أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - ثلاث سنوات من الجَزْر الديمقراطي!














المزيد.....


ثلاث سنوات من الجَزْر الديمقراطي!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1814 - 2007 / 2 / 2 - 11:36
المحور: المجتمع المدني
    



شيئان، على ضآلتهما قبل ثلاث سنوات، تضاءلا ويتضاءلان؛ إنَّهما "الديمقراطية" و"جودة الحياة الاقتصادية للمواطن". هذا بعضٌ ممَّا انتهى إليه، وأظهره، استطلاع جديد لآراء المواطنين، أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية. وعلى أهمية هذا العمل الذي يقوم به "المركز" بين الفينة والفينة تبقى النتائج التي ينتهي إليها مُفْتَقِرة إلى كثير من الموضوعية في الحقائق التي تشتمل عليها، وتُظْهِرها، ومُفْتَقِدة لحقائق كثيرة، نحتاج إلى كشفها وإظهارها من خلال "تثوير" السؤال، وتعدِّي بعض أنماطه، التي لا تفيد إلا في استخراج أجوبة، جديدها غير مفيد، ومفيدها غير جديد.. ومن خلال جَعْل المستجوَب، أو المستطلَع رأيه، بمنأى عمَّا قد يَحُول بينه وبين تضييق المسافة بين الباطن والظاهر من رأيه، أو جوابه، فهذا الذي يُسْأل يمكنه أن يقول أكثر وأوسع ممَّا قال لو استوفى استطلاع الرأي شروطه.

ليس بسؤال نحتاج إلى إجابته هذا الذي يقود إلى إجابة، تقود إلى الاستنتاج الآتي: الغالبية العظمى ممَّن اسْتُطْلِعت آراؤهم تعتقِد أنَّ الحرِّيات العامة، كحرية التعبير عن الرأي، وحرية الصحافة، وحرية انتخاب أعضاء مجلس النواب، وحرية الفكر، وحرية الانتساب إلى أحزاب سياسية، هي من مقوِّمات وأركان الديمقراطية، فكرا وممارسة.

الاستطلاع أماط اللثام عن التناقض الآتي: نحو 60 في المئة من المجيبين يرون أنَّ الانتخابات النيابية الأخيرة كانت حرَّة ونزيهة؛ ولكن أقل من 50 في المئة منهم ينظرون إلى مجلس النواب، لجهة عمله الأساسي والجوهري، نظرة إيجابية. وهذا إنَّما يعني أنَّ الناخب ينتخِب، في حرية، المرشَّح الذي لا يملك من الخواص البرلمانية والسياسية (والفكرية) إلا ما يُفْقِد المجلس النيابي خواصه البرلمانية الجوهرية، تمثيلاً، وتشريعاً، ومساءلةً، ورقابةً. إنَّه تناقضٌ لا نرى مثيلا له إلا في مثال مَنْ يزرع الشوك ليجني عنباً، فالناخب، بدافعه الانتخابي، والمرشَّح، بصفته التمثيلية، لا يمكنهما أن يَخْلِقا مجلسا نيابيا إلا على مثالهما.

إذا كانت "الخدمة لأهل الدائرة الانتخابية" و"صلة القرابة" هما المادة التي منها يُصْنَع الناخب والمرشح فكيف يمكن أن نؤسِّس لحياة ديمقراطية، قوامها "برلمان برلماني"، يملك من الصفة التمثيلية، ومن السلطات والصلاحيات البرلمانية الحقيقية، ما يجعل "البرلمانية" عندنا حقيقة واقعة، وموضعا تتركَّز فيه القيم والمبادئ الديمقراطية؟!

الديمقراطية لن تتمكَّن من إقامة الدليل على وجودها إلا إذا جاءت بحكومة تخشى يوميا البرلمان، وببرلمان يخشى يوميا الشعب والناخب. وليس من طريق إلى ذلك غير الديمقراطية التي لا مكان فيها لـ "ديمقراطية" من نمط "انتخابات أكثر وديمقراطية أقل"!

الديمقراطية، بحسب الاستطلاع، هي عندنا الآن تقف "في منتصف الطريق"، وكأنَّها في حال ركض موضعي. وأحسب أنَّ التطور الديمقراطي الذي نحتاج إليه هو الذي يؤسِّس لوضع يُوَلِّد فينا جميعا الشعور بأنَّ مجتمعنا قد تجاوز في تطوره الديمقراطي نقطة اللاعودة، فلا عودة إلى الوراء، أو عن الديمقراطية، لاستحالة العودة، ولا خيار، بالتالي، سوى خيار السير قُدُما، وصعود جَبَل الديمقراطية.

