أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد المسعودي - الكتابة بين نموذجين















المزيد.....

الكتابة بين نموذجين


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1814 - 2007 / 2 / 2 - 11:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ظهرت وظيفة الكاتب في المجتمعات العربية الاسلامية تاريخيا من خلال نموذجين، الاول يمتهن الكتابة خدمة للسلطة والثاني يمارس حالة الاختفاء عن نيل الكرامة البشرية ومن ثم هناك ضنك العيش والاغتراب عن الحضور بما يتلاءم مع هموم ورغبات الذات الكاتبة والمبدعة ضمن النموذج الثاني، مع الاختلاف الذي قد يحصل بالنسبة للثاني الذي يعيش زاهدا ومتبتلا وفقا لتعبير ابن المقفع، ولكنه من جهة يحصل على الجاه الاجتماعي ومن ثم التأثير الثقافي على الكثير من الافراد وهنا يدخل ضمن ذلك جميع المتصوفة ورجال الدين الذين يبتعدون عن خدمة النظام السياسي والثقافي السائد، والكاتب ضمن هذين النموذجين يبقى تقليديا من حيث عدم تطوره وارتباطه بالمفهوم الحديث للكاتب الذي يعد نفسه حاملا لرسالة انسانية وداعية من اجل الخير والعدالة والمساواة وتحسين وجه الحياة الاجتماعية والانسانية،

