أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليل فاضل - محاولة لفهم المعادلة الحكومية المصرية الصعبة















المزيد.....

محاولة لفهم المعادلة الحكومية المصرية الصعبة


خليل فاضل

الحوار المتمدن-العدد: 1813 - 2007 / 2 / 1 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قراءة نفسية لبيان الحكومة وتصريحاتها الأخيرة
هل هو (إنكار) أم ( تكوين عكسي) أم التنافر الإدراكي
Dissonance Cognitive
سأحرص على أن تكون مصادري حكومية، أو قومية، على سبيل المثال ماجاءت به مانشيتات الأهرام – 29 ديسمبر 2006 في صدر الصفحة الأولى (مؤشرات إيجابية للاقتصاد المصري ترصدها المؤسسات الدولية – في اجتماع وزاري برئاسة أحمد نظيف: احتياطي مصر من النقد الأجنبي يغطي 6.7 مرة الديون قصيرة الأجل – وضع الاقتراض الداخلي مُطمئن وحصيلة النقد الأجنبي من الصادرات في تزايد)، داخل نفس العدد في صفحة 9 رسم (جمعة) الساخر في (دنيا الكاريكاتير ـ زوجان شعبيان يجلسان على الكنبة، تشد الزوجة طفلها قائلة لزوجها: يا خويا ما تشوف كده يمكن"الصين" عملت خرفان صغيرة للغلابة اللي زينا). المعنى قاسٍ ومؤلم، والأمر ليس محض نكتة، لكن الاقتصاد الصيني الضخم (مع عدد السكان المهول ـ حجتنا البليدة جائماً)، قهرا أسطورة التخلف والذباب والأفيون، ومضى يغزو كل أنحاء العالم مارداً حتى داخل عُقر امريكا، لكن دولاً – مثل أمريكا- تملك اقتصاداً قوياً متماسكاً لا يعتمد على ( المضاربة) وحسابات (نوتة البقال والجزار) وأسلوب (الجمعيات في اماكن العمل وبين ستات البيوت)، اقتصاد له أصوله ومفاهيمه ورؤاه، لكننا إذا تركنا الحال على ما هو عليه كما يحدده رشيد محمد رشيد ( في الاستقطاب الصيني والروسي والامريكي والكازخستاني والتركي) والله أعلم، فسنصبح مجرد سوق توفر العمالة (وتصبح الحكومة في هذا الوضع كمقاول الأنفار)، ورشيد عندما يصرح فخوراً بأن هذا سيحل مشكلة البطالة في مصر، وهو بهذا يحول شباب مصر إلى عبيد في سوق العمل الدولي، بعد كل ذلك لن تقوم لنا قائمة، أو علَنا بالفعل ـ الآن ـ أكثر من أي وقت مضى، في دائرة الخطر المُحدقة، بل والمؤثرة سلباً على كل شيئ، ليس فقط (الاقتصاد) الذي بالطبع يتحكم في كل شيئ لكن في كل سلوكياتنا اليومية، نمط حياتنا، بل وحياتنا نفسها، فأنفاسنا وقلوبنا أصبحت في يد الأجنبي (مستشفياتنا مكتظة بأحدث الأجهزة التي لا تلزمنا كثرتها، وهي لا تُصان ولا تُراعى ولا يُستثمر فيمن يعملون عليها). ولأن المسألة غائمة ومشوشة تائهة، فلا أحد يبتغي الحقيقة ولا يعرفها أحد، كما لا يمكن لأحد أن يصل إليها في ظل الظروف الحالية.
أهلاً ومرحبا بازدياد حصيلتنا من النقد الأجنبي، وطالما تغطي 6.7 من الديون قصيرة الأجل فلماذا لا تسدد الحكومة هذه الديون ؟، ما هي فلسفة وترجمة تصريحات الحكومة المكررة وفائدتها لرجل الشارع!! أم أنها تخدم مأرباً آخر. إنها خزينة الدولة الحقيقية التي تحافظ على "الدولة" وتمنع "الإفلاس" و" الانهيار". هل هو " المرهم" للقُرح والجروح؟ ام أنه رداء الذئب لصاحبة الثوب الأحمر، وما معنى ذلك التدني الصارخ في الخدمات، وذلك الفقر الصارخ والعشوائيات وحال الأطراف النائية، الأبنية التعليمية، السكك الحديد والمستشفيات، هل بهذا الاحتياطي نلبس العمَة أو البرنيطة ؟ لنغطي رءوسنا ونترك أجسادنا عارية ( في عز الزمهرير).
