أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليث الجادر - عاشوراء العراقيين ...حسين يقتل حسينا














المزيد.....

عاشوراء العراقيين ...حسين يقتل حسينا


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8396 - 2025 / 7 / 7 - 17:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


«أنقد الفكر بافتراض قبولك له.. ثم عرِّ منطِقَهُ بمنطِقِه.»

إن من يمعن النظر في المشهد الرمزي العراقي، بعيدًا عن أي محاكمة قِيَميّة مسبقة، سيجد نفسه أمام مفارقة موجعة: أن تتحوّل ذاكرة عاشوراء، بما تحمله من طاقة تحرّر ومظلومية، إلى ساحةٍ يُقتَل فيها الحسين كل يوم، ولكن هذه المرّة بيد من يزعم الدفاع عنه.

في عاشوراء العراق، لا يعود الخط الفاصل بين «الحسين» و«يزيد» كما صوّرته المخيلة الطقسية ثابتًا وواضحًا. بل يلتبس ويتداخل حتى يصير السؤال فاضحًا: «أليس في عاشوراء العراقيين يكون فيه حسينٌ يقتل حسينًا؟» بل الأدهى: «أليس في عاشوراء العراق، يناصر الحسينَ يزيدٌ ميليشياوي؟»

إنّها المفارقة التي تكشفها جدلية الوعي الجمعي حين لا يراجع نفسه:
- أن يتحوّل الرمز الذي وُلد ليحرّر الناس من الخوف والظلم إلى ذريعةٍ لشرعنة استباحة المجتمع ذاته.
- أن تُصبح المظلومية خطابًا جاهزًا لاستدعاء العنف، بدلًا من أن تكون قوةً لرفضه من جذوره.

في هذا المشهد، يظهر «يزيد» الجديد: ليس بلبوس خليفةٍ أمويّ، بل في هيئة مقاتلٍ يرفع راية «يا حسين» ويوظّفها ليحمي بها سلطته وامتيازاته ويقمع بها كل «حسينٍ» آخر يطالب بحريته. وهكذا يصبح الطقس الذي شُكّل لحفظ الذاكرة مجرّد آلة لتدوير القهر واستبطانه وتفريخه في داخل الجماعة نفسها.

ما الذي جعل الأسطورة تنقلب على ذاتها؟
إنها غياب النقد الذاتي. إنّ الذاكرة التي تُشيّد قداسة الضحية دون أن تحرّرها من أسر الطقس تتحوّل إلى أداة استعباد رمزية. فيصبح كل فردٍ «حسينًا» حين يُظلَم، و«يزيدًا» حين يمتلك القوّة. ويتحوّل شعار «يا حسين» إلى رخصةٍ لشرعنة سلوكٍ يزيديّ تحت عمامة الحسين.

إنّ هذه الدائرة الجهنّمية لن تتوقف ما لم تتحوّل عاشوراء إلى فعل تحرّري حقيقي، لا مجرّد موسم للبكاء واللطم وإعادة تمثيل المقتلة. الوعي الذي يكتفي بالأسطرة دون مساءلة سيظلّ يعيد تمثيل كربلاء على مسرح السياسة والميليشيا والسوق والفساد، بينما تُداس قيم الحسين باسم الحسين نفسه.

ليس المطلوب قتل الذاكرة بل إنقاذها من القاتل الذي لبس وجهها. ليس المطلوب حرق الرايات بل تخليصها من أيدي الذين يرفعونها ليخنقوا بها آخر نفسٍ حرّ. إن عاشوراء لا تزال قادرةً أن تكون مشروعًا للتحرّر لو حُرّرت من يزيدٍ الميليشياوي الذي صار ينطق باسمها.

وإلاّ سيظلّ الحسين يُقتل فينا كل يوم، مرتين:
مرةً بسيف يزيد التاريخي، ومرةً برصاصة يزيدٍ معاصر… وكلاهما يرفعان رايته



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفاصيل الحياة اليومية في غزه..تغيب مقصود أم ماذا؟
- نقد جذري للذكاء الاصطناعي الرأسمالي وخطة عودة إلى الأرض
- حينما تفقد الملكية معناها: تفكيك النقد الميكانيكي للاشتراكية
- العداله الاجتماعيه..حتم التناقض الثنائي
- لا جدال في اشتراكية الاتحاد السوفياتي..
- في محاكاة العشرة التوراتية وطقس عاشوراء الشيعي
- مقتل الحسين والتسيس التكتيكي العباسي
- التغيير (( العراقي ))..من الافتراضي الى الممكن..ج3
- التغيير ((العراقي )).. من الأفتراضي الى الممكن ..ج2
- الانتخابات البرلمانيه ..ترتيب اوراق الخراب
- التغيير ((العراقي))..من الافتراضي الى الممكن
- حالة( اسكات النيران ) ..مهله مراجعه النظام الايراني
- الانتصار الكاذب وصناعة الوهم المدفوع
- إيران كقوة كولونيالية ناعمة: الاقتصاد المقاوم بوصفه أداة إخض ...
- حول نضج شروط الانتفاضه الشعبيه الايرانيه..
- كفة ميزان الحرب..بين الاسد الصاعد وبين الوعد الصادق 3
- رقصة على حافة الانفجار: صراع أميركا وإسرائيل في كبح إيران
- الهلال الخصيب المأزوم..بممكنات التأزيم
- رهينة اليورانيوم المخصب..هدنه تكتيكيه وملامح تموضع جديد
- انبعاث مركزية الهلال الخصيب على انقاض الهلال الشيعي


المزيد.....




- المفكر الماليزي عثمان بكار: الكونفوشية والإسلام يشتركان في ا ...
- “متابعة جيدة” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل سا ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- يهود الغرب والضغط الخانق على إسرائيل
- فرنسا: إصلاحات تشريعية للحد من -خطر- الإخوان المسلمين؟
- -غرفة انتظار الجنة-..هذه البلدة تحتضن المقر الصيفي للبابا لا ...
- الاحتلال يدرس إعادة الوجود اليهودي الدائم في قبر يوسف بنابلس ...
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مدينة -بني براك- الإسرائيلية المركز الديني اليهودي الأكبر عا ...
- الأردن يحاصر الإخوان.. إجراءات ضد -واجهات مالية- للتنظيم


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليث الجادر - عاشوراء العراقيين ...حسين يقتل حسينا