وذلك المفهوم يشكل ظهوره حالة ملازمة للحداثة ولظهور الثورة الفرنسية التي قامت او تأسست بمساعدة قادة الفكر والكتابة والرموز هنا فولتير مونتسكيو وغيرهم. والكاتب في ازمنتنا الراهنة لا يتعدى ذلك الاطار القديم، بسبب بقاء المجتمعات العربية الاسلامية في حالة عدم تطورها وظهورها بالشكل الذي يجعلها في مصاف المجتمعات الديمقراطية الحديثة، وان ظهرت بعض النماذج الكتابية والثقافية المختلفة ولكن نصيبها كان المراقبة والمحاسبة، ومحاولة الاقصاء المعنوي والمادي، والامثلة كثيرة بدءا بطه حسين وعلي عبد الرزاق وحسين مروة وفرج فودة ونصر حامد ابو زيد وغيرهم كثيرون ممن تطالهم السلطة بنماذجها التقليدية، السياسية والاجتماعية والثقافية. فالكاتب يعيش حالة الاختفاء في النموذجين على حد سواء. فعندما يقف على باب السلطان فأنه يفقد ذاته الابداعية او النقدية بحيث يكون ابداعه محددا في خدمة السلطان وديمومة وجوده، وإذا وقف على باب الله فأنه يفقد ذاته من حيث حصوله على الكرامة البشرية والمعنوية، وهنا اشكالية كبيرة واجهها التوحيدي في سؤاله لاحد حكماء عصره (مسكويه) قائلا " لم طلبت الدنيا بالعلم، والعلم ينهي عن ذلك ولم لا اطلب العلم بالدنيا، والعلم يأمر بذلك وبالطبع لم تكن الاجابة مقنعة بالنسبة للتوحيدي من قبل (مسكويه) والاجابة تكمن بالعقل لدى الانسان مميزا عن باقي الكائنات الاخرى وان الانسان العالم افضل من الانسان الجاهل وهكذا وفق سلم من القيم، يوجد ماهو مغاير له داخل النسق الاجتماعي الذي يفضل ويعلي من منزلة الجاهل مع امتلاكه المال والحظوة، وربما هذه الصورة تحكم الكثير من المجتمعات وخصوصا تلك التي لا تميز بين الظلمة والنور، بين العلم والجهل. ومن المعروف ان (مسكويه) كان من الواقفين على باب السلطان وخدمته في صناعة الكيمياء من اجل تحويل المعادن الى ذهب (الدكتور علي اومليل، السلطة الثقافية والسلطة السياسية/ مركز دراسات الوحدة العربية / الطبعة الثانية 1998 – ص 226) كذلك الحال مع الجاحظ الذي رفض امتهان الكتابة وعد صاحبها بالتابع والخديم، وهنا يقصد الجاحظ الكتاب الذين لايملكون اية سلطة مستقلة تنافس سلطة العلماء والفقهاء على سبيل المثال، بسبب طبيعة " جماعة الكتاب " الذين كان ينقدهم بسبب خدمتهم للامراء وقبولهم وظائف لا تؤهلهم لحصول منصب او سلطة معينة. ولكنه كان يمارسها اي الكتابة خارج اطار الدولة الرسمي فخدم الدولة بطريقة غير مباشرة من خلال دعمه لشرعية حكم الخليفة العباسي (عبد الله المأمون) من خلال دفاعه عن مذهب الدولة الرسمي إزاء بقية المذاهب والافكار والفرق الاخرى، وبذلك نال الجاحظ الحظوة من الدولة بطريقة غير رسمية بعد ان قدم الكثير من الكتب والرسائل التي تقف الى جانب الدولة في نصرة ايديولوجيتها او مذهبها الرسمي. ولكن يبقى (ابو العلاء المعري) متميزا ومختلفا عن الكثير من النماذج الكتابية والثقافية، وذلك لانه لم يقف على اي باب سوى باب النقد الاجتماعي والسياسي والديني، فأصبح بذلك مثقفا كونيا وصاحب مشروع ثقافي تغييري كما يقول (هادي العلوي) يدمج بين النص والواقع من دون عملية فصل بينهما، فابو العلاء المعري كان يؤمن ويقدس قيمة العقل ويكيل سهام نقده لتعثرات وهلاك المجتمع مسجلا بذلك الاختلاف من حيث نقده لجهل الناس والاشفاق على معاناتهم وطبيعة الاستغلال الذي يمارس على وجودهم الاجتماعي والثقافي من قبل السلطة، التي كثيرا ما ترتبط بأوهام يغذيها الدين السياسي الذي يستغل الناس ويباشر معرفة زائفة على وعيهم وسلوكهم. ان الكاتب في مجتمعات الاستبداد الثقافي والسياسي حينما يظهر معرفة مخالفة ونقدية لنظام السلطة، فأن ذلك الاخير حاضر بشدة في عقابه واقصائه الى درجة انه في العصور الوسطى كان الكاتب المعارض يحرق او يتم حبسه مع المشردين والمجانين والسجناء المجرمين في فترات لاحقة في اوروبا، وخصوصا تلك الكتابات التي كانت تحتوي على المضامين النقدية للاسس المعرفية والثقافية داخل المجتمع. اما صورة الكتابة المخالفة في مجتمعاتنا فان نصيبها المنع والاضطهاد والاقصاء لصاحبها، وفي العراق على وجه الخصوص تعرض الكثير من الكتاب والمثقفين والشعراء الى النبذ ونزع الوطنية والعراقية من جذورهم وثقافتهم، فأصبحوا مارقين خارجين عن نظام المجتمع والدولة كما تشير بذلك الثقافة الرسمية وهنا مثالنا (الجواهري). ان الكتابة على ابواب السلطان اي محاولة تجميل "بابه" الفكري والسياسي ومن ثم تفضيل مساوئه وعدها بالمحاسن صورة موجودة وسائدة في مجتمعات الاستبداد، وجوقة الحرب والعروبة الوهمية ما تزال تمارس عنفها الثقافي لدى الكثير من الافراد في ازمنتنا الراهنة، بحيث تحولت الكتابة ذاتها بين ليلة وضحاها، بين من يقف على باب السلطان الى واقف على باب الديمقراطية الجديدة، وكأن جرة قلم من الممكن ان تمحي الكاتب الذي يبيع قلمه او يساوم عليه من اجل حفنة نقود. فجدلية الكاتب ـ سلطة لايمكن ان تزول او تمحى ولكن من الممكن ان تخفف في حالة وجود التعدد الثقافي والسياسي والانساني، فذلك التعدد يجعل من الكاتب أن يطرح نظرياته وافكاره حول العالم والناس والسلطة بشكل حر من دون حدود المراقبة والمعاقبة ، ولكن ان نجا الكاتب من سلطة الدولة فمن المؤكد هنالك السلط الاخرى التي تراقبه وتلاحقه تتمثل بالمجتمع والتاريخ والحقيقة الجاهزة.. الخ، وبذلك يبقى الكاتب في المجتمع العربي الاسلامي يعيش الكتابة بطريقة ضبابية او (إخفائية)لمضمون افكاره وما يمكن ان تعمل على اثارة القارئ، محاولة الظهور ضمن المستوى المفيد والعلمي من حيث المحتوى والمضمون، بالرغم من النقد الذي يبشر بأختفاء الكاتب الحديث بوصفه مفكرا عن الاخرين كما يقول (فوكو)من خلال الطروحات المتعلقة بموت الكاتب والمؤلف والانسان.. الخ، ونحن هنا نقول ان ذلك من الممكن في مجتمعات عاطلة عن التفكير، ولكن في المجتمعات التي تملك قابلية النقد والقراءة الجيدة والجديدة للنصوص والمعارف، فأنها سوف تكون مشاركة مع الكاتب في الكتابة ولكن بشكل مستقبلي يدعو الى تطور المضامين المعرفية والكتابية، وذلك الامر يحصل في مجتمعات تملك تراثا هائلا من الحرية وتطور الفهم الانثروبولوجي للانسان وطبيعته الاجتماعية والوجودية. الكاتب اليوم يجد نفسه في متعة نقد السلطة وتفكيك مضامينها الثقافية والفكرية، بالرغم من تشظي الزمن المعاش وانزوائه في معارف غير مستقرة على تأسيس حقيقي لمجتمع يحقق القطيعة والانفصال عن الزمن السابق الذي لا توجد فيه ادوات الاختلاف والثقافة التي تنقد وترفض وتؤسس البدائل الممكنة، وكذلك يحقق الاتصال مع القيم الجديدة التي يسودها الحرية في التعبير والفكر والعقيدة التي يراد لها ان تسود وتواصل حضورها بشكل مكثف ومعرفي داخل المجتمع.