عودة لجريدة الأهرام نفس العدد صفحة 9 بجانب الكاريكاتير خبر مفادة أن ( رئيس مجلس الوزراء تفقد استراحة كبار الزوار بمطار القاهرة ( لخدمة المسافرين!!) بعد تطويرها، وشملت صالتين: الأولى رسمية لاستقبال وسفر كبار المسئولين المصريين والأجانب، والثانية يتم تخصيصها لخدمة الركاب ( أي ركاب، وأي مسافرين!!).
إنها صالة مميزة يمكن ( لأي راكب) استخدامها مقابل رسوم تتراوح ما بين 300 و 3000 جنيه مصري، وبين 600 و 6000 للأجنبي و .. و ... وأشاد نظيف بأعمال التطوير) هذا هو الاستثمار الحكومي أما المصانع فلتبنيها لنا تركيا وروسيا والصين ولنعمل بها حتى نفك أزماتنا؟ .
أما في صفحة 8 من نفس الأهرام ( خطوات مصر في الإصلاح لن تتحقق إلاَ من خلال نظام تعليمي متوازن) وفي ص 27 ( نحن لا نتحرك إلاَ بعد وقوع الكارثة – اطفال في خطر! ومصانع " لتفريخ" المجرمين – دور الأحداث "سابقا" ) ... وليس من باب الاسترسال السهل، ولكن من باب التأني والرصد، كتب الفذ إبراهيم أصلان في مربعه الاسبوعي ، ص 12 ، الثلاثاء 26/12/2006 يحكي عن مصيبة المصائب (السيدة التوربينية)، مديرة مدرسة تجريبية تعلم تلاميذها السرقة ونشل المحافظ وأجهزة الموبايل، والخاتمة التخطيط والتنفيذ لسرقة (بائع اللُعب) الواقف أمام المدرسة (لاحظ الرمز والدلالة التربوية، المعلمة تسرق صانع الفرحة في خطة فيلمية؛ باختلاق التلاميذ لمشاجرة مع بائع البطاطا، الواقف بجانب بائع اللعب، فيتزاحم الناس لفض المشاجرة؛ فتتم السرقة، والمديرة العظيمة واقفة في شرفة المدرسة ... يبكي بائع اللعب، ويصرخ أولياء الأمور: كيف نترك هذه المديرة لتربية أبنائنا؟ سؤال مُهم أوجهه أنا بدوري إلى د. يسري الجمل و د.أحمد نظيف (فالمسألة ليست في تغيير نظام الامتحانات، أو تعديل المناهج، أو رفع الكادر التعليمي! كما أن المسألة لدى د. الجبلي ليست في خصخصة إدارات المستشفيات الحكومية، ولا في كادر الأطباء الجديد، المسألة هي في تلك الثقافة التي شاعت وانتشرت، اسميها ثقافة( بوفيه الأكل)؛ فنحن في مصر إذا دعينا إلى حفل أو فرح أو حتى بوفيه مفتوح على مركب أو في قرية سياحية؛ فستجدنا نملأ الطبق على عينه، خوفاً من اختفاء الأكل، نأكل من أطباقنا الممتلئة الربع أو النصف، ونصف الحفل لا يجد ما يأكله! هي نفسها ثقافة احتياطي النقد الأجنبي: اكتنز، حَوش، مش مهم عليك كام، ثقافة الإحساس الشديد بعدم الأمان، بالخوف من بكرة .. وبعدم الاطمئنان.
