أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - خطورة الجماعات الإسلامية: تهديد مستمر للسلم المجتمعي














المزيد.....

خطورة الجماعات الإسلامية: تهديد مستمر للسلم المجتمعي


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 12:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يومٌ بعد آخر تتعالى أصوات الجماعات الاسلامية، مرددة شعارات بحكم الاسلام بدل الحكم المدني الذي يدعو للتعايش السلمي، والمساوات بين الناس، ولا فرق بين مواطن وآخر، فالكل يحكمها قانون واحد، ونظام واحد، ولكل مواطن دينه الذي يختاره، ولا دخل للدولة في دين أو معتقد إنسان، فالدين لله والوطن للجميع.
وظهور هذه الجماعات، هدفها شقاق الأمة، وتفكيك وحدة الصف، وشرذمة المجتمع، بغرض السيطرة على ثرواته وخيراته، وزجه في أتون قضايا تقضي على مستقبله، وتشيع بين أفراده الطائفية، والعنصرية، واشاعة روح القاتل والعنف، وهو ما حصل ويحصل اليوم في البلاد العربية، والاسلامية، حتى وصل الأمر إلى بلاد الغرب، وصار الغرب ينظر إلى الاسلام والمسلمين بصفة عامة، إلى إنّ دين مصدر الارهاب.
وتُعدّ هذه الجماعات الإسلامية ظاهرة متجذّرة في الواقع السياسي والاجتماعي للواقع الإسلامي، وقد مثّلت في مراحل مختلفة استجابة لأوضاع سياسية متدهورة، أو رفضًا لأنظمة فاسدة، أو تطلعًا إلى "بديل إسلامي" يُنقذ الأمة من أزماتها المتكررة. لكنّ هذه الجماعات، رغم الشعارات الدينية التي ترفعها، حملت في كثير من الأحيان مشروعا موازيا للدولة، بل في بعض السياقات، مشروعا يناهض الدولة ويقوّض استقرارها، مستبدلًا السلطة القائمة بسلطة "مطلقة" باسم الدين.
وتكمن خطورة هذه الجماعات في اعتمادها فهما أحاديًّا مغلقا للنصوص الدينية، يقدّم تأويلا جامدًا متحجّرًا، لا يفسح المجال للاختلاف أو الاجتهاد. هذا الفهم الأحادي يؤدي بالضرورة إلى تكفير المخالف، لا سيما من لا ينتمي إلى الجماعة، واعتباره خارجًا عن الدين، أو متعاونًا مع "الطاغوت"، وهي التهمة الجاهزة التي تبرّر ممارسة العنف ضده. لقد أعادت هذه الجماعات تشكيل معايير الانتماء والولاء، فصار الانتماء إلى الجماعة أسبق من الانتماء إلى الوطن أو الأمة، وصار الولاء للقيادة مقدّمًا على الولاء للمجتمع أو الدولة.
وإلى جانب ذلك، اعتمدت هذه الجماعات خطابًا شعبويًا عاطفيًا، يستثير الجماهير باسم الدين والهوية والعقيدة، ويغذّي الإحساس بالظلم التاريخي، لكنه في الوقت نفسه يغيّب العقل النقدي، ويمنع التفكير الحر، ويختزل التعقيدات السياسية والاجتماعية في ثنائية مريحة: إسلام وكفر، حق وباطل، نحن وهم. وهذا ما أتاح لها تجنيد الشباب المحبط، خصوصا في المجتمعات التي تعاني من الفقر، والبطالة، والجهل، وضعف التعليم، وتهميش الهوامش الاجتماعية، بل وحتى بعض ممن يحمل شهادة أكاديمية، لكن تنقصهم الثقافة والمعرفة، فهم بمعنى آخر مغرر بهم.
ولعل أخطر ما في هذه الجماعات هو استخدامها العنف وسيلة لتحقيق أهدافها، سواء تمثّل هذا العنف في التفجير والاغتيال، أو في فرض نمط متشدد من التدين بالقوة، أو في تقويض سلطة الدولة من خلال إقامة "إمارات إسلامية" بديلة، كما حدث في عدة بلدان عربية خلال العقدين الأخيرين. العنف لم يكن مجرد وسيلة، بل أصبح جزءًا من بنية الجماعة نفسها، وهو ما جعل هذه الجماعات أقرب إلى التنظيمات المسلحة منها إلى الحركات الدعوية.
