أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ساجت قاطع - التطبير... بین شجاعة الفتوى ومراعاة الجماهير














المزيد.....

التطبير... بین شجاعة الفتوى ومراعاة الجماهير


محمد ساجت قاطع
كاتب ومدون عراقي

(Mohammed Sajit Katia)


الحوار المتمدن-العدد: 8396 - 2025 / 7 / 7 - 13:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تُعدّ شعيرة التطبير من الممارسات التي أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الدينية والاجتماعية، إذ يرى كثيرون أنها لا تمت للدين بصلة، بل إنها تتعارض صراحة مع المبادئ الدينية التي تنهى عن إيذاء النفس وتعريضها للخطر. وبالرغم من وضوح هذا المبدأ في النصوص الإسلامية، فإن موقف بعض المرجعيات الدينية تجاه التطبير ظل مترددًا أو مهادنًا.

في واقع الأمر، فإن المرجعيات التي امتنعت عن تحريم التطبير لا تفعل ذلك غالبًا انطلاقًا من اجتهاد علمي أو تأصيل فقهي رصين، بل خشية من ردود فعل الشارع الشيعي، الذي ارتبط عاطفيًا بهذه الشعيرة، إلى حد اعتبارها جزءًا من مظاهر الولاء الحسيني. وبذلك، يخشى بعض المراجع تراجع شعبيتهم أو انحسار نفوذهم الديني، في حال تصدّوا لتحريم هذه الممارسة.

وقد أثبتت التجربة التاريخية أن الشخصيات الدينية التي امتلكت الجرأة الكافية وأعلنت رفضها للتطبير، قد دفعت ثمنًا باهظًا لقاء ذلك. فالسيد محسن الأمين العاملي، الذي حارب التطبير قبل قرن تقريبًا، تعرّض لحملة شعواء من الاتهام والتشهير، وكذلك المرجع أبو الحسن الأصفهاني. أما السيد علي الخامنئي، فقد أصدر فتوى بتحريم التطبير بمشاركة أكثر من سبعين مجتهدًا في إيران، لكن الفتوى لم تحظَ بقبول جماهيري واسع، بل قوبلت بالتحفظ والرفض من قبل شرائح واسعة من الناس.

وهنا تبرز قصص لافتة تكشف جانبًا من مفارقة الفتوى في مواجهة العاطفة:

🔸 فحين جاء بعض المطبرين إلى السيد محسن الحكيم طالبين منه تأييدهم، أجابهم بعبارته الذكية:

➢ “افعلوا ما شئتم، لكن ضعوا في جيوبكم ورقة تقول: لا علاقة للمذهب بما تفعلونه.”
ردٌّ جمع بين الحكمة والتهرّب من تسييس الطقس، لكنه أيضًا إعلان ضمني بعدم رضاه.


🔸 أما السيد الخوئي، فقد نقل عنه أحد طلابه أن سائلًا قال له: “أليس التطبيرتعبيرًا عن الحزن؟”

فرد الخوئي ساخرًا:

➢ “إن كنت حزينًا، فابكِ، وإن كنت غاضبًا، فاضرب الحائط، لا رأسك!”
جوابٌ صريح يعبّر عن أن الدين لا يحتاج إلى جمجمة مشقوقة كي يُثبت ولاءه.


🔸 وفي فتوى السيد السيستاني الشهيرة، رفض تطبير الأطفال واعتبره إساءة للمذهب واستغلالًا لضعفهم الجسدي والنفسي، مؤكدًا أن التطبير إذا سبب هتكًا لصورة الشيعة، فهو غير جائز.

إنها صياغة واضحة لخط مرجعي لا يجامل حين يُصبح الدم أداة استعراض.

هذا التوتر بين الموقف الديني والواقع الشعبي، يكشف عن أزمة عميقة في العلاقة بين المرجعية والجماهير. فبعض المرجعيات التي تخلت عن مسؤوليتها في تحريم التطبيرحفاظًا على مكانتها الجماهيرية، إنما تقدم نموذجًا للزعامة الدينية القائمة على المداراة لا على المبادئ. وفي رأيي، فإن مرجعية من هذا النوع لا تستحق الاتباع.



أما بعض الشخصيات الدينية غير المجتهدة، التي تروج للتطبير جهارًا نهارًا، فهي تمارس نوعا من الذكاء العاطفي”، لا بقصد التنوير، بل بغرض دغدغة مشاعر الجماهير، واستثمار تعلقهم العاطفي بالحسين عليه السلام في كسب النفوذ أو المكانة، وهو سلوك لا يبتعد كثيرًا عن الشعبوية الدينية.

لقد أكدت تجارب التاريخ وعلم النفس الاجتماعي، أن من يسعى لبيان الحقيقة للجماهير غالبا ما يقابل بالرفض والسخط، بينما يحظى من يقول ما يريد الناس سماعه بشعبية واسعة، ولو كان على حساب الحقيقة والدين والعقل.

إن شجاعة الفتوى اليوم لا تقاس بمدی رضا الجماهير، بل بقدرة الفقيه على قول لا” في وجه الطقس، حين يتحول إلى وسيلة تجهيل، لا وسيلة تعبير.



#محمد_ساجت_السليطي (هاشتاغ)       Mohammed_Sajit_Katia#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يُصبح الجهل مقدسًا؟
- الجهل ... موت بطيء في هيئة حياة
- مضيق هرمز سلاح إيران ذو الحدين
- العراق وأزمة المياه: حين تتقدّم التجارة على السيادة
- قراءة في كتاب -آلهة في مطبخ التاريخ-
- قراءة في كتاب - حرب العاجز، سيرة عائد، سيرة بلد - لزهير الجز ...
- إِسْرَائِيل VS حِزْبِ اَللَّهِ. . . هَلْ مِنْ مُنْتَصِرٍ؟
- لمحات الوردي... النهاية والمصير
- خنساء الجنوب.. فدعة
- الرصافي.. نقده لقانون العشائر
- قراءة في كتاب -مصقولة- بطعم الحنظل لسلمان كيوش
- فضفضة علمانية
- الطابور الخامس.. تجلياته في سلوك القوى السياسية العراقية
- رأي للدكتور الوردي.. في ثورة العشرين
- قراءة في كتاب جولة في دهاليز مظلمة للسيد محمد حسن الكشميري
- ((ألمانيا المعجزة.. وعملية تدمير الأفكار المدمرة))
- قراءة في كتاب ايامُ بغداد.. لأمين سعيد
- (( قراءة في كتاب العبودية المختارة.. لإتيان دو لا بويسي ))
- أنا بالضد من...، ومع.....
- الاحتجاج الشعبي.. والاستغلال السياسي


المزيد.....




- المفكر الماليزي عثمان بكار: الكونفوشية والإسلام يشتركان في ا ...
- “متابعة جيدة” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل سا ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- يهود الغرب والضغط الخانق على إسرائيل
- فرنسا: إصلاحات تشريعية للحد من -خطر- الإخوان المسلمين؟
- -غرفة انتظار الجنة-..هذه البلدة تحتضن المقر الصيفي للبابا لا ...
- الاحتلال يدرس إعادة الوجود اليهودي الدائم في قبر يوسف بنابلس ...
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مدينة -بني براك- الإسرائيلية المركز الديني اليهودي الأكبر عا ...
- الأردن يحاصر الإخوان.. إجراءات ضد -واجهات مالية- للتنظيم


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ساجت قاطع - التطبير... بین شجاعة الفتوى ومراعاة الجماهير