إذن ما هو الأمر، وما العمل ؟! يحكي دبلوماسي مصري لدى استقلاله تاكسي قاهري في إحدى زياراته الخاطفة إلى مصر عن سؤاله للسائق في فضول مداعباً ( إنما إيه رأيك في حال البلد الأيام دي؟) بالطبع ارتاب سائق التاكسي ولم يردّ، ولما طمأنه الدبلوماسي إلى انه ليس مباحث أو أمن دولة، ردّ السواق في هدوء جَمّ ( الحكومة والوزرا اللي بيحكموا البلد دي، ده مش كارْهم) هذا ليس الكار الخاص بهم، مش شغلهم،لإن الحكم ده صنعة ، مش أي حَدّ يقدر يقوم بيها)، هكذا لخص الرجل ما لا يمكن تلخيصه، وما يجتهد فيه المثقفون والمحللون ليل نهار لكي يصلوا إلى زبدته، فنحن أمام وزراء باشوات، رجال أعمال ، نخبة Elite لم يدرسوا صناعة الحكم ولم يتدربوا عليها (والله يرحمك يا عاطف يا صدقي)، يتعاملون مع إدارات وهياكل مترهلة، فيها الكومبيوتر بكل إضافاته، وفيها السجلات الطويلة المستطيلة، بعرض المتر والمترين، فيها الأرشيفات الصدئة المتربة، والملفات التي عشعش عليها ألف عنكبوت، هم خريجي أمريكا غالباً وهم صادقي النية وعايزين يعملوا حاجة، لكن كيف يعمل هذا مع ذاك. كيف يتعامل حاتم الجبلي ـ مثلا ـ مع الإدارات الصحية في عمق الدلتا وفي أقاصي الصعيد؟ ما هي التفاصيل التي لا يعرفها إلاّ صغار الموظفين، وغلباً هي التي لا تُروى، ما هي الثغرات أو الفجوات أو الرقع شديدة الاتساع بفعل الزمن وبفعل فاعل، وهل وظيفة الحكومة الترقيع، هل أصبح د. نظيف (الرَفّا الشيك)، {الميَّه حلوة ونظيفة .. لأ .. معامل وزارة الصحة أثبتت أنها ملوثة ومختلطة بمياه المجاري .. يبقى نغير المواسير اللي عمرها 40 سنة) فعل ورد فعل، لا وقاية ولا تخطيط ولا نظرة شاملة، عشوائية ورضا بالأمر الواقع، بل والتعامل معه على أنه حقيقة مشروعة (مثل التعامل مع الأراضي التي أُخذت بوضع اليد، البنايات التي أقيمت على الأرض الخضراء المزروعة ، وإدخال الكهرباء إلى مساكن العشوائيات) .... وهكذا.
نأتي إلى محاولة تفسيرنا لما يحدث؟ وطرحنا تصور وإجتهاد في المسألة، هي ذلك التنافر الإدراكي Cognitive Dissonance أي إدراك التنافر بين (مفهومين) يفسّر ويعرّف من خلال ما يتوافر لدينا من (معلومات) تؤدي إلى (اتجاهات في الرأي)، (إنفعالات)، (معتقدات) وبالطبع (سلوكيات)، بمعنى آخر إنه ذلك التوتر غير المريح نتيجة أفكار تتصارع في نفس الوقت ... في حالتنا الحكومية هناك شغف حكومي لعمل ما يمكن عمله، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، للإبهار والإشهار والطنطنة بفلوس الغلابة (نقل تمثال رمسيس ـ الفشخرة غير المعقولة في حفلات التليفزيون التي تساوي الواحدة منها ميزانية للبحث العلمي ـ بناء صروح غريبة الشكل باهظة التكاليف لبنايلت أسطورية منشرة هنا وهناك)، وفي نفس الوقت هناك قناعة بضرورة سلك مسلك آخر فيه تقشف على الجميع وفيه عدل وحرية ومساواة، هناك رغبة عند يسري الجمل أن يصلح حال التربية والتعليم، الرجل يجتهد لكنه (بيرقع)، ويظل شبح الثانوية العامة كما هو، وتظل الدروس الخصوصية كما هي، ويظل الطلاب وأولياء أمورهم كما هم ..( هو احنا هنجيبه من بَرّه؟! ) العجينة الحكومية المصرية لا تدخل الفرن أبداً، وإن دخلت فالفرن بارد، لأن الوقود قد بلله المطر الذي هطل فجأة ولم نعمل حسابه، أو نسينا نجيبه من الغيط، وإن سخن الفرن؛ فهناك من سيخرج العجين وهو على الحافة لإنه عايز يدوق أو ياكل الكعكة لوحده، أو ان هناك من سيطفئ النار قصداً وعمداً .. استهبالاً وجهلاً والمسألة مش مستحملة.