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو مدينة عراقية ..بلا هوامش واطراف .. بلا عنف واستبداد
- الهويات المغلقة - الهويات المفتوحة
- نقد سلطة المعرفة .. الحداثة والتراث في مقاربة جديدة
- هل يمكننا تجاوز تاريخ الانغلاق في المجتمعات العربية الاسلامي ...
- التعليم وصناعة الخوف لدى الطلبة .. نحو تعليم عراقي جديد
- نحو تكوين فلسفة شعبية عراقية
- لحظة إعدام صدام .. نهاية الاستبداد في العالم العربي ؟
- خصائص تربية الابداع في المؤسسة التربوية العراقية
- جماليات الاحتلال
- الثابت والمتحول في انماط الاستبداد(الطريق الى مقاربة وطنية ت ...
- المعرفة العامة نسق ثقافي سلطوي
- المجتمع بين العقل والغريزة
- كتابة السلطة – سلطة الكتابة
- تاريخية العنف في المجتمعات العربية الاسلامية
- سلطة الايديولوجيا
- المصالحة الوطنية بين الوهم والحقيقة
- نحو رسم خارطة جديدة للمواجهة مع القوى الكبرى
- العلمانية المنفتحة - خيارا بشريا جديدا لدى المجتمعات العربية ...
- جاهزية الخطاب الفضائي محاولة لبناء مجتمع عراقي تواصلي
- الحداثة المسلّحة بأشكالها الثلاث


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد المسعودي - الكتابة بين نموذجين