ومن أجل تجاوز نقطة اللاعودة، في تطورنا الديمقراطية، لا بد للديمقراطية من أن تُضاعِف، في استمرار، عدد الديمقراطيين، محوِّلةً غالبية المواطنين إلى جيش منظَّم، يحميها، ويدافع عنها، ويمنع الانقلاب عليها. إنَّ البرنامج السياسي الحزبي، مع ممثِّليه، هو الذي ينبغي له أن يغدو الجوهر والأساس في الانتخابات البرلمانية، فـ "تسييس" انتخابات البرلمان هو مهمة الساعة، ديمقراطيا، والتي قبل إنجازها، ومن أجل إنجازها، لا بدَّ لـ "التسييس" من أن يشمل "الناخب" و"المرشَّح".

وإذا كان للحكومة من مهمة جليلة فهذه المهمة إنَّما هي أن تقف من الحرِّيات العامة كافة موقفا (عمليا) يُقْنِع المواطن بـ "جدوى" ممارسته لكل حرية من تلك الحريات، فكل ما يؤدِّي إلى ردعه عن ممارسة حقوقه وحرِّياته الديمقراطية يجب أن يصبح أثرا بعد عين، ليَخْلِفه ويقوم مقامه كل ما يؤدِّي إلى تشجيعه على ممارستها، وإغرائه بها.

نَعْلَم أنَّ الحكومة تدعو، في استمرار، المواطنين إلى ممارسة حقوقهم وحرِّياتهم الديمقراطية؛ ولكنَّها تدعوهم، وكأنها تقول لهم: "هذه هي حقوقكم وحرِّياتكم الديمقراطية (الدستورية) فإنْ استطعتم أن تمارسوها فمارسوها..". تدعوهم إلى "التسوُّق"، فإذا ذهبوا إلى "سوق الديمقراطية" وجدوها خاليةً من "البضائع"، التي اعتقدوا بوفرتها، وبرخصها. وهذا "التسوُّق" المتعذَّر نراه على وجه الخصوص في ممارسة الحق في الاعتصام، والتظاهر، والإضراب، وكأنَّ الحقوق والحريات الديمقراطية جائزة، حكوميا، في "الممارسة الفردية"، ومحظورة في "الممارسة الجماعية"!

تطوُّرنا الديمقراطي نجح في إحاطة المواطن عِلْما بحقوقه وحرِّياته الديمقراطية؛ ولكنه فشل (حتى الآن) في إقناعه، عبر التجربة، بـ "جدوى" ممارسته لها، فرديا وجماعيا!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- والمفتي إذ أفتى!
- لن يُغْفَر للشعب الفلسطيني سكوته!
- -التقارب- بين الرياض وطهران!
- جدل قانون الأحزاب الجديد!
- التقريب بين المذاهب.. في الدوحة!
- الخلوة الدمشقية!
- كفَّرْنا بعضنا بعضا فعُدنا غساسنة ومناذرة!
- رايس وصلت إلى رام الله في زيارة للعراق!
- بوش.. من -العجز- إلى ارتقاب -معجزة-!
- الوعي
- درءا لنصر يُهْزَم فيه الشعب!
- في الدياليكتيك
- هذه هي -الاستراتيجية الجديدة-!
- المرئي في -المشهد- ومن خلاله!
- موت كله حياة!
- حَظْر الأحزاب الدينية!
- أوْجُه من الفساد!
- حذارِ من -حيلة الهدنة-!
- ملامح -التغيير- كما كشفها غيتس!
- قصة -الروح-!


المزيد.....




- اليونيسف: 90% من سكان غزة لا يحصلون على المياه
- برنامج الأغذية العالمي: باكستان تواصل عرقلة دخول شاحنات المس ...
- لازاريني: انهيار الأونروا سيحرم جيلا كاملا من أطفال فلسطين م ...
- اعتقال نحو 100 متظاهر مؤيد لفلسطين بعد اقتحام برج ترامب في ن ...
- نيويورك: وقفة في برج ترامب تندد باعتقال طالب بجامعة كولومبيا ...
- ألمانيا تحقق مع مشتبه بهم في تهم تتعلق بالعمل القسري والاتجا ...
- ليبيا: الأمم المتحدة تحذر من المعلومات المضللة وخطاب الكراهي ...
- الأمم المتحدة: حرب السودان هي أسوأ أزمة إنسانية وهناك 30 ملي ...
- يونيسف: 1.3 مليون طفل دون الخامسة بالسودان يعيشون في بؤر الم ...
- -لم نعد أمريكا بعد الآن-.. شاهد كيف علق سيناتور أمريكي على ا ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - ثلاث سنوات من الجَزْر الديمقراطي!