نأتي إلى تناقض ما بعد اتخاذ القرار، ولكي نسهل المسألة سنضرب مثلا بسيطاً مقتبسة من تجربة شهيرة لعالم الاجتماع ( جاك بريهم Jack Brehm ) عندما تأمل ستات البيوت بعد اتخاذهم القرار بشراء مستلزم ما للبيت، وبعد الشراء ودفع الفلوس والعودة إلى البيت، يجدن أنفسهن في حيرة وتناقض، لأنهن قد اكتشفن بالفعل أن المستلزم الآخر كان الأفضل وأنهن اخترن ( الأسوأ) غير المناسب للبيت، هنا تبدأ الرغبة في رفض الموجود (المدفوع فيه دم القلب) والضغط على ميزانية البيت والزوج لشراء المنتج الآخر، الذي بعد شرائه ربما ظهرت له مفاجآت أخرى، وهكذا .. ألاَ تذكرنا هذه التجربة بجراج رمسيس .. اتبنى ليه واتهدّ ليه؟ .. مساكن الشيراتون عِليت ليه واتْقصِّت من فوق ليه؟ سلامة المواكب الرسمية، سلامة الطيران المدني .. أي المستلزم الآخر، أين كنا، ولماذا لم نفكر قبلاً، وكم مشروعاً مثل (توشكى) لم تعمل له دراسة جدوى؟! أو رصف الطرق وتبليط الأرصفة وفجأة ، نحفر تاني عشان نغير مواسير المياه التي انفجرت أو صدئت ونقفل ونسفلت، وبعدين بعد كذا شهر نحفر تاني ونغيّر مواسير الصرف الصحي .. ونضحك وشر البلية ما يضحك فعلاً.
نأتي إلى حكاية الثعلب والحصرم (العنب المُرّ)؛ فالثعلب في الحكاية الشعبية المعروفة عالمياً لما حاول تسلق الشجرة لكي يصل إلى " عناقيد العنب" وجدها أعلى من قامته فقرر العدول عن الفكرة قائلاً ( وعلى فكرة العنب ده مُرّ، حُصرم)، المعنى البسيط في تلك الحدوتة ( من السهل علينا أن نلعن مالا نستطيع الحصول عليه) ..حكومتنا الرشيدة ـ مثلاً ـ لا تتمكن من تحقيق الحدّ الأدنى من الكرامة وحقوق الانسان في مراكز الشرطة، حقوقهم في الماء النقي والهواء النقي، والغذاء الصحي، والكساء الذي يستر، حقوقهم في التعليم والعلاج الحقيقي، إذن فالمشكلة عند الحكومة هي في الناس الجاهلة اللي بتخلف كتير وفي أولاد الشوارع، وفي الإرهاب والبنك الدولي والكوارث، والسحابة السوداء وانفلونزا الطيور، والمطر. إذن فذلك المثل عن ( الثعلب والعنب) يطبق غالباً على من (يخسرون ، ويفشلون وينكرون الأسباب الحقيقية لفشلهم، لكن ماذا عن مؤهلات هذا الثعلب، ماذا عن نفسيته وشخصيته عندما يجد أن ما يبتغيه لا يتحقق ( ماذا عن تلك الحكومة وتكوينها وشخصيتها ككل، كحكومة كاملة تحكم مصر، وليس كوزارة وزارة، وليس كوزير وزير، وليس كرئيس الوزراء، لأن الكل يعني الكل ولا يعني مجموع الأشياء، وهل العنب (مُرّولا هو لسه ما استواش؟؟)، طيب امتى هيتسوي وإمتى هاندوقه !!