لقد ساهمت هذه الجماعات في تشويه صورة الإسلام، وربط الدين بالعنف والإرهاب في أذهان الملايين داخل العالم الإسلامي وخارجه، كما أسهمت في تمزيق المجتمعات، وخلق انقسامات طائفية ومذهبية، واستنزاف الطاقات في صراعات داخلية لا تنتهي. وباسم تطبيق الشريعة، أُهدرت الكرامة الإنسانية، وقُيّدت الحريات، واستُبعدت النساء، وضُيّق على الفنون والآداب والفكر، بل جُرّم الإبداع نفسه.
إن مواجهة هذه الجماعات لا تكون فقط أمنيًا أو عسكريًا، بل لا بد أن تبدأ من إصلاح جذور التخلّف، وتحديث التعليم، وتعزيز الفكر النقدي، وبناء دولة مدنية عادلة تحترم الدين لكنها لا تُخضعه للسياسة، ولا تسمح لأحد باحتكار التحدث باسمه. فلا أحد يملك تفويضًا إلهيًا، ولا جماعة تمثل الإسلام وحدها، والدين أكبر من أن يُختزل في شعارات أو رايات، أو أن يُوظّف في صراع على السلطة.
وفي نهاية المطاف، فإن خطر هذه الجماعات لا يكمن فقط في ما تفعله، بل في ما تتركه من آثار عميقة على الوعي الجمعي، إذ تُضعف الثقة بالمؤسسات، وتُشيع ثقافة الريبة والخوف، وتغلق الأفق أمام أي إمكانية للتقدم. بل هي خطر لأنها تستغل الدين لتُجهض روحه، وتستخدم النصوص لتقويض مقاصدها، وتُلوّح بالجنة لتقود إلى الجحيم. والسبب يمكن من وجهة نظرنا يعود إلى النصوص التراثية، والتي ورثتها هذه الجماعات من تلك النصوص، التي فيها الغث والسمين.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظام الحكم في الاسلام: ثلاث نظريات
- من قداسة النص إلى عصمة الفقيه: سيرة الاستيلاء على الدين
- الفساد في العراق.. بنية مستدامة لا مجرد خلل طارئ
- الاسلام السياسي: صعود الايديولوجيا الدينية
- مزايا الانكسار في نص (لا تقتلوا الأحلام) للشاعرة اللبنانية س ...
- الأخلاق بين كانت وماركس: صراع المبادئ والمادة
- المشكلة ليست في الدين انما في رجال الدين
- الإرهاصات الدامية في قضية (حسبي من الشعر الشهيّ) للشاعر وليد ...
- البُعد العاطفي والنفسي في قصيدة (أوراق مُعادن) للشاعر علي ال ...
- الأسى وسطوة الفقد في نص (قشعريرة نبض) للشاعرة سوسن يحيى
- الذات والهوية في نص (ليسَ غريباً عني) للشاعرة رجاء الغانمي
- المُسحة الجمالية في (ارهاصات أنثى) للشاعرة ورود الدليمي
- الاغتراب النفسي في أغنية (مرينة بيكم حمد) للكبير ياس خضر
- رواية العمى: فلسفة انهيار المبادئ والقيّم
- الترابط والموضوعية في مجموعة (تاتو) للقاصة تماضر كريم
- النسق وبناء النص عند الشاعرة فراقد السعد
- عشرة كتب غيّرت قناعاتي الفكرية والمعرفية1/ 10
- الجزالة والبُعد الوجودي في (مرايا البحر) للشاعرة السورية هوي ...
- مفهوم الدين عند فويرباخ 1/ 2
- هل الكتابة ابتكار؟


المزيد.....




- أنصار الله: دعم قائد الثورة الإسلامية الإيرانية حسم المعركة ...
- المفكر الماليزي عثمان بكار: الكونفوشية والإسلام يشتركان في ا ...
- “متابعة جيدة” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل سا ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- يهود الغرب والضغط الخانق على إسرائيل
- فرنسا: إصلاحات تشريعية للحد من -خطر- الإخوان المسلمين؟
- -غرفة انتظار الجنة-..هذه البلدة تحتضن المقر الصيفي للبابا لا ...
- الاحتلال يدرس إعادة الوجود اليهودي الدائم في قبر يوسف بنابلس ...
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مدينة -بني براك- الإسرائيلية المركز الديني اليهودي الأكبر عا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - خطورة الجماعات الإسلامية: تهديد مستمر للسلم المجتمعي