه الخدمات المجانية لدعم غير مباشر لقوى صدام حسين التخ ...
- هل الدور الجديد الذي يراد أن تلعبه العشائر العراقية في مصلحة ...
- من أجل أن لا ننسى ما فعله الاستعمار البريطاني والنظام الملكي ...
- من أجل التمييز الصارم بين مواقف الشعب ومواقف أعداء الحرية وا ...
- قراءة في كتاب -دراسات حول القضية الكردية ومستقبل العراق- للأ ...
- انتفاضة السليمانية وثورة العشرين
- إجابة عن أسئلة تشغل بال مواطنات ومواطنين عرب ينبغي إعارتها ك ...
- من أجل مواصلة حوار هادئ, شفاف وبعيد عن الحساسية والانغلاق وا ...
- تحويل بعض بيوت الله من منابر للتسبيح بحمد الدكتاتور إلى مراك ...
- من أجل مواصلة حوار هادئ, شفاف وبعيد عن الحساسية والانغلاق وا ...


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كاظم حبيب - ماذا يجري في العراق, ولمصلحة من, وكيف نواجهه؟