نعود إلى القراءة النفسية لتصريحات الحكومة الوردية، وبياناتها المفعمة بالأمل، بينما تردّي الواقع المعاش أقسى مما يتحمله أحد، وهو يقترب إلى تفسير أن تلك الحكومة (خاصة بعد اشتداد المعارضة لها حتى من داخل الحزب الوطني، واتساع رقعة الصحافة الكاشفة المنوِّرة، والإعلام الفضائي الناقد والعارض لوجهات نظر رصينة مقنعة) .. أصبحت تعاني مما يمكن الاصطلاح عليه بـ(العُصاب الوسواسي).. أي القلق المُتسلط على كل أداء حكومي ومحاولة تبريره على انه الأحسن والأفضل، هذا هو (التكوين العكسي) أي أن الحكومة تصرح ببعض الحقائق فعلاً ولكن في غير إطارها، من أجل إخفاء الواقع المرّ كالحصرم، والمبالغة الشديدة في إظهار الحياة بلون بمبي، ورفع العقيرة بالمديح والغناء والإشادة ببعض الإنجازات هي واجبات كان يجب أن تؤدّي من زمن، وبديهيات لا يجوز التحدث بشأنها على أنها هبة أو حسن أداء أو تميز، وأحياناً ما تلعب الحكومة مع المعارضة بسيفها (زكريا عزمي مثالاً لا فُض فوه: الفساد وصل لحدّ الرُكب) .. أو أن تنعتها بالأسوأ والأبشع، بل وتزج برموزها في السجون وتستعمل الأيدي الثقيلة والأحذية الغليظة لتكمم الأفواه .. (لأن الحكومات الضعيفة دائما ما يحرجها النقد ويؤدي إلى اكتئابها، بل وانكفائها على ذاتها) .. هي تدرك أن الناس لا يحبونها، لكنها تصر في أحاديث التليفزيون الحكومي الماسخة أن تجعل الناس يشيدون بها، إذن فعلى أهالي عبارة الموت أن يحمدوا ربنا، ولا ينبسوا ببنت شفة، وعلى المتعطلين ساعات في مرور القاهرة أن يصمتوا أو أن يجلسوا في بيوتهم، على الكل أن يخرس، لأن كل الكلام قد أصبح جعجعة تعطل المسيرة (ولا صوت يعلو على صوت معركة الإصلاح) .
وللأسف فإن الأحزاب وبعض الصحف غير القومية، تقع (أحياناً) في فخ الحكومة،ً فهي تبالغ وتبرر وتفسر ولا تحاول أن تنهج نهجاً موضوعياً، مستمتعة جداً بالهجوم بغية الهجوم .. ناسية الهدف الأساسي النبيل الذي بدأته، ومن ثم نجد التجاوزات تطال السلوك السياسي داخل الأحزاب ( المفترض أنها ستحكم يوما ما ) ، ولكن (الله يعلم) أنها لو حكمت وهي بهذا الشكل فإن المستقبل سيكون قاتماً للغاية.
ما يعرفه الناس هو ترجمة الوعود والأحلام التي بدأها السادات منذ أعلن أن الرخاء والرفاهية وكل شيئ وردي وشفتشي قادم لا محالة، بعد انتهاء الحروب .. لقد انتهت الحروب منذ عام 1973 نعم منذ 33 سنة وحالنا الاقتصادي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ولا يعنينا هنا بيان الحكومة ولا تقرير مجلس الوزراء ولا البنك المركزي، وإنما يعنينا جميعاً أن تُترجم تلك الأرقام إلى حقائق تدخل في إطار لقمة العيش، حياة الناس وأرواحهم، أطفالهم وتعليمهم مستقبلهم، وإحساسهم بالأمن والأمان .. قدرتهم على التمسك بحب هذا الوطن لا حُبه والسخط عليه في نفس الوقت لإهداره حقوقهم وكرامتهم كل يوم .. هنا فقط يمكننا أن نصدق أي شيئ. عندما تقل حوادث الطرق، وحينما يتطهر الوطن من كل الفساد لا من بعض كباش الفداء، حينما تتكافأ الفرص فلا نجد أمامنا مذيع ألثغ، او أستاذ في الجامعة عاجز عن فهم معنى العلم، أوصله زملاء أبيه إلى هذه الدرجة، وهو ينتظر ليورث أحفاده المملكة ....
هذه أمور وهناك أمور أخرى نحسها جميعاً ونحن نشتري الخبز والبصل ونحن نشاهد التليفزيون، ونحن نبكي على موتانا وندفنهم، ونحن نجري لاهثين خلف قطار ندرك أنه ربما كان الطريق إلى الموت.
لكن تُرى أين هي بداية الطريق، أراها في ضرورة تداول السلطة بصرف النظر عن (الانتخابات) و( الأغلبية ) .. على الاقل أن يتشارك الحزب الوطني مع المهتمين بفعل كل الظروف التي ندركها والآخرون، المستقلون والممثلون للأحزاب، أن يتبوأ علماء وحكماء هذا الوطن العظيم أماكنهم اللائقة بهم والتي أخذها منهم عنوة وإلهاءاً مطربي العنب والحمير وراقصات الشوارع والدجالين من مفسّري الأحلام ومنظري الغيبيات، البعيدين عن روح النص، المنشغلين عن امور الدنيا بتوافه الأمور والاستغراق في التفاصيل الكهنوتية الدينية، التي لا تهم المصري البسيط والعادي والمتوسط، الحزين المضغوط المكبوت والمتألم، أن تتكون لجان ولجان وهيئات، تكشف وتراقب، وتحمي المستهلك، والمظلوم، وأن نحميها هي نفسها من وباء الفساد اذي لا يرحم..؟
هل لحكومتنا الرشيدة ( رغم أن هذا ليس الكار الخاص بها ـ مش شغلتها يعني ـ لإن الحكم صنعة) ... أن تُنصت إلى حكمة الجموع، صوت الناس ؟! الجموع ليست الدهماء، ولا الرعاع، لكن هؤلاء.. نحن .. جميعاً الشعب ..من نشترك في وعي جمعي واحد .. وأدعو الدكتور أحمد نظيف وشركاءه أن يقرأوا هذا الكتاب وأتمنى أن يكون أحدهم من رجال البيزنيس الحقيقيين قد قرأه يوماً ما وحاول تطبيقه، The Wisdom of Crowds: Why Many Are Smarter Than the Few and How Collective Wisdom Shapes Business, Economics, Societies and Nations .
حكمة الجموع: لماذا الجموع أكثر ذكاءاً من القلة، وكيف يمكن للحكمة الجَمعية ان تشكل الأعمال، الاقتصاد، المجتمعات، والأمم.
لا تجيبوا بسرعة كما تعودتم (جُموعنا فقيرة أمُية مغيبة) .. لا لشيئ لكن لأنها تملك نوعية متفردة لها تاريخها ومذاقها الخاص، أنجبت وتنجب عباقرة شهد لهم الكون بالكثير.



#خليل_فاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحمد نظيف ما بين تضاد اللغة ونضوب الموهبة
- الأبعاد النفسية لحرب الشرق الأوسط السادسة
- ملامح الشخصية المصرية ..... في صِحَّتِّها وعلّتِها
- شادي عبد الموجود
- عمياء تمشط شعر مجنونة
- البغل والعربجي والعربة الكارو
- رقبة عبد الفتاح المائلة
- كائنــات خاليـــة من الضــــــوء
- سيكولوجية المنافق، الضلالي.. والبلطجي
- نظيف، نحن، وسيكولوجية الديموقراطية
- مفهوم الشخصية العربية


المزيد.....




- هدنة بين السنة والشيعة في باكستان بعد أعمال عنف أودت بحياة أ ...
- المتحدث باسم نتنياهو لـCNN: الحكومة الإسرائيلية تصوت غدًا عل ...
- -تأثيره كارثي-.. ماهو مخدر المشروم المضبوط في مصر؟
- صواريخ باليستية وقنابل أميركية.. إعلان روسي عن مواجهات عسكري ...
- تفاؤل مشوب بالحذر بشأن -اتفاق ثلاثي المراحل- محتمل بين إسرائ ...
- بعد التصعيد مع حزب الله.. لماذا تدرس إسرائيل وقف القتال في ل ...
- برلماني أوكراني يكشف كيف تخفي الولايات المتحدة مشاركتها في ا ...
- سياسي فرنسي يدعو إلى الاحتجاج على احتمال إرسال قوات أوروبية ...
- -تدمير ميركافا وإيقاع قتلى وجرحى-.. -حزب الله- ينفذ 8 عمليات ...
- شولتس يعد بمواصلة دعم أوكرانيا إذا فاز في الانتخابات


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليل فاضل - محاولة لفهم المعادلة الحكومية المصرية الصعبة